بأفلام قليلة استطاعت السينما المصرية، أن ترصد بعض من جوانب “,”حرب أكتوبر“,” 1973، والتي تعد من أهم حروب القرن الماضي. وعلى الرغم من قلة التجارب التي قدمت في هذا الوقت إلا أنها تميزت بأن تقدم الحياة السياسية والمجتمعية في مصر حينها، فاهتم صناع هذه الأفلام بإبراز الحالة النفسية أيضًا للجنود وكيف تحولت من حالة اليأس بعد الهزيمة للأمل في النصر. ومن أهم تلك الأعمال “,”العمر لحظة“,” الفيلم الشهير الذي قدمته ماجدة الصباحي وشاركها بطولته أحمد مظهر ونبيلة عبيد وناهد شريف وأحمد زكي ومحمد خيري. الفيلم يوحي بالحالة المتناقضة بين المصريين فهناك شخصية الزوج الصحفي رئيس تحرير إحدى الصحف والذي تدعو أغلب مقالاته لحالة من اليأس أثناء الحرب مع إسرائيل وأنه لا أمل في النصر. وبين نعمة الصحفية التي آمنت بأن العمل الوطني هو الحل فقررت المشاركة بعمل تطوعي في أحد المستشفيات لتتعرف على مجموعة من المقاتلين، حتى نشأت قصة حب بينها وبين أحدهم. وبالفعل تسافر نعمة للجبهة فتكتب عن معارك الاستنزاف وتحاول رفع الروح المعنوية للجنود حتى تبدأ الحرب ويستشهد أغلب من عرفتهم نعمة من المقاتلين، فتتعلم أن قيمة الوطن أعمق من الحب. ويعد فيلم “,”العمر لحظة“,” من أهم الأفلام التي تناولت حرب أكتوبر سواء من الناحية الإنسانية وحتى المعارك الحربية التي نفذها المخرج محمد راضي، والقصة مأخوذة عن الكاتب يوسف السباعي، وكان أول عرض للفيلم في 3 سبتمبر 1978. ويعد من أشهر الأفلام التي تناولت حرب أكتوبر “,”الرصاصة لا تزال في جيبي“,” والذي تم إنتاجه في عام 1974 عن قصة للكاتب إحسان عبد القدوس والذي نال عنها جائزة أحسن قصة، بينما كتب السيناريو للفيلم رمسيس نجيب ورأفت الميهي، ومن إخراج حسام الدين مصطفى. والفيلم من أشهر كلاسيكيات السينما التي عبرت عن حرب أكتوبر وشارك في بطولته محمود ياسين ونجوى إبراهيم وحسين فهمي ويوسف شعبان وسعيد صالح والعديد من الوجوه الجديدة آنذاك. الفيلم يستعرض حرب الاستنزاف من خلال المجند محمد والذي تسلل إلى غزة في فلسطين من أجل العودة لبلده والتي تتزامن مع حرب 1967 مما يجعله محطم وبائس خاصة بعد أن تم قتل مجموعة من زملائه أمام عينيه. ويستقبله أهل قريته بفتور كأنه المسئول عن هذه النكسة ويشترك محمد في حرب الاستنزاف وعلى الرغم من أنه كان يستعد لزفافه من ابنة عمه ولكن تنشب حرب أكتوبر ويتم العبور فيعود من جديد لقريته ولكن هذه المرة محملاً على الأكتاف ويتزوج من ابنة عمه ويظل محتفظًا بالرصاصة في جيبه. وفي العام نفسه وبعد نصر أكتوبر بعام 1974 قدم أيضًا محمود ياسين فيلمه الثاني عن حرب أكتوبر “,”بدور“,” وقاسمته البطولة نجلاء فتحي وهدى سلطان ومجدي وهبه وعدد من الأبطال، والفيلم اسندت منتجته ماري كوين إخراجه لابنها نادر جلال. وتبدأ قصته عن صابر الذي يلتقي بفتاة نشالة ولكنها تقرر التوبة ويدعي لأهل حارته بأنها ابنة عمه فتعيش في منزل المعلمة نوسة، حتى يعرف أهل الحارة حقيقتها في الوقت الذي يذهب خلاله صابر للحرب التي تقوم فيتم النصر والعبور ويعود صابر مجددًا للحارة مصابًا ويحتفل مع أهل حارته بزواجه من بدور. وقدمت أيضًا في 74 نجلاء فتحي فيلمًا آخر عن الحرب ولكن بشكل مختلف بعنوان “,”الوفاء العظيم“,” مع المخرج حلمي رفلة وتشاركت بطولته مع محمود ياسين وكمال الشناوي وسمير صبري، وتدور القصة حول المجندين عادل وصفوت الذي يكتشف كل منهما حبهما لولاء أثناء لقائهما في حرب أكتوبر وبعد النصر يعودان لينسحب عادل من حياتها ويسعى لإتمام زيجتها مع صفوت بعد أن يقنع والدها بذلك. وحاول المخرج حلمي رفلة الذي فضل تقديم فيلم عن الحرب في إطار رومانسي اجتماعي أن يتخلل العمل العديد من المعارك الحربية التي تم تنفيذها. وبعدها بعام وبالتحديد في 1975 قدمت السينما المصرية فيلمًا آخر عن الحرب بعنوان “,”حتى آخر العمر“,” الذي كتب قصته يوسف السباعي وقدم خلاله محمود عبد العزيز أولى بطولاته السينمائية بمشاركة نجوى إبراهيم وعمر خورشيد. ويعد أبرز أحداث الفيلم قيام الجنود المصريين بعملية بدر في أولى حرب أكتوبر حينما عبروا قناة السويس. وعلى الرغم من أن الفيلم عن حرب أكتوبر ولكن تدور أحداثه في إطار رومانسي من خلال منى التي تقع في حب شاب يقرر السفر ويتركها فتتزوج من ظابط في الجيش والذي يكتشف أنها تحب غيره فيقرر أن يتم الطلاق ولكنه يسافر إلى الجبهة ويعود من الحرب مصابًا، فتتغير مشاعر منى تجاهه وتشعر بأمل كبير بعد أن يسافر زميله للعلاج في الخارج من نفس الإصابة. ويعد أيضًا من أهم الأفلام التي تناولت تلك المرحلة من تاريخ مصر فيلم “,” أبناء الصمت“,” والذي قدم في 1974 تبدأ قصته بعد أن يتم تدمير إيلات وهو ما يجن جنون العدو فضرب إحدى مدن السويس كنوع من الانتقام فتبلغ حرب الاستنزاف ذروتها في ملحمة من النضال والبسالة من قبل الجنود المصريين. ويعطي القائد بعض من جنوده إجازة فنرى أن مدينة القاهرة بعيدة تمامًا عن كل ما يحدث في الجبهة حيث تعم بالحياة، فتبدأ الحرب ونرى من خلال المعارك كيف كانت بسالة الجنود في المعركة حتى يتم النصر، الفيلم شارك في بطولته محمود مرسي وميرفت أمين ونور الشريف ومحمد صبحي وسيد زيدان. وبعدها بسنوات حاول بعض المخرجين تقديم أفلام لها علاقة بحرب أكتوبر بالرغم من الصعوبة الإنتاجية وكان منها فيلم “,” الطريق إلى إيلات“,” والذي تناول كيف قام بعض الجنود المصريين بتفجير المدمرة إيلات. الفيلم الذي أنتج في 1993 شارك في بطولته عزت العلايلي ونبيل الحلفاوي وعبد الله محمود ومادلين طبر، وقامت بإخراجه إنعام محمد علي. ونرى من خلاله حرب الاستنزاف والغارات المصرية على ميناء إيلات الإسرائيلي والعمليات التي نفذها مجموعة من الضفادع البشرية التابعة لسلاح البحرية المصري وعودتهم سلامين بعد إتمام مهمتهم.