استنكر المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الأفعال المشينة التى صدرت عن قلة من الساكنين فى وادي الريان، وخروجهم عن القانون المدني، رغم أن العدد الأكبر منهم يرغبون فى حياة هادئة ربما تؤهلهم مستقبلاً أن يكونوا رهبانًا بصورة قانونية صحيحة معترف بها كنسيًا. ويؤكد المجمع المقدس في البيان الصادر عن الكنيسة مساء اليوم الثلاثاء، أنه حتى الأن لم يُعترف كنسيًا بهذا المكان كدير فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ، كما أن ارتداء الساكنين فيه زيًا أسود لا يعني أنهم رهبان؛ لأن إقامة الراهب لها ضوابط وشروط وتقاليد، وتحتاج إذنًا مسبقًا من الرئاسة الكنسية؛ كما هو متبع فى سائر الأديرة القبطية، وهذا لم يحدث على الإطلاق بالنسبة لهؤلاء الساكنين في هذه المنطقة. وأى خطابات تحمل توقيع قداسة البابا خاصة فى بداية حبريته، كانت بقصد التعامل مع الجهات الحكومية كالمحافظة والأثار تمهيدًا للاعتراف بهذا الكيان كنسيًا، ولم تكن هذه المكاتبات اعترافًا أو تقنينًا لدير أو لرهبان؛ لأن المجمع المقدس برئاسة قداسة البابا هو الجهة الوحيدة المخول لها إصدار الاعتراف الكنسي بأى دير سواء للرهبان أو الراهبات فى جلسة رسمية معلن عنها، وذلك بعد دراسة وتحقيق في صلاحية المكان والأشخاص والمدبرين لهم رهبانيًا. ونوه أن وجود بطاقات الرقم القومي مع بعضهم تحمل صفة "راهب " قد تم بغير تدقيق، ولا يُعني كنسيًا الأعتراف بوضعهم كرهبان، وربما كان الأمر للتعامل أيضاً مع الجهات المدنية. منذ اشتداد الأزمة فى أكتوبر 2015 حاول قداسة البابا مع لجنة شئون الرهبنة والأديرة بالمجمع المقدس وبطول أناة و روية، عبر سلسة من الاجتماعات والاتصالات اشترك فيها أساقفة وكهنة ورهبان وأراخنة والعديد من المسئولين، حاولوا جميعًا، إثناء هؤلاء عن عنادهم وغطرستهم وتحديهم وعرقلتهم لأحد مشروعات التنمية القومية و بدون داع، مع تطاولهم على الرموز الكنسية، وعدم الطاعة التي هى أهم مبادئ ونذور الحياة الرهبانية؛ ولكن باءت كل الجهود بالفشل رغم تقديم العديد من الاقتراحات الممتازة لحل الأزمة، وكانت النتيجة المؤسفة أن أفعالهم الخارجة عن القانون تسببت فى القبض علي بعضهم وتحويلهم إلى جهات التحقيق . وناشد الجهات الإعلامية تحرى الدقة ومراعاة الضمير فيما يتم بثه من أخبار أو مقالات أو تعليقات؛ لأن الكنيسة المصرية كيان روحي راسخ له تقاليد قديمة وقوانين مرعية، عبر مئات السنين فى كل الشئون الكنسية والمؤسسات الخدمية والتعليمية والرهبانية، ولم يُسمع في تاريخنا القديم أو الحديث مثل هذه المهاترات التي لا تليق بالرهبنة القبطية، التي علَّمت العالم أصول الحياة الروحية والرهبنة الحقيقية. كما ناشد المجمع الجهات المسئولة، بالإسراع في تقنين تسجيل الزِّي الكهنوتي والرهباني حتى لا ينتحل أحد هذه الصفة الكنسية عن غير حق، ويتسبب في تشويش سلام الكنيسة والمجتمع، ويسبب لغطًا في المفاهيم عند الشعب والمواطنين، كما هو حادث الآن، ويسبب -بدون وجه حق - تشويه صورة مصر الآمنة أمام المجتمع الدولي. واكد المجمع على أن الرهبنة المصرية التى قامت منذ القرن الرابع الميلادي على مبادىء الفقر الأختيارى والطاعة القلبية وحياة البتولية والانعزال الهادىء عن صخب العالم، وتحويل الحياة كلها إلى صلاة وتسبيح وتأمل فى الإلهيات، والاكتفاء بالقليل فى كل شيء، فان هذه الرهبنة الناصعة هي التى جعلت الأديرة مقصد الكثيرين من المصريين والأجانب لنوال البركة من هذه المنابع الروحانية بحثًا عن تنقية القلوب وصفاء النفوس فى حياة هؤلاء الأبرار والقديسين الذين عاشوا فى البرارى والصحارى المصرية . وقال المجمع انه يثق في أن يد الله القدير سوف تعمل للخير فى هذه الأزمة، وتنتهى الضيقة بكل حكمة؛ حتي يحيا الصادقون منهم حياتهم التى قصدوها فى سلام وأمان وينعم الوطن بنجاح وتحقيق كل مشروعاته من أجل التنمية ورفاهية كل المصريين. حفظ الله مصر الغالية وكنيستنا المقدسة من كل شر وبلية.