تميزت مسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -يحفظه الله- بالمسئوليات الجسام وتحقيق النجاحات الباهرة، منذ توليه إمارة الرياض، فهو رجل الدولة المحنك الحاضر دائما فى صياغة قراراتها، وصناعة مواقفها، وتكييف علاقاتها الخارجية وفق ما تقتضيه مصلحة الوطن، وربما كان أقرب وصف له أنه دولة فى رجل، وتاريخه القيادى والسياسى يشهد بمهارته فى فن القيادة، وإتقانه المعادلات السياسية، وجمعه بين الحزم واللين، مع قدرة فائقة فى التعامل مع المواطنين فى مجلسه المفتوح للعامة. وبدأ «ملك الحزم» عهده بحزمة من القرارات والتعيينات بثت الطمأنينة على مستقبل المملكة، وبكلمة حكيمة أكد فيها أن كل مواطن فى المملكة هو محل اهتمامه ورعايته، قائلا: «قد وضعت نصب عينى مواصلة العمل على الأسس الثابتة التى قامت عليها هذه البلاد المباركة منذ توحيدها تمسكا بالشريعة الإسلامية الغراء، وحفاظا على وحدة البلاد، وتثبيت أمنها واستقرارها، وعملا على مواصلة البناء وإكمال ما أسسه من سبقونا من ملوك هذه البلاد «رحمهم الله»، وذلك بالسعى المتواصل نحو التنمية الشاملة المتكاملة والمتوازنة فى مناطق المملكة كافة، والعدالة لجميع المواطنين، وإتاحة المجال لهم لتحقيق تطلعاتهم وأمانيهم المشروعة فى إطار نظم الدولة وإجراءاتها». وتحت القيادة الرشيدة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز شهد وطننا الحبيب تطورا ونهضة شاملين، حيث تحقق فى عام واحد إنجازات كبيرة فى جميع المجالات، وقد أسس وجوده - أيده الله فى سدة الحكم - لمرحلة جديدة من العمل المشترك عبر منظومة جديدة فى الشكل والاستراتيجية كان وسيكون لها تأثيرها الواضح على المنظومة الخليجية والعربية والإسلامية والدولية. أدرك - يحفظه الله - أهمية وحدة الصف العربى وضرورة التواصل مع جميع قادة الدول العربية، والوقوف معها ومساندتها فى تحقيق آمالها وتطلعاتها، وأكد يحفظه الله أن المملكة العربية السعودية حريصة على الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية فى المحافل الدولية، وفى مقدمة ذلك تحقيق ما سعت وتسعى إليه المملكة وأشقاؤها دائما من أن يحصل الشعب الفلسطينى على حقوقه المشروعة، وأن يقيم دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. كما أكد - يحفظه الله - أن أمن دول الجوار جزء من أمن المملكة واستقرارها، فكانت انطلاقة «عاصفة الحزم» نقطة تحول أعادت الأمل إلى نفوس العرب فى أنهم قادرون على صناعة الفارق وحل قضايا المنطقة دون الاعتماد على الغير، والرفض الكامل لتدخل أى جهة فى الشئون العربية، ولا شك أن هذا التطور التاريخى قد أعاد الهيبة والعزة للعرب. وقد عمل - حفظه الله - بالعهد الذى قطعه على نفسه حين قال: «إن السعودية ستدافع عن قضايا العرب والمسلمين، وستسعى لتنقية الأجواء العربية والإسلامية»، وحذر أمام القادة العرب فى قمة شرم الشيخ من الطائفية السياسية والتحالفات بين الطائفية والإرهاب، وما تقوم به بعض الدول من محاولات تأجيج الصراع الطائفى فى المنطقة العربية لزعزعة الاستقرار وتمرير مشاريع سياسية بعينها. وقد شهدت العلاقات السعودية - المصرية فى عهده قفزة نوعية فى جميع المجالات بعد إعلان القاهرة التاريخى وإنشاء مجلس تنسيقى سعودى مصرى يعمل على تنفيذ إعلان القاهرة وفقا للاستراتيجية والخطط المتفق عليها، ليصبح عام 2015 مرحلة تاريخية عصفت بكل التحليلات التى أخذت بعدا أيديولوجيا فى تفسير العلاقة بين المملكة ومصر بعد تولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لمقاليد الحكم، الذى بدأه بالتأكيد على أن موقف المملكة العربية السعودية تجاه مصر واستقرارها وأمنها ثابت لا يتغير، وما يربط البلدين نموذج يحتذى به فى العلاقات الاستراتيجية والمصير المشترك، والعلاقات المميزة والراسخة بين البلدين أكبر من أى محاولة لتعكيرها. ويستعرض هذا الكتاب مسيرة خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - خلال العام الأول لحكمه، الذي شهد تحولات إيجابية كبيرة فى جميع المجالات والأصعدة المحلية والدولية، فقد سابق الزمن ليتصدى للتحديات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية التى واجهت المملكة، فى ظل عدم الاستقرار والاضطرابات التى تتعرض لها المنطقة بأكملها، والتدخلات الخارجية فى شئون دولها الداخلية. كما يتضمن هذا الكتاب معلومات عن نشأة ومسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله، وبداية دخوله معترك الحياة السياسية منذ كان أميرا لمدينة الرياض، ثم وزيرا للدفاع، ثم وليا للعهد، إلى أن تولى - أيده الله - مقاليد الحكم. هذا، بالإضافة لأبرز إنجازاته - يحفظه الله - على المستوى المحلى ورعايته لجميع أطياف الشعب السعودى، وما قدمه فى مجال العمل الخيرى والإنسانى محليا ودوليا، وفى السياق ذاته يتناول الكتاب جهود خادم الحرمين الشريفين الحثيثة فى الدفاع عن مصالح الأمة العربية والإسلامية، وحرصه الدائم على دوام الازدهار الذى شهدته الدبلوماسية السعودية فى عهده الزاهر. *المقال نقلاً عن كتاب تذكارى عن الملك سلمان بقلم السفير: أحمد عبدالعزيز القطان سفير المملكة السعودية بالقاهرة