"الحال واقف.. ومفيش شغل ومراتب الإسفنج خربت بيتنا"، بهذه الكلمات عبر خميس شنح، منجد مراتب قطنية في شارع المنجدين بغرب مدينة كفر الشيخ، عما آلت إليه مهنة الآباء والأجداد. وأضاف: "ورثت المهنة أبًا عن جد وتعمل بها العائلة منذ 90 سنة، ولكن الاّن بعد أن كانت جميع العائلة تعمل منجد قطن، هجرها الكثيرون بسبب ضيق الحال وعزوف المواطنين عن التنجيد، وإقبالهم على شراء المراتب الإسفنجية الجاهزة". وتابع محمد شعبان "منجد":-" كانت هذه المنطقة تعج بعشرات المنجدين والعاملين معهم، حتى أطلق عليها (منطقة المنجدين)، وكنا نعمل طوال اليوم منذ الصباح الباكر وحتى المساء، في تجهيز مراتب العرسان وإعادة تنجيد المراتب التالفة، وكانت تطلق الزغاريد من حولنا، حينما كان يحضر أهالي العريس والعروسة لاستلامها، أما الاّن فقد تحول الحال للنقيض تمامًا، منذ طرح المراتب الاسفنجية في الأسواق المصرية منذ ال5 سنوات الماضية وخاصة العامين الأخيرين، بعد أن تحولت بيوت الريف هي أيضًا لسوق المراتب الإسفنجية في استسهال وعدم معرفة بأهمية المراتب القطنية للصحة". وأضاف أحمد الشوادفي "منجد":- "أعمل في هذه المهنة منذ 30 سنة، ولكن للأسف الناس لا تعرف خطورة المراتب الإسفنجية على الصحة، وأقول هذا الكلام ليس تحيزًا لمهنتي، ولكن لمعرفتي التامة بما أقوله". وأوضح الشوادفي أن الإسفنج نوعان طبيعي ويأتي من البحر وهذا غالي الثمن جدًا بسبب ندرته واقتصار شرائه على الأثرياء وساكني القصور الملكية والرئاسية فقط، أما النوع الثاني فهو الإسفنج الصناعي المصنوع من مواد كيماوية وهو ضار بالصحة والبيئة. ويوضح حمدي سالم" منجد": "إن متوسط عمر المرتبة الإسفنجية لا تتعدي ال6 سنوات وتتلف بعدها تمامًا ولا يعاد تصنيعها أو استخدامها مرة ثانية، كم يحدث في القطن الذي يمتد عمر المرتبة ل25 سنة ويعاد الاستفادة من القطن الموجود بها مرة ثانية، وأن معظم العمل في التنجيد الاّن يعمل على اعادة تأهيل المراتب القطنية التالفة. ويقارن "سالم" الفارق السعري بين المراتب "الإسفنج " والقطن" قائلًا: الإسفنج تبدء من 600 جنيه وحتى 3 آلاف جنيه، بينما يصل سعر المرتبة الكبيرة القطنية من قماش ونمور وقطن ومصنعية ل 300 جنيه والصغيرة ل 250 جنيها، في حين أن تكلفة المصنعية حال شراء الزبون الخامات 40 جنيه فقط للمرتبة و10 جنيه للوسادات. وفجر أصحاب مهنة التنجيد مفاجأة بأن سبب انهيار صناعة القطن ومهنة التنجيد وغلق المحالج هي الزراعة التي استوردت تقاوي بذرة قطن فاسدة، أدت إلى أن القطن المصري وأصبح قصير التيلة بعد أن كان طويل التيلة وأصبح الإنتاج ضئيلا جدًا حتى اضطر المزارعون لتركه في الحقول حتى لا يتكبدوا مصروفات باهظة في جني محصول وهمي. وأضاف: "أن معظم المحالج الحكومية أغلقت بفعل فاعل لصالح المحالج الخاصة والتي استولت على القطن المصري وتحكمت في سعره وباعت الأجود من تصدير للدول الأوروبية والعربية وتركت القطن فرز تاني وثالث للسوق المصرية، مؤكدين أن بعض المحالج تشتري من كبار التجار القطن الفرز لبيعه في الأسواق وللحكومة. كما كشف ربيع فتحي "منجد" أن معظم المراتب الاسفنجية الموجودة حاليًا في السوق المصرية، تصنيع محلي وليس مستورد "أمريكي -تركي – الماني"، وحتى مصنع العاشر من رمضان لم تعد تبيع في السوق المصري الإ قليلًا وتعتمد على التصدير، كما أن معظم المصانع المحلية تضع علامات تجارية مضروبة -على حد قولهم-. وألمح "فتحي" أن الدول الأوروبية تصنع المراتب الإسفنجية لصالح الفنادق والمنتجعات وغيرها والآن بدأوا يعاودون شراء المراتب القطنية، بعد أن أثبتت فوائدها الصحية ومساوئ المراتب الإسفنجية. وأكد العاملون في مهنة التنجيد، أن معظم الصنايعية والعمال هجروها لمهن أخرى ومنها المعمار والعمل سائقين "توك توك"، وغيرها بسبب الكساد في المهنة الذي لاحقهم وتقلص عددهم من بضعة مئات ل40 فردا فقط حتى باتت المهنة مهددة بالانقراض.