في ظل التصعيد الكبير الذي قامت به تركيا واختراق قواتها الأراضى العراقية، بدعوى محاربة تنظيم داعش في الموصل، بدأ العراق بحث سبل الرد على التدخل التركى السافر في الشئون العراقية الداخلية، ما يعد مساسا بسيادة العراق ووحدته الترابية، وطالب وزير الخارجية إبراهيم الجعفرى بعقد اجتماع طارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، وحول الدعوة العراقية. أكد السفير ضياء الدباس سفير العراق في مصر ومندوبه لدى جامعة الدول العربية، على أنها تأتى لبحث موقف عربى موحد في مواجهة تركيا وتدخلها السافر في شئون العراق واختراق أراضيها بقواتها بدون العودة إلى العراق أو التشاور معه. وأوضح الدباس، في حواره مع «البوابة»، عقب إعلان الطلب العراقى بعقد اجتماع وزراء الخارجية العرب الطارئ، أن دخول القوات التركية بهذا الشكل إلى الأراضى العراقية وبلوغ محافظة الموصل في العمق العراقى دون اتصال أو تنسيق مع العراق «نعتبره خرقا فاضحا للسيادة العراقية ومخالفة للأعراف والقوانين الدولية، ولذلك جاء أول تحرك إلى الجامعة العربية والدعوة إلى اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب، من أجل وضع الأشقاء العرب أمام هذا التحدى وتدارس الوضع معهم، وكذلك بحث تأثيرات هذا التدخل على الأمن القومى العربى». وأكد الدباس أن الشارع العراقى مشتعل في الوقت الراهن بسبب هذا الموقف التركى الذي يتعارض مع الأعراف والمواثيق الدولية، مشيرا إلى أن التوجه إلى الجامعة العربية سيكون خطوة أولى قبل التوجة إلى مجلس الأمن حال استمر التعنت التركى. وإلى نص الحوار: ■ لأول مرة منذ وقت طويل يدعو العراق لعقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية على خلفية دخول القوات التركية إلى الموصل، فما الغرض من هذه الدعوة؟ - دخول القوات التركية بهذا الشكل إلى الأراضى العراقية، وبلوغ محافظة الموصل في العمق العراقى وبدون اتصال أو تنسيق مع العراق، نعتبره خرقا فاضحا للسيادة العراقية ومخالفة للأعراف والقوانين الدولية، ولذلك ارتأينا أن يكون أول تحرك لنا إلى الجامعة العربية والدعوة إلى اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب من أجل وضع الأشقاء العرب أمام هذا التحدى وتدارس الوضع معهم، وكذلك بحث تأثيرات هذا التدخل على الأمن القومى العربى. ■ هي المرة الأولى التي يلجأ فيها العراق إلى الجامعة العربية، وسبق لوزير الخارجية «إبراهيم الجعفرى» في أمور مشابهة أن قال إن العراق لن يلجأ إلى الجامعة إلا في المرحلة الأخيرة، فهل وصلتم للمرحلة الأخيرة من الرد على تركيا؟ - بالعكس الخيار العسكري لدى العراق مستبعد حاليا، وتركيا بلد جار ولدينا معه علاقات طيبة، ولذلك نحن خطونا نحو السبل الدبلوماسية. ■ لم أقل بأنه تحدث عن تحركات عسكرية لكنه قال سابقا «لدينا وسائلنا في الرد على كل من يقف في المواجهة مع العراق»؟ - هو تحرك من منطلق الموقف الشعبى، فالموقف الشعبى العراقى شديد ومتصاعد الآن من التدخل التركى هذا، وكل مكونات الشعب العراقى كان لديها رد فعل واضح وصريح، وهو كان يقصد ذلك بناء على الموقف الشعبى، لكننا سلكنا الطرق الدبلوماسية من البداية فتوجهنا إلى الجامعة العربية قبل أن نتوجه إلى مجلس الأمن أصلا. ■ إذًا هناك نية أيضا بالتوجه لمجلس الأمن؟ - نعم، تتسلسل خطواتنا بالتزامن مع طبيعة الموقف التركى. ■ وما الذي يرجوه العراق من الجامعة العربية ومن الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية؟ - الموقف العربى مهم جدا، ومن الممكن أن يكون ورقة ضاغطة حتى في مجلس الأمن أيضا، وتركيا أيضا عندما ترى موقفا عربيا جامعا يدين هذا التدخل ويطالبهم بالانسحاب بالتأكيد سوف تأخذ ذلك بعين الاعتبار. ■ كيف تفسرون حالة التوغل التركى وتحينها الفرص للتدخل في الدول العربية وشئونها بالرغم من علاقتها الجيدة مع الدول، وعلى سبيل المثال العراق لديه علاقات جيدة معها وبالرغم من ذلك تتوغل في أراضيه بالشكل الذي رأيناه..؟ - بصراحة العلاقات شيء والتدخل في الشئون الداخلية للدول شيء آخر، فنحن مع علاقات حسن الجوار ولدينا علاقة طيبة مع تركيا سياسية وتجارية واقتصادية كبيرة جدا، لكننا لا نفهم هذا الموقف التركى، فهى تقول: «أرسلنا عددا من القوات لمحاربة داعش».. فكيف لها أن تدخل بدون استئذان من الحكومة العراقية الشرعية. والحكومة العراقية منذ دخول داعش وفى أحلك الظروف رفضت دخول قوات برية أجنبية، وكان طلبنا واضحا من التحالف الدولى بمساعدتنا في المجال الجوى فقط، عبر الإسناد الجوى، وتوجيه ضربات بالتنسيق مع العراق، وهذه الضربات مستمرة، لكن دخول قوات برية فلم نسمح لأحد بالدخول إلى العراق، وهذا المبرر التركى غير مقبول على الإطلاق. ■ رئيس الوزراء التركى «داود أغلو» اجتمع بوسائل إعلام أجنبية يوم الخميس، وقال إن توغلهم في الموصل ليس لدواع عدائية وإنما هو بغرض حفظ أمن وسلامة العراق، فما تعليقكم على ذلك؟ - لا يمكن لدولة أن تدخل بقواتها في أراضى دولة أخرى بدون تنسيق أو موافقة من هذه الدولة، فمن برر لها، ومن طلب منها أن تتوغل وتدخل بهذا الشكل في العمق العراقى، وبالمناسبة هي المرة الأولى التي تدخل فيها تركيا بهذا الشكل وبهذا التوغل إلى الموصل، وهذا أمر لا يمكن قبوله بأى حال، ويمس بالسيادة العراقية. ■ من الغريب أن تركيا التي أسقطت الطائرة الروسية في سوريا بدعوى اختراق أجوائها الجوية والمساس بسيادتها تنتهج أمرا أعلنت رفضها له بل ردت عليه.. فهل يحتفظ العراق برد مشابه؟ - الحقيقة هذا ما نقوله فعلا، فهذا الادعاء غير المبرر من تركيا نرفضه، لأن السيادة واحدة، فتركيا أسقطت طائرة بادعاء أنها اخترقت السيادة التركية فكيف تسمح لنفسها أن تخترق سيادة العراق في نفس الوقت!! ومن نفس المنطق ومن نفس المبدأ نتحدث ونعتبر أن ما قامت به تركيا خرق لسيادتنا يتنافى مع كل القوانين والأعراف الدولية. ■ قد يكون استعراضا للقوة من جانب تركيا تجاه الدول العربية بشكل عام والعراق على وجه الخصوص؟ - لذلك نحن نعتقد أن الموقف العربى الواضح والصريح الآن مهم جدا، ليس لصالح العراق فحسب، بل لصالح العرب جميعا، سواء لتركيا أو غير تركيا لنقطع الطريق على أي دولة تفكر في أن تتدخل في الشأن الداخلى لأى دولة عربية وتخرق سيادتها، وحدودها الوطنية. ■ هل من تواصل جرى مؤخرا بعد الاتصالات التي جرت لأول مرة بين رئيسى الوزراء في البلدين، ووزيرى الخارجية حول الوضع الراهن وسحب القوات؟ - تركيا تناور، فتقول أوقفنا الانتشار وسوف لا نرسل قوات جديدة، وهذا كله مرفوض من الجانب العراقى بشكل صريح، ونحن نرفض تواجد أي قوات، فالولاياتالمتحدة طلبت تواجد قوات برية ورفضنا، وروسيا طلبت أن تساهم في توجيه ضربات جوية ورفضنا إلا من خلال التحالف الدولى. ونحن لدينا اتفاق مع التحالف الدولى بتوفير الحماية الدولية، وإذا كانت روسيا تشارك ضمن هذا التحالف فلا مانع لدينا، أما غير ذلك فنحن لا نقبل به. ■ لكن جرت زيارة قبل أسبوعين من قبل وفد من البرلمان العراقىلروسيا وتحدث عن إمكانية عقد شراكة عسكرية بين البلدين في مواجهة التنظيم، مشيرين إلى أنه قد يطلب العراق من روسيا توجيه ضربات جوية على داعش قريبا؟ - نحن بيننا وبين روسيا علاقات عسكرية وتسليح، فالعراق يشترى بعض الأسلحة من روسيا، وهذا شيء لا ضير فيه وهو موجود فعلا، أما قضية الإسناد الجوى أو توجيه ضربات لداعش فنحن قلنا بأنه إذا كان ضمن التحالف الدولى فلا مانع. ونحن دائما ما ندعو لتحالف دولى كبير لمواجهة داعش، فالآن هذا التنظيم تمدد خطره وبات يهدد الجميع، ونرى ما يحصل الآن في العالم، وما جرى في فرنسا وبلجيكا، وما جرى كذلك في كاليفورنيا، فالخطر يهدد الجميع ولذلك نحن نؤمن بأن تحالفا دوليا كبيرا وموسعا هو الكفيل بالقضاء على هذا التنظيم. ■ لكن كيف تنظرون إلى موقف التحالف الدولى تجاه روسيا خاصة في الوقت الراهن والذي يصعب فيه التحالف بين الجانبين؟ - التحالف يتحدث من نفس المنطقة ويقول إن تواجد روسيا في سوريا عبر توجيه الضربات الجوية هو خارج النشاطات العسكرية، وبدون تفاهم مع التحالف الدولى، ونحن أيضا نقول بذلك، لكن على الأقل روسيا عندما تدخلت في سوريا جاء ذلك بموافقة ودعوة من الحكومة السورية، وتنسق مع الجيش العربى السورى في كل العمليات التي تقوم بها، وذلك دون التحالف الذي يضرب في سوريا بدون تنسيق مع الحكومة السورية. ■ أشرت إلى مسألة التعاون الاقتصادى الكبير بين العراقوتركيا فهل تتخذ العراق هذه المسألة كورقة ضغط على تركيا لمنعها من المساس بأمنها وحدودها؟ - بالتأكيد وهذه أيضا من الأوراق التي نضعها في الحسبان، وحتى اليوم فإن تركيا تشعر بذلك، وقد أصدرت توجيها لمواطنيها لمغادرة العراق، والحكومة لعراقية لم تتحدث عن أي تهديد، لكنها قرأت الموقف الشعبى والغليان الشعبى العراقى لذلك أخذت خطوتها الاحترازية بشكل استباقى. ■ سبقت ذلك أيضا حالة شبيهة ببعد آخر وهو اختراق الحدود العراقيةالإيرانية من مواطنين إيرانيين لم تكن لديهم تأشيرة دخول؟ - هؤلاء جاءوا لزيارة ضريح الإمام الحسين بمناسبة الذكرى الأربعينية، والعراق أعد ترتيبات وتسهيلات كبيرة وفتح الكثير من المراكز المخصصة لمنح تأشيرة الدخول خاصة في إيران، باعتبار أن عددا كبيرا من الإيرانيين يأتى إلى هذه الزيارة، لكن عددا منهم- وهو ليس كما هوله الإعلام ليقول مئات الآلآف- ليس بالكثير اقتحموا بوابة العبور، ودخلوا الأراضى العراقية، والجانب العراقى احتج بشدة لدى الجانب الإيرانى وحملهم المسئولية بموجب الاتفاق بين البلدين لمنع كل طرف مواطنيه الذين لايحملون تأشيرة دخول من الوصول إلى بوابة الحدود. وإيران اعتذرت بشكل رسمى عن هذا الحادث ووعدت بمنح تعويضات عن كل الأضرار التي حصلت في الأبنية والمرافق الحدودية. ■ البعض يرى أن كلا من تركياوإيران تنظران إلى العراق كونه لقمة سائغة يسعى كل طرف إلى الفوز بها كيف تردون على ذلك؟ - قد يرون العراق مشغولا بمشاكل داخلية في حربه الشرسة الآن مع داعش وقوى الإرهاب، ومشغولا أيضا في إعادة البناء، فكما تعلمين الجيش العراقى تم حله بعد سقوط النظام السابق، والدولة مشغولة بكثير من المشاكل والقضايا، لكن هذا الانشغال قد يجعل البعض يتصور أن العراق لن يكون قادرا على الرد على استهداف مصالحه الوطنية وترابه الوطنى، وأنا أقول بصراحة إن من يفكر في ذلك واهم فالعراق لايسمح وهو قوى بشعبه وبإرادته، وبأشقائه العرب أيضا. ولذلك نحن نؤكد أن الموقف العربى الواضح والصريح والمساند سوف يلعب دورا مهما في ردع كل من يتصور أن العراق لقمة سائغة، وأشقاؤنا العرب عندما يقفون معنا فهذه هي وقفة لهم أيضا لمنع أي تدخل من التدخلات في شئون أشقائنا. ■ تحدثت عن طلب من التحالف الدولي بتدخل عسكري رفضته الحكومة العراقية، لكن جاء التدخل التركي ليطرح تساؤلا حول ما إذا كانت تركيا قد حصلت على ضوء أخضر من التحالف لجس النبض العراقي حول إمكانية التدخل بدون موافقة العراق؟ - لا أعتقد ذلك، حتى إننا تابعنا بوسائل الإعلام أن مجلس الأمن أصدر تصريحا يعتبر دخول القوات التركية للعراق خرقا للسيادة الوطنية للعراق. وبالتالى لا أعتقد في هذا الطرح لأن مثل هذه التصرفات تعقد الأمور أكثر، بل تؤثر على عملية محاربة الإرهاب، والعالم الآن جهوده منصبة على محاربة الإرهاب والقضاء على هذه المجاميع الإرهابية التي تهدد الجميع. ولا أعتقد أن يكون هناك من يشجع ذلك لأن هذا التدخل سيقود إلى تدخلات أخرى وسوف يعقد المشهد بشكل أكبر. ■ ما تقييمك للدور الذي يقوم به التحالف الدولي في الوقت الراهن؟ - رغم أن التحالف يقدم الإسناد والتدريب للقوات العراقية إلا أننا نراه لا يقوم بالدور الذي يتناسب مع حجم الخطر، ونحن نعتقد أن تعاونا دوليا أشمل وأقوى يمكن أن يؤدى إلى القضاء على داعش. ونرى أن الأمر لا يحتاج لتوجيه ضربات فحسب لكن هناك ضرورة لقرارات دولية كثيرة لوضع أسس لمحاربة هذا الإرهاب ومنها قطع تمويل المجاميع الإرهابية، وغلق حدود الدول وعدم السماح بالتدخل لهذه المجاميع، مع محاربة فكرية لهذا الفكر التكفيرى الذي يستدرج الكثير من الشباب، حتى شبكات التواصل الاجتماعى، فنحن طلبنا من التحالف أن يهتم بمسألة إغلاق القنوات الفضائية وشبكات التواصل الاجتماعى التي أصبحت الراعية لنشر هذه الأفكار، وتجنيد واستدراج الكثير من الشباب والزج بهم في الجبهات. ■ تحدثت بعض وسائل الإعلام العراقية عن أن الولاياتالمتحدة تلقي من طائراتها بدعم غذائي وسلاح لتابعين لتنظيم داعش في العراق فهل لديكم شيء رسمي حول ذلك؟ - سمعنا عن ذلك، لكن الأجهزة العراقية المختصة لم تؤكد ذلك، لكن قد تحدث أخطاء، فقد تسقط بعض الإنزالات للطائرات بالخطأ، خاصة أن بعض المناطق متداخلة، والمجاميع الإرهابية تتحرك في كل مكان، لكن لم يثبت لدينا حتى الآن حصول حالات من ذلك. ■ وماذا عن تركيا التي خرجت تقارير عديدة تتحدث عن ارتباط بينها وبين تنظيم داعش، وآخرها تقارير استخباراتية روسية تقول إنها تتلقى منه نفط العراقوسوريا؟ - تركيا تحدثت عن هذا الموضوع أيضا وأظهرت بعض الصور والوثائق. ونحن نعلم أن داعش يبيع النفط العراقى والسورى لكننا ليست لدينا معلومات حول أين يذهب هذا النفط ولا من يشتريه، وبعد أن أعلنت روسيا عن هذه المعلومات فالجانب العراقى أيضا بدأ يتحرك بتحرى خطوط نقل هذا النفط العراقى والشبكات التي تقوم بنقله، لكن ليس لدينا في العراق أي أدلة قاطعة عن الجهات التي تتحكم بخط سير هذا النفط وغيرها. ■ وماذا عن تطورات الوضع الميداني في الحرب على داعش خاصة أن المتابع للمشهد العراقي قد يرى أن الحرب قد تراجعت، في ظل حديث سابق بأن القوات العراقية ستصل إلى الموصل لتحريرها قبل نهاية 2015؟ - بالعكس الجيش العراقى وقوات الحشد الشعبى استطاعا تحرير أغلب المناطق، فتحررت ديالى بالكامل، وصلاح الدين، والأنبار الآن التي تعتبر أكبر محافظة عراقية وتشكل ربع مساحة العراق وبها مناطق صحراوية كبيرة وتحدها ثلاث دول، حررت جميع مناطقها إلا مركز مدينة الرمادى، ووزارة الدفاع العراقية تحاصره من كل الأماكن، لكن تغلغل هذه المجموعات الإرهابية في الأوساط المدنية يعوق حركة الجيش، ويحاول أن يفتح دائما ممرات لخروج المدنيين منها من أجل تقليل الخسائر وعدم وقوع خسائر بشرية بين المدنيين. والوضع على الأرض جيد جدا والقوى الإرهابية في حالة تراجع خاصة أنها فقدت أيضا الكثير من مراكز قوتها في سوريا، وخسرت كثيرا من الأراضى التي كانت مسيطرة عليها بعد الطلعات الجوية الروسية. ■ هذه الضربات الروسية في سوريا ساعدت العراق في التأثير على التنظيم داخل العراق؟ - بالتأكيد تساعده. ■ هل يفكر العراق الآن في التسريع ببدء عملية تحرير الموصل المرجأة للنهاية بعد الاختراق التركي وتوغلها في الموصل؟ - بالتأكيد بعد الرمادى ستكون عملية الموصل، وهى تركت للنهاية لأنه إذا لم تغلق الحدود بالكامل لن تكون عملية تحرير الموصل سهلة، فكما قلت بأن الأنبار تحادد ثلاث دول «السعودية، سوريا، الأردن» لذا فإنه إذا لم يتم إحكام السيطرة على هذه المناطق فلن يتم التوجه إلى الموصل، والآن أغلب مناطق الأنبار تحررت، وما إن تحرر بالكامل ستكون الموصل هي الهدف النهائى. ■ كيف تقيم الدور العربى الراهن وهل غياب الدور الفاعل ساهم في تفاقم الأزمات في الدول العربية؟ - بالتأكيد لو كان لدى العرب موقف واضح وحاسم لكانت الأمور قد تغيرت وبشكل كبير، فحتى في سوريا تركت الأمور لما يقارب الخمس سنوات، وبدأت أطراف تدعم لتظهر مجاميع إرهابية متعددة وهذا كله ساهم في تعطيل الموقف وزيادة الدمار، وكذلك ارتفعت أعداد القتلى والمشوهين ومن البداية لو اتخذ سبيل الحوار ودعوة الأطراف إلى الحوار السياسي برعاية عربية ودولية لكان الموقف قد تغير كثيرا. ونحن في العراق قلنا من البداية إن التعامل مع الوضع في سوريا هو طريقة خاطئة جدا وتزيد من تدخل القوى الأجنبية في الشأن السورى، فعندما يجتمع مقاتلون من 80 جنسية وتتدخل أطراف عديدة في دعمهم وتسليحهم، فبالتأكيد أن هذا يفسح المجال لقوة أخرى أن تتدخل وهذا ما حصل. ■ جدد الرئيس عبدالفتاح السيسى تأكيده قبل أيام على ضرورة تشكيل القوة العربية المشتركة، ألا يزال العراق على موقفه الرافض للقوة؟ - نحن لم نرفضها، العراق من حيث المبدأ مع تشكيل القوة العربية حتى من قبل أن يخرج الإعلان بالدعوة إليها، وعبر ميثاق الجامعة العربية، ومع تفعيل اتفاقية الدفاع العربى المشترك، وهذا بالنسبة لنا مبادئ نؤمن بها وندافع عنها. وبالنسبة للقوة فإنها جاءت في ظروف بالغة الحساسية مع الحرب في اليمن، ولذلك كان للعراق رأيه بأن تشبع هذه المسألة نقاشا، لأنها لا يجب أن تولد ميتة، لكن لابد أن تولد قوة فاعلة حقيقية لها تأثيرها وحضورها القوى، وهذا حتى يتحقق يحتاج لمناقشات حيوية. ■ إذًا ترون أنه لا تزال هناك مناقشات لابد أن تتم؟ - نعم. ■ بالرغم من أننا ننتظر عقد اجتماع مجلس وزراء الخارجية والدفاع العرب الذي أرجئ أغسطس الماضى، والذي سيوقع فيه على بروتوكول القوة؟ - صحيح. ■ وهل دعا العراق لاجتماعات جديدة للمناقشة؟ - الجامعة العربية هي التي تدعو ولسنا نحن من يدعو. ■ لكن الدعوة تأتى بطلب من دولة أو دول أعضاء فهل توجهتم بهذا المطلب؟ - اشتركنا في الاجتماعين اللذين جريا لرؤساء الأركان وقلنا بأن الأمر يحتاج لمناقشات معمقة ووضوح من أجل أن تحقق هذه القوة الغاية التي تشكلت من أجلها. ونحن نرى أنه يجب الاتفاق على كل الأمور والصياغات حتى لا يتبقى هناك أي غموض يشوب المسألة، أو ما يؤدى إلى عرقلة حركة هذه القوة. ■ سؤال لابد منه حول واقع العلاقات الثنائية المصرية العراقية- وهل من حديث عن اللجنة العليا المشتركة بين البلدين مجددا؟ - العلاقات العراقية- المصرية راسخة، ونعتبرها مسألة حتمية لأهمية مصر لدى العراق، وإمكانية أن يقوم البلدان بدور محورى وأساسى على المستوى العربى والإقليمى أيضا، ولم تنقطع العلاقات بين البلدين في يوم على الإطلاق، بل إنهما في تواصل مستمر، والآن هناك وفد أمنى مصرى في بغداد، كما أن وزير الدفاع العراقى سيزور مصر قريبا، وحتى إن العلاقات الاقتصادية والتجارية جيدة جدا بالرغم من عدم وجود ذكر أو اهتمام إعلامي بها، وهذا التعاون بين البلدين حتمى تفرضه واجبات أساسية وأخلاقية، فالبلدان هما من يعول عليهما في الاهتمام بمصالح الأمة العربية والدفاع عنها. ■ ما هو الموعد الذي حددت له زيارة وزير الدفاع للقاهرة وما الملفات المطروحة على جدول أعمال الزيارة؟ - الزيارة قريبة جدا، إذ سيصل خلال أيام قلائل، والزيارة تأتى في إطار تعزيز مجالات التعاون وتفعيل الاتفاقيات المشتركة في الجانب العسكري، ونحن نعول على مصر كثيرا في مجالات التدريب وغيرها، فالتعاون العسكري بين البلدين مهم لخدمة الأمن القومى العربى.