الفقيه الدستوري: إصرار “,”الخمسين“,” على تعديل الدستور يشوه ثورة 30 يونيو عمرو موسى ليس فقيهًا دستوريًا.. لكنه رجل دولة المادة 219 تفتح الباب للكثير من الميكروبات المجتمعية المطالبة بأحزاب ذات مرجعية دينية “,” ضحك على الدقون“,” طالبت بأهمية الاستعانة بتراثنا الدستوري والاستفادة من خبرات 90 عامًا.. والابتعاد عن الخطايا الدستورية لمبارك سيجعلنا ننجح المصريون لن يقبلوا بدستور وضعه رئيس متهم بالخيانة العظمي طالبت عمرو موسي بتلافي أخطاء تأسيسية دستور “,”الجماعة“,” حتى لا يخرج الشعب بثورة ثالثة القانون المدني المصري لا يعارض فقة الشريعة حتى يطالب الإسلاميون بدستور يحافظ على الهوية الإسلامية أكد الفقيه الدستوري الدكتور يحيي الجمل رئيس وفد تيار الاستقلال للجنة الخمسين على أن تعديل الدستور محكوم عليه بالبطلان وأن لجنة الخمسين لو أصرت على تعديله فإنها تشوه صورة 30 يونيو، مطالبًا بضرورة الاستعانة بتراثنا الدستوري والاستفادة من خبرات 90 عامًا، وأن الابتعاد عن الخطايا الدستورية لمبارك سيجعلنا ننجح. وأوضح الجمل في حواره مع “,”البوابة نيوز“,” أن الشعب المصري الذي قام بأعظم ثورة في التاريخ لن يقبل بدستور وضعه رئيس متهم بالخيانة العظمي، وأنه طالب عمرو موسي بضرورة تلافي أخطاء تأسيسية دستور “,”الجماعة“,” حتى لا يخرج الشعب بثورة ثالثة، مؤكدًا أن موسى رجل دولة، مبينًا أن القانون المدني المصري لا يعارض فقه الشريعة حتى يطالب الإسلاميين بدستور يحافظ علي الهوية الإسلامية، وأن الأحزاب الدينية في مصر لعب بالألفاظ وضحك على الدقون. وإلى نص الحوار: * في البداية.. أصبح هناك جدل كبير حول لجنة الخمسين والتعديلات الدستورية، خاصة أن البعض يؤكد أن تلك التعديل تهدد الدستور بالبطلان...؟ مقاطعًا.. الحقيقة أنا مازلت أرى أنه لابد من كتابة دستور كامل متكامل، فكل ما يترتب على باطل فهو باطل، خاصة وهم يتحدثون عن 82 تعديل على دستور 2012، فلماذا لا نضع دستورًا جديدًا ونحن نمتلك ميراثًا دستوريًا كبيرًا وعريقًا وتاريخنا في كتابة الدساتير قبل دستور 1923، أي اننا نمتلك رصيدًا يصل إلى 90 عامًا، فيمكننا أن نكتب دستورًا جديدًا ونستعين فيه بميراثنا الدستوري، وفي اعتقادي أن دستور 1971 من أهم الميراث الدستوري الذي نمتلكه، ولكن قبل التعديلات الدستورية التي حدثت في عهد حسني مبارك، والتي أطلقت عليها وقتها الخطايا الدستورية. * ألا يوجد ميراث آخر غير دستور 71 يمكن للجنة الخمسين الاستعانة به في كتابة دستورنا الجديد؟ هناك ميراث كبير وحديث متمثل في تجربة حقيقية حدثت بعد ثورة 25 يناير مباشرة، قبل أن ندخل في دوامات الدستور أولا أم الانتخابات الرئاسية، وهذه التجربة غنية جدًا لكن للأسف لم يلتفت لها أحد، فوقتها صدر قرار لمجلس قيادة الثورة بإنشاء لجنة الوفاق القومي برئاستي، وهي لجنة غير لجنة الحوار التي كان يرأسها عبدالعزيز حجازي، ولم أقم بتعيين أي شخص وإنما أرسلت إلى الأحزاب التي كانت قائمة وقتها، وإلى الأندية الكبرى مثل النادي الأهلي ونادي الصيد، وإلى كل النقابات ليرسلوا مندوبًا عنهم، فلبت كل الجهات عدا حزب الحرية والعدالة، وقال لي عصام العريان “,”أنت فاكر أن لجنة الوفاق القومي هي من ستكتب الدستور.. نحن سنكتب الدستور وهو جاهز“,” وهذا ما حدث بالفعل وأدى الى خروج دستور غير متوافق عليه. * وهل توقف العمل في لجنة الوفاق القومي لرفض مشاركة حزب الحرية والعدالة؟ لا.. بالتأكيد.. فكل الأعمال التي قامت بها لجنة الوفاق القومي موجودة في سكرتارية مجلس الشعب القديم، وبعض الأعضاء يملكون نسخًا منها، وأعمال اللجنة مدونة بالكامل، وانتهت أعمال اللجنة إلى دراسة مواد الدستور القديم ووضع مشروع دستور جديد، ولكننا يبدو أننا بشر ترغب أن تنكر أعمال كل من سبقونا، ونريد أن نبدأ وكأنه لم يوجد قبلنا أحد ولن يوجد بعدنا أحد، ولكن إذا أردنا أن نكون عالمًا متحضرًا فنستعين بماضينا كما يفعل كل العالم المتحضر. * هل ترى أن الدستور المحكوم عليه بالبطلان هذا يمكن أن....؟ مقاطعًا.. يجب وضع دستور جديد وليس تعديلًا دستوريًا، لأن تعديله محكوم عليه بالبطلان ويمكنه أن يعيد الأنظمة السابقة وعلى الأخص النظام الذي كتب هذا الدستور. * وإذا أصرت اللجنة على تعديل الدستور فما هو خطورة هذا الوضع؟ وقتها لن نحصل سوى على دستور مشوه.. يشوه صورة ثورة 30 يونيو ويهدد ببطلان ما هو باطل، فبعد يوم 30 يونيو وجدت دولة جديدة ودستورية جديدة، وعليك أن تفهم أنني في ذكرى الزعيم عبدالناصر هذا العام شعرت وكأن مصر أصبحت غير مصر القديمة، وأن 30 يونيو صنعت مشروعية جديدة وولدت دولة جديدة. * لذلك وقعت على حملة “,”دستور جديد “,” ؟ بالطبع.. فالشعب المصري الذي قام بأعظم ثورة فى التاريخ لن يقبل أن يحكمه دستور وضعه رئيس متهم بالخيانة العظمى وأقرته جماعة بين عشية وضحاه ا، و هناك بالفعل تحركات غير عادية للحملة لكتابة دستور جديد يليق بثورتى 25 يناير و 30 يونيو وعلى اللجنة أن تستجيب للشعب المصري وتنفذ مطلبه بكتابة دستور جديد. * هل تحدثت مع لجنة الخمسين أم أنها تحركات رصدتها بشكل ما؟ لقد أبلغني عمرو موسى رئيس لجنة الخمسين لتعديل الدستور أنه وافق على كتابة دستور جديد بديلًا لدستور 2012 حتي لا نخرج بدستور “,”مرقع“,”، وقد اجتمعت به بالفعل الأربعاء الماضي برئاسة وفد من تيار الاستقلال يضم أحمد الفضالى، منسق التيار، ونبيل زكى، وأحمد حسن، ومصطفى بكري، والمستشار هيثم غنيم، رئيس محكمة التحكيم العربية، وأخبرته أن دستور الإخوان به 82 مادة يجب تعديلها طبقًا لتوصيات الخبراء العشرة، وهذا العدد الضخم يتطلب كتابة دستور جديد، على أن يكون عمل اللجنة الآن يقوم علي دستور مؤقت للفترة الانتقالية فقط. * وماذا عن هي أهم النقاط التي طلبتها من عمرو موسي؟ لم تخرج عن ضرورة عدم تكرار خطيئة تأسيسية دستور 2012، وأهمها ان تكون لجنة الخمسين معبرة عن كل القوى والتيارات السياسية، ويخرج بتوافق مجتمعى، ودستور يحظى على توافق أغلبية القوى السياسية والوطنية، على أن تستوعب لجنة الخمسين المقترحات الجوهرية من فقهاء وأساتذة الفقه الدستورى سواء من تيار الاستقلال أو من أي تيار آخر. * ولكن البعض يؤكد أنه إذا خرج الدستور بعد التعديلات يمكن لأي جهة الطعن عليه وإسقاطه؟ لا أستطيع أن أصادر على رأي القضاء، إنما الطعون أمر وارد في كل الأحوال، ولكن من الأفضل لنا ونحن في البداية أن نكتب دستورًا جديدًا، وإن كنت أرى اليوم أن عمرو موسى ولجنة الخمسين تتجه إلى كتابة دستور جديد حتى لا يخرج الشعب المصري بثورة ثالثة. * كان من أهم عيوب دستور 2012 التي أدت إلى قيام ثورة 30 يونيو عدم وجود خبراء أو صانعي دساتير، وللمرة الثانية لا نجد في اللجنة متخصصًا في كتابة الدساتير، ألا ترى أن هذا خطأ كبير جدًا؟ المرحلة الأولى الممثلة في لجنة العشرة كانت كلها خبراء متخصصون، والحقيقة أن بعضهم كلمني يسألني عن رأيي، أيضًا هناك الأستاذة أمينة ذو الفقار التي شكلت مجموعة كنت من ضمن أعضائها، وكتبنا مشروع دستور وأرسلناه لهم، أما لجنة الخمسين فقد تشكلت من الأحزاب وبها بالطبع بعض الأساتذة مثل جابر نصار، إنما الحقيقة عمرو موسى يدير اللجنة جيدًا، أما الاستعانة فتحدث عن طريق لجنة الاستماع، وأنا فكرت أن أذهب إلى لجنة الاستماع وقد أذهب قبل نهاية اللجنة كواجب وطني، ولكن ما عندي كتبته وقلته وأقوله لك الآن. * عمرو موسى دبلوماسي بارع وذو خبرة، لكن هل تعتقد أن دبلوماسي يمكن يصلح لأن يكون رئيس لجنة كتابة دستور فيها من القوانين والمواد الدستورية المتخصصة؟ عمرو موسي قبل ان يكون رجلًا دبلوماسيًا، رجل قانوني في المقام الأول، ورغم أنه ليس فقيهًا دستوريًا إلا أنه رجل دولة، وكل ما أخشاه عدم استعانته بالدستوريين أثناء الصياغة فقط. * في رأيك هل إدارة لجنة لكتابة دستور تحتاج إلى دبلوماسي أم إلى رجل قانوني؟ أعتقد أنها يجب أن تحتاج للاثنين معًا، لأن الدستور بصياغته يحتاج إلى فكر قانوني ودستوري، ولكن اقناع كل التيارات بالبنود والنقاط القانونية مع اختلاف رؤيتها يحتاج إلى دبلوماسي. * كتابة الدستور تحتاج إلى شيء من الدبلوماسية أم إلى التوافق الوطني، بمعنى هل يجب الأخذ والعطاء أم التوافق؟ بالتأكيد لابد أن تأخذ وتعطي حتى تصل في النهاية إلى التوافق الوطني، ولكن للأسف ينقصنا في مصر ثقافة الحوار، والتي تقوم في الأساس على سماع الآخر وهو يبدي رأيه حتى أناقشه فيه، ولكنك عندما تجلس وسط مجموعة تجد الكل يتحدث ولا أحد يستمع، لذلك نقول إن المتحضرين يعرفون كيف يختلفون. * تقول إننا نمتلك إرثًا من كتابة الدساتير ورغم ذلك مر علينا 31 شهرًا ونحن نتشاجر من أجل مادة أو مادتين فإذا كان لدينا هذا الإرث لماذا لا نستطيع الاستفادة منه؟ لأننا كما ذكرت نريد أن نهدم ميراثنا وأن نبدأ من أول وجديد، وهذه الثقافة موجودة حتى في الحكومات، فنجد أن الوزير الجديد يأتي ليهدم مشروعات سلفه ويبدأ من جديد وهذا خطأ، فيجب أن نتعلم عادات المتحضرين الذين يمكنهم بناء دول ونتعلم أن الإدارة علم وفن وذوق. * كانت المادة 219 من أكثر المواد المختلف عليها، فالبعض يقول إنها مع الهوية والبعض الآخر يقول إنها ضد الهوية المصرية، ورغم أن المجتمع المصري ذو أغلبية مسلمة فإن الكثير لا يعلم مدى أهميتها أو خطورتها، ولماذا وضعت كمادة هوية وليست مادة تعامل؟ أولا المادة 219 تفتح الباب للكثير من الميكروبات المجتمعية، فالمادة الثانية التي تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع كافية فيما يتعلق بهذا الأمر، أما الخطر فهو أن كل تجارب الإسلام السياسي هو أن الدين السياسي في أوربا قبل الثورة الفرنسية فشل وجاء بديكتاتورية دينية، وفي الوطن العربي فشل الإسلام السياسي وجاء بديكتاتورية دينية، فخلط الدين بالسياسة خطأ، لأن الدين يقوم على اليقين المطلق والسياسة تقوم على المصالح المتغيرة من وقت لآخر، وخلط المطلق بالنسبي يضر بالمطلق ويضر بالنسبي. * ولكن البعض يقول إن سيدنا محمد كان يتعامل بشيء من السياسة ولا يفصل ما بين السياسة وإدارة الدولة، فهل مصر كدولة مسلمة يجب أن تُدار بالشريعة الإسلامية وهل الشريعة من أحكام السياسة؟ القانون المدني المصري الأساسي الذي يوجد به كل القوانين لا توجد به مادة متعارضة مع الشريعة الإسلامية، والادعاءات التي تقول إننا لا نحكم بالشريعة خطأ فنحن نحكم بالشريعة، فالقانون المدني وضعه السنهوري معتمدًا فيه على الدين الإسلامي، وكتابه مصادر الحق في الفقه الإسلامي، فهو دارس القانون المدني لكنه كان من أفقه قوانين الشريعة، وكان الشيخ عبدالظاهر ومُدرسو علم الشريعة هم الذين كانوا يطلقون عليه أفقه الشريعة. * الأحزاب الدينية في مصر فهمها البعض بشكل خاطئ، فالأحزاب الدينية في أوروبا هي أحزاب ذات مرجعية دينية وإن كانت ظاهرية؟ هذا صحيح.. فالحزب الديمقراطي المسيحي في ألمانيا لا يستخدم الدين سوى في اسم الحزب، أي البعد الروحي للدين، لأنه بغير الدين لا طمأنينة في النفس، لكن هذا شيء والمساءل المتغيرة شيء آخر. * إذا من يقولون إننا لا نريد أحزابًا دينية ولكن أحزابًا ذات مرجعية دينية يلعبون بالألفاظ؟ بالتأكيد.. لعب بالألفاظ وضحك على الدقون.