يكره معظم الرؤساء الأمريكان وزوجاتهم التحدث علنا عن التفاصيل حول ما سوف يفعلونه أو مشروعاتهم أو خططهم في مرحلة ما بعد البيت الأبيض، ولكن بين الحين والآخر تكون هناك بعض زلات اللسان التي تخرج في مناسبات ما، وقد تحدثت ميشيل أوباما، سيدة أمريكا الأولى، والتي تقترب من توديع اللقب، عن الأمر في لقائها مع لورا بوش، زوجة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش أثناء المشاركة في جلسة بعنوان «الاستثمار في مستقبلنا» في واشنطن، حيث أكدت أنها ستبتعد تماما عن السياسة بعد خروجها وأن هناك المزيد من الأشياء التي ستكون قادرة على القيام بها. وقد قامت بإجراء مناقشة مع لورا بوش حول ما بعد السيدة الأولى، وتحدثت ميشيل بصراحة وعلى نطاق واسع عن خططها، خاصة فيما يتعلق بمواصلة دعمها لعائلات العسكريين بعد مغادرة البيت الأبيض، كما قالت إنها قد أصبحت الداعية الأكثر شهرة في مكافحة السمنة في البلاد وأظهرت استخدام الدهاء من ثقافة المشاهير، ووسائل الإعلام لدفع رسالتها وسوف تقوم بالاستمرار في ذلك أيضا. وقد رأت أن ما شاهدته من عائلة بوش هو ما جعلها تتأكد أن هناك مستوى من الحرية يأتى بعد ما تكون خارج دائرة الضوء، بل إنها ستكون تحت ضوء جديد مختلف هذه المرة، مثلًا فلورا بوش التي قامت باستئناف عملها في دعم الإغاثة من الأمراض الخطيرة مثل الإيدز والسرطان، وكانت لورا الفترة الماضية قد وسعت من خطط المشروع المعروف باسم حملة الشريط الوردى. اللافت أنها رأت أن النساء أكثر ذكاء من الرجال، فالرؤساء خارج البيت الأبيض لا يبقوا تحت الأضواء مثلما تفعل السيدات الأوائل فيما بعد، وأضافت أنها ستستمر في مبادرة التعليم، حيث تقول إنها وجدت أنها ستكون الأكثر فاعلية عندما تكون خارج البيت الأبيض. وسوف تكمل ميشيل إقامتها في واشنطن لبضع سنوات بعد مغادرة أوباما منصبه في يناير المقبل، حتى تتمكن ساشا ابنتهما البالغة من العمر 14 عامًا من إنهاء دراستها الثانوية وهى طالبة في مدرسة سيدويل المتخصصة في تعليم النخب، وأختها، ماليا، 17 عامًا، سوف تدخل الجامعة عندما تنتهى فترة ولاية والدها. وستعتزم ميشيل أيضا بناء مكتبة رئاسية في شيكاغو، وكان الرئيس الأمريكى الراحل، وودرو ويلسون، الذي شغل المكتب البيضاوى من 1913 إلى 1921، هو آخر رئيس استكمل معيشته في واشنطن بعد ترك منصبه. وستكون ميشيل أوباما أصغر المغادرات من السيدات الأوائل للبيت الأبيض منذ جاكلين كينيدى لأنها ستكمل عامها ال53 في 17 يناير المقبل بعد خروجها مثل هيلارى كلينتون في وقت تنصيب جورج دبليو بوش. البقاء في واشنطن يبدو غريبا أيضا فقد انتقل جيمى كارتر لجورجيا، وذهب رونالد ريجان إلى ولاية كاليفورنيا، وبيل كلينتون بنى حياة جديدة في نيويورك، حيث أنشأ مؤسسته مع زوجته هيلارى، ميشيل ترفض تماما فكرة دخولها السياسة كما فعلت هيلارى، لدرجة أن باراك أوباما قال مزحة في أحد لقاءاته بأن هناك ثلاثة أشياء مؤكدة في الحياة هي: الموت والضرائب وميشيل لن تترشح للرئاسة، نافيا بذلك الشائعات التي تقول إنها قد تسير على خطى سلفتها هيلارى كلينتون والترشح لمجلس الشيوخ بعد مغادرة زوجها المكتب، حيث انتخبت السيدة الأولى السابقة هيلارى كلينتون في مجلس الشيوخ الأمريكى في عام 2000 عندما كان زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون، على وشك الانتهاء من فترة ولايته الثانية لتصبح وزيرة الخارجية الأمريكية في عهد أوباما بعد خسارتها أمامه لتصبح المرشح الديمقراطى للرئاسة عام 2008. وكمثال للسيدة الأولى التي لا تروقها الحياة خارج المكتب البيضاوى، تبدو هيلارى كلينتون، حيث مكثت فيه من عام 1983 إلى 1992، وقامت بعد انتقالها لنيويورك بالتفرغ للعمل السياسي، حيث تم انتخابها عام 2000 كأول عضو أنثوى بمجلس شيوخ الدولة، كما أنها تعتبر أول من امتلك مكتب بحث مختارًا، وفى أعقاب أحداث 11 سبتمبر، أدلت كلينتون بصوتها ودعمت العمل العسكري بحرب أفغانستان وقرار العراق، ولكنها اعترضت بعد ذلك على أسلوب إدارة جورج دبليو بوش لحرب العراق، فضلًا عن اعتراضها على معظم سياسات بوش الداخلية، وتمت إعادة انتخاب هيلارى كلينتون بمجلس الشيوخ عام 2006. وسعيًا وراء الانتخابات الديمقراطية خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2008، فقد اكتسحت كلينتون الانتخابات التمهيدية متفوقة على جميع السيدات المرشحات في تاريخ الولاياتالمتحدة، ولكنها خسرت في النهاية أمام باراك أوباما. وأصبحت وزيرة خارجية الولاياتالمتحدة في عهد أوباما في الفترة منذ عام 2009 وحتى عام 2013، وتصدرت كلينتون مشهد الرد الأمريكى على ثورات الربيع العربى، وأيدت التدخل العسكري في ليبيا. وقد تحملت مسئولية الثغرات الأمنية في الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازى عام 2012، الذي أسفر عن مقتل أفراد من القنصلية الأمريكية، ولكنها دافعت عن نفسها فيما يخص تلك المسألة، وقد قامت كلينتون بزيارة بلدان عديدة أكثر من أي وزير خارجية أمريكى سابق. وعندما تركت كلينتون منصبها في وزارة الخارجية أصبحت مواطنة مثلها مثل باقى المواطنين لأول مرة منذ ثلاثين عامًا، وانضمت هي وابنتها إلى زوجها كأعضاء في مؤسسة بيل وهيلارى & تشيلسيا كلينتون في عام 2013، وركزت في هذه المؤسسة على جهود التنمية في مرحلة الطفولة المبكرة، وتشجيع البنات للتسجيل في المدارس الثانوية في جميع أنحاء العالم، وقادت مشروع المشاركة الكاملة «بلا حدود»، وبدأت المؤسسة قبول تبرعات جديدة من الحكومات الأجنبية، الأمر الذي توقف عندما كانت كلينتون وزيرة الخارجية، واستقالت كلينتون من مجلس إدارة المؤسسة في إبريل 2015 عندما بدأت حملتها للانتخابات الرئاسية، وقالت المؤسسة إنها ستقبل تبرعات جديدة من حكومات أجنبية من ست دول غربية فقط. وفى 12 إبريل، أعلنت كلينتون رسميًا عن ترشحها للرئاسة في انتخابات عام 2016 عن الجزب الديمقراطى، وتعد الحصان الرابح في تلك الانتخابات. نانسى ريجان لم تكن تحظى بشعبية 56٪ من الشعب الأمريكى بعد ترك زوجها لمنصبه في عام 1989، و18٪ كان لديهم فكرة سلبية عنها ورغم ذلك كانت شعبيتها تفوق روزالين كارتر وهيلارى كلينتون عندما ترك زوجاهما منصبيهما، لكنها لم تصل إلى شعبية باربرا بوش، وعاد الزوجان إلى كاليفورنيا عقب تركهما البيت الأبيض وعاشا في ضاحية الأثرياء ببيل إير في لوس أنجلوس، وعاشت نانسى في خدمة زوجها في منزلهما في بيل اير، حتى وافته المنيّة في يونيو عام 2004. ومن الأنشطة التي قامت بها بعد خروجها من البيت الأبيض ومع نهاية عام 1989، أنشأت مؤسسة نانسى ريجان بهدف استكمال حملتها لتوعية الشعب بمخاطر تعاطى المخدرات وساهمت أيضا في الجمعية الوطنية لمرض الزهايمر ومعهد رونالد ونانسى ريجان للبحوث التابع لها ومقره مدينة شيكاغو بولاية إلينوي. حتى أن باربرا بوش زوجة الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش الأب قامت بعد خروجها من البيت الأبيض بإقامة مؤسسة باربرا بوش لمحو أمية الأسرة، حيث كانت ترى أن إلمام أفراد الأسرة بالقراءة والكتابة يعتبر مؤشرًا هامًا على النجاح التعليمى لأطفالهم في المستقبل ويؤثر على الأجيال القادمة. وجاكلين كيندى، بعد اغتيال زوجها جون كيندى في عام 1963، تركت واشنطن إلى مانهاتن واشترت شقة هناك إلا أن دخلها كان قليلًا جدًا نحو 10 آلاف دولار في السنة من الكونجرس كأرملة رئيس، و50 ألف دولار في السنة من استثمارات كينيدى و10 ملايين دولار تركها جون باسم العائلة وكانت تدر عليها سنويا 200 ألف دولار، وقد عرض عليها ليندون جونسون مركز سفيرة في باريس لكنها رفضت العرض، وفضلت أن تعيش حياة حرة مع ولديها بعيدة عن كل الأضواء. وتزوجت في أكتوبر 1968 من الملياردير اليونانى أرسطو أوناسيس وعرفت جاكى كيف تتحول من امرأة رئيس إلى زوجة مليونير، حيث دام هذا التحول سبع سنوات، حيث توفى في مايو 1975، في باريس، وبعد ستة أشهر على وفاته، قبلت جاكى العمل رئيسة تحرير في «فايكنج برس» مقابل 20 ألف دولار في الأسبوع، وانتقلت إلى دار نشر أخرى هي «دابلداى» لتعمل فيها رئيسة للتحرير أيضا حيث بقيت فيها حتى وفاتها في 1994.