يشهد الموقف العسكري في تركيا تغيرات متلاحقة على صعيد قدرات الردع خلال الأيام القليلة الماضية، فما بين توغل في العراق شجبه الجميع وما بين استفزاز لروسيا يواجه الموقف العسكري لتركيا تهديدات خطيرة ربما أفقدته صوابه. فبعد 3 أعوام من نشرها قررت ألمانيا سحب بطاريات الدفاع الصاروخي "باتريوت" من الأراضي التركية، وذلك بعد وقت قصير من موافقة حلف شمال الأطلنطي على تعزيز الجهود الرامية لحماية مناطق جنوبتركيا الحدودية وأجوائها فيما يعرف بإقليم كهرمان مارز. وعلى رصيف ميناء الإسكندرونة التركي القريب من الحدود السورية قام الفنيون الألمان بتحميل 350 وحدة صواريخ باتريوت مفككة على من الناقلة الدانماركية "رورو" عائدين بها إلى الأراضي الألمانية، كما غادر خبراء الدفاع الصاروخي الألمان الأراضي التركية بإجمالي 250 خبيرا برفقة وحدات الباتريوت العائدة. وأفاد شهود عيان أن الخبراء الألمان قد اخلوا قبل أيام قاعدة غازي العسكرية في جنوبتركيا، حيث كانوا يقيمون، وكانت ألمانيا قد أعلنت نهاية الشهر الماضي أنها لن تجدد اتفاق نشر وحدات الباتريوت الألمانية على الأراضي التركية بعد انتهاء أجل اتفاق نشرها المبرم قبل3 أعوام للدفاع عن الأراضي التركية ضد أية هجمات صاروخية سورية. ولا توجد وحدات للباتريوت على الأراضي التركية حاليا سوى وحدات إسبانية تتولى منذ مطلع عام 2015 الدفاع عن قاعدة انجرليك التركية التي تتواجد بها قوات أمريكية وأخرى متحالفة مع الولاياتالمتحدة تحت زعم محاربة إرهاب تنظيم "داعش" في سوريا. وكانت هولندا قد سحبت وحدات الباتريوت الخاصة بها من هذه المنطقة مخلية المجال للوحدات الإسبانية التي من المقرر أن يمتد عملها في تركيا حتى نهاية العام الجاري، وتشمل تشكيلات الباتريوت الإسبانية 6 وحدات للدفاع عن ميناء أضنه التركي القريب من الحدود السورية بمسافة 63 ميلا، وكانت الولاياتالمتحدة قد سبقت ألمانيا في سحب وحدات الباتريوت الأمريكية من الأراضي التركية. وكان حلف شمال الأطلنطي قد وافق في ديسمبر الماضي على تعزيز الدفاعات لمناطق جنوبتركيا من خلال تكثيف عمليات الاستطلاع الجوى الدائم وتنفيذ عمليات حراسة سواحل في جنوبتركيا، ووافقت ألمانيا والدانمارك على المشاركة بوحدات خفر سواحل للانتشار في منطقة شرق المتوسط لتأمين الملاحة التركية. وفي سماء بحر أيجه جرت هذا الأسبوع مطاردات جوية - دونما إطلاق للنيران - بين مقاتلات تركية وأخرى يونانية وذلك بعدما انتهك سرب مؤلف من 6 مقاتلات تركية المجال الجوى اليوناني "عدة مرات". وقال مسئولون عسكريون يونانيون إن المقاتلات التركية دأبت على انتهاك المجال الجوى اليوناني والتحرش العسكري في الجزر المتنازع عليها في بحر أيجه بين اليونان وتركيا وذلك في أعقاب إسقاط تركيا للمقاتلة الروسية "سوخوي24" فوق المنطقة الحدودية بين تركياوسوريا في نوفمبر الماضي. وتقول اليونان: إن مجالها الجوى هو 10 أميال فوق أرخبيل الجزر المتنازع عليها مع تركيا في بحر إيجه وذلك بمحاذاة الساحل الغربي لتركيا، أما أنقرة فإنها لا تعترف سوى بستة أميال فقط كمجال جوى لليونان فوق هذه الجزر، ولعمليات التحرش الجوى التركي ضد اليونان تاريخ حافل ففي يونيو 1992 أسقطت المقاتلات التركية طائرات ميراج يونانية من طراز "إف 1" وفي فبراير 1995 سقطت طائرة تركية من طراز "إف 16" خلال عملية تحرش تصدت لها المقاتلات اليونانية، وفى أكتوبر 1996 أسقطت مقاتلة يونانية من طراز ميراج 2000 مقاتلة تركية من طراز إف 16 بعد اختراقها للمجال الجوى اليوناني وتجاهلها إشارات التحذير، وفي مايو 2006 اعترضت مقاتلتان يونانيتان مقاتلتين تركيتين من طراز "إف 16" حاولتا اختراق العمق اليوناني ونجم عن الاعتراض اصطدام مقاتلة تركية بأخرى يونانية دونما اشتباك بالنيران وهو ما نجم عنه مصرع الطيار اليوناني فيما استطاع الطيار التركي القفر بالباراشوت من كابينة مقاتلته.