تتصاعد مخاوف ولاية ساكسونيا التي تمثل واحدة من قصص النجاح الاقتصادي في شرق ألمانيا من أن تلطخ ردود الفعل العنصرية المناهضة للاجئين صورتها وتردع الاستثمارات التي حولتها إلى مركز للتكنولوجيا المتقدمة. وتعد درسدن عاصمة الولاية مهد حركة بيجيدا المناهضة للإسلام كما اشتهرت مدينة هايدناو في الصيف الماضي عندما تفجرت فيها أعمال شغب معادية للاجئين وأزعج نشطاء من اليمين المتطرف المستشارة أنجيلا ميركل بوابل من الأسئلة ووصفوها بالخائنة لترحيبها بالمهاجرين. غير أن سلسلة من الحوادث الأخيرة عمقت المخاوف بين الشركات والساسة وصناعة السياحة في ساكسونيا من أن تدفع الولاية قريبا ثمنا اقتصاديا لنوبات رهاب الأجانب. وقال هاينز مارتن ايسر رئيس رابطة "سيليكون ساكسونيا" التي تمثل 300 شركة للتكنولوجيا المتقدمة في أوروبا "العناوين التي تنهال علينا كمواطنين ورجال أعمال كل يوم توضح أن لدينا مشكلة." وأضاف "في صناعة التكنولوجيا المتقدمة عندنا موظفون من دول عديدة يلعبون دورا ضخما في مجتمعنا الاقتصادي." وفي الأسبوع الماضي أظهر مقطع فيديو نشر على الانترنت مجموعة من حوالي 100 محتج يرددون هتافات يمينية في مدينة كلوسنيتز الواقعة في الولاية وهم يحاصرون حافلة تمتليء بأسر اللاجئين لمنعهم من دخول مأوى مؤقت. وشوهد أطفال في الحافلة وهم يبكون من الخوف كما شوهد رجال الشرطة وهو يعاملون المهاجرين بخشونة ويدفعونهم من الحافلة دفعا. وجاء هذا الحادث الذي نددت به ميركل في أعقاب اعتداء أشعلت فيه النار عمدا في فندق سابق بمدينة باوتسن وكان من المقرر استخدامه كمأوى للمهاجرين. وكان سكان المنطقة يصفقون ويهللون أثناء احتراق الفندق بل وحاول البعض تعطيل رجال الإطفاء. ويبلغ عدد العاملين في قطاع التكنولوجيا نحو 50 ألفا في ساكسونيا يعمل كثير منهم لشركات كبرى مثل انفينيون وجلوبال فاوندريز المملوكة لشركة استثمار التكنولوجيا المتطورة (اتيك) التابعة لأبوظبي. ولشركات السيارات بي.إم.دبليو وفولكسفاجن وبورشه مصانع في ساكسونيا يعمل فيها كثير من الأجانب. وعند مدخل مصنع بي.إم.دبليو في لايبزيج أكبر مدن ولاية ساكسونيا علقت لافتة كتب عليها "احترام! لا مكان للعنصرية". وقد ساعد وجود هذه الشركات الضخمة الولاية على تحقيق نمو يبلغ 1.9 في المئة في عام 2014 لتسجل بذلك ثالث أعلى معدل نمو سنوي بين ولايات ألمانيا الستة عشر. كما أن معدل البطالة فيها يبلغ 8.2 في المئة بالمقارنة مع 9.6 في المئة في الشطر الشرقي كله من ألمانيا. * "أجانب أكثر من الألمان" وقال متحدث باسم انفينيون التي توظف على المستوى العالمي أجانب أكثر مما توظف من الألمان "بالنسبة لنا من المهم أن يكون لولاية ساكسونيا ومدينة درسدن سمعة الانفتاح على العالم والتسامح - مدينة يشعر فيها الأجانب من زبائننا وشركائنا وعاملينا بالارتياح." وأمس الثلاثاء أكدت جماعة "ماركتينج درسدن" (تسويق درسدن) التي تروج للسياحة في المدينة المشهورة بكاتدرائيتها المهيبة المطلة على نهر إلبه، أن عدد الزائرين انخفض في العام الماضي ثلاثة في المئة مسجلا أول انخفاض منذ عام 2008. وكان من العوامل الرئيسية وراء هذا الانخفاض تراجع عدد الزائرين من داخل ألمانيا إذ أبعدتهم الاحتجاجات المناهضة للإسلام. وأوضحت بتينا بونجه رئيسة ماركتينج درسدن "الضرر الذي لحق بصورة مدينتنا بسبب شعارات الخوف من الأجانب في احتجاجات جماعة بيجيدا كان له أثر سلبي على السياحة." وقال مارسيل فراتشر رئيس معهد دي.آي.دبليو الاقتصادي في برلين لصحيفة هاندلشبلات اليومية "اقتصاد ساكسونيا سيدفع ثمنا اقتصاديا باهظا لرهاب الأجانب الذي أصاب بعض مواطنيها." وقد تعهد ستانيسلاف تيليش رئيس وزراء الولاية وهو من أعضاء حزب ميركل المحافظ بمعالجة التطرف اليميني بزيادة أعداد رجال الشرطة والاستعانة بالمنظمات الاجتماعية. وقالت الشرطة الاتحادية الألمانية لرويترز أمس الثلاثاء إن 151 جريمة ارتكبت في العام الحالي في ألمانيا ضد ملاجيءاللاجئين من بينها 25 اعتداء بإشعال الحرائق. وفي العام الماضي كان عدد الاعتداءات الإجمالي 1029 اعتداء.