«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معضلة الدور السياسي للتيار الصوفي بعد ربيع الثورات العربية 3/2
نشر في البوابة يوم 21 - 02 - 2013


ثانيًا: الموقف من الثورات والعمل السياسي:
كانت الطرق الصوفية قبل الثورات في مصر وليبيا واليمن وسوريا، والآن في المغرب وفي الجزائر والسودان، تمارس السياسة من البوابات الخلفية، ولا تحبذ المشاركة السياسية في إطار العمل الحزبي المنظم، بل من خلال دعم الأحزاب الحاكمة وعضوية بعض مشايخها فيها.
ففي الجزائر، وقبل الانتخابات التشريعية المقررة في مايو 2012، نجد الطرق الصوفية قريبة من السلطة وتعتمد عليها في تلك الانتخابات؛ لمواجهة المد السلفي وعودة سيطرة الإخوان المسلمين، وذلك عن طريق تلقيها للدعم المادي والمعنوي الذي يقدمه لها الحزب الحاكم.
لكن رغم انخفاض معدل المشاركة السياسية للطرق الصوفية في المنطقة العربية، مقارنة بالتيارات الدينية الأخرى، فإن أعلى معدل للمشاركة السياسية للطرق الصوفية بعد الثورات العربية يكون في مصر؛ نظرا لتشكيل الطرق الصوفية لأحزاب سياسية، تمثل مريديها ومشاركتهم في ممارسة العمل السياسي متمثلا في الانتخابات البرلمانية، تليها دولة السودان، ودور الطرق الصوفية في حسم المشاكل بين الشمال والجنوب، وكذلك محاولتهم تطبيق التجربة الصوفية المصرية في تكوين الأحزاب السياسية والمشاركة المباشرة في الانتخابات، والإعلان عن قدرتهم في منافسة التيارات الدينية الأخرى في العمل السياسي، ثم تتساوى بعد ذلك الطرق الصوفية في كل من الجزائر والمغرب.
وقد كشف الربيع العربي عن هامشية الدور السياسي المستقل الذي تلعبه الطرق الصوفية في الإقليم العربي في السنوات الأخيرة؛ بسبب أزمة الفكر الصوفي وانزلاقه في الممارسات الشعبية، وتحول غالبية الطرق من دور الاستقلال، الذي مارسته أثناء الاستعمار في معظم الدول، إلى التبعية شبه المطلقة لسياسة الدولة؛ حيث أصبحت الطرق الصوفية مُنفِّذًا لتعليمات الحكام بدلاً من أن تكون فاعلاً مستقلاًّ في محيطها الاجتماعي، سواء في الدول العربية التي شهدت الثورات العربية أو التي لم تشهدها. فقد استخدمت الأنظمة الحاكمة الطرق الصوفية كلما احتاجت إليها، سواء على المستوى المحلي أو على المستوى الدولي؛ لضبط التوازنات الاجتماعية والحركات السياسية.
وإبان الثورات في تونس أو مصر أو اليمن أو سوريا فقد تشابه موقف الطرق الصوفية منها، وسيطر على معظمها الصمت في بداية اشتعال الثورات، ووقفوا بجانب الأنظمة الحاكمة في تلك الدول، كما هو حال بعض الطرق في سوريا ومصر واليمن وليبيا من جانب، ومن جانب آخر صدرت من بعض الطرق في تلك الدول بيانات وتصريحات تؤيد ثورات الشباب وتنادي بالتغيير مثل التيارات الدينية الأخرى، بل شاركت بعض هذه الطرق في النزول للميادين، خصوصا التي توجد مراكز إدارتها في العواصم، مثل الطريقة العزمية والرفاعية والشبراوية في مصر، ومثل أبناء المدرسة الحديثة وأبناء الطرق النقشبندية والعلوية والرفاعية والقادرية المقيمين في المناطق الوسطى وفي محافظة إب في اليمن، شاركوا بصفاتهم الفردية، ولم يصدر عنهم قرار بالمشاركة بشكل رسمي، كذلك أبناء الشاذلية والرفاعية في سوريا.
ويتطلب الاطلاع على الموقف الحقيقي للطرق الصوفية المنتشرة في الإقليم العربي -سواء من ممارسة السياسة أو من ثورات الربيع العربي- تحليلاً شبه تفصيلي للحالة الصوفية في مصر وفي سوريا وفي اليمن والمغرب وفي ليبيا وفي تونس وفي السودان، وكذلك دراسة حالة دول الخليج العربي؛ نظرًا لحداثة الوجود الصوفي بها.
معدل المشاركة السياسية للطرق الصوفية في العالم العربي
(أ‌) الحالة المصرية:
أصبحت ممارسة الطرق الصوفية المصرية للسياسة أمرًا واقعًا بعد ثورة 25 يناير. وقد ساهمت العديد من العوامل في هذا الاتجاه، أبرزها: التحول الإلكتروني للجيل الأخير من قيادتها، والذي سعى مؤخرًا إلى استخدام «الفيس بوك» والمنتديات الإلكترونية في جميع مؤتمراتهم وندواتهم التي تجمع مريديهم وأتباعهم، وكذلك اجتذاب بعض الطرق الصوفية لعدد من المثقفين لإحداث تغيير في شكل الحركة داخل الطريقة الواحدة؛ وهو ما يثير أكثر من علامة استفهام حول طبيعة الدور السياسي الذي يمكن أن يصبغ الحركة الصوفية فيما بعد.
وعلى الرغم من عدم وجود مطالب سياسية للطرق الصوفية المصرية؛ فإن أعضاء هذه الطرق يشعرون بقدراتهم الذاتية أكثر من الذين لا ينتمون إلى أية تنظيمات؛ نظرًا لقيام الروابط التطوعية، المنخرطين فيها، بأداء وظائف سياسية ضمنية وكامنة، بغض النظر عن كون هذه الروابط سياسية أو غير سياسية، وهذا يعني أن الأجيال الشابة من الصوفية المصرية ستمارس السياسة عبر العديد من الأدوات، أبرزها المواقع الإلكترونية، على الأقل فيما بينهم، على أساس عوامل دينية وعلمانية، منها العلاقة بين الدين والدولة، والاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية الأساسية للسكان.
وتعددت مظاهر ممارسة الصوفية الجديدة للسياسة عبر مواقعها الإلكترونية، أو عبر منتديات الفاعلين فيها، أو من خلال مجموعات الفيس بوك، سواء على المستوى المحلي أو الخارجي، ما بين المشاركة الفعلية أو بإطلاق تصريحات أثرت في محبيها ثم أثرت في الرأي العام. وكان من أهم مواقفها السياسية -التي لم نرها أو نسمعها من قبل- ذلك البيان الذي أصدرته الطرق العزمية والشبراوية والهاشمية على مواقعها الإلكترونية موجهًا للأحزاب الليبرالية واليسارية والأقباط، طالبت فيه بالدعوة لجمعة «في حب مصر»؛ تأكيدًا على مدنية الدولة، وردًّا على الدعوة بأن تكون مصر إسلامية، إضافة إلى الحملة «الفيسبوكية» التي أطلقها الآلاف من شباب الصوفية، الذين مثلوا طرق الرفاعية والبيومية والبرهامية والأحمدية المرزاقية والجنيدية الإمبابية والقادرية والفيضية الخلوتية، مخالفين مبدأ الطاعة العمياء لمشايخهم، ومطالبين باختيار مشايخ الطرق بالانتخاب المباشر، وترشيح الأفضل والأكثر علمًا من بينهم، وإلغاء التوريث المعمول به في اختيار القيادات الصوفية، بالإضافة إلى إعلان بعض الطرق مبكرًا عن خوض انتخابات مجلس الشعب الأخيرة على مواقعها الإلكترونية، أو عبر مشاركات الفيس بوك لأعضائها؛ لاستطلاع آراء مريديها ومحبيها، من منطلق عدم وجود موانع عقائدية أو فكرية في الترشيح، وأن لكل شيخ حق في الانتخابات كونه مواطنًا مصريًّا يتمتع بكل الحقوق الدستورية.
وقد ظل موقف الطرق الصوفية المصرية من ثورة 25 يناير مختفيًا طوال الأحداث حتى تنحي الرئيس مبارك، وبعد التنحي ظهر انقسام بين ثلاثة تيارات داخل الطرق الصوفية: «جبهة الإصلاح الصوفي»، «جبهة الشيخ القصبي» و«تيار شباب الصوفية»، حول موقفهم من جمعة الدولة المدنية «في حب مصر»، والتي دعا لها الشيخ علاء أبو العزايم، شيخ الطريقة العزمية؛ للرد على السلفيين وجماعة الإخوان المسلمين، الذين طالبوا في ذلك الوقت بتطبيق شرع الله في ميدان التحرير. وقد سار موقف الطرق الصوفية من الثورة بعد ذلك متشابهًا تمامًا مع باقي التيارات الدينية؛ من حيث المطالبة بمحاكمة نظام مبارك، ورفض المحاكمات العسكرية للمدنيين، ومثَّل ذلك التوجه داخل الميدان من الصوفية جبهة أبو العزايم والشبراوي، وكذلك تحالف الشباب الصوفي.
وعلى الرغم من إعلان الطرق الصوفية المصرية عن حقهم في الممارسة الفعلية للسياسة، إلا أنهم فشلوا في أول تجربة حقيقية لهم على أرض الواقع، وهي الانتخابات البرلمانية الأخيرة، فقد ظل موقفهم مرتبكًا طوال العملية الانتخابية، ولا يعبر عن موقف جماعي موحد، سواء في إعداد القوائم الانتخابية واستكمالها، أو في الدفع برموز الصوفية من المشايخ والمحبين لخوض المعركة.
وتمثلت مؤشرات الإخفاق في المرحلة الأولى والثانية في تراجع مشايخ الطرق الصوفية عن الترشح بعد انتهاء المرحلة الأولى وقبل المرحلة الثانية بساعات قليلة، معلنين أنهم يؤجلون المعركة الانتخابية البرلمانية إلى انتخابات المحليات المقبلة، إضافة إلى أن أحزاب الصوفية، «التحرير المصري» و«صوت الحرية» اللذين أعلنا قبل الانتخابات منافسة التيارات الإسلامية الأخرى، فشلا في إعداد قوائم من أبناء الطرق الصوفية في المحافظات التي تتواجد بها طرقهم، بل اقتصرت قوائمهم في المرحلة الثانية من الانتخابات على قائمتين فقط، واحدة منهما في محافظة سوهاج على رأسها «زينب عوف» والأخرى بمدينة الزقازيق. كذلك تنازل الشيخ طارق الرفاعي، شيخ الطريقة الرفاعية، المرشح على قائمة حزب المصريين الأحرار قبل يوم الانتخابات، لصالح المرشح المستقل عمرو الشوبكي؛ وذلك تلبية لما طلبته قيادات حزب المصريين الأحرار على قائمته.
إضافة إلى تحول الدعم الدعوي للائتلاف العام للطرق الصوفية ورابطة شباب الصوفية بعد إخفاق قوائم الصوفية في المرحلة الأولى، من قوائم حزبي التحرير المصري وصوت الحرية إلى ائتلاف الكتلة المصرية وائتلاف الثورة مستمرة؛ حيث أعلن الائتلاف العام لشباب الصوفية ورابطة شباب الصوفية -من تصريح رسمي نشر على مواقعهم الإلكترونية- تقديمهم الدعم الكامل لقوائم الكتلة المصرية في المرحلتين الثانية والثالثة من الانتخابات، كذلك دعم مرشحي الكتلة على النظام الفردي بكافة المحافظات، معلنين مخاطبة كافة أعضاء الائتلاف في كافة المحافظات، وبعض مشايخ الطرق الصوفية، لدعمهم لأحزاب الكتلة“,”.
وكشفت المسافة بين المرحلتين الأولى والثانية تحول الدعم الرسمي للطرق الصوفية الكبيرة، بعد تأخر مرشحيهم من الوقوف إلى جانب قوائم الصوفية، إلى مجرد تحذير أتباعهم ومريديهم من انتخاب التيارات الدينية الأخرى.
ومن أبرز الأسباب التي ساهمت في إخفاق أول تجربة سياسية صوفية بعد الثورة في الانتخابات البرلمانية، ما يلي:
(1) عدم تنسيق أبناء الطرق الصوفية فيما بينهم، وغياب القيادة الصوفية الواحدة، التي توحد الكتلة الصوفية في مواجهة التيارات الإسلامية الأخرى التي تعلن عن العداء الدائم لهم.
(2) غياب دور ائتلافات الشباب الصوفي قبل إجراء الانتخابات، واقتصار دورهم على إطلاق الدعوة لتشكيل قوائم انتخابية تجمع مرشحين صوفيين في كافة المحافظات.
(3) لم تحظَ ترشيحات الطرق الصوفية على الموافقة الجماعية من الطرق الصوفية، سواء من المجلس الأعلى للطرق الصوفية أو من مشايخ كبرى الطرق، واقتصرت الموافقات على بعض الطرق، أهمها الرفاعية والنقشبندية والسعدية والشرنوبية والإدرسية.
(4) أن عملية اختيار ودعم المرشحين الصوفيين فقدت التنسيق بين الإدارة المركزية لتلك الطرق بالقاهرة وفروعها بالمحافظات، رغم إعلان القائمين على الترشيحات أن عملية الترشيح اعتمدت على اختيارات أغلبية مشايخ الطرق بالمحافظات.
(5) أن الحزبين -“,”التحرير المصري“,” و“,”صوت الحرية“,”- المؤسسين من الصوفية، اللذين خاضا المعركة الانتخابية، اقتصرا في عضويتهما على محبي ومريدي الطرق الصوفية العزمية والرفاعية والشبراوية فقط.
(6) فشل ائتلاف الطرق الصوفية في ضم وإقناع مرشحين لهم ثقل انتخابي، من قبائل الأشراف بالصعيد وعائلاتهم بالوجه البحري، ضمن المرشحين على قوائم الصوفية؛ بسبب تفضيل قبائل الأشراف الاندماج في الترشيحات القبلية والعائلية.
(7) اقتصار الدعاية التي خصصت لقوائم الصوفية على فكرة دعم الدولة المدنية والمساواة بين المصريين، واستخدام برامج الأحزاب الليبرالية، ومعادة أفكار التيارات الإسلامية الأخرى، خصوصًا التيار السلفي.
(8) محاربة حملة «امسك فلول» لبعض مرشحي الطرق الصوفية؛ على اعتبار أن الطرق التي نزلت بمرشحين على المقاعد الفردية والقائمة بها عدد من أتباعها ومشايخها ترشحوا سابقًا على قوائم الحزب الوطني المنحل، منهم اللواء مشهور الطحاوي في دائرة الحسينية، وخالد أبو الليل بمحافظة الشرقية، وهما من أتباع الطريقة الشبراوية.
(9) غياب التربيطات والتحالفات الانتخابية بين الطرق الصوفية في المحافظات لدعم مرشح بعينه؛ وهو ما أدى إلى توزيع أصوات الصوفيين بين جميع التيارات السياسية والدينية الأخرى، بالإضافة إلى عدم تطبيق مشايخ الصوفية مبدأ الولاء والطاعة، وهو الحاكم داخل الطرق الصوفية بين الشيخ والمريد، في توجيه الصوت الانتخابي.
(10) توجه مشايخ الطرق الصوفية، التي نادت مبكرة بالعمل بالسياسة وخوض الانتخابات، إلي دولة إيران، وترك المعركة الانتخابية في أشد قوتها الدعائية.
وترتب على إحساس بعض مشايخ الطرق الصوفية «جبهة الإصلاح الصوفي» بالإخفاق في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وسقوطهم في أول تجربة لممارسة السياسة المحلية في مواجهة القوى الإسلامية الأخرى، إلى التحرك السياسي نحو الخارج بالسفر إلى إيران؛ لدعمهم في مواجهة تلك القوى، حيث التقى الوفد الصوفي المكون من 14 طريقة صوفية، قبيل الانتخابات بأيام معدودة، بشخصيات إيرانية على أعلى مستوى، تمثلت في الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وعلي أكبر صالحي وزير الخارجية، وكذلك مدير الإذاعة الإيرانية ونائبه.
وأعلنت تلك الطرق الصوفية في داخل الأراضي الإيرانية أنها ستترك مشاكلها الداخلية وتتوحد؛ للتقريب بين المذهب الصوفي والشيعي؛ لمحاربة المتشددين من التيارات الدينية الأخرى، والإعلان صراحة عن توحد موقفها مع الموقف الإيراني تجاه الأزمة في سوريا، فاعتبرت تلك الطرق -وفقا لتصريحات شيخ الطريقة العزمية الشيخ علاء أبو العزايم في إيران- أن قوى خارجية وإقليمية تسعى إلى زعزعة الاستقرار في سوريا، متعارضين مع موقف الجامعة العربية والسعودية؛ باعتبارها تقوِّي التيار السلفي المصري.
وأكدت تلك الزيارة على أن إيران تحاول عودة علاقاتها مع مصر من خلال دعم التيار الصوفي المصري، وكسب ودعم التفاوض مع الحكومة المصرية نيابة عنها، حيث تضمن اللقاء الذي دار بين الطرق الصوفية المصرية والمسئولين الإيرانيين -في منزل الإمام الراحل الخميني- اتفاقًا على إقناع الحكومة المصرية بعودة العلاقات مع إيران، مقابل إرسال طهران للملايين من الإيرانيين لتنشيط السياحة المصرية؛ للاستغناء عن الأمريكيين والأوربيين، إضافة إلى مبادرة إيران بتطوير أضرحة آل البيت في مصر وتحويلها إلى عتبات مقدسة.
ولم تتوقف زيارات ولقاءات الصوفيين المصريين في الفترة الأخيرة مع الخارج على إيران فقط، بل توجه أيضًا وفد من الطرق الصوفية، برئاسة علاء أبو العزايم، إلى تركيا؛ لدراسة برنامج حزب العدالة والتنمية التركي، والتحاور مع مؤسسيه، وبدء علاقات جديدة مع الأتراك؛ على اعتبار أن التجربة التركية يمكن تطبيقها في مصر.
(يتبع)
في الجزء الثالث من الدراسة نتأمل في النماذج العملية؛ من خلال استعراض التجارب السورية والليبية واليمنية والمغرب العربي، وصولاً إلى آفاق المستقبل بعد الثورات العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.