قال إيريك تراجر، زميل معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إنه بعد الإطاحة بمبارك في2011 انتقلت جماعة الإخوان المسلمين من الكهوف إلى القصور، بفوزها في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ومن ثم تعيين أعضائها في مناصب تنفيذية في الحكومة المصرية. وتابع: “,”لكن عقب 15 شهرًا وعزل مرسي بثورة شعبية، أصبحت الكهوف السابقة للإخوان بعيدة المنال هي الأخرى وبعد ذلك جاء قرار محكمة مصرية بحظر الجماعة ومصادرة أموالها وسمحت للحكومة المدعومة من الجيش بمصادرة أصولها وممتلكاتها. وأضاف تراجر، أنه بعد هذه المشاكل التي تعرضت لها جماعة الإخوان المسلمين، والتي أعاقت قدراتها بشكل كبير قد يبدو هناك إمكانية لعودة الإخوان باختيار قادة جدد - ربما يكونون أقل غلظة - مع مرور الوقت، وكذلك سيترتب تبعات طويلة الأمد بناءً على الحكم القضائي، في حالة عدم إلغائه في النقض؛ لأن حظر جميع الأنشطة سوف يؤثر على شبكات الخدمة الاجتماعية للجماعة، والتي تتواصل من خلالها بالجمهور المصري وتجنيد أعضاء جدد، وقد يضعف كذلك من ذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة. وأردف: “,” في أعقاب القرار، أصر العديد من المعلقين على أن حظر الجماعة لن يدمر الإسلام السياسي في مصر، وهذا صحيح دون شك، فستحظى الأيديولوجيات الدينية دائمًا بالدعم في مصر كونها تشتهر بالتدين، ولايزال هناك العديد من الأحزاب الإسلامية، بما في ذلك الأحزاب الأكثر تطرفًا من الإخوان التي لم يتم الاقتراب منها، لكن الإسلام السياسي بمأمن كذلك لأنه رغم إصرار الجماعة على أن الإسلام هو الحل إلا أنها لم تضع مطلقًا رؤية إسلامية متماسكة“,”. واستطرد الباحث: “,”بعيدًا عن تمثيل أي مفهوم محدد لهدفها المعلن المتمثل في إقامة دولة إسلامية، فإن الجماعة، طائفة دينية وطليعة هرمية أولويتها هو التماسك الداخلي والطاعة الكاملة للتوجيهات المؤسسية الخاصة بها، وفي حين أن الأفكار نادرًا ما تموت، فإن الطوائف تموت غالبًا“,”. وأضاف: “,”بالفعل، إن حظر الجماعة يمكن أن يدمرها في الواقع، على الأقل داخل مصر لكن ذلك ربما سيترك مئات الآلاف من الأعضاء السابقين الذين يرجح ألا يتخلوا عن سعيهم لأسلمة المجتمع ثم أسلمة الدولة كما يسمون ذلك - والذي غرسته فيهم الجماعة من خلال عملية التربية التي تستمر ما بين خمس إلى ثماني سنوات والتي يصل بها الفرد إلى مرتبة الأخ إذن ما الذي سيفعله هؤلاء الأعضاء العاديين من الإخوان؟“,”. ويتوقع تراجر، ثلاثة احتمالات، اثنان منها يوفران أساسًا ممكنًا لإحياء الجماعة من جديد قال إن أولها يتمثل في “,” بدلا من التسلسل القيادي للمنظمة على الصعيد الوطني، قد يتطلع عموم أعضاء الإخوان بشكل عام إلى القادة الذين هم في المنفى من أجل التوجيه والإرشاد، فقد نقلت الجماعة بالفعل عملياتها الإعلامية إلى لندن، وعلى الأقل ثلاثة من كبار قادتها الستة هم خارج مصر وهم: الأمين العام محمود حسين في تركيا، ونائب المرشد العام جمعة أمين في لندن، في حين يعتقد أن نائب المرشد العام محمود عزت في غزة“,”. وتابع: “,”من غير المعروف مكان وجود قائد كبير رابع هو محمود غزلان، ومن هذه النافذة الأجنبية رفض قادة الإخوان محاولة أحد قادة الجماعة داخل مصر لإجراء مصالحة مع الشعب المصري، كما دعا أعضاء الإخوان في مصر إلى مواصلة الاحتجاج ضد عزل مرسي، وهو ما فعلوه، رغم تراجع الأعداد كثيرًا عما كانت عليه من قبل، ورغم أنه سيتعذر على الجماعة تنسيق الأنشطة فائقة التفاصيل من الخارج دون تسلسل للقيادة داخل مصر، إلا أنها تستطيع الإبقاء على مشاركة الأعضاء العاديين، وبهذا تحافظ على أرض خصبة لعودة قادة الإخوان وإعادة تأسيس الجماعة إذا حصلت انفراجة سياسية وعند حدوث انفراجة كهذه“,”. وأضاف: “,”ثانيًا، قد يقرر أعضاء الإخوان العاديون المشاركة في الانتخابات، ربما بعد بضع سنوات، كمستقلين ودون منظمة داخلية تسيطر على استراتيجيتهم، فقد يقررون الترشح في بعض المناطق دون غيرها، وستكون أمامهم فرصة لتقديم أداء أفضل مما يعتقد البعض في الوقت الراهن، ورغم حقيقة أن الجماعة لا تلقى قبولًا شعبيًا بشكل كبير في الوقت الحالي، إلا أن هذا الوضع قد يتغير مع استمرار تراجع الاقتصاد المصري في ظل الحكومة المدعومة من قبل الجيش. واستطرد: “,”الأهم من ذلك، وبالنظر إلى أنه لم يتم اعتقال المزيد من الصفوف المحلية في قيادة الإخوان، فإن هذا يعني أن أعضاء الجماعة يستطيعون التنسيق مع المناطق لاختيار مرشحين وحشد الأنصار بفاعلية من خلال شبكات العلاقات الشخصية التي ستظل قائمة حتى دون الهيكل الهرمي للإخوان، وحقيقة أن المجال السياسي في مصر منقسم بعمق بين عشرات الأحزاب، العديد منها لا تكاد تختلف عن بعضها البعض فكريًا وتعاني من سوء التنظيم أيضًا، فإن ذلك سوف يصب في صالح المستقلين التابعين للجماعة الذين يتميزون بحسن التنظيم ثم يمكن لمستقلي الإخوان استخدام فوزهم للضغط من أجل إحياء الحريات وإعادة بعث تنظيمهم المعطل حاليًا“,”. وعن الاحتمال الثالث قال إيريك تراجر: “,”يمكن أن يتخلى عموم أعضاء الإخوان عن الجماعة ويتجهون إلى حركات إسلامية أخرى، بما في ذلك الجماعات العنيفة، وعلى أي حال يغلب التطرف على شباب أعضاء الإخوان الأصغر سنًا، أكثر من قادتهم الذين يتبعون سياسات محافظة، وربما يتصرفون الآن من واقع ذلك التطرف، وعلاوة على ذلك استخدم عموم أعضاء الجماعة العنف كأداة سياسية في الماضي القريب، وعلى الأخص عندما قامت كوادر الجماعة بمهاجمة المحتجين وتعذيبهم وقتلهم خارج القصر الرئاسي في شمال القاهرة، والتاريخ غني بأمثلة من تلك التي تميز الإخوان الذين اتجهوا نحو الأنشطة الجهادية خلال فترات القمع التي مارستها الدولة. وتابع: “,”هذا السيناريو الأخير هو بالضبط ما يقلق المراقبون لما يجري في مصر، وقد أكد بعضهم أنه كان على واشنطن أن ترفض بشدة عزل مرسي؛ من أجل الحيلولة دون حمل أعضاء الجماعة للسلاح، ومع ذلك فهذه الحجة تضعنا في خيار زائف بين الإخوان الذين يمارسون العنف خارج السلطة وأولئك المسالمين من بينهم الذين هم داخل السلطة، فخلال السنة التي قضاها مرسي في الحكم، أظهرت الجماعة مرارًا وتكرارًا أهدافها الاستبدادية ورغبتها في استخدام العنف ضد معارضيها من أجل تحقيق تلك الأهداف وهذا جزء كبير من الأسباب التي دفعت ملايين المصريين للخروج ضدها في المقام الأول“,”. وأردف إيريك تراجر: “,”لكن في سبيل توضيح هذه النقطة، فإن توجه أعضاء الإخوان إلى الإرهاب سوف يبرر المزيد من القمع الذي يمارسه النظام، وهو القمع الذي لا يستهدف فقط تنظيم الجماعة، بل عموم أعضاء الإخوان على نطاق واسع أيضًا وينبغي أن يكون القياس المناسب مع جماعة الإخوان المسلمين السورية، التي تم استئصالها من سوريا في عام 1982 عقب قيام مجموعة من أعضائها يعرفون باسم الطليعة المقاتلة بحمل السلاح ضد النظام، وتلك الجماعة غير قائمة عمليًا في تلك البلاد على مدى ثلاثة عقود، وبعبارة أخرى فإن لجوء أعضاء الإخوان إلى العنف يعني ببساطة أن آثار الحكم القضائي ستكون دائمة“,”.