يسجل فيلم «حرام الجسد» عودة مخرجه ومؤلفه خالد الحجر إلى السينما بعد انقطاع دام لخمس سنوات بعد آخر أفلامه «الشوق» الذى عرض فى يناير 2011. ومع تزامن عرضه مع فيلم «نوارة» الذى نال استحسانا دوليا، وقرب عرض فيلم محمد خان «قبل زحمة الصيف» تجدد الأمل فى بدء تعافى السينما المصرية وزيادة إنتاج أفلام قوية على المستوى الفنى، لكن للأسف خاب الرجاء فى الحجر، فركضه بين الإخراج والسيناريو والحوار، ومحاولة تقديم دراما مشحونة بالصراعات النفسية التى تحركها الرغبة الجنسية جعل العقد ينفرط بين يديه، وانتهى به الأمر بتقديم فيلم مهلهل غير متماسك الأجزاء. تبدأ أحداث الفيلم بهروب على من السجن يوم 29 يناير 2011 كما تطالعنا عناوين الفيلم، ويتوجه إلى مزرعة فى مكان ما منعزل يعمل بها ابن عمه حسن وزوجته فاطمة ليختبئ عندهما، ثم تكشف الأحداث عن وجود علاقة حب قديمة بين على وفاطمة كانت سببًا فى دخوله السجن حينما قتل الغفير الذى كان يعاكسها فى الذهاب والعودة، وفى ظل أجواء المزرعة الهادئة المنعزلة، وعطش فاطمة الجنسى نتيجة مرض زوجها بالسكر يستأنفان علاقتهما مرة أخرى، والتى يكتشفها صاحب المزرعة فى وقت لاحق. ورغم أن قصة الفيلم ونهايته التراجيدية مستهلكة منذ قديم الأزل، إلا أنه كان يمكن أن يصبح فيلما جيدًا على المستوى الفنى إذا ترك المخرج كتابة السيناريو إلى سينارست محترف متمكن من أدواته. لم يستطع الحجر رسم شخصياته جيدًا، فربما يكون هناك مبرر لفاطمة الزوجة القانعة بحياتها مع زوجها أن تنساق إلى تجديد علاقاتها مع على فى ظل احتياجاتها الجسدية وعودة حبها القديم، ولكن ما معنى أن تدخل أيضا فى علاقة مع صاحب المزرعة بعد أن اعترفت له بمنتهى السهولة بتآمرها مع عشيقها على قتل زوجها. شخصية صاحب المزرعة، الذى يبدو رجلا طيبا وكريما منذ بداية الفيلم يتحول فجأة إلى مغتصب ومبتذ جنسيًا دون أى مبرر درامى، ثم يعود ويتحول إلى الرجل الطيب الذى يقرر أن يرعى طفل الخطيئة، وأن يعلمه فى أحسن المدارس رغم تهديده لفاطمة وحثها على أن تجهض حملها به، هناك أيضًا خط درامى فرعى ممتد منذ بداية الفيلم حتى نهايته متعلقا بأحداث ثورة يناير، والمتمثل فى شكل حوار متجدد بين صاحب المزرعة وابنه الشاب الذى يشارك فى المظاهرات ضد رغبة الأب، وهو حشو زائد لا توجد أى علاقة تربطه بالقصة الأساسية، ولن يتأثر الفيلم إذا تم استئصاله. يعانى الفيلم أيضًا من سذاجة وترهل حواره، فنجد مثلًا حسن يحدث فاطمة عن الأقراص المقوية التى أحضرها له صاحب المزرعة، وأنه أخيرًا سوف يتمكن من النوم معها، وحينما يقرر صاحب المزرعة اغتصاب فاطمة يقوم بجرها من شعرها حتى غرفة النوم ثم يخبرها بأن تقوم بنزع ملابسها لأنه سوف ينام معها الآن، بالإضافة إلى النقاش المقحم المتكرر بين صاحب المزرعة وابنه حول الثورة وعدم جدواها، وأنهم ليسوا سوى شباب أهوج قليل الخبرة ولا يعرف شيئا، فى محاولة لإعطاء الفيلم بعدا سياسيا لا علاقة له بسياق الأحداث. تشتت انتباه الحجر بين السيناريو والإخراج جعله يفقد السيطرة على عناصر كثيرة فى الفيلم، فقد أجاد اختيار أبطاله، بدءًا من محمود البزاوى بملامحه الريفية التى توحى بالطيبة والسذاجة فى بعض الأحيان، وأحمد عبد الله محمود ببنيانه القوى وملامحه المصرية، وناهد السباعى بملامحها المميزة وموهبتها، ومع ذلك طوال الفيلم تشعر أن الممثلين يبذلون مجهودًا زائدا فى أداء أدوارهم، فجاءت ردود أفعالهم مبالغة فيها لدرجة تجعلك تعتقد أنك تشاهد عملًا مسرحيًا وليس فيلمًا سينمائيا، ولم ينج من هذا الفخ سوى البزاوى الذى استطاع تقديم دور حسن بطريقة عفوية دون مبالغة فى التعبير، كما لم يستطع المخرج ضبط لهجة شخصياته، فتارة يتحدثون بالصعيدية، وأخرى بلهجة الفلاحين، وأحيانًا أخرى دون لهجة، أيضًا اختياره للطريقة التى مات بها على وفاطمة، وهى الغرق فى بئر كانت إحدى الشخصيات الأخرى يقف داخله فى منتصف الفيلم، والمياه تصل إلى نصف جسده وخرج منه بقفزة واحدة!.