محافظ مطروح يفتتح مدرسة أولاد مازن للتعليم الأساسي بالنجيلة    رئيس الوزراء يلتقي وزير البترول لاستعراض عددٍ من ملفات عمل الوزارة    أكسيوس: حكومة الاحتلال تسعى لإبرام اتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة مدتها 20 عاما    طبقا للتعديلات الجديدة في القانون.. اللجنة الأولمبية تشرف على الاتحادات ولا مساس باختصاصاتها    شاهدها الآن ⚽ ⛹️ (0-0) بث مباشر الآن مباراة العراق ضد الإمارات في ملحق آسيا لكأس العالم 2026    بسبب فشل الأجهزة التنفيذية فى كسح تجمعات المياه…الأمطار تغرق شوارع بورسعيد وتعطل مصالح المواطنين    الأمن يكشف ملابسات فيديو اصطدام قائد سيارة بطالب واعتدائه عليه في الشرقية    المسلماني: تطوير شامل ل «النيل الدولية» وتغيير الشعار إلى ENN    إعلان موعد خروج الفنان محمد صبحي من المستشفى    اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني والدعم السريع غرب كردفان.. فيديو    مسيرة إسرائيلية تقصف سيارة وقت ذروة خروج طلاب المدارس في جنوب لبنان    إحالة 49 من العاملين بمنشآت مختلفة في الشرقية للتحقيق    مدير تعليم الشرابية يشيد بمبادرة "بقِيمِنا تحلو أيّامُنا"    المركز الإعلامي لمجلس الوزراء: أكثر من 700 مادة إعلامية نُشرت حول افتتاح المتحف المصري الكبير في 215 وسيلة إعلامية دولية كبرى    الصحة: مصر حققت تقدما ملحوظا في تقوية نظم الترصد للأوبئة    محمد عبد العزيز: ربما مستحقش تكريمي في مهرجان القاهرة السينمائي بالهرم الذهبي    الدقيقة الأخيرة قبل الانتحار    بروتوكول الممر الموحش    سر رفض إدارة الكرة بالزمالك لتشكيل اللجنة الفنية    رسالة شكر من الفنان للرئيس، تطورات الحالة الصحية ل محمد صبحي    جراديشار يصدم النادي الأهلي.. ما القصة؟    عاجل- أشرف صبحي: عائد الطرح الاستثماري في مجال الشباب والرياضة 34 مليار جنيه بين 2018 و2025    وزيرا التعليم العالي والأوقاف يبحثان تعزيز التعاون مع بنك المعرفة المصري لدعم الأئمة والدعاة    محافظ الشرقية يلتقي رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية لتعزيز سبل التعاون المشترك    موعد امتحانات نصف العام الدراسي 2025-2026 (موعد إجازة نصف العام 2025-2026)    السجن المشدد ل4 متهمين بسرقة سوبر ماركت بالإكراه فى قنا    «الكوسة ب10».. أسعار الخضار اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025 في أسواق المنيا    القسام تستأنف البحث عن جثث جنود الاحتلال    نيويورك تايمز: أوكرانيا تواجه خيارا صعبا فى بوكروفسك    فاز بانتخابات العراق.. السوداني من مرشح توافقي إلى قطب سياسي    محافظ الغربية: كل شكوى تصلنا نتعامل معها فورا.. ومتفاعلون مع مطالب المواطنين    المستمتع الجيد.. 5 أبراج تملك مهارة الإنصات وتمنح من حولها الأمان    مصر تمد التزام خليج السويس ودلتا النيل مع إيني الإيطالية حتى عام 2040    التنسيق بين الكهرباء والبيئة لتعظيم استغلال الموارد الطبيعية وتقليل الانبعاثات الكربونية    ليفاندوفسكي على رادار ميلان وفنربخشة بعد رحلته مع برشلونة    إجراء 1161 عملية جراحية متنوعة خلال شهر أكتوبر بالمنيا    وزير الصحة يُطلق الاستراتيجية الوطنية للأمراض النادرة    في قلب الشارع.. قتل مهندس كيمياء نووية مصري ب13 رصاصة في الإسكندرية    رئيس جامعة قناة السويس يكرّم الفائزين بجائزة الأداء المتميز عن أكتوبر 2025    الغنام: إنشاء المخيم ال17 لإيواء الأسر الفلسطينية ضمن الجهود المصرية لدعم غزة    باريس سان جيرمان يحدد 130 مليون يورو لرحيل فيتينيا    الدوسري خلال «خطبة الاستسقاء»: ما حُبس القطر من السماء إلا بسبب تقصير الناس في فعل الطاعات والعبادات    موعد شهر رمضان 2026.. وأول أيامه فلكيًا    متحدث الأوقاف: مبادرة صحح مفاهيمك دعوة لإحياء المودة والرحمة داخل الأسرة والمجتمع    اتحاد شركات التأمين: يثمن إتاحة الاستثمار المباشر في الذهب والمعادن النفيسة    ندب قضاة ومنفعة عامة.. قرارات جديدة لرئيس الوزراء    بورفؤاد تدفع ب7 سيارات كسح لمواجهة أزمة غرق الشوارع بمياه الأمطار    الوزير: مصر مستعدة للتعاون مع الهند بمجالات الموانئ والنقل البحري والمناطق اللوجستية    الداخلية تلاحق مروجى السموم.. مقتل مسجلين وضبط أسلحة ومخدرات بالملايين    المصرية للاتصالات: تحسن التدفقات النقدية الحرة يعكس قوة الأداء المالى    المرشحون يستعدون لجولة الإعادة ب«حملات الحشد»    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 13نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    إنهاء أطول إغلاق حكومى بتاريخ أمريكا بتوقيع ترامب على قانون تمويل الحكومة    10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال| فيديو    صاحب السيارة تنازل.. سعد الصغير يعلن انتهاء أزمة حادث إسماعيل الليثي (فيديو)    «سحابة صيف».. مدحت شلبي يعلق على تصرف زيزو مع هشام نصر    حبس المتهمين بسرقة معدات تصوير من شركة في عابدين    فيفي عبده تبارك ل مي عز الدين زواجها.. والأخيرة ترد: «الله يبارك فيكي يا ماما»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خليل عبدالكريم.. القادم من الإخوان (5-5)
نشر في البوابة يوم 30 - 12 - 2015

ويمضى خليل عبدالكريم ليواصل معركته ضد دعاة التخلف والتأسلم والرافضين للتجديد فى الفكر الإسلامي. وهو كعادته يأتيهم من حيث لا يتوقعون، وبحجج لا يتوقعونها. فهو لا ينقل عن معارك المجددين القدامى والمحدثين وإنما يعمل عقله وفكره ويرهق نفسه فى الرجوع إلى كتب التراث الموثوق بها، ومن ثم فإن خصوم التجديد الذين اعتادوا على الحجج القديمة ونقلوا الردود عليها عن القدامى يقفون حيارى أمام ما يقذفه من حجج يرونها غير قابلة للابتلاع، ولكنهم لا يملكون حججًا منقولة، ويعجزون عن البحث والدراسة للرد عليها إما كسلا أو عن غير علم، فلا يجدون مع حيرتهم سوى الشتائم والاتهامات بالكفر والردة وغيرها. وهكذا، وفجأة يفتح خليل عبدالكريم جبهة جديدة معلنا «نحن نعارض مقولة الغزو الفكرى من الغرب أو التغريب حسب توصيف البعض. ونرى أنها تسىء للإسلام وتظهره فى صورة الديانة الهشة التى تذروها هبة ريح. والأسباب التى يسوقها أصحاب هذه المقولة مثل العداء الصليبى للإسلام والمسلمين، والضعف الفكرى والتفكك الاجتماعى لدى المسلمين وتخلفهم عن ركب الحضارة، فى حين أن الغرب قطع شوطًا هائلًا فى التقدم العلمي، وهذه الأسباب معكوسة بمعنى أنها هى التى من المفترض أن تدفع المسلمين إلى الانفتاح على ثقافات الآخرين بمعناها الواسع، وذلك ليتعرفوا على دوافع العداء الصليبى وبواعثه وينقبوا عن جذوره التاريخية ويحاولوا تضييق مسافة الخلف أو الخصام أو العداء مع الآخرين، لأن الوضع الحالى للمسلمين لا يتيح لهم أن ينابذوهم بالشقاق بل عليهم أن يتفهموا حقيقة موضعهم من الخريطة العالمية، وعلى ضوء هذا الفهم يجىء تصرفهم بكياسة، وفى الحديث الشريف «المؤمن كيس فطن» (ص21).
ويمضى قائلا «ونحن لا ندرى كيف يغدو التقدم العلمى غزوا فكريا لأن العلوم التجريبية لا جنسية لها ولا دين. وقد تتلون العلوم الإنسانية بالمنبت الذى نشأت فيه أو تحمل بصمات البيئة التى ظهرت فيها، أما العلوم التجريبية فهى بعيدة عن ذلك. وأرجو ألا يفهم من ذلك أننا ندعو للابتعاد عن العلوم الإنسانية واستبعادها، بل نحن نذهب إلى وجوب الاطلاع عليها ودراستها وتحليلها ومعرفة المناهج التى تتأسس عليها لنطبقها على تاريخنا وتراثنا ثم على واقعنا ومجتمعنا». ويمضى خليل عبدالكريم قائلا «إن رافعى شعار الغزو الفكرى يقومون بعملية انتقائية فيختارون بعض المواد يضعونها فى الصدارة للتدليل على خطر الانفتاح على ثقافات الآخرين، مثل محاولة تشويه القرآن والسنة وشخصية الرسول عليه الصلاة والسلام، وأول ما يتبادر إلى الذهن هو السؤال الآتى: على مدار الأربعة عشر قرنا الماضية توالت محاولات التشويه هذه، ولم تتوقف بل ربما كانت فى القرون الوسطى أشد فداحة وأبشع صورة منها الآن، فهل نالت من الإسلام مثقال ذرة ؟» بالطبع لا، ويمضى بنا قائلا ونظرا لأن أصحاب مقولة الغزو الفكرى أو التغريب أو الغزو الثقافى لا يملكون منهجا واضحا على ميزانه تنضبط النظرية وتتحدد بدقة بالغة لتكتسب الحد الأدنى من المصداقية وتصبح بالتالى مقنعة، نراهم يخلطون الأمور خلطا عجيبا فيدعون أن تيارات الغزو الفكرى هى: الاستشراق- التبشير- الصهيونية- الماسونية- أندية الروتاري- العلمانية – القوميات – الوجودية- الفوضوية- البابية- البهائية. وثمة كتاب عنوانه «الغزو الفكرى فى التصور الإسلامي» ويزعم أن هذه التيارات كلها تشابكت وتشاركت معا ضد العقيدة الإسلامية» (ص23). وردا على ذلك يقول خليل عبدالكريم «إن الحضارة الإسلامية لم تتخلق ثم تزدهر إلا بانفتاح المسلمين على ثقافات الآخرين فترجموها ونهلوا منها وأوسعوها دراسة وتمحيصا، ولو أن أولئك القدامى قالوا ما يقول المعاصرون من أن هناك مؤامرة على الإسلام وعقيدته وشريعته لما حدث التفاعل ثم الازدهار والإبداع والتألق الذى بدأ منذ القرن الأول الهجرى وحتى نهايات القرن الخامس الهجري. ولكن كيف السبيل الآن للحاق بالآخرين فى العلوم التجريبية والتكنولوجيا دون الانفتاح عليها وهضمها وتمثلها، ودون الأخذ بالمنهج العلمى الذى أثمرها وهو منهج الشك، وخلع أى هيمنة على العقل الإنساني. وخاصة أن العقل الإسلامى ومنذ ما يقرب أو يزيد على ثمانية قرون لا يعرف سوى الإذعان والتسليم والسمع والطاعة للنصوص وحراسها».
وأخيرا يوجه خليل عبدالكريم سؤالا صاعقا ضدالقائلين بالغزو والتغريب، فيسألهم ما هى الطرق التى ستتخذونها لمنع الثورة الهائلة فى الاتصالات والتى دخلت على الناس مخادعهم وحملت ثقافات الآخرين وطرائق معاشهم وعلاقاتهم الأسرية والاجتماعية، وإذا كانوا قد نجحوا فى منع ترجمة الكتب المحرمة والتى تتناول مواضيع محرمة فهل يمكنهم الوقوف فى وجه طوفان ثورة المعلومات والاتصالات الجبارة؟ (ص26).
والحقيقة أننا إذا تأملنا هجمة خليل عبدالكريم الضارية على رافضى التغريب، وما سموه الغزو الثقافى فإننا نعود إلى نهايات عشرينيات وبداية ثلاثينيات القرن الماضى، عندما أهاج الدنيا أمثال رشيد رضا وحسن البنا وغيرهما، رافضين ما سموه الغزو الثقافى والتغريب، وربطوا ذلك بما ادعوه من وجود حملة تبشيرية تستهدف تنصير الشباب المسلمين. وهى حملة ثبت بالبحث الدقيق أنها لم تكن للتبشير وسط المسلمين وإنما للتبشير بالكاثوليكية ثم بالبروتستانتية وسط المسيحيين الأرثوذكس، وأن ادعاءات التنصير كانت ادعاءات صهيونية روج لها صهيونى أصدر مجلة تبشر بالصهيونية وتحمل فى نفس الوقت عناوين صارخة؛ مثل هكذا حاولوا تنصيري». لكن الشىء المؤكد أن هذه الحملة الرجعية التى شنها رشيد رضا وحسن البنا قد أثرت تأثيرا سلبيا على محاولات الانفتاح على الثقافة الغربية، ودفعت كثيرا من المفكرين والمجددين إلى التوارى خلف مؤلفات ودراسات إسلامية، مثل العقاد فى عبقرياته وطه حسين فى «على وبنوه» ومحمد حسين هيكل فى «مهبط الوحي» و«حياة محمد». ويبقى دور خليل عبدالكريم بارزا وشجاعا وقادرا على إسكات الرجعيين والمتحجرين بحجج أتاها عن غير طريق النقل، وإنما عبر إعمال العقل وإعادة دراسة التراث. تحية لخليل عبدالكريم.. المفكر والمجدد والمناضل والشجاع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.