من مدرجات الملاعب إلى حلبة السياسة، انتقل تأثير روابط مشجعي كرة القدم المعروفة ب“,”أولتراس“,” في مصر بعد ثورة 25 يناير. ودفع حضورها الواسع في الساحة السياسية قوى سياسية إلى تكوين روابط شبيهة تنتسب لأحزاب وحركات سياسية ك“,”أولتراس نهضاوي“,”، و“,”أولتراس النور“,”، و“,”أولتراس حازمون“,”. وبرزت روابط مشجعي الكرة التي اختارت لنفسها الاسم اللاتيني “,”أولتراس“,” وتعني “,”الشيء الإضافي أو الزائد عن الحد“,”، في مصر منذ عام 2007 كظاهرة رياضية، أثارت قلق قوات الأمن المسئولة عن تأمين الملاعب، بسبب تنظيمها الشديد وأعدادها الكبيرة، وطريقتها الانفعالية في التشجيع، والتي قد تتسبب في إثارة شغب في المباريات أحيانًا. وكان أول حضور سياسي بارز لروابط الأولتراس فيما عرف ب“,”جمعة الغضب“,” 28 يناير 2011، بينما كان آخر فعالياتها السياسية مشاركة “,”أولتراس مصراوي“,” الذي يشجع النادي المحلي بمدينة بورسعيد في تنظيم وتفعيل العصيان المدني الذي تشهده المدينة منذ أيام، للمطالبة بأمور تتعلق بحقوق أكثر من 40 قتيلا سقطوا خلال أحداث العنف الاحتجاجي بالمدينة الشهر الماضي. كما دخل “,”أولتراس“,” النادي الأهلي في مفاوضات مع مؤسسة الرئاسة العام الماضي لوقف تظاهراته المطالبة بالقصاص لنحو 74 من مشجعي النادي قُتِلوا في فبراير الماضي خلال مباراة مع النادي المصري ب“,”استاد بورسعيد“,”، ولكي يسمحوا باستئناف الدوري المصري لكرة القدم الذي توقف منذ الحادثة. وتتراوح أعمار المنتسبين إلى مجموعات ال“,”أولتراس“,” ما بين 14 إلى 30 عامًا، تجمعهم مبادئ وأفكار ثابتة من الولاء الشديد للنادي ودعمه بكل قوة، ولهم أدواتهم الخاصة للتشجيع، مثل الأعلام والدفوف والشماريخ “,”الألعاب النارية“,” واللافتات والأناشيد الخاصة. وحسب مراقبين، فإن النظام السابق برئاسة حسني مبارك، سعى لاستغلال الأولتراس في إكساب مباريات كرة القدم سخونة واهتمامًا شعبيًا لإلهاء المصريين عن متابعة أدائه السياسي. وعلى مدار عامين من ثورة يناير، شاركت مجموعات الأولتراس في العديد من المليونيات، أبرزها مليونية 9 سبتمبر التي انتهت باقتحام مقر السفارة الإسرائيلية في القاهرة، كما كان لها دور بارز في أحداث محمد محمود الأولى في نوفمبر 2011، التي شهدت مواجهات بين الشرطة ومحتجين أسفرت عن مقتل العشرات، بينهم محمد مصطفى عضو أولتراس أهلاوي. وفي دراسة حديثة، تحت عنوان “,”التوجهات السياسية لجمهور كرة القدم في مصر“,”، رأى محمود علي، الباحث السياسي بجامعة القاهرة، أن “,”تحركات الأولتراس التي يمكن توصيفها بالسياسية، جاءت نتاج صفقة عقدها الأولتراس مع بعض الأحزاب الجديدة بهدف إشاعة المزيد من الفوضى والتوتر الأمني، في مقابل تحمل تلك الأحزاب لجميع نفقاتهم“,”.. وهو ما تنفيه مجموعات الأولتراس. من جانبها، ذهبت أمل حمادة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إلى أن “,”عداء الأولتراس لقوات الأمن يظهرهم في صورة المخلص للجماهير، في مواجهة غير متكافئة مع قوات الأمن، خاصة في التظاهرات، وزاد الأمر سوءًا بعد مذبحة بورسعيد وتورط بعض قيادات الأمن فيها“,”.. في إشارة إلى اتهام 5 قيادات أمنية في القضية التي لازال القضاء ينظرها. وتابعت في دراسة حديثة لها عن المشاركة السياسية للأولتراس “,”هناك حالات يقترب فيها الأولتراس من القوى السياسية التقليدية والتيارات الدينية، التي لا ترغب في معظم الحالات في إعادة رسم العلاقة بين الشارع والدولة، بل تهدف إلى مجرد تهذيب الشكل القديم للعلاقة بينهما“,”. ومن جانبه، قال أحمد إدريس، عضو “,”أولتراس“,” النادي الأهلي، إنهم يتحركون خارج المدرجات من أجل المصلحة الوطنية وحقوق أبناء مصر. وأضاف، نحن لا نعرف سياسة، لكن نحب وطننا، وليس لنا أي انتماءات سياسية، ونرفض الجبهة “,”جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة“,” كما نرفض حكم الإخوان، الذي كان الرئيس المصري محمد مرسي أحد قياداتها البارزة قبل توليه الحكم منتصف العام الماضي. وأشار إلى أن “,”الأولتراس يشاركون في المظاهرات لأنهم جزء من الشعب المصري، وتظاهراتنا الأخيرة كانت من أجل تحقيق القصاص لزملائنا الذين قتلوا في مذبحة بورسعيد“,”.. والتي قضت محكمة مصرية بتحويل أوراق 21 من المتهمين فيها إلى المفتي تمهيدًا لإعدامهم. في سياق متصل، ظهر ما يعرف ب“,”أولتراس نهضاوي“,” في الانتخابات الرئاسية العام الماضي، خلال مؤتمر دعائي لمحمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة آنذاك. وأوضح أحمد عمار منسق “,”أولتراس نهضاوي“,” أن “,”الفكرة جاءت لاستقطاب فئات شبابية غير مسيّسة من خلال تشكيل رابطة لتشجيع مشروع النهضة ومرشح جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات الماضية“,”. وأشار إلى أن “,”تلك المجموعة ستنتقل قريبًا من مربع دعم مشروع الإخوان، إلى نطاق العمل السياسي والاجتماعي، عبر دعم أداء إيجابي في التشجيع، يتناسب مع الأخلاقيات وفي إطار منافسة شريفة“,”. ونوه إلى أن “,”هناك العديد من المنتسبين للأولتراس النهضاوي ممن ينتمون بالفعل لروابط تشجيع بعض الأندية المصرية كناديي الأهلي والزمالك“,”، أكبر الأندية المصرية، “,”وهناك من هم قيادات في تلك الروابط“,”. وعلي الغرار ذاته، شكل مؤيدو المرشح الرئاسي المستبعد حازم أبوإسماعيل، مجموعة “,”أولتراس النور“,” و“,”أولتراس حازمون“,”، وكذلك شكل مؤيدو كل من حمدين صباحي وعبدالمنعم أبوالفتوح روابط مماثلة. (الأناضول)