سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سيطرة المال السياسي على المرحلة الثانية من الانتخابات.. وخبراء: المرشحون يلعبون على وتر فقر الناخبين ويغرونهم بالمال.. والمواطنون: نحتاج نائبًا برلمانيًا حرًا لا يستغل حاجتنا
"اشتري الصوت الانتخابي وخد الحصانة" شعار رفعه عدد من مرشحي المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية لشراء أصوات الناخبين في عدد من الدوائر مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 100 جنيه حتى 900 جنيه في الدوائر الساخنة، وبالتالي يدفع المرشح المال السياسي الذي يساعده على شراء المقعد النيابي من الناخبين وهو ضرب لقواعد الاختيار الحر بين المرشحين ويخل بمبدأ تكافؤ الفرص بينهم ويخلق نائبا لا يرى سوى نفسه ويهمل دوره الأساسي. حيث لعبت المدينة دورها في انتشار الظاهرة نتيجة جهل العديد من الناخبين للمرشحين على خلاف المرحلة الأولى التي كانت العصبية والقبلية تلعب دورها في الصعيد ما يمنع المال السياسي من الانتشار. وأوضحت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان في تقرير لها بالمرحلة الثانية للانتخابات البرلمانية أن قيمة الصوت الواحد ارتفعت بصورة كبيرة، حيث وصل إلى 500 جنيه في بعض الدوائر الانتخابية، ورصدت تجاوزات شابت عملية التصويت من قبيل الرشاوي الانتخابية وعمليات النقل الجماعي والعنف والبلطجة... وفي نفس السياق أكد المركز المصري لحقوق المرأة عن حدوث تجاوزات في اليوم الأول للانتخابات شراء أصوات داخل دار السلام بمدرسة جمال عبدالناصر الثانوية ودار السلام الإعدادية بنات مقابل 200 جنيه للصوت. وفي محافظتي الإسماعيلية والشرقية ارتفع الصوت الانتخابي بصورة كبيرة، حيث وصلت قيمة الصوت الواحد إلى 500 جنيه، الأمر الذي لقي صراعًا من قبل الناخبين للإدلاء بأصواتهم لهؤلاء المرشحين مقابل الحصول على المبلغ المالي. وقام أنصار قائمة حزب النور بمركز الزرقا وفارسكور بتوزيع مبالغ تتراوح ما بين 400 و500 جنيه للصوت الانتخابي، كما استقر الصوت الانتخابي في كل من محافظة القليوبية ومحافظة المنوفية ودائرة سمنود على مبلغ 100 جنيه. وفي دائرة شبرا وصل سعر الصوت الانتخابي 300 جنيه للرجال و200 جنيه للنساء وفي دائرة الخليفة تراوحت أسعار الأصوات ما بين 50 و100 جنيه وكذلك في باب الشعرية والموسكي سعر الصوت 70 جنيها بعد أن كان ب50 جنيهًا وفي دائرة البساتين بلغ سعر الصوت ل50 جنيهًا لكل صوت. وقال أهالي حدائق القبة أن أحد المرشحين التابعين للحزب الوطني المنحل قام بجمع بطاقات الرقم القومي أمام المقر الانتخابي المخصص له داخل الدائرة وحث المواطنين على انتخابه مقابل مبلغ مالي قدره 150 جنيها. وقد أرجع خبراء السبب الرئيسي في انتشار ظاهرة بيع الصوت الانتخابي في المرحلة الثانية إلى أنها تشمل العديد من مدن الحضر على خلاف المرحلة الأولى التي كانت تلعب العصبية القبلية دورًا أساسيًا في منع انتشار تلك الظاهرة. وأشار الخبراء إلى أن المرشحين يلعبون على وتر فقر الناخبين ويقومون بإغرائهم بالمال في ظل غياب الأمن الذي من المفترض وجود قوانين رادعة لمثل هذه الأفعال. وأعرب "ناجي الشهابي" رئيس حزب الجيل الديمقراطي أن استياءه من عودة وسيطرة المال السياسي من جديد على المشهد السياسي في مصر الذي بدا واضحًا وبشدة خلال الانتخابات البرلمانية التي شهدتها البلاد مؤخرًا، وخاصة في المرحلة الثانية منها والتي انتهت أول أمس. وأكد أن دفع المواطنين لانتخاب مرشح بعينه عن طريق شراء صوته الانتخابي بالرشوة المالية هو أمر من شأنه تهديد شرعية البرلمان المقبل، مؤكدًا أن مجلس النواب بهذا الشكل لا يعبر عن إرادة الشعب المصري وإنما يعبر عن إرادة رجال جمع المال، واعتبر أن المسئول عن تفشي هذه الظاهرة خلال المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية وانتشارها كالنار في الهشيم هي الدولة المصرية التي لم تقم بتجريمها، مؤكدًا أيضًا أن اللجنة العليا للانتخابات لم تقوم بدورها الدستوري، حيث انها لم تمنع الظاهرة التي حولت البرلمان لمسخ مشوه. وأوضح الدكتور "عمرو هاشم ربيع " نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أن السبب الرئيسي في انتشار الظاهرة أن المرحلة الثانية تشمل محافظات أكبر من المرحلة الأولى، كما أن المرحلة الأولى كانت العصبية القبلية هي الدافع الأساسي لاختيار الناخبين للمرشحين على خلاف المرحلة الثانية. وأكد أنه يجب أن يكون هناك قانون رادع لمن يقوم بتلك الأفعال التي تؤثر على العملية الانتخابية والبرلمان القادم، مشيرًا إلى أن جولة الإعادة بالمرحلة الأولى ستشهد انتشارًا كبيرًا لتلك الظاهرة لأنها تعتبر جولة الحسم في البرلمان. وقال زكريا محمود الشهير ملقب زيكو أحد سماسرة الانتخابات بحي دار السلام عن عملية شراء الأصوات حيث استهل حديثه مؤكدًا أن جميع السماسرة جمعوا أموالًا لم يتوقعوا الحصول عليها في سنوات وقال: هناك ناخبون تحولوا إلى سماسرة بعد ما شاهدوا المبالغ التي تم انفاقها. وأضاف قبل بداية المرحلة الثانية للانتخابات قام مرشحون بالاتفاق مع أصحاب السوابق وعمال جراجات السيارات للسير إلى جانبهم أثناء الدعاية الانتخابية خوفًا من تعرضهم للمضايقات من المرشحين المنافسين، وبعض المرشحين وزع وجبات ودجاجًا مجمدًا على الأهالي ليتصدر المشهد بالأقوى ماليًا هو صاحب الكرسي واتفق مرشحون مع السماسرة على جمع البطاقات الشخصية وكتابة أرقام الهواتف المحمولة وأرقام اللجان على كل بطاقة قبل بدأ السباق الانتخابي. وتفاوضنا مع الناخبين على سعر الصوت فمنهم من طلب مبلغ 300 جنيه للصوت الواحد مقابل أن يذهب هو وأفراد عائلته وبعضهم كان يضغط لزيادة المقابل بدعوى أن المنافس الآخر يعرض مبلغًا أكثر، ففي اليوم الأول كان الصوت بمبلغ 100 جنيه يتقاضها بقطع الورقة إلى نصفين وبعد الاقتراع يحصل على النصف الآخر وهناك من ذهب للصندوق وأبطل صوته بعد أن تقاضى المبلغ لأن الورقة الدوارة انتهت فبطاقة الترشيح مرقمة برقم مسلسل وبختم القاضي. وأكد زكريا أن سيناريو اليوم الثاني للانتخابات اختلف عن اليوم الأول، وقال في اليوم الثانى اتجهنا إلى نشر الشائعات بأن سعر الصوت وصل إلى 500 جنيه وذلك لجذب الناخبين واستقدامهم إلينا فبعد الساعة السادسة مساء ارتفع سعر الصوت في دائرة دار السلام إلى 200 جنيه من أحد المرشحين، وهو ما جعل المنافس والذي كان عضوًا سابقًا بالبرلمان لرفع سعر الصوت إلى 300 جنيه وقد اتفقت قبل غلق اللجنة مع أحد المرشحين على استطاعتي توفير 500 صوت ولكن بسعر مختلف وهو ما جعله يوافق سريعًا فالمبالغ التي انفقت في الانتخابات من المرشحين على أقل تقدير مليون جنيه، فكل ناخب تقريبا حصل على 100 جنيه وبالتالي فإن من حصل على 10 آلاف صوت لا بد وأنه أنفق عليها مليون جنيه. والمثير أن دار السلام التي شهدت كل هذه الأموال الحرام شهدت أيضا مسيرة احتجاجية للتنديد بالرشاوي الانتخابية واستخدام المرشحين المال لشراء الأصوات مطالبين اللجنة العليا بالتدخل لوقف الرشاوي كما قام العديد من رواد موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك بإبداء استيائهم من عملية شراء الأصوات وذلك بتداولهم لفيديوهات وصور تظهر فيها عملية شراء الأصوات بدائرة الخليفة والمقطم بمقابل 300 جنيه. وفي دائرة المعادي تحدث أحد سماسرة المشرحين وقال الرشاوي الانتخابية لم تقتصر على الناخبين فقط، بل طالت المرشحين أيضا فأحد المرشحين بالدائرة تلقى أموالًا من المؤيدين له فهناك من تبرع له بمبلغ 100 ألف جنيه، وذلك من أجل انفاقها في الدعاية وجذب الناخبين وهذه التبرعات سيقابلها خدمات يحصلون عليها في حالة فوز المرشح، ويضيف قائلا قمت بالاتفاق مع أحد رجال المرشح على أن سعر الصوت 200 جنيه تقسم بيني وبين الناخب إلى جانب 50 ألف جنيه بعد فوز المرشح، واتفقنا في حالة الإعادة على زيادة السعر ومكافأة الفوز. وفي دائرة السيدة زينب تواصلت جهود السماسرة في حشد الأصوات وهو ما جعل المرشحين الذين لم يسبق لهم خوض السباق الانتخابي اللجوء إليهم والاتفاق معهم على حشد الناخبين، فمهما تغيرت أشكال المرشحين تظل وجوه السماسرة معروفة للجميع، تحدثنا إلى أحدهم عن تلك الظاهرة والدافع إلى انتخاب مرشح مقابل المال فأجاب: «جميع المرشحين بعد انتهاء الانتخابات لن نستطيع الوصول إليهم أو الحديث عن مشاكلنا فالأفضل هو الحصول على المبلغ المالي. وقال أمين محمد ويعمل موظفا في احدي الشركات الخاصة، أحد الناخبين الذين باعوا أصواتهم في الانتخابات فقال أنا لم أبع صوتي وانا أخذت فلوس من أحد المرشحين ولكني لم أعطه صوتي وقال اتفقت مع أحد السماسرة على 100 جنيه مقابل تصويتي وأخذت 50 جنيهًا قبل دخول اللجنة ولما خرجت طلب مني أن أقسم بالله أنني اخترت المرشح المتفق عليه ففعلت فأعطاني 50 جنيهًا أخرى وأنا بالفعل اخترت المرشح المتفق عليه ولكني اخترت معه مرشحين آخرين وبالتالي صار صوتي باطلا وأخذت أنا 100 جنيه. وإذا كنت تريد أن تعرف حجم الأموال التي تم انفاقها في الدعاية الانتخابية فيكفي أن نشير إلى أن الاتحاد العربي لمكافحة الجرائم الاقتصادية وغسل الأموال كشف أن حجم الأموال التي تم انفاقها في الدعاية الانتخابية لبرلمان 2015 في المرحلتين الأولى والثانية حتى الآن وصل إلى 20 مليار جنيه.