درية شرف الدين صدقت شائعات عن بث أغانٍ هابطة بالمحطة فأغلقتها بعد 11 يومًا من انطلاقها. نتعرض لحملات تشويه من دعاة الإسفاف من أجل إفشال المشروع ولدينا 32 ألف أغنية نستخدم منها 2500 فقط. رغم شغفه الرياضى الشديد، إلا أنه وقع أسيًرا للأثير.. فالرجل يحاول دائمًا البحث عن مساحات يصنع بها مجدًا ولو صغيرًا لنفسه، ما يمكنه من النجاح، وترك بصمة معلنة فى هذه الدنيا، وربما هذا ما دفعه للتمسك بحلم إنشاء إذاعة للأغانى الشعبية لأكثر من 13 عامًا، وبعد أن تمت الموافقة عليها، قال إنه سافر إلى كافة أرجاء القطر المصرى، لجمع التراث الذى سيبقى، وسيعيد المكانة للفن الأصيل، إنه خالد فتوح، رئيس إذاعة «شعبى إف إم» التى انطلقت فى سبتمبر العام الماضى، يحدثنا عن قصته مع إنشاء أول إذاعة أغان شعبية فى مصر .. إلى نص الحوار. ■ بداية حدثنا عند بدايتك فى الراديو؟ - تخرجت فى كلية الآداب جامعة القاهرة، وبعدها عملت مرشدا سياحيا، وجاءتنى فرص سفر كثيرة، لكن خفت أن أخسر حلمى بالانضمام إلي الإذاعة بالسفر، إذ كنت أقف على الكورنيش، وأنظر إلى مبنى ماسبيرو وأقول: «مش هاسيبك إلا لما أدخلك»، حتى أعلن عن مسابقة للإذاعة المصرية تقدم لها 24000 متسابق، تم قبول 60 شخصًا، كنت من بينهم، وكان ترتيبى فى الكشف رقم «حاجة وتلاتين» ودخلت الاختبار الثانى بعدها، ونجحت، والتحقت «بإذاعة الكبار» ستة أشهر، وفى 2001 انتقلت لإذاعة الشرق الأوسط، وعملت بها فى كل المجالات رياضة، وسياسة، وفن، ونشرات إخبارية، وإلى الآن على قوتهم. ■ كيف جاءت فكرة شعبى إف إم؟ - الفكرة تراودنى منذ 13 سنة، وبحكم تربيتى الريفية ودراستى فأنا محب وعاشق للطرب الأصيل، وكنت أرغب فى إنشاء إذاعة تحافظ على الفن الشعبى وقيمته، وكلما كنت أطرح الفكرة على مسئول كان يتم رفضها بدعوى أنها فكرة ضعيفة، لدرجة أن أحد رؤساء الإذاعة هددنى بأنه حال افتتاحها، حتى ولو «أون لاين»- باسم اتحاد الإذاعة والتليفزيون- سيقاضينى بدعوى سرقة تراث ماسبيرو، إلى أن جاء عبدالرحمن رشاد، رئيس الإذاعة الأسبق، الذى أعجب بالفكرة جدًا، وطلب منى وضع تصور شامل لها، شارحًا لكل التفاصيل، وقد كان، وبعدها تم عرضها على عصام الأمير رئيس الاتحاد، الذى وافق على إنشائها. ■ هل كان التجهيز لشعبى إف إم عبارة عن جمع أغان من مكتبة التليفزيون فقط؟ - بالطبع لا، عندما بدأنا تجميع الأغانى من مكتبة التليفزيون، كانت المشكلة أن الأغانى غير مصنفة، ولا يوجد تصنيف بها يسمى «شعبى»، فهناك 188000 أغنية أو أكثر، لذا كنت فى حاجة إلى مساعدة، فطلبتها من المهندس «محمد فتحي» وهو أحد مهندسى الإذاعة، ومخرجة اسمها «نسرين لطفي» بالبرنامج العام، فهما صديقاى وأكثر من إخوة بالنسبة لى، وبدأنا عملية البحث والفرز فى مكتبة الأغانى، التى كانت عادة ما تبدأ من الثامنة مساءً وحتى العاشرة من صباح اليوم التالى، فكنا شبه مقيمين فى ماسبيرو، لكن كانت شرائط الأغانى متهالكة، وبحاجة إلى تنقية، لدرجة أن الأغنية 4 دقائق، قد تحتاج إلى أكثر من ساعتين لتنظيفها وتنقية صوتها، داومنا على هذا المنوال قرابة العام ونصف العام، حتى جمعنا أكثر من 24000 أغنية شعبية، لكن ظهرت مشكلة كبيرة أخرى، ألا وهى أن هناك أغانى تراثية غير موجودة فى مكتبة ماسبيرو، زى أغانى المديح لياسين التهامى، وأغانى فاطمة عيد، وعايدة الشاعر، فبدأت رحلتى للبحث عن هذه الأغانى، واتجهت إلى الشركات التى كانت تتولى إنتاج تلك الأغانى، فسافرت إلى مطروح، وطنطا، وشمال سيناء وأكثر من مكان للحصول على الأغانى، وخرجت الإذاعة بالأغانى فقط فى عهد الدكتورة درية شرف الدين وبعدها ب 11 يوما أغلقت الإذاعة، فقد ظهرت بعض الأصوات تدعى أن الاذاعة تذيع أغانى خليعة ومهرجانات، مع أن هذا لم يحدث، لكن الأمر كان مخططا من بعض الأشخاص فى القطاع الخاص لوأد المشروع من بدايته، لجعل ماسبيرو يظهر بمظهر المتخبط والفاشل، وللأسف صدقتهم الوزيرة. ■ بخصوص الأغانى التى أنتجتها شركات هل تشتريها الإذاعة بمقابل؟ - هناك شركات مثل شركة صوت الغربية التى أنتجت معظم أغانى المديح والذكر والقصص، وكذا أنتجت لمطربين كبار كعبده الإسكندرانى وفرحان البلبيسى، ومن شدة إعجابهم بفكرة الإذاعة وعملية جمع التراث أهدانى الأستاذ أحمد فخرى، رئيس الشركة، كافة إصداراتها مجانا، وهناك شركات يكون الاتفاق بيننا وبينهم أننا سنذيع المحتوى الخاص بهم وسنحييه من جديد، بالإضافة لاستعدادنا لإذاعة محتواهم الجديد، وحاولت بعض الشركات طلب مقابل فشرحنا لهم أننا لا ندفع مقابلا فى الإذاعة، إنما هى عملية تبادلية، ولا توجد لدينا ميزانية، فإما أن نذيع مجانا أو لا نذيع مطلقا، واليوم لدينا مكتبة أغان شعبية تراثية غير موجودة فى أى مؤسسة أخرى مصرية أو عربية أو أجنبية، حكومية أو خاصة، لا تقل لا عن 32000 أغنية استخدم منها حاليا 2500 أغنية فقط، والباقى تحت التجهيز والتنقية. ■ هل توافق على أن الحفاظ على التراث الشعبي لن يجذب المعلنين أو الشباب؟ - من قبل الصدور الرسمى للإذاعة 5 سبتمبر 2015 كان لدىّ عقود رعاية إعلامية لثلاثة برامج لمدة عامين، مع عدم التدخل فى أى شيء له علاقة بالمحتوى، أو المذيعين، وأعتقد أن هذا نجاح للإذاعة أراه منقطع النظير، فلا توجد شركة ستدفع أموالا هباءً، فى حين أنه لا توجد إذاعة تبيع إعلانات من قبل افتتاحها، بل هناك إذاعات كانت تذيع إعلانات مجانًا لتقول إن لديها إعلانات، والشباب أنا أجذبهم بإذاعة الأغانى الشعبية الحديثة لمحمود الليثى وأمينة وبوسى وحكيم، فكل الناس تحب حكيم، ونمزج بين القديم والحديث، ولدينا أيضا الأندرجراوند. ■ هل فكرت فى إذاعة أغانى المهرجانات ولو ساعة فى اليوم؟ - ولا حتى ثانية، عرض علينا من أكبر شركات الإعلانات فى مصر كوكيل حصرى إعلانى مقابل إذاعة مهرجانات ورفضنا، والإدارة شجعتنا على هذا، «ومش معنى إننا نجيب فلوس للدولة إن كل من هب ودب يعمل اللى هو عايزه»، نحن نوافق على الاستثمار للدولة ماليا، لكن نستثمر فى المجتمع وفى فكره فى المقام الأول. ■ لو حدث عجز فى موازنة الإذاعة هل ستلجأون للمهرجانات؟ - أبدًا.. «على جثتى نشغل مهرجانات فى الإذاعة، وطول ما أنا مسئول عنها مفيش أغنية هابطة هاتشتغل فيها، ولو عايزين مهرجانات يجيبوا حد تاني». ■ مَن أعداء شعبى إف إم فى رأيك؟ - كل من لا يريد أن يسمع طربا أصيلا، ويحب الإسفاف، «وبياكل من وراه عيش»، وهم فى الغالب من القطاع الخاص، ويلقون باتهاماتهم الكاذبة ليل نهار، فى محاولة منهم لتشويه الإذاعة بواسطة بعض ضعاف النفوس من الصحفيين لنشر أخبار كاذبة مفادها أننا نقدم فنا هابطا رغم أن الإذاعة تحاربه بكل طاقتها.