اختتم يوم السبت الماضى أسبوع «السينما العربية تدخل الحرب الأهلية» والذى بدأ فعالياته فى 22 مارس بالتعاون بين المعهد الفرنسى بمصر وسينما زاوية وموقع ترسو السينمائى، وقد نظم الفاعلية الباحث السينمائى محمد كلفت. اهتمت الأفلام المعروضة بالصراعات الأهلية التى اشتعلت فى بعض الدول العربية مثل العراق والسودان، وتم ترتيب العروض على أساس أقدم الصراعات التى يناقشها البرنامج بدءًا من «ثورة الزنج» للمخرج الجزائرى طارق تقية، وعقب الفيلم مناقشة مع المخرج المصرى خالد أحمد يوسف الذى أشار بدوره لمخرج العمل بأنه كان دائمًا مهتمًا بالتجريب أكثر من الدراما، وهو ما أعطى شعورًا بالتطويل الذى كان من الممكن اختصاره. الفيلم الذى تم عرضه فى أول يوم للفاعلية يحكى عن صحفى جزائرى يحاول البحث عن معلومات تخص ثورة الزنج من العصر العباسى فيذهب فى رحلة إلى لبنان ومنها إلى العراق وخلال رحلته يقابل شابة فلسطينة تفر بدورها إلى أوروبا. وكأن المخرج يحاول وصف التفكك الذى أصاب البلدان العربية الثلاثة «الجزائر - لبنان - العراق» من خلال رحلة الصحفى للبحث عن ثورة غائبة. استخدم المخرج تقريبا كل التقنيات السينمائية لعرض فيلمه، بداية من استخدام الأبيض والأسود والدوكيو دراما واللقطات الأرشيفية فى شكل أقرب للاستعراض الفوتوغرافى على حساب اللغة السينمائية. ثم يأتى فيلم «على إيقاع الأنتوف» للمخرج السودانى حجوج كوكا، الذى تناول الحرب الأهلية السودانية الدائرة بين جيش التحرير الشعبى وحكومة السودان من خلال سكان منطقة جبال النوبة. لم يتبن المخرج الطريقة التقليدية فى تصوير الصراعات والمعاناة التى يحياها سكان المنطقة جراء المعارك الدائرة، ولكن قام باستعراض طريقة مقاومة سكان المنطقة للقمع الذى تمارسه عليهم الحكومة المركزية من خلال إحياء تراثهم من الموسيقى والغناء والرقص، والتى من خلالها استطاعوا إعادة اكتشاف هويتهم كقبائل تنتمى للقارة الإفريقية بملامحهم وتقاليدهم وتراثهم رافضين محاولة إقحام الهوية العربية عليهم وطمس معالم ثقافتهم كنوع من ممارسة القهر والاستبداد من قبل الحكومة المركزية. وقد صرح كوكا أثناء المناقشة التى دارت بعد العرض أنه قام بتصوير الفيلم فى عامين، وحينما ذهب إلى منطقة جبال النوبة لم يكن فى مخيلته أن يصور فيلمه بهذه الطريقة، ولكن استرعى انتباهه طريقتهم فى مقاومة الخوف من هجمات طائرات الانتوف عليهم من خلال صنع آلات موسيقية بدائية وانطلاقهم فى الرقص والغناء. عرض أيضًا فى اليوم الثالث ثلاثة أفلام تسجيلية قصيرة للمخرج اللبنانى الراحل، مارون بغدادى، تتناول الحرب الأهلية اللبنانية التى دارت رحاها من سبعينات القرن الماضى وحتى مطلع التسعينات والدمار الذى خلفته الحرب فى لبنان وفى نفوس أهلها، وقد سبقه عرض تقديمى تحت عنوان كيف تصور الحروب الأهلية، قام من خلاله مقدم العروض كلفت باستعراض مقاطع من الأفلام التسجيلية والروائية القديمة والحديثة التى تناولت الحروب الأهلية فى المنطقة العربية، لكنه لم يوفق فى إصابة هدفه بسبب الأسلوب المفكك الذى تناول به العرض، وانتهى الأمر بتذمر الحضور.