يبدو أن جماعة الإخوان فقدت أغلب أوراقها للدرجة التي تدفعها لإطلاق دعوات للتظاهر في الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير قبل حلولها بثلاثة أشهر مدة ظنتها الجماعة كافية، لإقناع المواطنين والقوى السياسية بالنزول إلى الشارع على غرار ما حدث في نفس الذكرى منذ خمس سنوات. وتأتي الدعوة هذه المرة متناقضة وضعيفة، وأحيانًا منقسمة، حيث بدت الجماعة وحلفاؤها من أبناء تيار الإسلام السياسي، مختلفين بين فريقين، أحدهما يدعى ب"اصطفاف وطني"، ويرى أنه حتمي قبل أي تظاهر حتى يبدو الحراك المأمول شعبيًا، وفريق آخر يزايد على الأول ويرى في الاصطفاف مع غير الإسلاميين خيانة. وتزعم الفريق الأول كل من الدكتور محمد محسوب، القيادي بالتحالف الإخواني المزعوم، والهارب في الخارج، بالإضافة لطارق الزمر، رئيس حزب البناء والتنمية، والهارب أيضا في الخارج فيما جاء في الفريق المقابل ممدوح إسماعيل، القيادي بحزب البناء والتنمية، حيث يستخدم الأخير حسابه على "فيس بوك" منبرًا لمعارضة كل من النظام والإسلاميين الذين يختلفون معه في التوجه، مبررًا ذلك بأن القضية في أساسها هي حرب على الإسلام وكل من يتعامل على خلاف ذلك مخطئ. وطال نقده هذا "محسوب" و"الزمر" حيث قال: إنهم يفتحون ذراعهم مع حسن نافعة، المحلل السياسي، والذي دعم الإطاحة بحكم الإخوان، عبر فضائية الجزيرة القطرية، ونفى أن يكون خيار الاصطفاف واردا في ظل المشهد السياسي الحالي. على الجانب الآخر كان "محسوب" الذي كتب اليوم الجمعة، عبر حسابه على "تويتر": "لم يصنع "ثورة يناير" كيانات سياسية أو نخبٌ مدنية بل أبدعها شباب لا يعرف تناحرًا بسبب الرأي مؤمنا بأن الحرية رأس المطالب وبهم ستعود". وتأتي التدوينة لتذكر بالحالة التي عاشتها القوى السياسية في 25 يناير، متفقة على المطالب متجاهلة الاختلافات السياسية. في نفس السياق كان عاصم عبدالماجد، القيادي بالجماعة الإسلامية والهارب في الخارج، الذي دعا لما يسمى ب"الثورة الشعبية" وقال: إنها الحل، حيث يتم دمج مطالب الإسلاميين مع مطالب المواطن اليومية من تحسين للمرافق والخدمات.. واعترف في تدوينة له على "فيس بوك" إن مطالب تيار الإسلام السياسي من عودة للرئيس المعزول محمد مرسي، أو "الشرعية" باتت لا تهم قطاعا كبيرا من الشعب واصفها ب"الفئوية"، ما يعني إن جذب المواطنين مجددًا حول الإسلاميين يكون من خلال الاهتمام بما يهتم به المواطن وهي الأزمات اليومية. وجدد هجومه على الإخوان، متهمهم بأنهم يضعون مصالحهم فوق مصالح العامة، وتابع إن كل ما يشغل الإخوان أن يظلوا هم أصحاب الدعوة والمبادرة والباقي تابعين لهم، مشيرًا إلى أن هذا الأمر هو السبب في الوضع المزرى الذي وصل إليه الإسلام السياسي بشكل عام. وفي قراءته للمشهد الاستعدادي للإخوان قبل 25 يناير، قال أحمد بان الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن جماعة الإخوان، باتت ليست ككيان واحد يمكن أن يتم تقسيمه، مشيرًا إلى حالة رخوية تعانيها الجماعة ومن ثم نسمع من داخلها أصواتا متعددة. وأوضح "بان" أن الجماعة تحاول بكل الطرق التوسل إلى أي حدث مهم، خاصة لو كان 25 يناير، مستبعدًا أن تنجح الجماعة في أي حشد أو موجة غضب بالتزامن مع الذكرى الخامسة ل"الثورة". وبخصوص دعوات الاصطفاف قال بان: إن الجماعة تستهدف فئة معينة أغلبها في صفوف الشباب والنشطاء، مشيرًا إلى أن هذه القوى لا تمتلك أي تأثير على المشهد السياسي. وعلى مستوى الخلافات بين الجماعة وحلفائها، لفت بان إلى أن كلام "عبدالماجد" جاء متأخرا كثيرًا، مشيرًا إلى أن اكتشاف حلفاء الإخوان لخطأ منهج الجماعة كان يجب أن يكون عقب فض اعتصام رابعة العدوية، وليس بعده بعامين ونصف.. وتوقع أن يزيد الشرخ بين الجماعة وحلفائها في الفترة القادمة. من جانبه قال أحمد عبدالحميد، الباحث في شئون الحركات الإسلامية: إن أي تحركات للجماعة للإعداد ل 25 يناير، غير وارد نجاحها، مشيرًا إلى أن كل الظروف ضد فكرة الحشد والتظاهر. وأكد عبدالحميد أن حالة الإخوان منقسمة وأضعف من أن تكون داعية للتظاهر والحشد بأعداد ضخمة في الشارع.