كشفت مصادر أمنية مصرية عن حقيقة الحملة العسكرية التي تديرها مصر الآن لتدمير الأنفاق المحفورة بين مصر وقطاع غزة برفح، كما كشفت المصادر عن آلية تدمير الأنفاق وأعداد ما تم تدميره مطلع عام 2013، والصفقات المصرية الأمريكية التي تجرى من خلف الستار. أكد مصدر عسكري كبير بسيناء، بأن حملة تدمير الأنفاق بغمرها بالمياه بدأت في الثالث من فبراير من الشهر الجاري عن طريق تنفيذ خطة محكمة وعبقرية لتدمير الأنفاق بغمرها بالمياه العذبة ومياه الصرف الصحي، بواسطة سلاح المهندسين بالجيش المصري في رفح. وأضاف المصدر، أن منطقة الأنفاق الحدودية بين مصر وقطاع غزة مقسمة إلى منطقتين، وهما المنطقة الأمامية التي تقع على خط الحدود مباشرة مع قطاع غزة، والتي تتولى حراستها ومتابعتها قوات حرس الحدود المنتشرة بحوالي 750 جنديًّا على مسافة ثلاثة عشر ونصف كم فاصلة بين حدود مصر مع قطاع غزة برفح، والمنطقة الخلفية للأنفاق على حدود غزة هي المنطقة التي تبعد عن خط الحدود بحوالي 100 متر، فيما أكثر من ذلك، باتجاة عمق مدينة رفح وتخرج من هذه المنطقة الخلفية فتحات الأنفاق القادمة من غزة، وذات الطول الأكبر والمعنية بحراستها الشرطة المدينة الغائبة حاليًا منذ اندلاع ثورة 25 يناير، وحل محلها حاليًا رجال المخابرات الحربية المصرية برفح، وهناك نشاط أمني مصري مزدوج في نطاق منطقتي الأنفاق الحدودية، سواء منطقة الأنفاق الأمامية المعني بحراستها قوات حرس الحدود، أو منطقة الأنفاق الخلفية المعني بحراستها جهاز الاستخبارات الحربية المصرية، وهي المنطقة التي توجد بها فتحات الأنفاق بين المناطق السكنية المدنية والمزارع الخلفية. ضبط 5 أنفاق يوميًّا وقد تمكنت قوات حرس الحدود من ضبط 55 نفقًا للتهريب، بالمنطقة الأمامية خلال شهري يناير وفبراير من العام الجاري، وضبطت كميات كبيرة من البضائع المهربة من الحديد والإسمنت والأسماك، كما ضبطت حوالي 10 شاحنات نقل محملة ببضائع التهريب. أما رجال المخابرات الحربية المصرية، فقد تمكنوا من ضبط قرابة 200 نفق للتهريب بمنطقة الأنفاق الخلفية، وضبطت معها قرابة 20 شاحنة للتهريب وكميات لاحصر لها من البضائع المهربة لغزة والمتنوعة من مئات الأطنان من الدقيق والسكر والإسمنت وأجهزة الكمبيوتر واللاب توب وأسطوانات الغاز والفواكه بجميع أنواعها. كما تم ضبط حوالي 12 بيارة وقود بالقرب من خط الحدود، وضبط مضخات وقود وخراطيم، وذلك خلال شهر يناير الماضي، وبيارات الوقود عبارة عن أحواض كبيرة وعميقة مبطنة بالسيراميك، ويتم تفريغ سيارات الوقود المهرب فيها، ثم يقوم المهربون بسحب الوقود من أحواض البيارات بخراطيم ومضخات عبر الأنفاق لتهريب الوقود إلى قطاع غزة من خلال هذه الآلية، ليصل إجمالي فتحات الأنفاق التي تم ضبطها خلال العام الجاري قرابة 255 فتحة نفق، وقرابة 30 سيارة للتهريب، وتم ضبط 10 مهربين فقط، بينهم مصريون وفلسطينيون من عمال الأنفاق، والمتوسط اليومي لضبط فتحات الأنفاق كان يصل إلى 5 أو 6 فتحات أنفاق يتم ضبطها يوميًا خلال شهري يناير وفبراير من العام الجاري، حتى توصل سلاح المهندسين بالجيش المصري إلى الفكرة العبقرية العسكرية الجديدة والتي بدأ الجيش المصري في تطبيقها مع مطلع شهر فبراير الجاري. مياه عذبة وصرف صحي وكشف مصدر عسكري مصري عن آلية غمر الأنفاق بالمياه لتدميرها عن طريق حفر أحواض كبيرة وعميقة فوق منطقة الأنفاق على خط الحدود مباشرة وفوق أجسام الأنفاق مباشرة، وتم ملء هذه الأحواض بكميات كبيرة من المياه بشكل متواصل؛ بهدف ترسب وتغلغل مياه هذه الأحواض إلى أعماق التربة، وعندما تفرغ الأحواض كميات المياه، يتواصل ضخ كميات أخرى وجديدة من المياه داخل الأحواض المنتشرة فوق أجسام الأنفاق بطول الحدود، فتحدث ترسيبًا لمياه الأحواض بعمق 40 مترًا وأكثر، فتتشبع التربة بالمياه، وكذلك أجسام الأنفاق، فتحدث لها انهيارات فورية دون الحاجة لهدمها بالمعدات واللوادر المصرية، كما كان يحدث خلال الحملة العسكرية الأخيرة لمنطقة الأنفاق، حيث كانت تعتمد فقط على هدم أجسام الأنفاق بالمعدات حتى فشلت هذه الطريقة، إلا أن غمر التربة بالمياه هي الطريقة الوحيدة التي نجحت وتسببت في تدمير أجسام الأنفاق منذ بداية الشهر الجاري. وأضاف المصدر العسكري، أن سلاح المهندسين بالجيش المصري برفح نجح في هدم قرابة 20 جسم نفق حتى الآن، تقع جميعها شمال منفذ رفح البرى، وبالتالي فكل جسم نفق تخرج منه فتحات عديدة، ولكن الأهم هو تدمير جسم النفق تمامًا وانهيار التربة في الأعماق بسبب تشبعها بكميات كبيرة من المياه، وقد استعان سلاح المهندسين المصري بنوعين من المياه، النوع الأول هو مياه الآبار الجوفية، وقد قام سلاح المهندسين بحفر ثلاثة آبار بالقرب من خط الحدود مع قطاع غزة، وتقوم قوات الجيش بسحب المياه العذبة من الآبار الثلاثة، وضخ مياهها في الأحواض المنتشرة بطول الحدود والممتلئة بالمياه طوال 24 ساعة، وقد نجحت هذه الطريقة بشكل عبقري وفني كبير، ويواصل سلاح المهندسين بالجيش المصري إنشاء وحفر أحواض جديدة بطول خط الحدود الفاصل بين مصر وقطاع غزة، وضخها بالمياه طوال 24 ساعة يوميًا حتى تتشبع التربة وتغمر بالمياه تمامًا. النوع الثاني، وهو الاستعانة بضخ مياه الصرف الصحي في الأنفاق التي يصعب تدميرها على الجيش، وهي أجسام الأنفاق العميقة أو أجسام الأنفاق التي يصعب الوصول إليها، ولها فتحات أنفاق عديدة وترهق الأمن المصري، فيلجأ لغمرها بمياه الصرف الصحي عن طريق السيارات المتجمعة من مدينتي رفح والشيخ زويد، وتعمل هذه المياه على تآكل التربة وانهيار أجسام وفتحات الأنفاق بسرعة شديدة. حماس تبحث عن بدائل وتابع المصدر العسكري: هناك ردود أفعال من المعنيين بعمليات التهريب عبر الأنفاق بدأت تتعالى وتظهر من خلال استشعار أجهزة الاستخبارات المصرية لحالة احتقان شديدة بين صفوف المهربين المصريين والفلسطينيين، ولدى حركة حماس في قطاع غزة، وأعرب المصدر العسكري، عن أن هناك مخاوف لدى الجيش من حدوث ردود أفعال عنيفة من المهربين المصريين والفلسطينيين تجاه الجيش المصري برفح، من جراء نجاح الجيش، ولأول مرة، في اكتشاف طريقة عبقرية لتدمير الأنفاق، وتراجع عمليات التهريب بدرجة تصل إلى أكثر من 80% وتعرض العديد من العاملين في مجال التهريب عبر الأنفاق للبطالة الشديدة. وترى حركة حماس أن تدمير الأنفاق أحكم حصار قطاع غزة برًا وبحرًا وجوًا، ولكن حماس تنتظر من حليفتها، الحكومة المصرية ذات المرجعية الإخوانية، إيجاد تعويض وحلول استراتيجية سريعة لما يحدث، وربما أثارت مصر مع الوفد الأمني الإسرائيلي الذي زار مصر مؤخرًا هذه القضية، وأيدت مصر لكل من أمريكا وإسرائيل موقفها تجاه الأنفاق ووقف تهريب السلاح عبر الأنفاق، وقد طرحت مصر على إسرائيل خلال هذه المفاوضات إنشاء منطقة تجارية حرة بمعبر رفح البري لتسهيل عملية التبادل التجاري بين مصر وقطاع غزة كبديل عن غلق مصر للأنفاق، ويبدو مع نجاح مصر في غلق الأنفاق، التي كانت تراها جماعة الإخوان المسلمين السبيل الوحيد لكسر الحصار عن قطاع غزة، وكان الإخوان المسلمون يرون في الأنفاق شرعية لكسر الحصار عن حليفتها حماس على الأقل، وإذا كان الجيش المصري قد أغلق الأنفاق مع قطاع غزة، فهناك طرح سياسي بديل يتم تجهيزه من خلف الستار، سيتم الكشف عنه قريبًا، من خلال مفاوضات تجريها مصر مع كل من إسرائيل وأمريكا، وهناك وفد أمني مصري سيتوجه قريبًا إلى إسرائيل، ستتركز مباحثاته عن إيجاد بديل لغلق الأنفاق مع غزة، ويبدو أن الطرح السياسي المصري يتجه نحو إنشاء منطقة تجارية حرة بين مصر وغزة قريبًا، أو إنشاء خط تجاري عبر معبر يكون بديلا عن الأنفاق، حتى تدخل وتخرج البضائع لقطاع غزة من فوق الأرض، وليس من تحتها، وليس غريبًا تحقيق هذه الخطوة بعدما كانت إسرائيل ترفض تمامًا إدخال حديد وإسمنت لغزة، أو مواد البناء بشكل عام عبر معبر رفح البري، حتى لا تقوم حماس ببناء قواعد صواريخ حسبما كانت تصرح إسرائيل، ولكنها وافقت لمصر وقطر مؤخرًا على إدخال مواد البناء القطرية لقطاع غزة عبر معبر رفح البري، دون المرور على الجانب الإسرائيلي، كما يُلاحظ اختفاء نبرة إسرائيل وتهديدات قادتها المتكررة خلال الآونة الأخيرة بإعادة احتلال سيناء عسكريًا.