لم يكن القرار الذى أصدره مجلس التعاون الخليجي، صباح أمس الأربعاء، باعتبار ميليشيات حزب الله بكافة قادتها وفصائلها والتنظيمات التابعة لها والمنبثقة عنها، منظمة إرهابية، مفاجئا فى ظل التصعيد الكبير بين دول مجلس التعاون وخاصة السعودية، وميليشيات حزب الله الشيعية «يد إيران العابثة بأمن الخليج والوطن العربي»، لكنها نتيجة حتمية لممارسات رجال حزب الله. قرار مجلس التعاون الخليجى نص أيضا على أن دول المجلس اتخذت هذا القرار، جراء استمرار الأعمال العدائية التى يقوم بها عناصر تلك الميليشيات لتجنيد شباب دول المجلس للقيام بالأعمال الإرهابية، وتهريب الأسلحة والمتفجرات، وإثارة الفتن، والتحريض على الفوضى والعنف فى انتهاك صارخ لسيادتها وأمنها واستقرارها. وأكد المجلس أنه يعتبر ممارسات ميليشيات حزب الله والأعمال الإرهابية والتحريضية التى تقوم بها فى سوريا واليمن والعراق تتنافى مع القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية والقوانين الدولية، وتشكل تهديدا للأمن القومى العربي. بداية التصعيد السعودي لم يترك البيان الرسمى لمجلس التعاون الخليجى مساحة أمام التكهنات حول وجود أسباب أخرى غير التى ذكرها، لأن ما جاء فى البيان كان مسار الحديث والخلافات منذ فترة سابقة، وتزايدت بعدما رفض لبنان التصويت إلى جانب قرار وزراء الخارجية العرب الذى طالب إيران بوقف دعم الميليشيات والأحزاب المسلحة فى الدول العربية واعتبارها تهديدا للأمن القومي، لينفجر الخلاف من جديد، فقررت السعودية، فى 19 فبراير الماضي، وقّف المساعدات الداعمة للجيش اللبنانى وقوى الأمن المقدرة ب4 مليارات دولار سنويا. وبدأت السعودية خطوات نحو الوصول إلى حل حقيقى لوقف عبث حزب الله بالمنطقة، نظرا لتورطه فى دعم الميليشيات الشيعية فى سوريا والعراق، ثم امتدت يده إلى اليمن، حيث تحارب دول الخليج الوجود الحوثى الشيعى فيه، فهاجمت السعودية، الحكومة اللبنانية بسبب ممارسات حزب الله، إلا أن السيطرة الكبيرة للحزب الشيعى على الكثير من مؤسسات الدولة والجيش لم يردعه، فقررت وقف المساعدات. وبدلا من محاولة حزب الله الوصول إلى حلول والتوقف عن التحريض والدخول فى صراع مباشر مع السعودية، لمصلحة البلد الذى ينتمى إليه ومحاولات وقف العناد والتصعيد ضد دول الخليج، تمادى فى استعدائها بعناوين وموضوعات فى الصحافة اللبنانية وبيانات أشد هجوما من إجراءات السعودية ودول الخليج، وذلك بتعليمات إيرانية لتثبت أن التنظيم يهتم بموقف ومصلحة إيران على مصلحة بلده الذى ينتمى إليه. ولم تجد السعودية حلولا أمام ذراع إيران فى المنطقة العربية، إلا اتخاذ إجراءات أكثر تشددا ضد لبنان، ليأتى القرار الثانى بعد قرار وقف الدعم عن الجيش اللبنانى وقوى الأمن، بسحب كل الاستثمارات السعودية من لبنان. الدور المشبوه لحزب الله وقبل الحديث عن الخطوات التصعيدية للدول الخليجية ضد حزب الله، يجب التركيز بداية على الدور الذى يلعبه حزب الله فى المنطقة، وتسببه فى الخلافات العنيفة بين لبنان والسعودية. ويلعب حزب الله دوراً خطيرا كعادة كل الميليشيات الشيعية فى المنطقة العربية، فلا يؤمن أى منهم بمصلحة وطنه إلا بقرار من إيران، وهو ما ثبت بالدليل خلال الأعوام القليلة الماضية ومنذ بداية ثورات الربيع العربى بداية من التدخل الفج فى سوريا واستقبال المقاتلين القادمين للقتال فى صفوف بشار الأسد، بالإضافة لرجال الحرث الثورى الإيرانى وكبار القيادات فتحول الحزب الذى بدأ مقاوما لإسرائيل مكتسبا بذلك شعبية كبيرة حتى بين صفوف السنة، مجرد أداة طائفية تقود حربا بالوكالة عن إيران ضد كل ما هو سنى وبما يخدم المصالح الإيرانية. ومنذ بداية الحرب السورية، قدم حزب الله أكثر من 10 آلاف مقاتل، كما قدم أسلحة مشاة منها «بنادق ورشاشات للأغراض العامة وصواريخ مضادة للدبابات وقذائف صاروخية ومدافع رشاشة ثقيلة محمولة على شاحنة وقذائف هاون خفيفة وبنادق عديمة الارتداد ومضادات للدبابات ومدرعات»، وتولى حزب الله مهمة تدريبية للقوات النظامية وغير النظامية فى المناطق الحضرية وعمليات مكافحة التمرد بسوريا.