بعد رحلة ليست بالقصيرة عبر "التلفريك" وفوق أعلى الجبل المطل على خليج مدينة "جونية" على البحر المتوسط ، في بقعة تكاد العين لا تشبع من مناظرها الخلابة، مكان يكاد لا يكون له مثيل في الأرض ، جامع لكل محاسن الطبيعة، وكأن السماء والأرض والبحر توافقت في زخرفته وتجميله بالمناظر الخلابة.. في هذه البقعة الساحرة يوجد مزار "سيدة لبنان- حريصا" مكان يشع بالروحانيات والسكينة والمناظر الرائعة. ويعود تاريخ المزار إلى بدايات القرن الماضي عندما قرر البطريرك الماروني إنشاء أثر ديني، حيث تم تشييد المزار، وبدأت اللجان لجمع المال، وقام مالك الأرض فرنسيس يعقوب يونس ببيعها للبطريرك الماروني مقابل 50 ليرة عثمانية، وفي والثالث من مايو من عام 1908 تم تدشين المزار ونصب تمثال للسيدة العذراء مريم فوق قمة المزار، وتكلف تشييد المعبد والتمثال 50 ألف فرنك، جمعت من التبرعات. **كنيسة المزار وتمثال العذراء** ويتكون المزار من "كنيسة المزار" وهي أول كنيسة تم بنائها بالمزار وبدأ تشيدها سنة 1904، وفوق الكنيسة تم تشييد تمثال السيدة العذراء والذي صنع في فرنسا وتم وضعه فوق قاعدته عام 1908 ويمكن الصعود إليه عبر درج لولبي، وقد تم بناء قاعدة التمثال بشكل مخروطي، محيطه الأسفل 64 متراً، ومحيط قمته 12 مترا وارتفاعه 20 مترا. ويوضع فوق القاعدة تمثال السيدة العذراء المصنوع من البرونز المصهور، ومكون من سبع قطع تم جمعها فوق القاعدة، ثم تم طلائه باللون الأبيض.. ويبلغ طوله 7.50 متر، ومحيطه 5.50 متر ووزنه 15 طنا. **البازيليك** وبعد زيادة عدد الوفود التي أخذت في زيارة المكان سنة بعد سنة، ظهرت فكرة بناء كنيسة أخرى تكون أكبر.. وبدأ بناء كنيسة "البازيليك" سنة 1971 بتصميم يحمل رمزين شجرة الأرز اللبنانية والسفينة الفينيقية.. ويبلغ طول الكنيسة 115 مترا، وعرضها 67 مترا، وارتفاع القبة 62 مترا، وتتسع لحوالي 3500 شخص .. ويمكن للحاضرين أن يشاهدوا أمامهم تمثال السيدة العذراء عبر واجهة زجاجية كبيرة وراء المذبح الرئيسي، ومنذ الثمانينات بدأت البازيليك تستقبل الآلاف من الزائرين.. وفي 10 مايو سنة 1997،كانت الزيارة الأهم في تاريخ الكنيسة حيث، زارها البابا يوحنا بولس الثاني بابا الفاتيكان. **سيدة لورد** كما يضم المزار كنيسة "سيدة لورد" والتي تأسست عام 1971، ويقع موقعها تحت كنيسة "البازيليك".. وهي على شكل نصف دائري.. وتتسع لنحو ثلاثمائة شخص، ويوجد بها مجموعة من الزجاجيات التي تمثل الرسل الاثني عشر والعائلة المقدسة، وكانت كنيسة سيدة لورد هي الملجأ الوحيد لكل أبناء لبنان المجاورين للمزار هربا من خطر الحرب الأهلية، وقد بدأت الاحتفالات فيها عام 1980. ويشتمل المزار أيضا على كنيستين حديثتين هما "كنيسة الغفران"، وكنيسة "بيت عنيا"، وقد تم تشيدهما عامي 1997، 2005 على التوالي زيارة المكان لا تنقطع، وجو الروحانيات يشع من كل مكان الكل يأتي من شتى بقاع الأرض ما بين مصليين وسياح زائرين، الجميع أتى من أجل روعة المكان وفخامة المنظر، فالمزار وكأنه شاهد عيان على بيروت وضواحيها وأحيائها، مكان حقا لا يمكن أن تشبع العين من جمال مناظره.