كثفت موسكو مؤخرًا، وبشكل موسع، علاقاتها مع بريفان "عاصمة أرمينيا"، والتي تربطها مع أنقرة أزمة تاريخية، ممتدة حتلا اليوم، منذ عام 1915، حيث إبادة الأتراك الجماعية ضد الأرمن. وزيرا دفاع موسكو وبريفان وقعا في 23 ديسمبر الماضي، اتفاقية مشتركة لنظام دفاع جوي حديث موحد، رابط بمنظومة مشتركة موحدة، مع كل من طاجيكستان، نقيرغيزستان، كازاخستان، وروسيا البيضاء. التحالف الروسي الأرمني بدأ منذ وصول بوتين للحكم عام 2000، وسعيه لتأسيس الاتحاد الأوراسي، البديل عن الاتحاد الأوروبي، بل والمنافس له، والدول المذكورة بمنطقة القوقاز أعضاء بالاتحاد. روسيا تحتل المركز الأول في العلاقات الاقتصادية والتجارية مع أرمينيا، والتي في أمس الحاجة لموسكو في ظل صراعها مع أذربيجان على منطقة "قره باغ" الحدوديه. أذربيجان حليف واشنطن والغرب، وبعلاقات شراكة مع تركيا، وروسيا سعت، كونها رئيس مجموعة مينسك ضمن منظمة الأمن والتعاون الأوروبية، حل الصراع، لكن لا تزال أذربيجان متمسكة بادعائها في استرداد المنطقة، التي تقع ضمن حدودها، وفق ما تدعي. القيادة الروسية تدرك مدى الخطر الكامن في اتساع أي صدام محتمل أزري أرمني على مجمل منطقة القوقاز الغنية بالنفط والغاز، وبما يهدد الأمن القومي الروسي، والمصالح الروسية، لهذا سارعت روسيا منذ 2010 لتمديد اتفاقية قاعدتها العسكرية في أرمينيا إلى عام 2044، وزيادة الوجود العسكري الروسي بمنطقة "غيومري" الأرمينية الحدودية مع تركيا -العضوة بالناتو-. هذه القاعده أعيد تأسيسها عام 1995 على أنقاض قاعدة سوفيتية، لكن بوريس يلتسين - حليف واشنطن والغرب- لم يكن يولي الاهتمام، لكن بوتين أدرك أهميتها الإستراتيجية في الصراع مع واشنطن، ومن ثم وبهدف إفشال حصار روسيا، سعى لإقامة منطقة عازلة أمام الأطلسي، ضمت شبكة قواعد عسكرية من الدول سالفة الذكر، الأعضاء بالاتحاد الأوراسي. يدور السؤال: "لماذا عززت روسيا من تعاونها العسكري مع أرمينيا؟"، والإجابة على ذلك تكمن أولًا في استشعار مكمن الخطر على الأمن القومي الروسي، والمصالح الروسية بمنطقة القوقاز، ثانيًا هو بمثابة رسالة روسية لأردوغان، مفادها أن الرد الروسي لن يقف عند حد عقوبات اقتصادية وتجارية، بل سيتسع، ردًا على إسقاط أنقره لطائرة السو 24 المقاتلة فوق الأراضي السورية يوم 13 ديسمبر الماضي. وهنا تجب الإشارة إلى المحادثات الروسية القبرصية، التي وصلت لشوطها الأخير في بناء قاعدة بحرية عسكرية روسية، بالشطر اليوناني القبرصي، في مواجهة الشطر الشمالي التركي من جزيرة قبرص المحتل من تركيا عام 1974. المواجهة ممتدة، والصراع مفتوح، لكن مفتاح اندلاعه لم يحسم بعد من أية رقعة بعد منطقة الشرق الأوسط.