رفعت الجهات الحكومية في قطاع غزة حالة الطوارىء لمواجهة المنخفض الجوي الذي يضرب الأراضي الفلسطينية منذ مساء يوم السبت الماضي في ظل تواضع الإمكانيات واستفحال أزمتي انقطاع التيار الكهربائي وغاز الطهي وتهالك البنية التحتية بسبب العدوان والحصار الاسرائيلي المفروض على القطاع منذ عام 2007. وشهدت شوارع مدينة غزة حركة بطيئة للمارة مع اشتداد قوة الرياح وسقوط الأمطار بغزارة، كما أغلقت المحال التجارية أبوابها قبل مواعيدها المعتادة وقلت حركة السيارات والتزم الجميع بيوتهم ليعلن المنخفض الإقامة الجبرية على الغزيين. وأدى المنخفض الجوي المصحوب بالعواصف الرعدية والأمطار الغزيرة والمتوقع استمراره حتى مساء غد /الأربعاء/ إلى تضرر عشرات المنازل في مناطق متفرقة من قطاع غزة خصوصا مدينتي خان يونس ورفح جنوبا، وإلحاق أضرار وخسائر في العديد من مزارع الدواجن والمواشي. كما فاقم معاناة أصحاب المنازل المدمرة جراء العدوان الإسرائيلي في صيف 2014 والذين اضطروا للإقامة في "كرافانات" (البيوت المتنقلة) ومنازل بدائية صنعوها بإمكانات متواضعة بعد أن أغرق منازلهم وفراشهم وتركهم في مهب الرياح العاتية في ظل شح التيار الكهربائي ووسائل التدفئة وحتى الغاز المنزلي. وأطلقت عشرات الأسر الفلسطينية الفقيرة التي تقيم في مساكن مؤقتة من الصفيح والقماش على أرض حكومية منخفضة غربي خان يونس ويجمعهم اسم "مخيم نهر البارد" للفت الانتباه إلى المعاناة التي يتقاسمونها مع اللاجئين الفلسطينيين في المخيم الذي يحمل نفس الاسم في لبنان. وغابت مظاهر الحياة الطبيعية في المخيم الذي يفتقر للبنية التحتية ويقع قرب أراض رملية ينعدم وجود السكان فيها منذ الانسحاب الإسرائيلي من غزة عام 2005، لتحل محلها مظاهر البؤس والفقر. وفجر تفاقم أزمة الكهرباء غضبا عارما بين سكان قطاع غزة البالغ عددهم نحو 95ر1 مليون نسمة الذين عبروا عن استيائهم البالغ لانقطاع الكهرباء لمدد تصل الى 20 ساعة يوميا وعدم وصولها إلى بعض المناطق في ظل المنخفض الجوي الذي يضرب القطاع حاليا. بدورها، أكدت سلطة الطاقة والموارد الطبيعية في غزة بذلها جهودا لمحاولة تشغيل المولد الثالث بشركة توليد الكهرباء لدعم جدول ثماني ساعات وصل لمنازل المواطنين و8 ساعات قطع يوميا. وقالت سلطة الطاقة بغزة - في بيان - إنها "تحاول مع رام الله لزيادة الكميات الموردة من الوقود، حتى تستطيع تشغيل المحطة حتى نهاية المنخفض، وبذلك فقط يمكن تحسين البرنامج وخصوصا لو تم رجوع خط (القبة) القادم من إسرائيل والذي يغذي مدينة غزة ب12 ميجاوات". وأشارت إلى أن دعم شركة الكهرباء لمرافق البلديات والجهات الرسمية الأخرى بالتيار الكهربائي طيلة 24 ساعة لمواجهة المنخفض تسبب في نقص توصيل الكهرباء للمواطنين. وبالتزامن مع المنخفض وبرودة الجو، يشهد قطاع غزة أزمة حادة في غاز الطهي، فيما اعتبرت جمعية أصحاب شركات البترول والغاز في القطاع أن "غزة منطقة منكوبة بلا غاز ولا كهرباء". وقال رئيس جمعية أصحاب محطات الوقود والغاز في قطاع غزة محمود الشوا إن جميع محطات الغاز في محافظاتغزة البالغ عددها 37 محطة مغلقة تماما نتيجة عدم وجود غاز طهي، وإن ما يدخل غزة من الغاز 100 طن في أحسن الأحوال، 80% منها يذهب لمزارع الدواجن"، مضيفا أن المواطن كان ينتظر شهرا عندما يقوم بتعبئة اسطوانة الغاز 12 كيلوجراما أما الآن ينتظر 40 يوما لتعبئة 6 كيلو". ووصف الشوا، كميات غاز الطهي الواردة لغزة عبر معبر كرم أبو سالم التجاري ب"الهزيلة"، محملا الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية، وقال :"من حق سكان غزة أن يحصلوا على الغاز في ظل الأوضاع الصعبة التي يعانونها منذ سنوات". وأضاف: "نحن في مأساة كبيرة لا في غاز ولا في كهرباء"، متابعا: "غزة أصبحت مستنقعا للأزمات ومنطقة منكوبة، وعلى هيئة الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي التدخل لتوفير المحروقات وباقي السلع". وفي إطار الجهود الحكومية لمواجهة تداعيات المنخفض الجوي، أجرى وزير الإسكان والأشغال العامة مفيد الحساينة ورئيس بلدية غزة نزار حجازي جولة مشتركة اليوم، تفقدا خلالها برك تجميع مياه الأمطار في مناطق متفرقة بغزة، وأطلعا على أعمال طواقم لجنة الطوارئ في المدينة التي أعلنت أن طواقمها تعمل على مدار الساعة لمواجهة المنخفض، وتتعامل مع كافة الشكاوى والإشارات الواردة من المواطنين، حول تجمع برك المياه في المناطق والشوارع المختلفة. وذكرت اللجنة أن طواقمها تمكنت من تصريف عدة تجمعات لمياه الأمطار في مناطق مختلفة من المدينة، منها: شارع صلاح الدين في حي الزيتون، ومنطقة الطوابين في حي الشجاعية، وقرب بركة عسقولة في حي الزيتون، ومنطقة الحدبة جنوبالمدينة، وشارع جامعة الدول العربية في حي تل الهوا، ومنطقة النفق. من جهتها، مددت وزارة التربية والتعليم إجازة الفصل الدراسي الأول منذ الأحد الماضي وحتى اليوم الثلاثاء، بسبب سوء الأحوال الجوية. أما طواقم المديرية العامة للدفاع المدني الفلسطيني، فقد نفذت 74 مهمة متنوعة منذ بدء المنخفض الجوي مساء السبت الماضي، تنوعت ما بين شفط مياه من المنازل وتفقد منسوب المياه وإخلاء منازل، إلى جانب إخماد حرائق وسحب مركبات عالقة وإزالة أشجار ويافطات عالقة، وغيرها بحسب بيان صادر عن المديرية.