أكدت بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا أن الصراعات السياسية وأعمال العنف المميتة لا تزال تعصف بليبيا حيث أثرت عدة نزاعات مسلحة على العديد من المناطق وأسهمت في انهيار عام في القانون والنظام، موضحة أن جميع الأطراف في ليبيا ارتكبت انتهاكات ضد القانون الإنساني الدولي بما في ذلك تلك التي قد تشكل جرائم حرب. وأشارت البعثة - في تقرير جديد اليوم الإثنين صدر في جنيف - إلى انتهاكات أو مخالفات جسيمة ضد القانون الدولي لحقوق الإنسان، لافتة إلى الانتهاكات التي واجهها المدنيون المستضعفون مثل الأشخاص النازحين داخلياً والمدافعين عن حقوق الإنسان والمهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين. ووثق التقرير القصف العشوائي للمناطق المدنية واختطاف المدنيين والتعذيب والإعدامات علاوة على التدمير المتعمد للممتلكات وغيرها من انتهاكات وتجاوزات جسيمة ضد القانون الدولي تم ارتكابها في أجزاء متعددة من البلاد بين 1 يناير و31 أكتوبر من هذا العام، مشدداً أن الأطراف المتناحرة في جميع أرجاء ليبيا لم تول اعتباراً كبيراً لتفادي أو تقليص الخسائر في الأرواح المدنية أو الإصابات في صفوف المدنيين، كما أدى العنف إلى مئات الوفيات ونزوح جماعي وأزمات إنسانية في العديد من المناطق في ليبيا. وأضاف التقرير أن المجموعات المسلحة المتنافسة قامت بنهب أو إحراق أو تدمير المنازل وغيرها من الممتلكات المدنية فيما يبدو أنه انتقام بسبب الولاء الفعلي أو المزعوم لأصحاب هذه الممتلكات واستمرت في اختطاف مدنيين على أساس الروابط العائلية أو الأصول أو انتماءاتهم السياسية الفعلية أو المزعومة، وحيث يعد أولئك المحتجزين عرضة للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة الذي يؤدي في بعض الأحيان إلى الوفاة في الاحتجاز دون معاقبة الجناة. وذكر التقرير انه تم توثيق أساليب التعذيب التي تضمنت الضرب والتعليق في أوضاع مؤلمة والصدمات الكهربائية والحرمان من النوم وعادة ما يتم حرمان أولئك المختطفين من الاتصال بأسرهم. ولفت التقرير إلى انه وعلى خلفية انهيار القانون والنظام والاقتتال الداخلي تمكنت المجموعات التي بايعت تنظيم "داعش" الإرهابي من السيطرة على مساحات من الأراضي، وأحكمت سيطرتها وقامت بارتكاب تجاوزات جسيمة بما فيها الإعدامات العلنية بإجراءات موجزة لأشخاص بسبب دياناتهم أو الولاء السياسي، كما وثق التقرير العقوبات القاسية التي أوقعتها هذه المجموعات مثل البتر والجلد، مسلطا الضوء على محنة اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين وخاصة القادمين من بلدان أفريقيا الواقعة جنوب الصحراء الكبرى والذين أضحوا معرضين بشكل متزايد للقتل والاحتجاز في ظروف غير إنسانية والتعذيب والاختطاف والاعتداء الجسدي والسرقة المسلحة والاستغلال، حيث تم اعتقال البعض منهم على أيدي مجموعات مسلحة على ما يبدو للانتقام من تصرفات حكومات بلدانهم الأصلية. وأوضح التقرير أن العديد من المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين أصبحوا ضحايا للعنف الوحشي والإكراه وإساءة المعاملة على أيدي المهربين في طرق التهريب وفيما يطلق عليها اسم بيوت الارتباط حيث ينتظرون المغادرة إلى أوروبا وأبلغ الكثيرون عن التعرض للتعذيب لانتزاع المزيد من المال من أسرهم في شكل بدا وكأنه عمل منسق للعصابات الإجرامية المتمركزة في بلاد المنشأ وبلاد العبور كذلك، كما قال عدد من المهاجرين وطالبي اللجوء الذي بقوا في بيوت الارتباط إنه تم إعطاؤهم كميات قليلة من الغذاء بهدف إنقاص وزن المسافرين كما أبلغ البعض الآخر عن رؤية النساء وهن يؤخذن في الليل ويتم الاعتداء الجنسي عليهن. ويشير التقرير إلى احتجاز آلاف الأفراد في السجون وغيرها من مراكز الاحتجاز الخاضعة للرقابة الرسمية لوزارات العدل والدفاع والداخلية إضافة إلى مراكز تديرها المجموعات المسلحة بشكل مباشر فيما أفادت تقارير متواترة عن وقوع تعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة. وقال التقرير إن النظام القضائي استمر في الإخفاق في ضمان المساءلة بينما لا تزال تجاوزات المجموعات المسلحة مستمرة دون عقاب وأضاف انه فى أجزاء عديدة من البلاد واجه القضاة والمدعون العامون ومسؤولو إنفاذ القانون تهديدات وهجمات من ضمنها الاحتجاز وعمليات الاغتيال بسبب عملهم. التقرير يوثق كذلك قصف المرافق الطبية حيث وجد العاملون في المجال الطبي أنفسهم وسط أعمال العنف وتم اختطافهم أو احتجازهم على أيدي مختلف الأطراف ويقول إن بعضهم وقع ضحية التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، فعلى سبيل المثال تم قصف مركز بنغازي الطبي الذي يعد أكبر مستشفى عامل في بنغازي ما لا يقل عن أربع مرات بين أبريل ويوليو، وأفاد التقرير أن العاملين في المجال الطبي وغيرهم من موظفي المستشفيات في جميع أرجاء ليبيا اشتكوا من المناخ العام لانعدام الأمن حيث قام رجال مسلحون بالدخول عنوة إلى مباني المستشفيات وانخرطوا في مناوشات مسلحة داخلها إضافة إلى تهديد الموظفين. وناشد التقرير جميع من لديهم سيطرة فعلية على الأرض اتخاذ إجراءات فورية لوقف الأفعال التي تشكل خرقاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي واكد انه يجب على القادة الإعلان أنه لن يتم التسامح مع مثل هذه الأفعال وحيث يعد المتورطون في الانتهاكات الجسيمة ضد القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي مسؤولين جنائياً بما في ذلك أمام المحكمة الجنائية الدولية التي تحقق في الوضع في ليبيا. وحذر التقرير من أن الانتهاكات وأعمال العنف سوف لن تتوقف إلا بعد التوصل إلى تسوية سياسية دون تأخير وبالاستناد إلى احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون.