كثير هو الكلام عن دور قطر في دعم التنظيمات الإرهابية وإلى هذه اللحظة لم تكن هناك وثائق تؤكد بطريقة أو بأخرى نوع وحجم هذا الدعم، أنا أتحدث هنا عن وثائق وليس تحليلات لمواقف معينة، ولن أخوض في موقف قناة الجزيرة ولا غيرها، فالأمر بالنسبة لي يأتي في سياق الحقائق الواضحة عن هذا الدور المشبوه. كنت وما زلت ادعي أنني واحد من كثيرين يهتمون بوسائل التواصل الاجتماعي واستخدام تكنولوجيا المعلومات والإنترنت ويعرف الكثير حجم خبرتي القديمة والمتواضعة مع موقع BBC وريترز ومواقع إخبارية عربية وأجنبية كثيرة . هذه الخبرات التراكمية تتيح لي أن أضع القراءة أمام معلومات حقيقية دقيقة بنسبة كبيرة عن الدور القطري في تدعيم تنظيم داعش الإرهابي. أولًا: بعد اعتداءات باريس، كثف نشطاء الشبكة العنكبوتية إلى جانب العديد من كبار قراصنة الإنترنت حملاتهم ضد تنظيم داعش وأنصاره في العالم عبر كشف حساباتهم على "تويتر"، وحصيلة الأيام الأولى من الحملة تمثلت في كشف أكثر من 5500 حساب لصالح "داعش" ومؤيديه كان لقطر حصة الأسد، حيث وجد نحو 2210 حسابات في قطر وحدها كمؤيدين لعناصر داعش مستخدمين شبكات الهواتف العاملة في قطر. ثانيًا: كشف قراصنة معلومات بعضهم يعمل لصالح المخابرات الألمانية والفرنسية أن هناك 22 ألف حساب على فيس بوك تدعم عناصر تنظيم داعش من قطر وحدها. ثالثًا: تعد شركة Ooredoo التي تستحوذ على أكثر من 60% من خدمات الاتصالات في قطر أكبر راعي لحسابات أعضاء تنظيم داعش في العالم، حيث إن الكثير من أعضاء التنظيم يستخدمون أرقام هواتف نقالة قطرية عائدة لهذه الشركة في اتصالات خدمة "فايبر، واتساب، سكايب"، وهذه الشركة مزود خدمة في باكستان ويستخدمها أعضاء تنظيم القاعدة وطالبان. رابعًا: بعد أقل من 6 ساعات على هجمات باريس ظهر للمتابعين على "تويتر" أن في قطر أظهر تحليل حسابات تويتر باللغة العربية أن كل ثانية تغريدة كانت تحمل خبرًا داعمًا ومؤيدًا لتنظيم "الدولة الإسلامية"، أي أن 50% من تغريدات قطر تغني لداعش، وبذك تقف قطر على رأس قائمة الدول الحاضنة لحسابات تويتر المؤيدة لداعش، أما في باكستان، فتصل نسبة التغريدات المؤيدة لداعش إلى 35% لتحتل المركز الثاني في القمة، فيما تقف بلجيكا في المركز الثالث، يليها إندونيسيا وبريطانيا وليبيا في المركزين الخامس والسادس. خامسًا: تدير المخابرات القطرية أكثر من 4 آلاف حساب على تويتر، المستخدمون لهذه الحسابات في كل من العراق وسوريا وليبيا ومصر وباكستان وتركيا وبلجيكا وفرنسا وبريطانيا وكلها لأعضاء أو مؤيدين لتنظيم داعش الإرهابي ويتم تمويل ودعم هذه الحسابات عن طريق عناصر في المخابرات القطرية وعناصر من الدبلوماسيين القطريين في سفارة قطر بهذه البلدان، وتعد هذه الحسابات القوة الضاربة للترويج لأفكار هذا التنظيم. كل هذه الحقائق تجعلنا نقف طويلًا لمعرفة الأسباب التي جعلت من هذا التنظيم يبدو للمتابعين له على مواقع التواصل الاجتماعي وكأنه جيش إلكتروني كبير لا بل ويملك معلومات كبيرة وخطيرة عن أغلب مستخدمي هذه المنصات الإلكترونية ممن يقفون ضده. ما لفت انتباهي أيضًا أن ثلاثة أرباع هذه الحسابات المؤيدة للتنظيم ناطقة بالعربية و20% بالإنجليزية و6 بالمائة بالفرنسية، ويتبع الحسابات المؤيدة للتنظيم ألف مشترك في المعدل ما يعني أنها "أكثر من حساب عادي".. وفي هذا العام أقفل ثلاثة آلاف حساب من قِبل تويتر لكن الرقم الحقيقي قد يكون أكبر بكثير. ولا بد أن أشير إلى الدراسة التي أعدها الخبير الأمريكي في المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي بيل مورغان والتي شملت أكثر من 52 ألف تغريدة على حسابات أنصار "داعش"، تحليل لشخصيات المستخدمين، ورغم أن قطروباكستانوبلجيكا تعتبر أكبر حاضنات لحسابات تويتر لصالح "داعش"، إلا أن دولًا مثل المملكة العربية السعودية وسوريا والعراق تعتبر موطن حسابات "داعش"على تويتر.. ويمكن عبر تحليل الحسابات معرفة المزيد من المعلومات المهمة، وحسب تلك التحليلات، فإن 69% من التغريدات ترسل عبر الهواتف الذكية مع نظام أندرويد للتشغيل، فيما يستخدم 30% من المغردين ل"داعش" هواتف آيفون. أيضًا وبحسب متابعتي للكثير من صفحات عناصر تنظيم داعش الإرهابي فأنا أقدر قيمة ما يتم إنفاقه على هذه الحسابات وتدعيمها قدر يصل إلى نحو 400 مليون دولار سنويًا وأتذكر جيدًا أن شخصية قطرية مهمة التقيتها في القاهرة نهاية عام 2012 قال إن المخابرات القطرية ووزارة الخارجية القطرية تنفق على مواقع التواصل الاجتماعي نحو 250 مليون دولار سنويًا حتى إنه قالها بمزحة "شحنتين غاز ونقفل الحساب" في إشارة إلى أنهم يستخدمون عوائد الغاز الطبيعي لتمويل جيشهم الإلكتروني الإرهابي. إن حجم الدور القطري في تدعيم داعش وأخواته وأذنابه يجعلني أشعر بالغثيان، فحكام هذه الدولة التي كانت في يوم ما تتبع العراق صاحب الحضارة الممدة إلى آلاف السنين، يؤكد لماذا تتطاول قطر على العراق وتدعم إرهابيي داعش ولماذا تتطاول قطر على مصر صاحبة الحضارة والتاريخ؟.. هي صغيرة في عيون حكامها هي صغيرة في كل شيء، بينما الكبار كبار في كل شيء.