«تشريعية النواب» توافق نهائيًا على تعديل قانوني مجلس النواب وتقسيم الدوائر الانتخابية    أسعار النفط تهبط 1% بعد تقرير عن مناقشة أوبك+ زيادة الإنتاج    كامل الوزير: تأهيل ترام الرمل سيقلل زمن الرحلة من 60 دقيقة إلى 35 فقط    «القابضة لمياه الشرب» تنفذ مشروعات بقيمة 8.5 مليار جنيه خلال 2023-2024    رئيس اتحاد المحامين العرب يُدين جرائم الاحتلال في غزة وجنين    مباشر مباراة الأهلي والمنتدى المغربي في نصف نهائي الكؤوس الأفريقية لكرة اليد    الامتحان صعب.. آراء طلاب الأول الثانوي بسوهاج عقب أداء العلوم المتكاملة "فيديو"    مراجعة مادة الرياضيات للصف الثالث الإعدادي 2025 الترم الثاني (فيديو)    «غزال» و«أبو نسب».. القبض على شخصين بتهمة الاتجار في المواد المخدرة بالدقهلية    إصابة 4 أشخاص فى مشاجرة بسبب خلافات الجيرة بالفيوم    السيسي يستقبل الرئيس التنفيذي لشركة «شل» العالمية    وزير التموين يبحث تعزيز التعاون التجاري مع السفير البلغاري    الجامعة العربية: فقدان التنوع البيولوجى تهديد مباشر لرفاهية الإنسان وأمن المجتمعات    مصر القومي: التعديلات المقترحة على قوانين انتخابات مجلسي النواب والشيوخ تُعد محطة مفصلية ضمن مسار التطوير السياسي    بعد حادث واشنطن.. صحيفة عبرية توجه اتهامات ل «الموساد» (ما القصة؟)    مؤيد لفلسطين وتبرع لحملة بايدن.. من هو مطلق النار على موظفي سفارة إسرائيل ب واشنطن؟    حيش الاحتلال ينذر سكان 14 حيا في شمال غزة بالإخلاء تمهيدا لتوسيع عملياته العسكرية    عاجل- وزير الخارجية الإيطالي: إسرائيل تنتهك القانون الإنساني وندعم المقترح المصري لإعمار غزة دون تهجير    وزير الخارجية والهجرة يلتقى مع المفوض الأوروبي للصحة    معاريف: إطلاق النار بواشنطن ثاني فشل ل الموساد خلال عام    «التضامن» تقر قيد 6 جمعيات فى 4 محافظات    إمام عاشور يغادر المستشفى.. وفحص طبي جديد في مران الأهلي    طلاب الصفين الأول والثاني الثانوي بالمنيا يؤدون امتحانات الفصل الدراسي الثاني    راتب 28 ألف جنيه شهريًا.. بدء اختبارات المُتقدمين لوظيفة عمال زراعة بالأردن    "التميز في النشر العلمي الدولي" ورش عمل بجامعة حلوان    بعد الزيادة الكبيرة في عيار 21.. سعر الذهب اليوم الخميس 22 مايو 2025 بمنتصف التعاملات    البدء في تصحيح أوراق امتحانات الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بمطروح    محافظ القاهرة يُسلّم تأشيرات ل179 حاجًا (تفاصيل)    تعدى على الملكية الفكرية.. سقوط مدير مطبعة غير مرخصة في السلام    ارتكبوا 4 جرائم مشابهة.. القبض على لصوص المساكن في الحي الراقي    الكشف اسم وألقاب صاحب مقبرة Kampp23 بمنطقة العساسيف بالبر الغربي بالأقصر    الأحد.. وزير الثقافة يدشن تطبيق "ذاكرة المدينة" الخاص بجهاز التنسيق الحضاري    الليلة.. قصور الثقافة تقيم معرض تجربة شخصية بالعريش ضمن مشروع المعارض الطوافة    الأوقاف تشارك في ورش عمل لتصحيح السلوكيات والممارسات الصحية خلال عيد الأضحى    وزير الصحة يُهنئ رئيس هيئة «الاعتماد والرقابة» لحصوله على جائزة الطبيب العربي ل2025    المستشفيات الجامعية تنظم الاحتفالية السنوية لنظافة الأيدي احتفالا باليوم العالمي    عاصي الحلاني يختتم مهرجان القبيات الفني في لبنان أغسطس المقبل    الزمالك في مواجهة نارية ضد الترجي بنصف نهائي كأس الكؤوس الإفريقية لليد    جدول ترتيب الدوري السعودي قبل مباريات اليوم    تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام الاتفاق في الدوري السعودي    بطولة أحمد داش.. الفيلم الأقل جماهيرية في شباك تذاكر السينما    سعر الدولار اليوم الخميس 22 مايو 2025 في البنك المركزي    تقرير رسمى: تحصين أكثر من 4.5 مليون طائر منذ بداية العام وحتى الآن    دوري أبطال إفريقيا.. بيراميدز يشارك في حفل "كاف" للكشف عن الشكل الجديد لكأس الأبطال    الحكومة تعلن تعديل قانون التعليم في مصر| 12 سنة إلزامية    «فولكانو ديسكفري»: نشاط زلزالي محتمل في الإسكندرية أو القرب منها    هبة مجدي بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسي: فرحت من قلبي    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    لماذا زادت الكوارث والزلازل خلال الفترة الحالية؟.. أمين الفتوى يوضح    مجلس الشيوخ الأمريكي يعتزم التحقيق في هوية الشخص الذي أدار البلاد بدلا من بايدن    الفيلم الوثائقي الأردني "أسفلت" يفوز بجائزة في مهرجان كان السينمائي 2025    المستشار عبد الرزاق شعيب يفتتح صرحا جديدا لقضايا الدولة بمدينة بورسعيد    سامر المصري: غياب الدراما التاريخية أثَّر على أفكار الأجيال الجديدة    الزمالك يُكثف استعداداته لمواجهة بتروجت في دوري نايل    امتدح بوستيكوجلو دون ذكر اسمه.. صلاح يهنئ توتنهام بعد التتويج بالدوري الأوروبي    الاسم زوج..والفعل «مستعار»    خالد الجندي: الصلاة في المساجد التي تضم أضرحة «جائزة» بشروط شرعية    الجمعة 6 يونيو أول أيام العيد فلكيًا.. والإجازة تمتد حتى الاثنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الجنيه".. ارحموا عزيز قوم ذل
نشر في البوابة يوم 21 - 03 - 2016

في أحد البرامج الساخرة - مجازًا - تسأل المذيعة، وهى شخصية كرتونية، عما فعله الدولار في الجنيه، فتأتى إجابات الجمهور المتواجد داخل الاستديو في نهاية الحلقة بأن الدولار «فشخ» الجنيه، ربما كان هذا التعبير هو الأكثر أدبا وحياء.
قد تضحك، قد تشمئز، ولكن المؤكد أن الجنيه المصرى يعيش أسوأ حالاته الاقتصادية منذ عقود، بعد أن خفَض البنك المركزى المصرى قيمة الجنيه المصرى رسميا بنسبة 14.3٪ ليصبح سعر بيع الدولار في البنوك 8.95 جنيه بدلا من 7.83 جنيه.
من الناحية الاقتصادية كانت مصر منذ مائة عام أفضل مما هي عليه الآن، كانت عملتها الرئيسية أشد تأثيرًا من الوهن الذي أصابها الآن.
أن تقلب بين الجرائد التي ظهرت قبل مائة عام ولا تزال تصدر كل صباح حتى اليوم - الأهرام نموذجًا - أن تقرأ مذكرات النجوم والساسة التي تحكى شكل مصر خلال عقود مضت، أن ترجع بالذاكرة كيف كانت الحياة خلال ثورات 1919 ثم 1952 وانتصار 1973 وصولًا إلى يناير 2011 لتقرأ مؤشرات الحياة في مصر، قد ترى أن المعادلة غير منصفة والمقارنة شبه ظالمة خاصة في ظل الزيادة السكانية خلال العقود الأخيرة، لكن تبقى رحلة الجنيه المصرى خلال 100 عام كاشفة.. وصادمة.
الجنيه.. أول الحكاية
منذ بداية تداول العملات الذهبية والفضية في مصر وحتى عام 1834م، لم تكن هناك وحدة نقدية محددة تمثل أساسًا للنظام النقدى في مصر، بل لم يكن يسك سوى عدد قليل من العملات، وفى عام 1834 صدر مرسوم خديوى بشأن مشروع قانون برلمانى لإصدار عملة مصرية جديدة تستند إلى نظام المعدنين (الذهب والفضة)، ليحل محل العملة الرئيسية المتداولة آن ذاك وهو القرش. بموجب هذا المرسوم أصبح سك النقود في شكل ريالات من الذهب والفضة حكرًا على الحكومة، وفى عام 1836 تم سك الجنيه المصرى وطُرح للتداول.
ونظرًا لعجز دور السك المصرية عن تلبية احتياجات المعاملات الكبيرة والتجارة الخارجية، وبسبب استخدام عملات أجنبية لهذا الغرض فلقد تم تحديد أسعار الصرف بقوة القانون بالنسبة للعملات الأجنبية المقبولة في تسوية المعاملات الداخلية، ولقد أدت التقلبات في قيمة الفضة إضافة إلى اعتماد معيار الذهب من جانب معظم الشركاء التجاريين لمصر، خاصة المملكة المتحدة، إلى تطبيق معيار الذهب وذلك على أساس الأمر الواقع، وبعد ما يقرب من ثلاثين عامًا من تطبيق نظام المعدنين.
واصل القرش تداوله بحيث يعتبر 1/100 من الجنيه، مُقسمًا إلى 40 «بارة»، وفى عام 1885 أوقف إصدار البارة، وأعيد تقسيم القرش إلى عشر أجزاء سميت ب«عشر القرش»، حتى تم تغيير الاسم في عام 1916 إلى «مليم».
أصدر البنك الأهلي المصرى الأوراق النقدية لأول مرة في 5 يناير 1898. وتم توحيد البنك المركزى المصرى والبنك الأهلي المصرى في البنك المركزى المصرى في عام 1961، قد تجد داخل محفظة والدك 5 جنيهات خضراء اللون من إصدار البنك الأهلي المصرى عام 1952 على ظهرها صورة شهيرة للقلعة.
كما ذكرت فإن الإصدار الأول للجنيه المصرى كان عام 1898، وتحديدًا في الخامس من يناير، وليس عام 1899 كما هو شائع.. تم إصدار سبعة أشكال مختلفة من الجنيه المصرى ليحل الثامن بشكله المعدنى المألوف هذه الأيام، ولا يزال الجنيه الورقى الذي يحمل على وجهه مسجد قايتباى وظهره معبد أبوسمبل تحت التداول أيضًا رغم قلة الكميات المطبوعة منه، في عهد الملك فؤاد الأول تغير شكل الجنيه للمرة الأولى من اللون البرتقالى إلى الأزرق والبنى ليحمل وجهه رأس أبوالهول وفى الخلف صورة لأحد المساجد باللون الأخضر، بعد قيام ثورة يوليو، تم تغييره 3 مرات، ففى عام 1952 تم تغيير الوجه الأول للجنيه بالشكل القديم الذي صدر في عهد الملك فؤاد الأول مع الإبقاء على معبد إيزيس في الوجه الآخر، وفى عام 1963 تم الإبقاء على الوجه الأول واستبدال معبد إيزيس بزخرفة إسلامية، وفى عام 1968، شهد الجنيه تغيرًا جديدًا حيث ظهر مسجد قايتباى على وجهه الأول وفى الخلف معبد أبوسمبل وهو الشكل الذي تم تطويره نسبيًا في الجنيه الورقى المتداول حاليًا.
وليس صحيحًا ما يقال حول ظهور فئات العشرين والخمسين والمائة جنيه عقب الانفتاح الاقتصادى في سبعينيات القرن الماضى إبان حكم الرئيس الراحل أنور السادات، بالعودة إلى متحف العملات المصرية يمكنك الاطلاع على التواريخ الصحيحة لظهور هذه الفئات، مثلا صدرت أول ورقة فئة الخمسة جنيهات في 10 يناير عام 1899 - بعد خمسة أيام فقط من إصدار الجنيه - كما صدرت الفئة الأولى من العشرة جنيهات في 1 يناير 1912، أما فئة العشرين جنيهًا فهى بالفعل ظهرت عام 1977 وتحديدًا يوم 15 مايو، وهذا هو سبب «اللبس» الرئيسى لدى قطاعات واسعة من الناس بأن الفئات الأكبر مثل الخمسين والمائة جنيه ظهرت في نفس التوقيت، ولكن الصحيح أن ظهور الخمسين جنيه للمرة الأولى كان عام 1904، وتحديدًا في 21 مارس، أما فئة المائة جنيه فصدرت في 15 يناير 1899.
لا بد أيضا أن تعرف سبب تسمية الجنيه، نظرًا لأن مصر كانت تحت الاحتلال البريطانى عند إصدار الجنيه، فقد طغت المسميات البريطانية على العملات المستخدمة بمصر منذ ذلك الحين، فمثلًا تسمية الجنيه ليست عربية وإنما هي إنجليزية لعملة إنجلترا التي كانت متداولة منذ أربعمائة عام مضت وهى Guinea «ينطق: جِنى بالجيم المصرية»، ومع أن الجنيه الإنجليزى كان غير مستخدم عند إصدار الجنيه المصرى، إلا أنه كان مساويًا له تقريبًا من حيث الوزن.
يقسم الجنيه إلى مائة قرش، وهو العملة المتداولة في الدولة العثمانية، يقسم القرش إلى عشرة مليمات، ومفردها مليم، وهى وحدة قياس عددية باللغة الفرنسية Millieme وتعنى واحد من الألف، حيث إن الجنيه مكون من ألف مليم.
الجنيه يشترى إيه؟
ما سبق هو اللمحة التاريخية للجنيه، إن لم يكن لديك «جد» يحكى لك عن القيمة الشرائية للجنيه أيام زمان، فاسمح لى أن أحكى لك ما كتبه سمير خفاجى ثانى مؤسس للمسرح الخاص بعد مؤسسه الأول الفنان الكبير يوسف وهبى في مذكراته التي ينشرها الصحفى أكرم القصاص على حلقات متتابعة في مجلة روزاليوسف، يقول سمير خفاجى: «كانت المرة الأولى التي ألتقى فيها السيدة «أم كلثوم» وجها لوجه من خلال حفل زفاف ابن عمتى.. وأراد الجد - وكان مسموع الكلمة وله هيبة في الأسرة - أن يوفر لابنه كل أسباب البهجة في حفل زواجه فتعاقد مع الآنسة أم كلثوم، وقام جدى باستئجار أكبر فنادق طنطا في ذلك الوقت واسمه فندق الأقصر لكى ينزل فيه «المعازيم»، وقبل الفرح بيوم أخذنى جدى إلى محل «شيكوريل» واشترى لى بدلة فاخرة اسمها «إيتون» وهو اسم اشتهر في هذا الزمان، أما سعر البدلة فكان فلكيًا بلغ 22 جنيها، وكانت أفخر بدلة لا يتعدى سعرها 3 أو 4 جنيهات، ولكن جدى قال لى: لا بد أن تكون في أكمل صورة، وقام أيضا بشراء حذاء ثمنه 2 جنيه بالتمام والكمال وهو مبلغ خرافى بالنسبة للحذاء.
وفى يوم الفرح حضرت نجمل الحفل الآنسة أم كلثوم وقامت بتوزيع «نقطة» على العريس بلغت 20 جنيهًا، وكان أجر «أم كلثوم» نظير الحفل هو 100 جنيه.. يكمل سمير خفاجى قائلا «يعنى ما وصل أم كلثوم كان 80 جنيها وكان هذا المبلغ يكفى لشراء أفخر أنواع السيارات عام 1940»!
هل علمت الآن كيف كانت قيمة الجنيه في أربعينيات القرن الماضى، هل حزنت على ما وصل إليه الجنيه، دعنى أحزنك أكثر وأكثر، لنقلب معا في أسعار جريدة الأهرام منذ صدورها وحتى اليوم.. صدرت الأهرام في يوم السبت 5 أغسطس سنة 1876، كان اشتراك «الأهرام» في أول صدورها بالإسكندرية، ثلاثة وعشرون فرنكا في السنة، أما في مصر وسائر الأرياف الخديوية، فكان 25 فرنكًا سنويًا، كذلك في الأستانة العليا وسوريا وسائر الأرياف الخديوية، فكان 25 فرنكًا سنويًا، وكذلك في سائر ممالك المحروسة.
وفى أوروبا والجزائر وتونس والهند ب30 فرنكا سنويا، بينما كان ثمن نسخة الأهرام ذات الأربع صفحات «نصف فرنك».
بالطبع أنت تتساءل الآن عن سعر الفرنك حينها.. أجيبك أن النصف فرنك يساوى 2 قرش صاغ!
دعنى أسير بآلة الزمن إلى الأمام بعض الوقت، فمثلًا في عهد الراحل الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل إبان توليه رئاسة تحرير الأهرام عام 1963 كان سعر الجريدة 15 مليمًا، وفى عهد السادات كانت الأهرام تباع ب20 مليمًا، تحديدًا في 10 يناير من عام 1974، وكان يشغل منصب رئيس التحرير الأستاذ «هيكل» أيضا.
في 10 يوليو 1979 زاد سعر جريدة الأهرام إلى 30 مليمًا، وفى عهد مبارك وبعد عامين فقط من توليه الحكم ارتفع سعر الأهرام ليصل إلى 50 مليمًا وكان ذلك في الأول من يناير 1983، شهدت فترة الرئيس الأسبق «حسنى مبارك» انتكاسات اقتصادية متتابعة، لاحظ معى الزيادات المتتالية في أسعار الجريدة الأهم في مصر، في 1 نوفمبر 1985 تضاعف سعر الأهرام مرة واحدة ليصل إلى 100 مليم، وبعدها بعام واحد فقط تضاعف مرة أخرى سعر الجريدة ليصل إلى 20 قرشًا (يساوى 200 مليم) وفى عام 1990 وصل سعر الأهرام إلى 25 قرشًا، ثم تضاعف مجددًا إلى 40 قرشًا عام 1994، عام 1998 وفى عهد الأستاذ «إبراهيم نافع» شهدت الأهرام زيادة غير طبيعية في سعر الجريدة مرتين في نفس العام، بل وفى نفس الشهر!
ففى 10 مايو 1998 وصل سعر الجريدة إلى 50 قرشًا وبعدها بخمسة أيام فقط زاد إلى 75 قرشًا، ومع دخول الألفية الجديدة واصل سعر الجريدة الارتفاع ليصل إلى 100 قرش (جنيه واحد) ثم ارتفع السعر ليصل إلى 125 قرشًا عام 2006، وبعد ثورة يناير واصل ارتفاعه ليصل في 14 مارس 2014 إلى 150 قرشًا، وفى 15 مارس 2015 كتبت الأهرام رسالة رقيقة إلى قرائها جاء فيها «إزاء استمرار زيادة التكاليف الثابتة والمتغيرة، فإن مؤسسة الأهرام والصحف القومية والخاصة تجد نفسها مجبرة على استئذان القراء في رفع أسعارها، كما أن المؤسسات الصحفية القومية ليس لها من سند في تسيير أمورها سوى أدائها المالى ومساندة قرائها لها، وبالتالى فإنها اضطرت إلى بحث موضوع زيادة سعر الصحف لمواجهة الزيادة الضخمة في تكاليف الطاقة واستيراد المستلزمات.
وقد اتفقت إدارة الصحف القومية والخاصة، على أن يتم رفع سعر العدد اليومى إلى جنيهين، وبناء على ذلك، سيرتفع سعر الأهرام اليومى بداية من اليوم 15 مارس 2015 إلى جنيهين، وتخفيفًا على القراء الأعزاء، فإن العدد الأسبوعى لجريدة الأهرام سيبقى سعره ثابتًا ومماثلًا لسعر العدد اليومى، برغم أن تكلفته تبلغ ثلاثة أمثال هذا السعر».
الآن بين يديك تقريبًا رحلة الجنيه منذ أربعينيات القرن الماضى وحتى اليوم، لن يفوتنى بالطبع أن أحكى لك كيف كان الجنيه في بداية القرن الماضى.. يمكن أن نضع الأجور أيضًا كوحدة قياس مهمة، هل تسمح لى أن أذيع عليك بعض رواتب رؤساء التحرير في النصف الأول من القرن العشرين وتحديدًا عام 1935.. كما أن هؤلاء الذين أتذكر أسماءهم ليسوا من هواة الصحفيين - أبناء اليوم - ولكنهم عمالقة الصحافة والأدب في الوطن العربى، فتش معى فيما كتبته السيدة فاطمة اليوسف في مذكراتها الشخصية التي تحمل عنوان «مذكرات فاطمة اليوسف» في الجزء المتعلق بإصدار الجريدة الورقية تقول: «بدأت في رحلة البحث عن رئيس للتحرير، فكرت في الأستاذ فكرى أباظة وحين اتصلت به قال أنا عضو في الحزب الوطنى ولا يمكن أن أصبح رئيسا لتحرير جريدة ناطقة بلسان الوفد».
وبعد اعتذار فكرى قام بعض أصدقائها بترشيح الدكتور محمود عزمى لرئاسة تحرير الجريدة، وكان في ذلك الوقت من أهم كُتَّاب صحيفة الجهاد - صحيفة حزب الوفد - ووافق مقابل راتب شهرى قدره ستون جنيهًا، فضلًا عن خمسين قرشًا عن كل ألف نسخة توزع بعد العشرة آلاف نسخة الأولى ثم فكرت أن أضم الأستاذ عباس العقاد أيضا إلى أسرة الجريدة وبعد محاولات عديدة وافق العقاد على أن يكون راتبه 80 جنيهًا شهريا.
أما حكايتها مع الفن والتمثيل في بداية القرن العشرين وتحديدًا عام 1912 تحكى عن ترك الفنان «عزيز عيد» حينما استقال من فرقة جورج أبيض، واستأجر مسرح «برنتانيا» مكان سينما «كايرو بالاس»، وبدأ يقدم مسرحية مع تلاميذه، كان من ضمن «شلة» عزيز عيد الفنان «نجيب الريحانى» الذي تخلى عن «عيد» بسبب قلة الإيرادات والتحق فيما بعد بكباريه به راقصات أجنبيات وعرض عليه صاحب الكباريه مبلغ 25 جنيهًا راتبًا شهريًا مقابل تأليف روايات من نوع روايات عزيز عيد مع تحريفها لضمان إقبال جمهور الكباريهات عليها من المصريين والإنجليز على حد سواء!
الجنيه VS الدولار
تم تثبيت سعر الصرف الرسمى مع العملات الأجنبية المهمة بقوة القانون، مما أعطاه قبولا في المعاملات الداخلية، وقد أدى هذا لتقييم الجنيه المصرى عن طريق معايير الذهب المتعارف عليها آن ذاك، بحيث كان الجنيه المصرى يساوى 7.4 جرام من الذهب، واستخدم هذا المعيار ما بين عام 1885 وحتى اندلاع الحرب العالمية الأولى في عام 1914، حيث تم ربط الجنيه المصرى بالجنيه الإسترلينى بحيث كان الجنيه الإسترلينى يساوى 0.975 جنيه مصري.
وبلغت قيمة الجنيه في عهد الملك فاروق «1936/1952» نحو 4 دولارات، وبعد قيام ثورة يوليو، واصل الجنيه تراجعه أمام الدولار الأمريكى ليبلغ في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، «1954/1970»، نحو 2.5 دولار.
ظل الجنيه المصرى مرتبطًا بالجنيه الإسترلينى حتى عام 1962، حيث تم ربط الجنيه بالدولار الأمريكى عند مستوى 2.3 دولار لكل جنيه مصرى، ثم تغير سعر الصرف في عام 1973 إلى 2.5 دولار لكل جنيه مصرى بعد انهيار الدولار عقب حرب أكتوبر، وفى عام 1978 تغير سعر الصرف إلى 1.4 دولار لكل جنيه مصرى (1 دولار يساوى 0.7 جنيه مصري) حتى ذلك الوقت كانت قيمة الدولار الأمريكى لم تتخط الجنيه المصرى على الرغم من انخفاض قيمة الجنيه المصرى، وتم تعويم الجنيه جزئيًا العام 1989 بحيث أصبح الدولار يساوى 3.3 جنيه، ومع ذلك كان البنك المركزى مسيطرًا على الصرف الأجنبى بحيث يحافظ على قيمة شبه ثابتة للجنيه، إلى أن تم تعويم الجنيه بشكل كامل في العام 2003، فشهد تراجعًا بقيمته ليصل إلى حدود 5.50 جنيه. وبعد ثورة 25 يناير وما تلاها من تراجع في الأداء الاقتصادى والمالى، واصل الدولار ارتفاعه أمام الجنيه ليسجل مستويات قياسية لم يحققها من قبل، بعدما وصل إلى 6.19 جنيه، في ظل تراجع الاحتياطي النقدى من العملات الأجنبية الذي بلغ في نهاية عام 2012 نحو 15 مليارًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.