تحية طيبه وبعد.. أكتب لك يا سيدى بصفتى جاسوسًا لكوكبنا العظيم بلوتو، ومندسا بكوكب الأرض لأنقل لكم تقريرًا مفصلًا عنه بعد وجود نية لدى سعادتكم أن تحتلوه.. نصيحتى المبدئية يا سيدى أن تتخلى تماما عن تلك الفكرة، فهو كوكب بائس، أعيش به الآن قرابة الخمسة أعوام وأندمج بين البشر دون أن يلاحظ أحدهم أننى غريب عنهم بشكلى وحجمى ولونى الأزرق الداكن، فالناس هنا «ملهية»، كل منهم متقوقع داخل نفسه يفكر كيف سيمر عليه غدا قبل أن يخطط كيف سيمر عليه اليوم، وإذا قرروا أن يذيبوا الجليد بينهم ويندمجوا، ما أن يبدأ أحدهم فى طرح رأيه فى موضوع حتى يسمع رأى الآخرين فى والدته مباشرة! كانت الناس هنا يا سيدى لفترة تسأل «لماذا خلق الله لنا أذنين وفمًا واحدًا؟»، ولم يعرفوا الإجابة إلا عندما حاصرتهم برامج «التوك شو» خرسوا خالص! الناس هنا يا سيدى تعيسة جدا، وقد بدأت مشكلة الإنسان منهم عندما اعتقد أن غيره أسعد منه، فحاول أن ينحشر بمشاكل الآخرين حتى تهون عليه بلوته، ولكنه رأى بالنهاية أن بلوته كبيرة برضه! والإنسان هنا يا سيدى بطبعه غريب أصلا، خلقت له ذاكرة ضعيفة لينسى فصنع الكاميرا والصور وكروت الميمورى، خلقت له الطبيعة وفضل أن يعيش بالمولات، خلق له لسان ليتكلم به مع الناس فتواصل معهم بأزرار الكيبورد، خلقت له مشاعر فحولها لأيقونات إيموشنز مستفزة، الناس هنا وحيده جدًا.. وحيدة لدرجة إنهم بيتصوروا سيلفى! وعلاقات الناس ببعضها غريبة جدًا يا سيدى، الناس هنا يحبون أشخاصا لا يحبونهم، ومن يحبونهم يحبون أشخاصًا آخرين خالص لا يحبونهم برضه، والناس تهتم بمن يتجاهلهم، ومن يتجاهلهم مهتم بأشخاص يتجاهلونهم، فى وضع معقد ومتعب للأعصاب! هنا فى حياة كل فرد ثلاثة أشخاص بحياته، شخصًا يحبه، وشخصًا أحبه، وشخصا يتزوجه بالنهاية، ولا تحاول أن تفهم السبب! هنا الحب ليس منحة إلاهية يقتسم به المحبون متاعب الحياة، هنا الحب نفسه عبء على البشر، هنا يسألك الناس: بتحب.. طب معاك كام؟ على هذا الكوكب يتفاخر الناس بعدد من قتلوهم، وتتصدر مانشيتات جرائدهم بصفقات السلاح المتبادلة، فى نفس الوقت الذين يقيمون فيه مؤتمرين للسلام قبل الأكل وبعده! هذا الكوكب يا سيدى يحكمه مجموعة من المختلين عقليا، يدعمهم مرضى نفسيون، ويديره تجار الأمل فى علاج أفضل وسعادة أوفر وتذاكر متوفرة للجنة والنار.