أوجه الشبه كثيرة بين مرض السرطان اللعين الذي يحصد أرواح ملايين البشر في العالم سنويًّا والآلاف في مصر؛ حيث تتصدر قائمة أكثر الدول إصابة بالسرطان، ومشروع الدستور المعروض للاستفتاء عليه بعد 48 ساعة قريب الشبه بهذا المرض؛ لوجود 15 مادة خبيثة أو 15 خلية سرطانية في جسد هذا المشروع الذي يضم 236 مادة. فالعبرة والحكم على أفضلية الدستور ليس بعدد المواد الجيدة، ولكن بالنصوص والمواد سيئة السمعة، والتي تمثل خطرًا داهمًا على مشروع الدستور بل خطرًا داهمًا على ماضي وحاضر ومستقبل مصر والمصريين؛ لأن الخلايا السرطانية الخبيثة التي زرعها في جسد مشروع الدستور بعض أعضاء الجمعية التأسيسية هدفها تدسير هوية وحضارة وتراث مصر. فمن بين نصوص الدستور أو الخلايا السرطانية المادة (10) التي منحت الدولة والمجتمع حماية القيم الأخلاقية؛ مما يفتح الباب واسعًا أمام ظهور وإشهار وتأسيس جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لتقويم المصريين وقطع الآذان وأحيانًا الألسن ونشر الرعب في نفوس المصريين تحت زعم حماية الأخلاق، وبالطبع بدأت عملية إعداد مشروع قانون لعرضه على الشورى يسمح بظهور وتأسيس هذه الجماعات الظلامية. ومن بين النصوص أو الخلايا السرطانية في جسد مشروع الدستور المادة (12) التي نصت على تعريب التعليم والعلوم والمعارف لبدء عملية تدريس العلوم الطبية والهندسية في الجامعات باللغة العربية، وتصفية المدارس الخاصة التي تدرس اللغات الأجنبية؛ مما يؤدي إلى تدهور التعليم في مصر، وأمامنا تجربة سوريا في هذا المجال وثبت فشلها، وفي الطريق مشروع قانون لمنح المدارس الأجنبية مهلة لتوفيق أوضاعها. وأخطر خلية سرطانية في هذا الدستور المادة (32)، والتي نصت على أن الجنسية المصرية حق، وهي مادة تمنح الجنسية المصرية لغير المصريين، وأنها حق لكل من يطلبها، وخاصة قيادات حماس والقاعدة وأعضاء التنظيم الدولي للإخوان بالخارج؛ مما يدفع دول العالم إلى فرض قيود مشددة على كل من يحمل الجنسية المصرية مستقبلا في حال زيارة تلك الدول. ومن بين الخلايا السرطانية التي تؤكد أن مصر تتجه نحو الدولة الدينية وليس الدولة المدنية المادة (212) بشأن إنشاء هيئة لشئون الوقف ونشر ثقافة الوقف في المجتمع تمهيدًا لاستيلاء جماعة الإخوان على أموال الموقف الحالية، والسيطرة على هيئة الأوقاف المصرية وإدارتها بما يحقق مصالحهم ومخططاتهم وأهدافهم. فاستئصال هذه النصوص السرطانية من مشروع الدستور هو الحل قبل طرحه للتصويت عليه لحماية حاضرنا ومستقبلنا من السرطان الدستوري، وهو أخطر من مرض السرطان العضوي، وبدون ذلك سنقول لا وألف لا ومليون لا لهذا الدستور اللعين.