أثار الموقف اللبنانى الرافض لبيان وزراء الخارجية العرب، حول إدانة التدخل الإيرانى في شئون الدول العربية، والاعتداء على البعثة الدبلوماسية السعودية، ردود أفعال خليجية وعربية غاضبة، من خروج بيروت عن الصف والإجماع العربى، ووقوفها إلى جانب إيران. وأعلن وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، رفض بلاده قرار مجلس الجامعة العربية، على مستوى وزراء الخارجية العرب، الذي عقد أمس الأول، للتنديد بالتصعيد الإيراني تجاه المملكة العربية السعودية. وفور هذا الإعلان؛ انطلق الغضب الخليجى ضد لبنان، الذي يحظى بدعم كبير خاصة من المملكة، التي تعهدت منذ شهور قليلة بتمويل صفقة أسلحة ضخمة بقيمة 3 مليارات دولار لتسليح الجيش اللبنانى. وطالب مغردون سعوديون وخليجيون، على مواقع التواصل الاجتماعى، بقطع الدعم الذي تقدمه المملكة للجيش اللبنانى، معتبرين أن حزب الله حول لبنان إلى مستعمرة إيرانية، وأن طهران تسيطر بالفعل على بيروت، مثلما أعلنت من قبل أنها تتحكم في أربع عواصم عربية هي: بيروت، بغداد، دمشق واليمن. كان اجتماع مجلس الجامعة العربية الوزارى، أمس الأول، والذي عقد برئاسة دولة الإمارات، أصدر قرارًا أدان فيه الاعتداء على سفارة المملكة في طهران، وقنصليتها في مشهد، محملًا إيران المسئولية، مطالبًا إياها بالالتزام بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية في هذا الشأن، لا سيما اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 واتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963. وحاول وزير الخارجية اللبنانى تبرير موقف بلاده، والخروج عن الإجماع العربى، والوقوف إلى جانب إيران، فقال إن بلاده امتنعت عن التصويت «ولم تمس الإجماع العربى الداعم للمملكة العربية السعودية». وقال «باسيل»، في تصريحات صحفية، إنهم اعتمدوا في الاجتماع على سياسة الامتناع، والنأى بأنفسهم عن الأزمة، وهى سياسة أعلنتها بيروت في وقت سابق، بدون أن يجرى تعطيل الإجماع العربى، وذلك في إطار وقفة تضامنية مع المملكة، لكن بإعطاء الأولوية للوحدة الوطنية اللبنانية. وأضاف: «حافظنا على وحد تنا الوطنية، دون التخريب على الإجماع العربى الداخلية، فلم نرفض قرار مجلس الوزراء العرب، وإنما امتنعنا عن التصويت، وفى البيان الذي ذكر حزب الله، وربطه بأعمال إرهابية، طالبنا بإزالة هذه العبارة، وعندما تم التأكيد على وجودها، سجلنا اعتراضنا على البيان». وأوضح «باسيل»، أن «النأى بالنفس هو موقف لبنانى غير جديد، وهى سياسة انتهجتها الحكومة اللبنانية، التي تقول بإبعاد الأزمات والحرائق عن لبنان، وأى أمر قد يتسبب في انقسام داخلى لبنانى بشكل عام، خاصة أن الانقسام مذهبى (سني- شيعي)، فنحن نبتعد عنه، وبرأينا يجب إبعاد المنطقة عنه». وتابع: «لذا فنحن نتضامن بوجه أي اعتداء أو تدخل يمس الشأن الداخلى العربى، لكننا أيضًا مع حفظ الدول العربية ووحدتها الداخلية، لذا لبنان لم يرفض ولم يوافق، لكنه اعترض على وصف حزب الله بأنه حركة إرهابية، فلا يمكن أن نوافق على ربطه بالإرهاب، لأنه حركة مقاومة». وكشف «باسيل»، عن أن لبنان يحاول مع الجانبين؛ الإيرانى والسعودى، وكل الأطراف العربية، لتخفيف هذا التوتر، فدور لبنان الطبيعى أن يغلب لغة الحوار والتفاهم على ما يشهده لبنان اليوم من فتن وصراعات». وحول ما إذا كان لمس استجابة لهذه المبادرات، قال: «لمسنا تخفيفًا في الموقف من الجميع، وهو ما ساهم في منع الانفجار، لكنه لم يمنعه بشكل كامل، فنحن بحاجة إلى المزيد من العمل والجهد».