تجردت أم من مشاعرها الإنسانية وتخلت عن أمومتها فى سبيل إرضاء غرائزها، فلم تبال بطفلتها الصغيرة وبكل دم بارد قامت ببيعها وقبضت الثمن إرضاء لزوجها الذى خيرها بين العيش معه والتضحية بابنتها فاختارت نفسها وحياتها على حساب منة التى لم تتجاوز الستة أعوام.. منطقة عزبة النخل كانت بمثابة المسرح الذى دارت عليه الجريمة بكل أركانها. «البوابة» التقت المتهمة «مروة.م، 30 سنة» والتى ادعت الندم وحاولت أن ترسم على وجهها علامات الحزن والأسى وقالت ودموع التماسيح تملأ عينيها: «لم أصدق حتى الآن ما حدث وأستحق الإعدام ألف مرة عقابا على جريمتى التى لن أغفرها لنفسى مهما طال بى الزمن، ولو قدر لى الخروج من محبسى سأفنى عمرى فى البحث عن طفلتى الوحيدة، وسأنتقم ممن كان سببا فى ضياعها من يدى». وأضافت بائعة ابنتها قائلة: «بعد وفاة زوجى الأول والد «منة» لم أجد من ينفق علىّ أنا وابنتى لدرجة أنى عملت خادمة لدى أكثر من أسرة، إلا أن ظروفى العائلية وقفت دائما حائلا فى وجهى، فكل منزل كنت أعمل به كان يشترط على أن أترك ابنتى فى مواقيت العمل لكنى كنت أواجه طلبهم بالرفض طبعا فأين سأترك هذه الصغيرة، واستمر الحال بهذا الشكل لثلاث سنوات رأيت فيها الذل بألوانه، إلى أن تقابلت مع زوجى فى إحدى المناسبات العائلية وتعرفت عليه واتفقنا على الزواج، فى البداية كان يعاملنى وابنتى أحسن معاملة، ولم ألق منه سوى الخير والعطف علينا وعوضنا عن كل الظلم الذى تعرضنا له فاعتقدت أن الدنيا ابتسمت لىّ». واستكملت الأم: «تمت الزيجة بالفعل وبعد عدة أشهر فوجئت بالمعاملة تتغير وفجأة بدأ يضربنى ويتعدى على «منة» ويعذبها، ولم يكن بإمكانى أن أفعل شيئا إلا البكاء، والأكثر من ذلك قيامه بإجبارى للعودة مرة أخرى للعمل بالبيوت، ومع ذلك تحملت كل ما يحدث حتى أعيش أنا وابنتى». وتابعت مروة: «الوضع كان يزداد سوءا معه كل يوم عن سابقه، إلى أن فوجئت به فى أحد الأيام يقترح علىّ فكرة إعطاء ابنتى التى لم تتجاوز السادسة من عمرها لأحد أصدقائه، وهو سوف يقوم ببيعها لثرى وزوجته حرما من الإنجاب فى مقابل عشرة آلاف جنيه، بالطبع رفضت وبشدة لكنه أصر وأقنعنى أنها ستعيش مرفهة طوال حياتها وستخرج من الفقر الذى يقتلنا كل يوم وفى الوقت نفسه سنستفيد نحن بالأموال التى سنحصل عليها». واسترسلت فى حديثها: «موقفى لم يتغير رغم شدة إلحاحه إلى أن جاء فى أحد الأيام وخيرنى بين العيش معه أو تنفيذ طلبه، ومع الأسف الشديد وافقته على ما يريد وأخذت ابنتى بيدى لأسلمها للشخص الوسيط الذى سيقوم ببيعها، وأخذت منه وعدا صريحا بأن يعرفنى مكانها حتى أطمئن عليها وأراها من وقت لآخر». ومرت الأيام ولم أر ابنتى ولم أعرف عنها شيئا، واعتقدت أن الأمر قد مات وانتهى، إلى أن فوجئت بجدتها لوالدها تأتى لى وتطلب منى ضمها فأخبرتها أن منة قد توفيت منذ عدة أشهر بعد إصابتها بالمرض الخبيث، فلم تصدقنى وبحثت خلف الأمر وتوصلت للحقيقة وأبلغت عنى الشرطة». واختتمت المتهمة قائلة: «الندم يكاد يقتلنى فى كل ليلة وأتمنى أن أرى ابنتى وأحتضنها مرة أخرى، ولو عاد بى الزمن لتركت كل شيء من أجلها». التقت «البوابة» جدة الطفلة منة «الحاجة أم محمود» وصاحبة البلاغ والتى بدأت حديثها بالدعاء على أرملة ابنها قائلة «ربنا ينتقم منها ضيعت حفيدتى الوحيدة وحرمتنى منها لترضى زوجها الجديد، فلم يحن قلبها الحجر على طفلتها الصغيرة وباعتها وأخذت المقابل بدم بارد، والأكثر من ذلك أنها لم تعترف بجريمتها بل ادعت أنها توفيت نتيجة مرض، ولو كان الأمر بيدى لقتلتها وقطعتها حتى أنتقم لهذه الطفلة الصغيرة لكنى منتظرة حكم القضاء العادل لامرأة باعت فلذة كبدها لترضى شهواتها، وعمرى القادم كله سأقضيه فقط فى البحث عن حفيدتى لأجدها وأعوضها عن قسوة أمها».