يُقيمُ متحفُ أحمد شوقي بالجيزة، احتفاليةً اليوم الخميس، تحت رعاية د. خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية، بعنوان "أمير الشعراء في صور" تقديرًا لمكانة "شوقي" الأدبية، وعطائه المُتَّفرد في عالم الشعر والبيان. يأتي ذلك تزامنًا مع الذكرى التاسعة والثمانين لمُبايعة الشعراء العرب، لأميرهم الراحل أحمد شوقي، وهي المبايعة التي أجمعت عليها الوفودُ العربية في المشرق والمغرب. حياته: ولد أحمد شوقي في حي بالقاهرة يوم 16 أكتوبر 1868 لأب کردي، وأم من أصول ترکية وشرکسية، وكانت جدته لأمه تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل، وعلى جانب من الغنى والثراء، فتكفلت بتربية حفيدها ونشأ معها في القصر، ولمّا بلغ الرابعة من عمره، التحق بكُتّاب الشيخ صالح، فحفظ قدرًا من القرآن وتعلّم مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحق بمدرسة المبتديان الابتدائية، وأظهر فيها نبوغًا كوفئ عليه بإعفائه من مصروفات المدرسة. في الخامسة عشرة التحق "شوقي" بمدرسة الحقوق، وانتسب إلى قسم الترجمة الناشئ حديثًا، وفي هذه الفترة بدأت موهبته تلفت نظر أستاذه الشيخ محمد البسيوني، ليُسافر بعدها إلى فرنسا على نفقة الخديو توفيق، وهناك اشترك مع زملاء البعثة في تكوين "جمعية التقدم المصري"، التي كانت أحد أشكال العمل الوطني ضد الاحتلال. وربطته وقتها صداقة بالزعيم مصطفى كامل. ورغم تعلقه بالثقافة العربية، لكن تأثره بالثقافة الفرنسية لم يكن محدودًا، وتأثر بالشعراء الفرنسيين خاصة راسينا وموليير. وأثناء دراسته، كان شعر شوقي يمدح في الخديو -الذي كان سلطته مُهددة من قبل الإنجليز- لأنه ولي نعمته، أحمد شوقي وكذلك ليقين الشعراء بأن الخلافة العثمانية هي خلافة إسلامية، وبالتالي وجب الدفاع عن هذه الخلافة. أدى هذا التأييد إلى نفي الإنجليز لشوقي إلى إسبانيا عام 1915؛ وفي هذا النفي اطلع على الأدب العربي، والحضارة، وكان في الوقت نفسه مطلعًا على الأوضاع التي تجري في مصر، وكتب عن حزنه على نفيه من مصر، حتى عاد إليها عام 1920؛ وبعدها بسبعة أعوام بايعه الشعراء العرب أميرًا للشعر، ليتفرغ بعدها للمسرح الشعري؛ حتى رحل عن عالمنا في 14 أكتوبر عام 1932 عن عمر ناهز الرابعة والستين. أشعاره: عُرف "شوقي" بريادته الأدبية، والفنية، والسياسية، والاجتماعية، والمسرحية، وبرز التجديد الشعري في معظم قصائده، وأبرزها ديوانه الشوقيات، الذي يقع في أربعة أجزاء، ويشمل منظوماته الشعرية في القرن الثامن عشر، وفي مقدمته سيرة لحياته، وقصائد تتنوع بين المديح، والرثاء، والأناشيد، والحكايات، والوطنية، والدين، والحكمة، والتعليم، والسياسة، والمسرح، والوصف، والمدح، والاجتماع؛ لتظهر ثقافته الموسوعية؛ وفي الوقت نفسه عرف أسلوبه بتقليد الشعراء القدامى من العرب وخصوصًا في الغزل، وضمن مواضيعه الفخر، والخمرة، والوصف، وامتلك خيالًا خصبًا، وروعة ابتكار، ودقة في الطرح، وبلاغة في الإيجاز، وقوة إحساس، وصدقًا في العاطفة، وعمقا في المشاعر؛ فكان من أخصب شعراء العربية، إذ بلغ نتاجه الشعري أكثر من ثلاثة وعشرين ألف وخمسمائة بيت. أعماله: نظم أحمد شوقي الشعر العربي في كل أغراضه من مديح، ورثاء، وغزل، ووصف، وحكمة، وكتب في النثر "أعمال أبرزها "أسواق الذهب"، الذي حاكى فيه كتاب "أطواق الذهب" للزمخشري، وما يشيع فيه من وعظ في عبارات مسجوعة، وجمع شعره الغنائي في ديوان "الشوقيات"، ثم جمع الدكتور محمد السربوني الأشعار التي لم يضمها ديوانه، وصنع منها ديوانًا جديدًا في مجلدين أطلق عليه "الشوقيات المجهولة"؛ كما كتب روايات شعرية تمثيلية منها "مصرع كليوباترا، مجنون ليلى، قمبيز، على بك الكبير، عنترة، الست هدى"، ومطولة شعرية "دول العرب وعظماء الإسلام"، تحتوي فصلًا كاملًا عن السيرة النبوية. ويقع الشوقيات في أربعة أجزاء، الأول ضم قصائد الشاعر في القرن التاسع عشر والمقدمة وسيرة لحياته -وقد تمت إعادة طبعه عام 1925- واقتصر على السياسة والتاريخ والاجتماع؛ والجزء الثاني صدر بعد خمس سنوات، واشتملت قصائده على الوصف، ومتفرقات في التاريخ والسياسة، والاجتماع؛ والجزء الثالث صدر بعد وفاة شوقي، في عام 1936، وضم الرثاء؛ وظهر الجزء الرابع عام 1943، وضم عدة أغراض وأبرزها التعليم. وفي النثر كتب شوقي ثلاث روايات منها "عذراء الهند"، التي تناولت التاريخ المصري القديم منذ عهد رمسيس الثاني، والعديد من المقالات الاجتماعية التي جمعت عام 1932 تحت عنوان "أسواق الذهب"، من مواضيعها "الوطن، الأهرامات، الحرية، الجندي المجهول، قناة السويس".