"الزراعة" تزيل 20 حالة تعدٍ على الأراضي في المهد خلال عيد الأضحى    لليوم الثاني.. أهالى الأقصر يذبحون الأضاحى لتوزيعها علي الأسر الاكثر احتياجا فى عيد الأضحى    ميدينسكي: من الصواب أن تستقبل كييف قتلاها في سبت الآباء    مراكز شباب الغربية تستقبل المواطنين بأنشطة ترفيهية وفنية في ثاني أيام عيد الأضحى    التصريح بدفن جثة طفل سقط من أعلى سطح عقار فى الغربية    "وفاءً لرمز المسرح العربي".. إطلاق اسم سميحة أيوب على المسابقة الرسمية بالمهرجان القومي للمسرح    «إيبارشية إسنا وأرمنت» تعلن إخماد الحريق المحدود ب كنيسة السيدة العذراء في الأقصر    بعد تخطي إعلان زيزو 40 مليون مشاهدة في 24 ساعة.. الشركة المنفذة تكشف سبب استخدام ال«ai»    شتيجن يحسم الجدل: لم أرحل.. ومستمر مع برشلونة في الموسم المقبل    الأمم المتحدة: 71 ألف طفل بغزة سيعانون قريبا من سوء تغذية يهدد حياتهم    عبد العاطي ونظيره النيجيري يبحثان سبل تعزيز العلاقات المشتركة    ما حكم من صلى باتجاه القبلة خطا؟.. أسامة قابيل يجيب    بعد وجبات عيد الأضحى الدسمة.. 6 مشروبات طبيعية لتحسين الهضم وتجنب الانتفاخ    إعلام إسرائيلي يدعي عثور الجيش على جثة يعتقد أنها ل محمد السنوار    فرنسا تدعو إسرائيل للانسحاب سريعا من كامل الأراضي اللبنانية    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب اليونان    مجدي البدوي: تضافر الجهود النقابية المصرية والإفريقية للدفاع عن فلسطين| خاص    مها الصغير: أتعرض عليا التمثيل ورفضت    إعلام إسرائيلي: يحتمل وجود جثامين لمحتجزين إسرائيليين بمحيط المستشفى الأوروبي    رونالدو يعلن موقفه من المشاركة في كأس العالم للأندية    الخرفان أولًا والعجول آخرًا.. تدرّج في الطلب بسبب تفاوت الأسعار    وزارة النقل: الأتوبيس الترددى يعمل طوال أيام العيد فى هذه المواعيد    المالية: صرف المرتبات للعاملين بالدولة 18 يونيو المقبل    الصناعة: حجز 1800 قطعة أرض في 20 محافظة إلكترونيا متاح حتى منتصف يونيو    "الزراعة": إزالة 20 حالة تعد في المهد بعدد من المحافظات    اتحاد تنس الطاولة يناقش مستقبل اللعبة مع مدربي الأندية    مرسال: اتحاد العمال يرسخ مكانته الدولية في مؤتمر جنيف| خاص    ضبط 156 شيكارة دقيق بلدي مدعم وتحرير 311 مخالفة فى الدقهلية    نتيجة الصف السادس الابتدائي 2025 بالاسم ورقم الجلوس    الداخلية ترسم البسمة على وجوه الأيتام احتفالا بعيد الأضحى| فيديو    الأحوال المدنية: استمرار عمل القوافل الخدمية المتنقلة بالمحافظات| صور    لبنان.. حريق في منطقة البداوي بطرابلس يلتهم 4 حافلات    الأحزاب تستغل إجازات العيد للتواصل مع الشارع ووضع اللمسات الأخيرة على قوائم المرشحين    البابا تواضروس الثاني يعيّن الأنبا ريويس أسقفًا عامًا لإيبارشية ملبورن    12 عرضا في قنا مجانا.. قصور الثقافة تطلق عروضها المسرحية بجنوب الصعيد    بشرى تتألق بإطلالة صيفية أنيقة في أحدث جلسة تصوير لها| صور    رسميًا.. غلق المتحف المصري الكبير في هذا الموعد استعدادًا للافتتاح الرسمي    محمد سلماوي: صومعتي تمنحني هدوءا يساعدني على الكتابة    تعرف على الإجازات الرسمية المتبقية فى مصر حتى نهاية عام 2025    تعرف على أسعار الحديد مساء ثاني أيام عيد الأضحى    «الفيروس لم يختفِ».. الصحة العالمية تحذر: كوفيد 19 يعود بمتحور جديد    البحيرة.. عيادة متنقلة أمام النادي الاجتماعي بدمنهور لتقديم خدماتها المجانية خلال العيد    رئيس جامعة المنوفية: معهد الكبد القومي يخدم أهالي المحافظة والدول العربية    عميد طب كفر الشيخ يتفقد أداء المستشفيات الجامعية خلال إجازة العيد    شهباز شريف: باكستان تسعى دائما إلى الحفاظ على السلام والأمن في المنطقة    "دفعها للإدمان وحملت منه".. تفاصيل بلاغ من سيدة ضد والدها في الوراق    عواد: أنا وصبحي نخدم الزمالك.. وسيناريو ركلات الترجيح كان متفقا عليه    العيد أحلى بمراكز الشباب.. فعاليات احتفالية في ثاني أيام عيد الأضحى بالشرقية    السيسي يقود أحدث إنجازات الدولة في تطوير التعليم الجامعي    إصابة 8 أشخاص نتيجة انقلاب «ميكروباص» بطريق أسيوط- الفيوم الغربي    دعاء يوم القر مستجاب للرزق والإنجاب والزواج.. ردده الآن    الطبطبة على الذات.. فن ترميم النفس بوعى    اليابان: لا اتفاق بعد مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية    دار الإفتاء تكشف آخر موعد يجوز فيه ذبح الأضاحي    دوناروما: أداء إيطاليا لا يليق بجماهيرنا    محمد عبده يشيد ب " هاني فرحات" ويصفه ب "المايسترو المثقف "    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    معلومات من مصادر غير متوقعة.. حظ برج الدلو اليوم 7 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دراسة خاصة عن خطة العرب لمواجهة التهديد النووي الإيراني
نشر في البوابة يوم 26 - 03 - 2016


دراسات «المركز العربى للبحوث»
استمرارا لسياسة التعاون بين جريدة «البوابة» والمركز العربي للبحوث والدراسات ننشر اليوم دراسة للدكتور محمد السعيد إدريس حول الاتفاق النووى بين إيران والدول الكبرى وموقف الدول العربية منه.
تدشين عدة برامج سلمية وإنشاء دورة عربية للوقود النووي
مواصلة الجهود الدبلوماسية لتفعيل معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية حول العالم
توقعات بأن يدفع رفع العقوبات التيار المحافظ المدعوم من الحرس الثوري لإجراءات مضادة تحت دعوى «حماية الثورة»
إذا كانت إيران قد نجحت فى تحقيق انتصار كبير فى معركة التفاوض حول أزمة برنامجها النووى بالتوصل إلى اتفاق مع مجموعة الدول الست الكبرى فى العالم يؤسس لحل طويل المدى لتلك الأزمة المثارة منذ أغسطس عام 2002، فإن التطور الجديد متمثلا فى امتلاك إيران لبرنامج نووى من المقرر أن يبقى سلميًا على الأقل خلال 15 عامًا من الآن، سيفرض حتمًا تداعيات إقليمية شديدة الأهمية سواء من ناحية الصراع الإقليمى حول الزعامة والنفوذ بين القوى الإقليمية الثلاث المتنافسة: إسرائيل وإيران وتركيا، أو على صعيد ردود الفعل العربية المحتملة من ناحية بقاء العرب على ما هم عليه من ضعف أو تحولهم اضطراريًا، من منطلق الدفاع عن النفس، إلى قوة إقليمية رابعة منافسة فى الإقليم مع تلك القوى الثلاث.
أهم التداعيات المحتملة ستكون حتمًا متركزة حول مستقبل التنافس النووى الإقليمى، وبالتحديد حول مدى الالتزام من عدمه بدعوة جعل الشرق الأوسط إقليمًا خاليًا من أسلحة الدمار الشامل، وخصوصا الأسلحة النووية، فعلى مدى العقود الثلاثة الماضية ظلت كل دول الشرق الأوسط بما فيها إيران وتركيا، باستثناء إسرائيل تنادى بجعل الشرق الأوسط إقليمًا خاليًا من أسلحة الدمار الشامل، وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية هى الأخرى تدعم هذا المطلب، وكان الجميع يطالبون إسرائيل بضرورة التوقيع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وفتح منشآتها النووية أمام مفتشى الوكالة، لكن إسرائيل كانت ترفض وكان الدعم الأمريكى يمكنها من الاستمرار فى تسويف تلك الدعوة.
من هنا يصبح السؤال حول النتائج المحتملة لتوقيع الاتفاق النووى الإيرانى على مواقف كل الأطراف الإقليمية ضرورة، وهل ستبقى دعوة منع الانتشار النووى هى القاعدة أم يمكن أن تضرب بها أطراف إقليمية عرض الحائط وتجعل الانتشار النووى أمرًا واقعًا مفروضًا؟
السؤال مهم لاعتبارات كثيرة، أبرزها ردود الفعل الإسرائيلية المتشددة والرافضة للاتفاق الذى تم التوصل إليه بين إيران ومجموعة دول 5+1 (14/7/2015) بخصوص برنامج إيران النووى، وأيضًا بخصوص العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران. فالغضب الإسرائيلى ضد هذا الاتفاق فاق كل الحدود، ليس فقط ضد إيران بل وفى الأساس ضد الإدارة الأمريكية، حيث سعت إلى إفشال وعرقلة جهود إتمام التوصل إلى اتفاق نهائى مع إيران قبل 30 يونيو المقبل، بالعمل على تجنيد الكونجرس الأمريكى لتمرير قوانين تعرقل تمرير الاتفاق أو حتى تمنع المصادقة عليه.
هذا الاهتمام وتلك المخاوف الإسرائيلية المبالغة قد تعطى انطباعًا زائفًا بأن إسرائيل مهددة من إيران، أو أنها فى خطر حتى فى ظل امتلاك إيران السلاح النووى، وإذا كان خيار الحرب الإسرائيلية ضد إيران سيبقى خيارًا مستبعدًا، فإن تعمد إسرائيل التضخيم من ردود فعلها الرافضة والمحذرة يمكن أن يكون مبررًا لخطوة إسرائيلية درامية ومفاجئة للعالم كله، وهو الإفصاح عن فرض نفسها «دولة أمر واقع نووية».
هذا الخيار البديل لخيار الحرب المباشرة على إيران ظل مستبعدًا منذ أن امتلكت إسرائيل القنبلة النووية، حيث فضلت الالتزام باستراتيجية «الغموض النووى»، التى تعنى الاعتراف غير المباشر بامتلاك السلاح النووى بما يضمن لها تحقيق هدفين معًا: هدف ردع الأعداء ردعًا نهائيًا من أى تفكير فى تهديد أمن ووجود إسرائيل على أساس أن القنبلة النووية ستكون الرد المباشر، وهدف اكتساب المكانة الإقليمية وفرض نفسها قوة إقليمية مهيمنة وزعيمة فى الشرق الأوسط، كما تعنى أيضًا وفى ذات الوقت عدم الاعتراف المباشر بامتلاك السلاح النووى تجنبًا للخضوع لعقوبات دولية.
الآن يمكن لإسرائيل أن تتذرع بما يمكن تسميته «تواطؤ المجتمع الدولى مع إيران» وتمكينها من امتلاك برنامج نووى يهدد أمن إسرائيل فى المستقبل عندما تتجه إيران إلى تحويله إلى برنامج نووى عسكرى، وأن توظف الدعاية المكثفة لمخاطر الاتفاق المزمع بين إيران ومجموعة الدول الست الكبرى لتبرير إعلان نفسها «دولة أمر واقع نووية».
مثل هذه الخطوة- إن حدثت- فإنها ستضع كل الجهود الدولية الهشة الرامية إلى جعل إقليم الشرق الأوسط خاليًا من أسلحة الدمار الشامل أمام طريق مسدود، وستضع العديد من دول المنطقة خاصة مصر ودول عربية أخرى أمام «مأزق أمنى» و«مأزق أخلاقى»، وهى الدول التى ظلت ملتزمة بدعوة جعل الشرق الأوسط خاليًا من الأسلحة النووية على وجه الخصوص، وظلت ملتزمة بسياسة «منع الانتشار النووى».
هذا المأزق يتفاقم فى ظل ما سبق أن تردد من اتجاه إسرائيل نحو تطوير قنبلة هيدروجينية بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية. وهو الاتجاه الذى كشف عنه تقرير صدر بحكم من المحكمة الفيدرالية الأمريكية فى إطار قانون «حرية التعبير» حمل عنوان «تقييم التكنولوجيا الحاسمة فى إسرائيل ودول الناتو»، ونشر فى منتصف فبراير 2015 فى وسائل إعلامية متعددة، وقامت صحيفة «إسرائيل اليوم» (الإسرائيلية) الموالية لحزب بنيامين نتنياهو بإعادة نشره مرة أخرى فى أوج سخونة مفاوضات لوزان الخاصة بالبرنامج النووى الإيرانى، فى رسالة تحذير مبطنة للمفاوضين تقول إن إسرائيل تجاوزت القنبلة النووية وتتجه لامتلاك القنبلة الهيدروجينية، وأن تمكين إيران من برنامج نووى سيدفع إسرائيل إلى المضى قدمًا ليس فى اتجاه التخلى عن استراتيجية «الغموض النووى» والإفصاح عن حقيقة قدراتها النووية، ولكن المضى فى إنتاج القنبلة الهيدروجينية.
كيف سترد مصر والدول العربية على هذه التطورات النووية الإسرائيلية والإيرانية التى من شأنها إحداث اختلال هائل فى توازن القوى وتوازن المكانة بين العرب وهذه الدول، وكيف سترد مصر والدول العربية على الإصرار الإسرائيلى على محاربة عقد مؤتمر دولى لجعل الشرق الأوسط خاليًا من أسلحة الدمار الشامل بدعم ومساندة أمريكيين، وكيف سيكون الرد العربى على مجمل التداعيات المحتملة للتوقيع على اتفاق البرنامج النووى الإيرانى ومن بعده صدور قرارات أمريكية ودولية وأوروبية بإنهاء العقوبات التى كانت مفروضة عليها؟
توقعات متباينة
انقسمت التوقعات بشدة حول الإجابة على كل هذه التساؤلات منذ التوقيع على ذلك الاتفاق فى منتصف العام الماضى، وأيضًا حول مستقبل إيران عقب صدور قرار إلغاء العقوبات الاقتصادية التى سبق أن فرضت على إيران، فكثيرون تفاءلوا بأن علاقة إيران مع العالم سوف تتغير للأفضل، وأن ما سوف يتوفر لها من قدرات اقتصادية ضخمة بعد إلغاء العقوبات سوف يوظف لمصلحة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأن التيار الإصلاحى الذى يستند فى حركته السياسية إلى النجاحات الضخمة التى حققها الرئيس الإيرانى حسن روحانى، وبالذات نجاحه فى إنهاء أزمة البرنامج النووى الإيرانى.
هذا التفاؤل لم يمنع المتشائمين من توقع حدوث تطورات عكسية. كثيرون رجحوا أن يدفع رفع العقوبات التيار المحافظ المدعوم من الحرس الثورى بإجراءات مضادة تحت دعوة حماية الثورة والنظام الإيرانى من مخاطر الانفتاح الثقافى والفكرى والإعلامى على الغرب، الذى سوف يصاحب حتمًا الانفتاح الاقتصادى، الأمر الذى يفرض اتخاذ إجراءات وقائية تحول دون تمكين الأمريكيين والغرب من التغلغل الفكرى والثقافى داخل إيران لاحتواء وتقويض نظام الجمهورية الإسلامية، كما ظهرت توقعات ترجح أن يستولى العسكريون والحرس الثورى على الوفرة المالية التى سوف تنتج عن رفع العقوبات للتمدد الثورى فى الخارج، ودعم الحلفاء والمزيد من التدخل فى الشئون الداخلية.
العرب والانعكاسات الأمنية
وسط كل هذه التعقيدات وفى محاولة للإجابة عن كل التساؤلات المطروحة على الساحة، خصوصا ما يتعلق بالانعكاسات والتأثيرات المحتملة للاتفاق النووى الإيرانى وتداعياته على الأمن القومى العربى، عقدت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية فى فبراير 2016 المؤتمر المشترك الثانى بالتعاون مع المجلس المصرى للشئون الخارجية، لبحث تلك التساؤلات والتداعيات.
ورغم خصوصية قضايا هذا المؤتمر، وبالذات ما يتعلق بالتهديدات النووية الإقليمية للأمن العربى وعلى الأخص ما يمثله توقيع الاتفاق النووى الإيرانى مع «مجموعة دول 5+1»، فإن التورط الإيرانى فى قضايا وصراعات عربية ظل يمثل هاجسًا على رؤى وتحليلات المشاركين فى المؤتمر، بسبب تشابك وتداخل تلك التهديدات الإيرانية للأمن العربى بين ما هو نووى وما هو عسكرى وأمنى وسياسى ومذهبى.
فقد حظى الاتفاق النووى الإيرانى مع القوى الدولية الكبرى بأولوية فى الاهتمامات والتحليلات من منظورين: الأول، حول ما إذا كان هذا الاتفاق يحمل تهديدات ظاهرة أو مستترة للعرب ولأمنهم القومى. والثانى، حول القيود المحتملة التى يمكن أن يفرضها هذا الاتفاق على المشروعات النووية العربية المستقبلية سواء كانت مؤكدة أم محتملة. وهنا أسهب مسيمو أبورا رئيس فريق عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى إيران حول «دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى متابعة تنفيذ الاتفاق» ومداخلة الدكتور يسرى أبو شادى كبير مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية (السابق) لها أهمية كبيرة فى تأكيد مجموعة من المفاهيم والرؤى.
من أبرز هذه المفاهيم أن البرنامج النووى الإيرانى لم يعد يمثل تهديدًا نوويًا للأمن العربى، حيث أُخضعت - بموجب الاتفاق- المرافق النووية الإيرانية جميعها للتفتيش من جانب خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى عام 2040، والتزمت إيران بألا تتعدى نسبة تخصيب اليورانيوم فى مفاعلاتها 3،7٪ وتخفيض عدد أجهزة الطرد المركزى تخفيضًا كبيرًا.
من بين هذه المفاهيم أيضًا أن الاتفاق النووى الإيرانى بقيوده الهائلة يمكن أن يكون سابقة سيئة للدول العربية، فالمفاوضات التى جرت مع إيران والعقوبات التى فرضت عليها بسبب برنامجها النووى تتعارض من الناحية القانونية مع نصوص معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التى وقعت إيران وصدقت عليها، والتى تتيح للدول الموقعة حق امتلاك برنامج نووى سلمى، وهنا يبرز السؤال: هل بعد توقيع هذا الاتفاق يمكن أن تتعرض أى دولة عربية تريد امتلاك برنامج نووى للقيود ذاتها التى فرضت على إيران؟ بمعنى آخر، هل سيعتبر الاتفاق النووى مع إيران سابقة يمكن تطبيقها على الدول العربية، عندما تشرع فى امتلاك برنامج نووى حتى لو كان ضمن قيود وضوابط معاهدة عدم الانتشار ومراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟
هناك أيضًا قيد آخر لا يقل أهمية، وهو أن الاتفاق النووى مع إيران لم يشر من قريب أو من بعيد لا من جانب إيران ولا من جانب الدول الست المفاوضة معها إلى ضرورة إنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط.
لقد كثفت الولايات المتحدة جهودها الدبلوماسية لمد أجل المعاهدة إلى ما لا نهاية بالتنسيق مع الدول النووية الأخرى، وهو الاتجاه الذى قاومته الدول العربية فى ظل استمرار تحديات منع الانتشار النووى وعدم تحقيق عالمية المعاهدة بعد مرور خمسة وعشرين عامًا منذ دخولها حيز التنفيذ عام 1970، بالإضافة إلى فشل جهود نزع السلاح النووى على المستوى العالمى، وعدم إنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية فى منطقة الشرق الأوسط بسبب إصرار «إسرائيل» رفض الانضمام لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وسلبية الولايات المتحدة والمجتمع الدولى إزاء هذا الموقف «الإسرائيلى».
وحلًا لهذا الموقف أو المأزق وافقت الولايات المتحدة والدول النووية الكبرى فى مؤتمر المراجعة عام 1995 على إقامة المنطقة الخالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط مقابل موافقة الدول العربية ودول حركة عدم الانحياز على قرار المد اللا نهائى لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. وقد أُكِّد قرار إقامة تلك المنطقة فى مؤتمر المراجعة الذى عقد عام 2000 ثم فى المؤتمر الذى عقد فى عام 2010 الذى استجاب للطلب العربى بعقد مؤتمر دولى لإقامة هذه المنطقة فى نهاية ديسمبر 2012، وهو المؤتمر الذى كان من المقرر أن يعقد فى هلسنكى، لكن الولايات المتحدة أحبطت هذا المسعى استجابة للرفض «الإسرائيلى»، وأفشلت إصدار قرار من مؤتمر المراجعة الأخير فى مايو 2015 كان يقضى بعقد هذا المؤتمر فى إبريل/ مايو 2016. فقد فضلت الولايات المتحدة ألا يصدر بيان نهائى عن المؤتمر عن أن يصدر متضمنًا الفقرة الخاصة بتجديد الدعوة للمؤتمر التى أصرت مصر عليها بدعم من دول عربية وأخرى من دول حركة عدم الانحياز من بينها إيران.
وهنا يجدر التساؤل لماذا جاء الاتفاق النووى الإيرانى خاليًا من الالتزام بإقامة المنطقة الخالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط؟ هل هذا التجاهل هو ثمنٌ دفعته إيران للفوز بالاتفاق؟ وهل ما زال أمام العرب فرصةٌ لتجديد الدعوة لإقامة المنطقة هذه؟ هل هناك جدوى من ذلك فى ظل الرفض الأمريكى - «الإسرائيلى» المطلق لهذه الدعوة؟ وهل هناك بدائل أخرى أمام العرب؟
جدول أعمال العرب
أسئلة مهمة فرضت على المشاركين فى المؤتمر من مسئولين ومفكرين وخبراء سياسيين واستراتيجيين حول وضع أجندة مهام وجدول أعمال لحماية الأمن القومى العربى، من خلال بلورة وصياغة استخلاصات لمجمل الأفكار والرؤى التى طرحت خلال المؤتمر، والتى يستوجب الالتزام بها من جانب كل الحكومات العربية والأمانة العامة لجامعة الدول العربية من خلال الهيئة العربية للطاقة الذرية، إضافة إلى مراكز البحوث والدراسات الاستراتيجية العربية ومنظمات المجتمع المدنى ذات الصلة، وفى المقدمة منها المجلس المصرى للشئون الخارجية، وما يناظره من مجالس ومؤسسات عربية مشابهة.
ويتضمن جدول الأعمال هذا خمس عشرة توصية تشمل كل الجوانب المتعلقة بالمخاطر النووية التى تتهدد الأمن القومى العربى من ناحية وكيفية وسبل امتلاك القدرات العربية القادرة على مواجهة تلك التهديدات والتحديات. هى على الترتيب:
العمل على إرساء استراتيجية شاملة للأمن القومى العربى، تأخذ بعين الاعتبار مختلف التهديدات الخارجية والداخلية للدول العربية والقيام بمختلف الخطوات العملية فى هذا الشأن.
التأكيد على أن مصداقية معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية تقوم على التوازن بين ركائزها الثلاث، المتمثلة فى نزع السلاح النووى وعدم الانتشار النووى والاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وأن أى إخلال بهذا التوازن يعتبر إخلالًا بنص وروح المعاهدة، وتهديدًا للسلم والأمن الدوليين.
التأكيد على أن عدم تنفيذ قرار الشرق الأوسط الخاص بإنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية الصادر عن مؤتمر مراجعة وتمديد معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية لعام 1995 أخل بالأساس الذى ارتكز عليه القرار الخاص بالمد اللانهائى للمعاهدة الصادرة عام 1995، الأمر الذى يدعو إلى أهمية إعادة النظر فى هذا القرار.
دعوة المراكز البحثية العربية بالنظر فى الجانب القانونى المترتب على قرار المد اللا نهائى لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية الصادر عن مؤتمر مراجعة وتمديد المعاهدة لعام 1995، نظرًا لعدم تنفيذ الدول النووية لما تعهدت به فى ذلك المؤتمر، وفى مؤتمرى المراجعة لعامى 2000 و2010، وتقاعسها عن تنفيذ المادة السادسة لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
ضرورة انضمام إسرائيل دون مزيد من التأخير لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وإخضاع جميع مرافقها النووية لنظام الضمانات الشامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
التأكد من جدية التزام إيران ومجموعة الدول 5+1 فى تنفيذ الاتفاق النووى، ووضع كل الخيارات الممكنة لمواجهة أى خروقات للاتفاق وفقًا لمقتضيات الأمن القومى العربى.
سعى الدول العربية لبذل الجهود اللازمة لإنهاء المماطلة والمراوغة التى تحول دون إنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط، والتأكيد على قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة الصادرة منذ عام 1974، وآخرها القرار رقم 24/70/RES/A بتاريخ 7/12/2015.
التأكيد على أن فرص نجاح مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية لعام 2020 ومستقبله تتوقف على: مدى الالتزام بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بنزع الأسلحة النووية، والتفاوض حول معاهدة حظر استخدام الأسلحة النووية، وإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط، وصولًا إلى معاهدة عالمية لنزع الأسلحة النووية.
الإعراب عن القلق من إعاقة بعض الدول النووية تنفيذ الرأى الاستشارى لمحكمة العدل الدولية الصادر عام 1996، الذى طالب بالتفاوض حول معاهدة لحظر إنتاج وتخزين واستخدام الأسلحة النووية وتدمير المخزون منه، والطلب من تلك الدول الكف عن رفض إدراج هذا الموضوع ضمن برنامج عمل مؤتمر نزع السلاح باعتباره الجهاز التفاوضى الوحيد لموضوعات نزع السلاح بالأمم المتحدة، حتى يمكن إبرام تلك المعاهدة فى أقرب وقت ممكن تنفيذًا لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة، وآخرها القرار رقم 52/70/ RES/A بتاريخ 7/12/2015.
وفقًا لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، دعوة الدول النووية الخمس الحائزة على الأسلحة النووية لتحمل مسئولياتها المنصوص عليها فى المعاهدة، والتأكيد على أن استمرار دول حلف شمال الأطلنطى فى سياساتها المتعلقة بالمشاطرة النووية «Nuclear Sharing»، تمثل انتهاكًا لأحكام المواد الأولى والثانية والسادسة من المعاهدة.
دعم «الهيئة العربية للطاقة الذرية» بما يؤمن لها القيام بالدور الإيجابى والفاعل فى مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية فى الدول العربية، وتفعيل الاستراتيجية العربية النووية التى تم اعتمادها خلال قمة الدوحة عام 2009، والطلب من الهيئة إعداد مخطط تنفيذى لمشاريع عربية مشتركة وسبل تمويل موازنتها بشكل مستقل عن موازنة الهيئة.
إعادة التأكيد على أهمية تنفيذ الاستراتيجية العربية النووية فى تنمية الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وعلى أهمية وجود برامج نووية عربية سلمية منها إنشاء دورة عربية للوقود النووى.
مطالبة مؤتمر نزع السلاح بأن يراعى فى المفاوضات حول «معاهدة حظر الأسلحة النووية» برنامج عمل حركة عدم الانحياز المقدم لمؤتمر نزع السلاح عام 1996 وبرنامج عمل الحركة المقدم لمؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية لعام 2010 كأساس للمفاوضات.
الإعراب عن القلق من الآثار الإنسانية الكارثية لاستمرار حيازة الأسلحة النووية فى الدول الأطراف وغير الأطراف فى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وخاصة إسرائيل، وفقًا لنتائج المؤتمرات ذات الصلة التى عقدت فى النرويج والمكسيك والنمسا خلال عامى 2013 و2014، وفقًا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 47/70/ RES/A بتاريخ 7/12/2015.
التأكيد على أهمية مواصلة التنسيق والالتزام بالمواقف العربية خلال المحافل الدولية وأهمية الحفاظ على هذا التماسك فى المواقف العربية فى المؤتمرات القادمة ذات الصلة.
الوعى بهذه التوصيات والالتزام بها يمكن أن يؤسس لقواعد مهمة لحماية الأمن القومى العربى من منظور المخاطر والتهديدات النووية على ضوء البيئة الإقليمية النووية غير المواتية وتنصل القوى النووية الكبرى من التزاماتها الواردة فى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.