القدس، مملكة الجنة، حاضنة مقدسات الأديان السماوية، المدينة الدينية العريقة التاريخية، شاهدة على تاريخ الإنسانية وعلى أرضها تسابق وتنافس الجميع عليها، أنها الأرض العربية، كانت ولا تزال وستبقى عربية، مهما تعرضت لمحاولات طمس معالمها وثقافتها، فهى قادرة على فرض ثقافتها ولغتها بل وماضيها، أنها زهرة المدائن ومدينة السلام. أنها أرض المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة أبرز معالم مدينة القدس، والتي شهدت معراج النبي (صلى الله علية وسلم) من الصخرة المقدسة إلى السموات العلى، وثالث أقدس الأماكن عند المسلمين بعد مكةوالمدينةالمنورة - وكانت قبلة المسلمين الأولى، قبل أن تتحول القبلة إلى الكعبة في مكةالمكرمة. كما أنها الأرض المقدسة لدى المسيحيين، حيث عاش فيها المسيح عليه السلام، وبها كنيسة القيامة، وبرج القلعة ببلدة القدس القديمة، وباب العمود أو باب دمشق أهم بوابات بلدة القدس القديمة وأجملها على الإطلاق، ومسجد عمر بن الخطاب الذي يقع في مواجهة الباحة الجنوبية لكنيسة القيامة، وصلى فيه عمر بن الخطاب، خليفة المسلمين الثاني، عندما جاء القدس ليتسلم مفاتيحها من البطريرك صفرنيوس، وغيرها من الأماكن المقدسة. ولم تشهد مدينة على الأرض صراعا كما شهدته مدينة القدس، فقد تعرضت خلال تاريخها الطويل، للتدمير مرتين، وحوصرت 23 مرة، وهوجمت 52 مرة، كما تم غزوها أكثر من 44 مرة، وجاءتها الجيوش من شتى بقاع الأرض، ومات من أجلها الأف البشر، ودائما هي محور الاهتمام ومحط الانظار منذ أن شيدت المدينة منذ الألفية الرابعة قبل الميلاد. ورغم تاريخ المدينة القديم والعريق جدا وتميزها بالمقدسات الدينية، تبقى قبة الصخرة أهم معالمها، وهى أحد أجزاء المسجد الأقصى المبارك، وبنى هذه المسجد والقبة الخليفة عبد الملك بن مروان، حيث بدأ في بنائها عام 66 هجريا، وانتهى منها عام 72 هجريا، وقبة الصخرة عبارة عن بناء مثمن الأضلاع له أربعة أبواب، وفي داخله تثمينة أخرى تقوم على دعامات وأعمدة أسطوانية، في داخلها دائرة تتوسطها "الصخرة المشرفة" التي عرج منها النبى محمد صلى الله علية وسلم. وترتفع هذه الصخرة نحو 1، 5 متر عن أرضية البناء، وهي غير منتظمة الشكل يتراوح قطرها بين 13 و18 مترا، وتعلو الصخرة في الوسط قبة دائرية بقطر نحو 20 مترا، مطلية من الخارج بألواح الذهب، ارتفاعها 35 مترا. وعندما يدخل الزائر إلى مدينة القدس يشعر كأنه جزء من المكان، فهى ليست بالغريبة، رغم وجود الإحتلال ومحاولته فرض واقعه واستيطانه بالقوة، ومحاولته كذلك صبغ كل أركان المدينة بمشروعه الصهيوني، إلا أن الزائر سينجح في النهاية في إيجاد ما يبحث عنه ويبحر في التاريخ القديم، بفضل ما تحتويه هذه المدينة من ميزة هامة، وهى ثقافتها العربية الخالصة. ومازالت الطرقات القديمة الضيقة قبل الوصول لساحة المسجد الأقصى وقبة الصخرة كما هي منذ قرون، ولا يوجد بها مكان ولا يشغله أحد الباعة بمنتجات وصناعات مقدسية محلية،، ورغم ضيق الطرقات وصعوبة السير من الزحام، إلا أن الزائر يشعر بالسعادة الغامرة وهو على خطوات بسيطة من الوصول لساحات المسجد الأقصى، ولا يعوقها سوى وجود بعض قوات الأمن الإسرائيلي على بوابات الساحات الخاصة بالحرم المقدسي. وكما كانت مدينة القدس شاهدة على التاريخ القديم للإنسانية والصراعات والحروب لقرون، هي شاهدة - أيضا - على ما يحدث الآن من مصادمات ووقوع شهداء من الفلسطينيين جراء التعامل الأمني العنيف من قبل الاحتلال. نعم سيصلي المسلم في مسجده والمسيحى في كنيسته، ولكن سيبقى في الضمير الأحساس بالظلم الواقع على القدس ومحاولات تهويده واستمرار الحفريات تحت مقدساته، نعم يعانى الفلسطينيين من الظلم والقهر وهو يرى مقدساته مهدده، ويمارس عليه كل الضغوط من أجل التخلى عن قضيته والدفاع عن المدينةالقدس. ويقول محمد أحمد حسين مفتي القدس والديار الفلسطينية إن القدس ستبقى ضمير الإنسانية وشاهدة على الظلم الواقع على أبناء الشعب الفلسطيني، والذي يقاوم من أجل الحفاظ على مقدساته وتراثه وأرضه. وأضاف أن القمة الإسلامية الاستثنائية الخامسة حول فلسطينوالقدس الشريف والتي عقدت في إندونيسيا خلال الشهر الجاري، أصدرت عدة قرارات لحماية القدس والتصدى للاستيطان، متمنيا أن تترجم هذة القرارات إلى أفعال لإنقاذ الشعب الفلسطيني ومقدساته. وأكد أن الشعب الفلسطيني يتعرض لضغوط اقتصادية وأمنية عنيفة من قبل الاحتلال إضافة إلى استباحة المقدسات والأرض ونصب الحواجز والتضييق السياسي وبالتالى يؤدى ذلك إلى انفجار الوضع كل فترة، وهو ما حدث الأسبوع الماضي. ومن جانبه قال الدكتور حنا عيسى الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات إن الانتهاكات المستمرة للمقدسات الإسلامية بالقدس والتعامل الأمنى العنيف وسحب الهويات من المصلين إضافة إلى الحفريات والمشاريع التهويدية؛ يؤدى إلى تفجير الوضع في القدس وحدوث مصادمات وسقوط شهداء فلسطينيين. وأضاف أن الشعب الفلسطيني ينوب عن الأمة العربية والإسلامية الدفاع عن مقدسات المسلمين والمسيحيين في القدس، وسيبقى مدافعا عن قضيته وعروبته، مؤكدا أنه يجب على الدولة الفلسطينية التوحد وإنهاء أي انقسام داخلى لمواجهة التحديات الحالية والدفاع عن أرضه ومقدساته. وأشار إلى أن المنطقة العربية تعاني - حاليا - من مشاكل عديدة وقضايا معقدة وهو ما ساهم في زيادة الضغوط النفسية على المقدسيين والذين يواجهون تحديات كبيرة، ويجب على العالم الإسلامي والعربي التوحد ونبذ الخلافات.