وصلنا خبر سعيد من مهرجان "كان" السينمائى الدولي، يفيد بأن الفيلم المصرى "اشتباك" للمخرج محمد دياب سوف يشارك في مسابقة قسم "نظرة ما" المخصص لإلقاء الضوء على التجارب المميزة للمخرجين الجدد والقدامى. وهى المرة الأولى التي يشارك فيها فيلم مصرى في أحد الأقسام الرئيسية للمهرجان منذ أن شارك المخرج يسرى نصر الله في المسابقة الرسمية بفيلم "بعد الموقعة" منذ أربع سنوات. منذ نحو أسبوعين حللت ضيفا على برنامج "بيت العيلة" الذي تقدمه المذيعة الكبيرة نجوى إبراهيم على قناة "النهار"، وكان موضوع النقاش هل يمكن أن تحصل مصر على جائزة الأوسكار ومتى يمكن أن يحدث ذلك؟ اتفقت أنا وزميلى المخرج عمرو سلامة، الضيف الثانى في الحلقة، على عدة نقاط أعتقد أنها تستحق التسجيل بمناسبة خبر مشاركة "اشتباك" في "كان" مسألة حصول مصر على الأوسكار أو إحدى الجوائز من مهرجان دولى كبير ليست مستحيلة بالمرة، بل هي أمر كان يجب حدوثه منذ عقود، لأن لدينا صناعة سينما عمرها أكثر من قرن، ولدينا مواهب في الإخراج والتمثيل وبقية العناصر السينمائية لا تقل عن أي بلد فاز أفلامه بأكبر الجوائز، ولكن صناعة السينما مثل كل شيء آخر في بلدنا تتراجع، والمواهب لا تستطيع أن تقدم كل ما لديها بسبب المعوقات الإنتاجية والتجارية والرقابية والاستسهال والفهلوة وقلة الإتقان والجدية في العمل وانعدام روح الفريق. لقد أصبحت صناعة السينما في مصر عبئا على الفن، بسبب تقاليدها وشروطها ونوعية المنتجين والموزعين الذين يسيطرون عليها، كذلك الرقابة التي أصبحت حائلا وعقبة كبيرة أمام أي فكرة أو مشهد أو جملة حوار جريئة، والمشكلة لا تكمن فقط في المشاهد أو الجمل التي يتم حذفها، ولكن في الشعور بالقيود والضغوط داخل أذهان المبدعين أنفسهم.. وحتى عندما يوجد فيلم يحمل إمكانية أن يصبح عملا فنيا عظيما، غالبا ما يفسده أو يضعف منه واحد من الأسباب السابقة.. فقد يدخل مع الرقابة في مشاكل تؤثر على شكله النهائي، أو يضطر مخرجه تحت ضغط المنتج أن يقدم بعض المُشهيات والتوابل التجارية، رقصة هنا، أو أغنية هناك، أو بعض الإيفيهات الكوميدية هنا وهناك.. ولو مر الفيلم بسلام من الرقابة والإنتاج فغالبا لا يملك صناعة الصبر لإنهائه بإتقان أولا يملكون الشجاعة الكافية لحذف الزوائد غير اللازمة منه. اتفقنا أيضا على أن الفيلم الذي سيحصل على الأوسكار أو على السعفة الذهبية أو أي جائزة أخرى كبيرة سيكون بالتأكيد عملا رفضته الرقابة في مصر أو على الأقل حاولت منع صنعه أو منع عرضه، ورفض كبار المنتجين إنتاجه ورفض الموزعون توزيعه لأنه ليس عملا تجاريا بما فيه الكفاية. هذا العمل الذي يمكن أن يحصل على الأوسكار سيكون بالتأكيد "مستقلا"، من إنتاج شركة صغيرة، وفنانين شباب لم تشوههم تقاليد السوق والصناعة، ومن بطولة ممثلين غير نجوم، أو نجوم لديهم الرغبة في تغيير جلدهم وتقديم أعمال فنية مختلفة. وأعتقد أن فيلم "اشتباك"، الذي لم أشاهده بعد، ينطبق عليه كثير من الشروط السابقة، وأتمنى أن ينطبق عليه كل الكلام.