إنطلاق الدورة التدريبية الرابعة بجامعة القاهرة للأئمة والواعظات    تراجع في 3 بنوك.. سعر الدولار اليوم ببداية تعاملات الاثنين    السيسي ورئيس البنك الأفريقي يؤكدان أهمية دعم مصر في تحقيق الإصلاح الاقتصادي وتنفيذ مشروعات "نوفي"    تعويض 2000 جنيه.. البترول تعلن خلال ساعات آلية تقديم أوراق المتضررين من البنزين.. فيديو    مصر وقطر تتفقان على توقيع عقود طويلة الأمد لتوريد الغاز الطبيعي    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الاثنين    كسر مفاجئ بخط مياه قطر 1000 مم بمنطقة الرماية بالهرم    حزب العمال الكردستاني يعلن حل نفسه وإلقاء السلاح    إسقاط 230 مسيرة أوكرانية استهدفت «دونيتسك» خلال أسبوع    وزير الخارجية يؤكد التزام مصر الكامل بدعم السلام والاستقرار أقليميا ودوليا    ضربة جديدة لإسرائيل.. صندوق النرويج السيادي يسحب استثماراته من شركة «باز»    الجيش الملكي يتأهل لدوري أبطال أفريقيا.. والوداد يذهب للكونفدرالية    تشكيل الهلال المتوقع لمواجهة العروبة في الدوري السعودي    مواعيد مباريات الإثنين 12 مايو 2025.. منتخب الشباب من أجل المونديال وقمة اليد    موعد مباراة الأهلي وسيراميكا فى دوري nile والقناة الناقلة .. تعرف عليه    «ضربة يد».. تنهى حياة جزار في مشاجرة بالخانكة    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى الطالبية دون إصابات    إصابة 4 أشخاص بطلقات نارية في مشاجرة بدار السلام بسوهاج    حادث مروع على الطريق الإقليمي بالمنوفية| انقلاب"تريلا" بعد دهس عدد من السيارات.. صور    تأجيل محاكمة المتهم بقتل والده خنقا خلال مشاجرة بطوخ لأغسطس المقبل    يارا السكري تكشف حقيقة ارتباطها ب أحمد العوضي    عمرو سلامة يعلق على تصنيفه من المخرجين المثيرين للجدل    أخرهم بوسي شلبي ومحمود عبد العزيز.. زيجات في الوسط الفني أثارت الجدل    ما حكم الأضحية إذا تبين حملها؟.. الأزهر يوضح    الصحة: تعيين 261 طبيبا بالهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية    «قصر العيني» يحصل على اعتماد الجمعية الأوربية لأمراض القلب    5 أطعمة يجب تناولها بعد الوجبات الثقيلة لتحسين الهضم    القافلة الطبية بقرية الوسطاني بدمياط تقدم خدمات علاجية مجانية ل 1758 مواطنا    أصالة توجه رسالة دعم ل بوسي شلبي    اليوم.. إعادة محاكمة متهم بالانضمام لجماعة إرهابية فى بولاق    رئيس جامعة حلوان يشهد افتتاح فعاليات المهرجان الأول لتحالف جامعات إقليم القاهرة الكبري    في حوار خاص.. رئيس مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير يتحدث عن التحديات والرهانات والنجاح    إصابة طالب بحروق إثر حادث غامض في البراجيل    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم 12 مايو بسوق العبور للجملة    أغنية مش مجرد حب لرامي جمال تقترب من تحقيق مليون مشاهدة (فيديو)    المطورين العقاريين: القطاع العقاري يُمثل من 25 إلى 30% من الناتج القومي    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    حكم اخراج المال بدلا من شراء الأضاحي.. الإفتاء تجيب    زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب جنوب غربي الصين    لبنى عبد العزيز لجمهورها: الحياة جميلة عيش اليوم بيومه وماتفكرش فى بكرة    المجلس الوطني الفلسطيني: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي في الضفة يرسخ الاستعمار    تزامنا مع زيارة ترامب.. تركيب الأعلام السعودية والأمريكية بشوارع الرياض    مدير الشباب والرياضة بالقليوبية يهنئ الفائزين بانتخابات برلمان طلائع مصر 2025    حقيقة وفاة الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية الأسبق    المهندس أحمد عز رئيسا للاتحاد العربى للحديد والصلب    تكليف «عمرو مصطفى» للقيام بأعمال رئيس مدينة صان الحجر القبلية بالشرقية    حبس وغرامة تصل ل 100 ألف جنيه.. من لهم الحق في الفتوى الشرعية بالقانون الجديد؟    عاجل- قرار ناري من ترامب: تخفيض أسعار الأدوية حتى 80% يبدأ اليوم الإثنين    «انخفاض مفاجئ».. بيان عاجل بشأن حالة الطقس: كتلة هوائية قادمة من شرق أوروبا    نجم الزمالك السابق: تعيين الرمادي لا يسئ لمدربي الأبيض    تبدأ في هذا الموعد.. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي بمحافظة أسوان 2025 (رسميًا)    3 أبراج «مكفيين نفسهم».. منظمون يجيدون التخطيط و«بيصرفوا بعقل»    وزيرا خارجية الأردن والإمارات يؤكدان استمرار التشاور والتنسيق إزاء تطورات الأوضاع بالمنطقة    منافسة رونالدو وبنزيما.. جدول ترتيب هدافي الدوري السعودي "روشن"    حسام المندوه: لبيب بحاجة للراحة بنصيحة الأطباء.. والضغط النفسي كبير على المجلس    خبر في الجول - جاهزية محمد صبحي لمواجهة بيراميدز    الإفتاء توضح كيف يكون قصر الصلاة في الحج    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إطلالة على الثقافة الكورية الجنوبية وعالم شاعر كبير
نشر في البوابة يوم 29 - 02 - 2016

فيما تستعد كوريا الجنوبية لاستقبال الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي استهل جولته الآسيوية الحالية بزيارة كازاخستان، بينما تشكل اليابان محطته الثانية في هذه الجولة، فإن ثمة حاجة لإطلالة على ثقافة تلك الدولة التي باتت نموذجا مهما "للدولة التنموية".
ومع اتجاه مصر الواضح للتواصل مع مشاريع النهضة الآسيوية لعل من المناسب نقل رؤى ثقافية آسيوية لمصر والمصريين من بينها الثقافة الكورية الجنوبية التي شكلت قاعدة راسخة لتجربة تنموية بدأت بقوة منذ عام 1979 في عهد بارك تشونج هي.
وفي مضمار التعاون بين الشعوب والعلاقات الدولية قد يكون من المناسب استدعاء رؤية شاعرة لأحد أعلام الشعر الكوري الجنوبي المعاصر، وهو الشاعر "كو اون"، الذي حذر من خطر فقدان البدائل والافتقار لباقة الحلول المتنوعة فقال: "كنت أجدف بمجداف وحيد حتى فقدته"!.
وفي كوريا الجنوبية ثمة مؤسسات تنموية تعبر عن رؤية تعلي من أهمية تقديم البدائل لصانع القرار التنموي مثل: "معهد التنمية الكوري"، و"المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا"، فيما تقدم أيضا دروسا ناجحة على مضمار الإصلاح الإداري.
وهذه الدولة ذات الجبال الخضراء والثلجية والهواء المحمل بعبير المروج وعطر الحدائق وعبق الشاي، تحظى أيضا بنسيم دافيء ممزوج بروائح الفاكهة والبهار وتعرف السكينة في رحاب تعاليم بوذا وطقوس الرهبان وكلها مشاهد تتجلى في قصائد الشاعر الكوري الجنوبي "كو اون" الذي ولد عام 1933 في جونسان بمقاطعة تشولا الشمالية لعائلة من الفلاحين وعاش لفترة ككاهن بوذي.
ويذهب دارسون للأدب الكوري الجنوبي إلى أن الشاعر "كو اون" الذي نشر أولى قصائده عام 1958 أي قبل ثلاثة أعوام من الخطة الخمسية الأولى في بلاده، يعد علامة على الشعر الكوري الجنوبي المعاصر حتى أن البعض يصفه ب"أمير شعراء كوريا الجنوبية"، أما هو فقد قال عن نفسه إنه "مفتون بآثار الخطى الروحانية التي تركها الشعراء السابقون"، معتبرا أن "أحلام هؤلاء الشعراء لا تزال تضيء".
وللأحلام أهمية وأي أهمية في نظر هذا الشاعر الكبير الذي يغوص أحيانا في أعماق الحكايات القديمة والتراث الدال، مثلما حكى- وهو الذي حاول الانتحار يوما ما- عن "شاعر استعار من حلمه خمس ريشات للكتابة كل منها ذات لون مختلف وكتب بها قصائده ثم أعاد الريشات لأصحابها خلال الحلم فلم يأته إلهامها أبدا، وحين وجد نفسه بلا قصيدة لم يجد سببا لتستمر حياته فرحل عن عالمنا"!.
وبلغة أقرب لليقين .. يقول "كو اون": "عدد من قصائدي دون شك كانت الأحلام أجنتها"، وهو يواصل طرح الأسئلة الكبرى في الشعر والإبداع مثل: "ماذا يعني الشعر في مواجهة العدوان والقهر والفقر"؟، و"ماذا يعني الشعر في عالم ملؤه الجشع والجهل والمرض"؟!.
وهذا الشاعر حياته الثقافية والروحية ثرية حقا، فبعد أن أصبح كاهنا بوذيا من طائفة "الزن" على مدى عقد ودع عالم الرهبنة ليعود للعالم الدنيوي مجددا ويصدر أول كتبه عام 1960، فيما عرف أيضا الحياة داخل السجون ووراء القضبان بعدما بات صوت النضال من أجل الحرية والديمقراطية في سنوات السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين.
وواقع الحال إن الثقافة البوذية والكونفوتشيوسية لها تأثيرها الكبير على أخلاقيات العمل ومظاهر الانضباط المثيرة للإعجاب بهذا الشعب الذي أنجب مبدعين في قيمة وقامة الشاعر كو اون مع ترسيخ تلك الثقافة أيضا لقيم التسامح والأمانة والنزاهة.
ويتجاوز عدد الكتب التي أصدرها "كو اون" ال150 كتابًا تتنوع ما بين دواوين لقصائده وروايات وسيرة ذاتية وطروحات ومقالات نقدية، فضلًا عن ترجمات لبعض أعلام الشعر الكوري دون أن ينسى الكتابة للأطفال حتى أضحى اسم "كو اون" ضمن الأسماء التي تتردد كل عام كمرشحين لجائزة نوبل في الآداب.
ول"كو اون" الذي يغني للنجوم في أحلامه، ملحمة من سبعة أجزاء عن كفاح بلاده من أجل الاستقلال، كما أنه صاحب قصائد احتجاجية ومواقف مؤيدة لانتفاضات طلابية في سبعينيات القرن العشرين، فيما لم يتزوج إلا بعد آن بلغ من العمر الخمسين عاما ليعرف نوعا من الحياة الأسرية مع زوجته أستاذة الأدب الإنجليزي "سانج وا لي" التي يعيش معها وابنتهما في منطقة "انسونج" جنوب العاصمة الكورية الجنوبية سول.
ويبدو أن هذه الزيجة كانت حسنة الطالع من أوجه متعددة، حيث دخل الشاعر "كو اون" بعد الزواج مرحلة من الإنتاج الإبداعي الغزير الذي يصفه بعض النقاد "بمرحلة الانفجار الشعري"، حتى "بات يكتب الشعر كما يتنفس"، وذاعت شهرته في الغرب وأصبح أستاذا زائرا في جامعات أمريكية شهيرة مثل هارفارد وبيركلي كما انتخب رئيسا لاتحاد كتاب الأدب الوطني في كوريا الجنوبية.
كما أن بلاده عرفت طريقها للتنمية والنمو في ظل شراكة مثمرة بين الحكومة وأجهزة الخدمة المدنية والقطاع الخاص وحضور قوي لمؤسسات الفكر وتوجه يعلي من أهمية ترويج الصادرات مع تصاعد أهمية الطبقة الوسطى، فيما بات "النمو الاقتصادي أساسا لشرعية النظام السياسي"، وتعاظمت أهمية قيم ثقافية مثل الابتكار والتجديد والنظرة المستقبلية.
ومن إبداعات "كو اون" في الشعر: "إحساس عالم آخر" عام 1960، و"قصائد على شاطيء البحر" عام 1966، و"نيرفانا" عام 1969، و"الذهاب إلى عزلة جبلية" عام 1977، و"طريق في ساعة مبكرة من الصباح"، عام 1978، و"نجوم الوطن" عام 1984، و"ندى الصباح" عام 1990، و"زهور اللحظة" عام 2001، و"أغنيات أخيرة" عام 2002.
و"كو اون" من الشعراء الكبار حقا المهمومين بالسؤال القديم والكبير والمطروح على توالي العصور وكر الأيام: "ما هى القصيدة؟!"، فيما كان قد توقف ليتأمل مليا مغزى خبر تنامى لسمعه عن العثور على أكاليل زهور على رأس الفرعون الشاب توت عنخ آمون الذي رحل قبل أكثر من 3300 عام.
وذهب "كو اون"، صاحب المجموعة الشعرية "أزهار اللحظة"، إلى أن "طقس تقديم هذه الزهور هو لب الشعر"، معيدا للأذهان أنه منذ الأزل كان الناس يتلون صلواتهم بقلوب ملؤها الشعر على موتاهم لكي يبعثوا في العالم الآخر؛ الذي هو "عالم من الأزهار".
ولئن كان الشعر قد انحاز للإنسانية على مدى قرون وقرون من الزمان، فقد أصبح بمرور الزمن أصدق ما يعبر عن كنه ذلك الزمن، كما يقول أمير شعراء كوريا الجنوبية "كو اون"، لافتًا إلى أن الشعر هو "عهد نقطعه على أنفسنا للمستقبل"، فيما تتبدى رؤيته المتفائلة رغم كل شيء عندما يقول: "سيولد الضوء وسيأتي الفجر".
ولئن قال أمير شعراء كوريا الجنوبية "كو اون": "بعدد البشر تتعدد الأحلام"، وهمس في إحدى قصائده بمجموعته الشعرية "أزهار اللحظة": "نظرت إلى الخارج مرة أو مرتين أتساءل إن كان أحد سوف يأتي"، فها هى مصر تأتي بكل الحب لبلاده ليكون عناق الأحلام النبيلة ولتتحقق رؤيته الشعرية: "طائر الليل يغني بكل ما فيه من عنفوان بينما النجوم تضيء بكل ما منحت من قوة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.