أصدر المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية بياناً يدين فيه ما وصفه ب«الأفعال المشينة» التي صدرت عن قلة من الساكنين في وادي الريان وخروجهم عن القانون المدني، رغم أن العدد الأكبر منهم يرغبون في حياة هادئة ربما تؤهلهم مستقبلاً أن يكونوا رهبانًا بصورة قانونية صحيحة معترف بها كنسيًا. وأكد بيان المجمع المقدس، أنه حتى الآن لم يُعترف كنسيًا بهذا المكان كدير في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، كما أن ارتداء الساكنين فيه زيًا أسودًا لا يُعني أنهم رهبان، لأن إقامة الراهب لها ضوابط وشروط و تقاليد وتحتاج إذنًا مسبقًا من الرئاسة الكنسية، كما هو متبع في سائر الأديرة القبطية وهذا لم يحدث على الإطلاق بالنسبة لهؤلاء الساكنين في هذه المنطقة، وأي خطابات تحمل توقيع قداسة البابا – خاصة في بداية حبريته - كانت بقصد التعامل مع الجهات الحكومية كالمحافظة والآثار تمهيدًا للاعتراف بهذا الكيان كنسيًا. وأضاف البيان: ولم تكن هذه المكاتبات اعترافًا أو تقنينًا لدير أو لرهبان لأن المجمع المقدس برئاسة قداسة البابا هو الجهة الوحيدة المخول لها إصدار الاعتراف الكنسي بأي دير سواء للرهبان أو الراهبات في جلسة رسمية معلن عنها وذلك بعد دراسة وتحقيق في صلاحية المكان والأشخاص والمدبرين لهم رهبانيًا. واستطرد المجمع في بيانه: وننوه أن وجود بطاقات الرقم القومي مع بعضهم تحمل صفة «راهب» قد تم بغير تدقيق ولا يُعني كنسيًا الاعتراف بوضعهم كرهبان، وربما كان الأمر للتعامل أيضاً مع الجهات المدنية، ومنذ اشتداد الأزمة في أكتوبر ٢٠١٥ حاول قداسة البابا مع لجنة شئون الرهبنة والأديرة بالمجمع المقدس وبطول أناة وروية عبر سلسة من الاجتماعات والاتصالات اشترك فيها أساقفة وكهنة ورهبان وأراخنة والعديد من المسئولين الحكوميين، حاولوا جميعًا إثناء هؤلاء عن عنادهم وغطرستهم وتحديهم وعرقلتهم لأحد مشروعات التنمية القومية وبدون داع مع تطاولهم على الرموز الكنسية وعدم الطاعة التي هى أهم مبادئ ونذور الحياة الرهبانية؛ ولكن باءت كل الجهود بالفشل رغم تقديم العديد من الاقتراحات الممتازة لحل الأزمة وكانت النتيجة المؤسفة أن أفعالهم الخارجة عن القانون تسببت في القبض على بعضهم وتحويلهم إلى جهات التحقيق . وأضاف: أننا نناشد الجهات الإعلامية تحري الدقة ومراعاة الضمير فيما يتم بثه من أخبار أو مقالات أو تعليقات؛ لأن الكنيسة المصرية كيان روحي راسخ له تقاليد قديمة وقوانين مرعية عبر مئات السنين في كل الشئون الكنسية والمؤسسات الخدمية والتعليمية والرهبانية، ولم يُسمع في تاريخنا القديم أو الحديث مثل هذه المهاترات التي لا تليق بالرهبنة القبطية التي علَّمت العالم أصول الحياة الروحية والرهبنة الحقيقية. وزاد: كما نناشد الجهات المسئولة الإسراع في تقنين تسجيل الزِّي الكهنوتي والرهباني حتى لا ينتحل أحد هذه الصفة الكنسية عن غير حق ويتسبب في تشويش سلام الكنيسة والمجتمع ويسبب لغطًا في المفاهيم عند الشعب والمواطنين، كما هو حادث الآن، ويسبب -بدون وجه حق - تشويه صورة مصر الآمنة أمام المجتمع الدولي. واختتم البيان: المجمع المقدس إذ يشكر كل الجهود الصادقة التي قدمتها الجهات الحكومية والمدنية والكنسية، من أجل حل الأزمة بصورة ودية، فإنه يؤكد على أن الرهبنة المصرية التي قامت منذ القرن الرابع الميلادي على مبادئ الفقر الاختياري والطاعة القلبية وحياة البتولية والانعزال الهادئ عن صخب العالم، وتحويل الحياة كلها إلى صلاة وتسبيح وتأمل فى الإلهيات، والاكتفاء بالقليل في كل شيء، فان هذه الرهبنة الناصعة هي التي جعلت الأديرة مقصد الكثيرين من المصريين والأجانب لنوال البركة من هذه المنابع الروحانية بحثًا عن تنقية القلوب وصفاء النفوس في حياة هؤلاء الأبرار والقديسين الذين عاشوا في البراري والصحارى المصرية . وقال: نثق أن يد الله القدير سوف تعمل للخير في هذه الأزمة، وتنتهي الضيقة بكل حكمة؛ حتى يحيا الصادقون منهم حياتهم التي قصدوها في سلام وأمان وينعم الوطن بنجاح وتحقيق كل مشروعاته من أجل التنمية ورفاهية كل المصريين.. حفظ الله مصر الغالية وكنيستنا المقدسة من كل شر وبلية.