تهدد الاضطرابات الأخيرة استمرار جماعة الإخوان "الإرهابية"، خاصة في ظل تعنت القيادات ضد الشباب وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى انشقاقات واسعة داخل الجماعة، خاصة أن هذه المرة هي الأعنف في سلسلة الانشقاقات عن الجماعة على مدى تاريخها. أقدم المنشقين يعد أحمد كمال عادل، أحد مسئولي التنظيم الخاص داخل جماعة الإخوان، اقدم منشق عن الجماعة حيث تم فصله في 1956 نتيجة خلاف في الآراء مع حسن البنا. وكذلك أحمد السكري الذي وصل إلى منصب وكيل إمام الجماعة حسن البنا، ثم نشر مقالات تحدث فيها عن اتصالات البنا بشخصيات أجنبية واتهمه بالاستبداد في الاتخاذ القرار، فقررت الجماعة فصله وفصل محمد عبد السميع الغنيمي وسالم غيث معه. وكوّن جمعية "الإخوان المجاهدون الأحرار" التي لم تنجح فانضمت إلى حزب مصر الفتاة وأصبح السكري وكيلًا لرئيسه أحمد حسين، وهو ما اعتبره الإخوان سببًا في زيادة التوتر بين الجماعة والحزب. وربما كان عبد الرحمن السندي هو صاحب التمرد الأكثر عنفًا على الجماعة، بعد عزله من منصبه كمسئول التنظيم الخاص في عهد الهضيبي، ليُتهم بعدها بقتل خليفته في المنصب سيد فايز ويقتحم مع أنصاره منزل الهضيبي ويحتلون مركز قيادة الجماعة. جماعة "شباب محمد" كان الخروج الجماعي الأول من الجماعة والأبرز في الحياة السياسية في حينه هو إعلان مجموعة من شباب الجماعة، أطلقوا على أنفسهم جماعة شباب محمد، رفضهم للسمع والطاعة وفض بيعتهم مع حسن البنا في 1939، بقيادادة محمد عطية خميس وحافظ سلامة، الذي يعد أحد أهم القيادات التاريخية للمقاومة الشعبية في السويس في تلك الحقبة. اعتبرت المجموعة أن الإخوان تعمل بغير ما أنزل الله وأن البنا ينفرد بالسيطرة على الجماعة. وفي حين اعتبرت القيادات الإخوانية أن "شباب محمد" انشقت لانتهاجها العنف الذي رفضه الإخوان؛ قال خالد الزعفراني، المنشق عن الجماعة حديثًا، إن المجموعة كانت سلمية، فيما قال سامح عيد أنها اعترضت على سرقة البنا لأموال التبرعات التي تم جمعها لفلسطين. ورغم ذلك هنأهم البنا بإنشاء الجمعية وساهم في التبرعات لإنشاء مقراتهم. أزمة حزب الوسط في التسعينات لم يكن انطلاق الحزب، الذي حمل شعار الجماعة "الإسلام هو الحل" وبرنامج حزب "الشورى" الذي كان مقترحًا في عهد المرشد عمر التلمساني، السبب الرئيسي في انشقاق مجموعة أبو العلا ماضي وعصام سلطان وعبد المنعم أبو الفتوح ومحمد حبيب من جماعة الإخوان. فبعدما بدأت المجموعة في جمع التوكيلات للحزب فاجأتها قيادات الجماعة وخاصةً محمد عبد الله الخطيب، عضو مكتب الإرشاد، معتبرًا أن الحزب برنامجه علماني ويجب أن يتم إدخال الإسلام إليه، وأجهضت فكرة إنشاء الحزب أكثر من مرة حتى أصيبت المجموعة باليأس في 1995، وفقًا لرواية ماضي، واجتمعت في منزله قيادات تنظيمية ومهنية شبابية واتخذت قرارًا بتأسيس الحزب سواء قبلت الجماعة أو رفضت ثم وافق محمد مهدي عاكف، الذي كان مشرفًا على قسم المهنيين آنذاك، بعد محاولة أخيرة لإقناع الجماعة بالحزب، وتم اختيار ماضي وكيلًا للمؤسسين والتقدم بأوراق الحزب في يناير 1996 والحصول على الموافقة بإنشائه؛ لتحدث حالة من الاستنفار بين أمن الدولة والجماعة التي تفاجأت بتقديم أوراق الحزب واعتبرته خروجًا عن الإطار التنظيمي للجماعة وعدم التزام بقراراتها، واشترطت سحب أوراقه وإلغاء الفكرة فرفضت المجموعة المؤسسة، ولم تحقق الوساطات بين قيادات الجماعة والمجموعة والتي شارك فيها يوسف القرضاوي وغيره نتيجة مجدية. وبعدها تم القبض على ماضي وعصام حشيش ومجدي فاروق وعصام بيومي من المجموعة المؤسسة، وحصلوا على البراءة من المحكمة العسكرية، وطلب مأمون الهضيبي من المجموعة الاستقالة من الحزب وبالفعل استجاب 46 من المؤسسين منهم محمد على بشر وجمال حشمت. كانت هذه هي رواية المؤسسين؛ لكن مرشد الجماعة في ذلك الوقت مصطفى مشهور أكد في تصريحات صحفية أن الشباب المؤسسين للحزب ظلوا على انتمائهم تنظيميًا للجماعة ولم ينسلخوا منها، وإنما فقط أنكروا علاقتهم بها لكونها كيان غير مشروع قانونًا، ليجذبوا الناس إلى الحزب. انشقاقات فردية يعتبر المؤرخون أن الجماعات الإسلامية التي نشأت في مصر خلال فترة السبعينيات هي وليدة الإخوان بالأساس، وانشقت عنها نتيجة انتهاجها طريق أكثر عنفًا، أو كونها أعضاء بالجماعة وبقيت على تواصل معها وإن لم تنتمِي لها تنظيميًا، مثل الجماعة الإسلامية وتنظيم القاعدة. فيما انفصل أعضاء متفرقون خلال العشر سنوات السابقة على ثورة الخامس والعشرين من يناير، منهم مختار نوح، الذي دخل مجلس الشعب في 1987 عن الجماعة وكان أحد وجوهها البارزة في نقابة المحامين، وقال أن الجماعة تقصي الإصلاحيين داخلها وتجنبهم المناصب، واعتبر في تصريحات تليفزيونية له اليوم أن من انتموا للإخوان "مغفلون" وهو أولهم. كما انشق الشاب سامح عيد عن الجماعة، الذي قال في تصريحات سابقة أن "السمع والطاعة عند الإخوان مثل التعبد" وأن الجماعة تعلم أعضاءها الكذب، كما انشق ثروت الخرباوي، الذي يُعد من أشهر المنشقين عن الجماعة، قبل الثورة بعدة سنوات لانحراف الجماعة عن مسارها الصحيح كما عبر في كتابه الأول "قلب الإخوان". وقال الخرباوي عن الجماعة أنها "لا تحترم القانون على الإطلاق"، وأنه من حق أي شخص الشك في جماعة لا تفصح عن ميزانيتها. سلسلة من الانشقاقات عقب 25 يناير اعتبر البعض أن الجماعة شهدت أكبر حملة من الفصل والاستقالات لأعضائها بعد قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير، وتركزت أسبابهم في اتهام الجماعة بالتفاوض مع عمر سليمان أثناء الثورة لإخلاء الميدان من أعضائها، في مقابل السماح لهم بتأسيس حزب وجمعية، ورفض سياسات الجماعة ودعمها للمجلس العسكري الحاكم آنذاك. ومنهم إبراهيم الزعفراني الذي استقال من عضوية مجلس شورى الجماعة في أبريل 2011، بسبب عدم الاستجابة لاقتراحاته بتطوير اللائحة الداخلية للجماعة، لافتًا إلى أن الجماعة تحرم أعضاءها من الاندماج في المجتمع بحرمانهم من الانضمام لأحزاب أخرى، واستقال أيضًا محمد حبيب أستاذ الجيولوجيا بجامعة أسيوط من منصبه كنائب المرشد العام للجماعة في 13 يوليو 2011، بعدما شكك في انتخابات المرشد العام التي جاءت بمحمد بديع، وقال عن الجماعة: "صفحة وانطوت وتاريخ وضعته خلف ظاهري والأن أبدأ صفحة جديدة وتاريخ جديد"، وأسس حبيب مع الزعفراني وآخرين منشقين عن الجماعة أيضًا حزب "النهضة" ذو المرجعية الإسلامية. وانشق هيثم أبو خليل، قيادي الجماعة السابق بالإسكندرية ومدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان، في مارس 2011 اعتراضًا على عدم اتخاذ إجراء صارم وحاسم ضد أعضاء من مكتب الإرشاد الذين ذهبوا إلى لقاء سرى على انفراد بينهم وبين عمر سليمان. وكذلك أعلن إسلام الكتاتني ابن شقيق محمد سعد الكتاتني، الذي أصبح رئيس البرلمان تحت حكم الإخوان المسلمين، انشقاقه عن الجماعة خلال مشاركته في مليونية ضد حكم الرئيس الإخواني محمد مرسي في ديسمبر 2012، قائلًا: "لم أكن أتخيل أن الإخوان المسلمين لديهم لهجة الاستعلاء، ومرسي يدير مصر من مكتب الإرشاد، وأصبحت البلد غنيمة في يد الجماعة"، واعتبر أن مرسي لا يمتلك مؤهلات تمكنه من حكم مصر مطالبًا إياه بالرحيل، وأنه أتى برضا الولاياتالمتحدة وقدم لها تنازلات كثيرة. كما رفض وصفه بالمنشق عن الجماعة معتبرًا أن قيادات الجماعة هي من انشق عن تعليمات مؤسس الجماعة حسن البنا، حين بدأت بالسعي لحكم الدولة قبل تكوين الفرد المسلم والمجتمع المسلم. وأخذ إسلام صف الدولة والنظام الحاكم بعد خلع مرسي وأصبح منسقًا لحملة الشعبية لمكافحة الفساد. وفصلت الجماعة القيادي عبد المنعم أبو الفتوح مع مجموعة من داعميه بعد إعلانه رغبته في الترشح للرئاسة، بعدما أعلنت الجماعة أنها لن تتقدم لانتخابات الرئاسة 2012 رغم أنها تقدمت فيما بعد بمرشحها محمد مرسي، وقدم أبو الفتوح نفسه للمصريين على أنه متفتح الفكر وقد تخلص من فكر الإخوان، وأنشأ حزب مصر القوية الذي شاركه فيه مختار نوح؛ قبل أن يظهر تأييده للإخوان لا سيما بعد خلع نظامهم الحاكم في أحداث الثالث من يوليو 2013. وكذلك فصلت الجماعة 10 من شبابها خالفوا قرارها بعدم انضمام سوى لحزب الحرية والعدالة وأسسوا حزب "التيار المصري"، ومنهم إسلام لطفي وعبد الرحمن خليل. وانشق كمال الهلباوي عن الجماعة بعدما كان متحدثًا رسميًا باسمه في الغرب، لدفعها بخيرت الشاطر للانتخابات الرئاسية في 2012، ووافق إسلام الكتاتني الرأي في أن الجماعة تعجلت دخول الحياة السياسية والوصول إلى الحكم. واستقال الدكتور السيد عبد الستار المليجي من منصبه كعضو مجلس شورى الجماعة، وصرح بأن الإخوان لم ينفذوا أي شيء يمكن اعتباره إسلاميًا منذ توليهم للحكم. وكذلك الشيخ محمد سعيد عبد البر، المسئول السابق للملف التربوي بالجماعة، الذي قال أن استقالته ترجع إلى تفشي الفكر القطبي والوهابي بين القيادات وعدم تقبلها للنقد الداخلي بحجج الضغط الأمني قبل الثورة ثم الحملة الإعلامية بعد الثورة، واتهم الجماعة بأنها "انفصلت عن النسيج الوطني وتسارعت لحكم العسكر وتحرص على إيقاف الحالة الثورية". وأيضًا استقال أحمد بان من منصب عضو المؤتمر العام لحزب الحرية والعدالة، واعتبر أن المسار مازال كارثيًا داخل الجماعة، وأنه اكتشف أن الجماعة لا تعرف معنى المؤسسية أو الشورى ولم تمثل يومًا خلال 30 عاما أي تناقض مع النظام الحاكم أو منظومة الهيمنة الغربية، بل كانت نعم العون لكليهما ووفرت لهما فرص الحياة ومدت في عمر هذا نظام مبارك عشر سنوات على الأقل، وأصبح بان باحثًا في شئون الحركات الإسلامية. وانفصلت مجموعات أخرى غير مؤثرة مع استمرارها في حمل فكر الجماعة والاقتصار على رفض بعض أفكارها أو تصرفات قياداتها، مثل حركة إخوان بلا عنف، ومجموعات مثل تحالف شباب الإخوان التي ادعى المنسق العام لها عمرو عمارة أنها تخلصت من فكر الإخوان وتسعى إلى التعاون مع الدولة والأزهر الشريف.