الضابط: قائد الدراجة البخارية تهجم علىّ وسبني بألفاظ نابية وحاول سرقة سلاحي الميري وهاجمني عندما طلبت منه الكشف عن هويته الضحية شتمني وقال لي «أنا ضابط» وطلب مني الركوع واعتدى على بكل قوة بعد رفضي لم تستطع العبارات المعسولة التى رددتها وسائل الإعلام عقب ثورة 30 يونيو حول عودة العلاقة بين جهاز الشرطة والمواطنين، مداواة الجرح الذى أحدثته الممارسات الفردية لضباط فى الجهاز الأمنى فى جسد هذه العلاقة، خاصة إذا وجدت هذه الوقائع طريقها إلى مواقع التواصل الاجتماعى أو إلى صحيفة أو برنامج فى قناة فضائية. يعيد نشر مثل تلك الوقائع نكء الجرح الذى لم يتم شفاؤه بعد، رغم التضحيات اليومية لضباط الشرطة فى سبيل حماية المواطنين، واستعادة الأمن المفقود منذ سنوات ومواجهة الجماعات الإرهابية والتنظيمات الإجرامية المسلحة. الواقعة الأخيرة بطلها ضابط بقسم شرطة الأهرام اسمه محمد بسيونى، 27 سنة متزوج ولديه طفلة تبلغ من العمر سنتين ومقيم فى مدينة أكتوبر، لديه شقيقان من الأولاد وفتاة، والده يعمل بالمملكة العربية السعودية وكان يعيش مع والده بالسعودية وحصل على الثانوية العامة من هناك وبعدها جاء القاهرة للالتحاق بكلية الشرطة وتخرج منها ليعمل بقسم شرطة الشيخ زايد وبعدها قسم شرطة كرداسة، ومنها إلى مديرية أمن أكتوبر ثم قسم شرطة الهرم حاليًا. أصبحت الواقعة حديث وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى بعد أن عرضت قناة المحور حلقة عن ضابط شرطة بمدينة الشيخ زايد بأكتوبر أشهر سلاحه الميرى فى وجه شخص وأجبره على الركوع له حتى يتركه، وسرعان ما تسابقت وسائل الإعلام فى متابعة تفاصيل الواقعة.. «البوابة» من جانبها حاولت استجلاء الحقيقة كاملة فأجرت مواجهة بين طرفى الواقعة، كما ذهبنا إلى مكان الحادث بالشيخ زايد للاستماع إلى شهود العيان فى الواقعة منذ بدايتها، وننشر رواية كل طرف كاملة دون تدخل من جانبنا. رواية الضابط المتهم استطاعت «البوابة» الوصول إلى شريف شقيق الضابط محمد بسيونى الذي روى لنا الواقعة على لسان شقيقه قائلا: بدأت الواقعة حين ركنت سيارتى الخاصة فى الحارة اليسرى فى طريق الخدمة الخاص بطريق الشيخ زايد أمام مسجد الشرطة كما هو موضح بالصورة، وانتظرت فى السيارة لأشترى السجائر من البائع الواقف فى الكشك كما تعودت كل يوم أثناء ذهابى إلى عملى. فوجئت بدراجة نارية يقودها شخص يرتدى «خوذة، جوانتى، حقيبة ظهر، وأخرى ملتفة حول الجزء الأسفل من جسده» تقف بجوار السيارة ويتحدث إلى قائدها من الشباك الأيمن للسيارة قائلًا بطريقة استفزازية لفظًا غير لائق، مع العلم أن الطريق به أربع حارات للسير والطريق لا توجد به سيارات وهو طريق خدمة مرور، أحسست بالشك والريبة من هيئته والمنظر العام الذى رأيته أمامى وطريقة كلامه فقمت على الفور بالإشارة اليه بيدى بالانصراف والابتعاد قائلا: «اتكل على الله إحنا لسه على الصبح»، ففوجئت به ينزل من على دراجته البخارية ويدخل نصف جسده الأعلى داخل السيارة ويهاجمنى قائلًا انزل لى يا ابن كذا كذا، محاولًا وضع يده على السلاح الميرى الخاص بى الذى وضعته على الكرسى المجاور لى كعادة جميع ضباط الشرطة تحسبًا لأى اعتداء، خاصة أن أغلب وقائع الاستهداف التى تحدث لضباط الشرطة والاغتيالات تحدث من قبل أشخاص يستقلون دراجات بخارية. بعدها قال لى «إنت فاكر دى هاتحميك دى تحطها فى «...» وحاول الإمساك بالطبنجة فقلت له «إنت بتعمل إيه دى عهدة» ونزلت من السيارة للتأكد من هويته وهوية الدراجة النارية التى يستقلها وإذا بها دون لوحات أمامية وذات رخصة منتهية. نزلت من السيارة حاملًا الطبنجة خوفا عليها من أن يتم سرقتها عن طريق وجود شريك له ينتظر نزولى من السيارة وسرقة السيارة بأكملها، وفى اليد الأخرى عصا صغرى «محرزة بالمحضر» للدفاع عن نفسى نظرًا لتهجمه علىّ داخل السيارة واحتمال وجود شريك له يقوم بمساعدته فى الاعتداء علىّ، مما يؤكد حسن نيتى وعدم استخدام السلاح الميرى مباشرة فى التعامل معه حال تأكدى من كونه لا يمثل تهديدًا حقيقيًا لحياتي، وإلا فما حاجتى للعصا إذا كانت لى النية باستخدام الطبنجة مباشرة؟ قلت: ماذا تريد منى ولماذا تحاول افتعال مشكلة معى «مين سلطك عليا ولا عشان أنا ضابط؟»، لاسيما أنى كنت خارج من مدينة الخمايل الخاصة بضباط الشرطة فتوجهت إليه قائلا «اخلع الخوذة»، وقمت بتكرار الكلمة أكثر من مرة، و«اخلع الحقيبة» حتى أتمكن من معرفة هويته ولكنه حرص على عدم خلعها، وقام بمهاجمتى محاولًا الاعتداء علىّ والإمساك بالطبنجة من يدى، وقام بمحاولة ضربى بالخوذة فى وجهى إلا أنى تمكنت من تفادى الضربة وسدد لى ضربة فى كتفى اليمنى أحدثت كدمة وهذا مثبت بالتقرير الخاص بالمستشفى فقمت بضربه بالعصا للابتعاد عنى إلا أنه قام بالإمساك بيدى التى تحمل الطبنجة بيديه الاثنتين مما أحدث كدمة بكف يدى اليمنى، وأثناء الشد والجذب كما ورد فى التحقيقات وشهادة الشهود قام برفع الطبنجة إلى الأعلى نظرًا لأنه أطول منى وأثناء ذلك خرجت طلقة عن طريق الخطأ محدثة له جرحا أسفل الجلد بفتحة دخول وخروج من أعلى إلى أسفل بزاوية ميل واستقرت فى قائم السيارة الخاصة بى. تثبت زاوية الإصابة استحالة تعمدى إطلاق النار لأن الزاوية المقذوف منها أعلى من رأسه ومن خلال التدريبات فى ميادين الرماية وخدمتى العملية كان من السهل على إطلاق النار فى المناطق التى تفقده حياته ويمكن من خلالها الجزم بنية إطلاق النار بغرض القتل أو الإصابة فى المناطق التى تؤدى إلى حالة مؤقتة أو عامة من العجز، أما مكان الإصابة وطريقتها فلا ينمان عن تعمد إطلاق النار. وتابع بسيونى: وجدت أحد المارة يقول لى «هو انت عشان ضابط هاتفترى على الناس؟» فقلت له «ابتعد إنت معاه ولا إيه» وقمت بدفعه بعد أن أفهمته أن الشخص الآخر كان يحاول الاعتداء علىّ وسرقة سلاحى إلا أنه تقدم إلىّ فى حالة هستيرية محاولا إحداث حالة من الثورة والبلبلة لجذب وتهييج المارة للاعتداء علىّ وبدأ يردد «إحنا ها نطلع دين أم الشرطة» وطلبت من أحد الحاضرين التوجه إلى الخلف مسافة 500م للنداء إلى ضابط المرور لاستدعاء الإسعاف عن طريق جهازه اللاسلكى. أقوال المجني عليه المجنى عليه هو حسين محمد حسين، يعمل مهندسًا بإحدى شركات الاتصالات بمنطقة العباسية، وجاءت روايته كالتالى: كنت متجها إلى العمل فى منطقة العباسية وكنت أسير فى البطيء، وكان هناك سيارة واقفة بالاتجاه الأيسر للشارع يقوم من فيها بشراء أشياء من الباعة الجائلين الذين يتواجدون أمام مسجد الشرطة، وكانت السيارة واقفة بزاوية تقريبًا فى نصف الطريق وكانت هناك سيارة تمر بجانبى وكادت أن تدهسنى إلا أنى تمكنت من تفاديها، وكدت أصطدم بالسيارة الواقفة، فذهبت إليها وقلت لصاحبها «إنت واقف ليه كده، حضن جمب الرصيف واركن كويس لأنك واقف فى نص الطريق، فرد قائلًا «اتكل على الله بشتيمة «إنت كذا كذا... شتائم غير طبيعية، فقمت برد الشتائم ثم قال لى أنا ضابط «أنا هاعمل وهاعمل بشتائم هستيرية، ثم فتح باب السيارة الأيمن وكان قد قام بسحب شيء لا أعرف ماهو ولكن بعد ذلك اتضح لى أنه طبنجة، بعد أن رأيت منظر السلاح قلت له «أنا آسف أنا ماشى»، فقال «ماشى فين يا كذا كذا ده انا ضابط وهاعمل وها سوّى فيك» اركع قدامى يا ابن «...» قلت له «مش هاركع» وفى الوقت الذى كان يطلب منى فيه الركوع كان بيده خنجر قام بتسديد ضربات بظهر الخنجر على الخوذة وعلى وجهى، وشعرت بأن أمامى إنسانا غير طبيعى ممسكا فى يده بطبنجة وخنجر وعندما رفضت الركوع له قام بإطلاق النار علىّ وأصابنى بطلق نارى فى كتفى اليمنى، وبعدها جاءت النجدة وسيارة الإسعاف ونقلتنى إلى المستشفى العام، وأخذت الضابط إلى قسم الشرطة للتحقيق معه. إلى هنا تنتهى رواية طرفى الواقعة، ولكننا لم نكتف بذلك فذهبنا إلى محل خدمة الضابط ليؤكد لنا أحد زملائه أن بسيونى، حسن السير والسوك وأنه كان ينتظر التكريم خلال أيام فى واقعة رفضه رشوة أثناء عمله من سيد أشرف إبراهيم وناصر جاسر، مطلق، كويتى الجنسية، وكانت بحوزتهما سلاح أبيض «مطوة قرن غزال» كما أن الكويتى عرض على الضابط مبلغا ماليا قدره 5000 جنيه رشوة مقابل عدم تحرير محضر بالواقعة وتحرر عن ذلك محضر رقم 33822 جنح قسم الهرم لسنة 2015. رواية الشهود توجهنا إلى شهود العيان فى الواقعة فاتفق اثنان منهما على رواية نفس التفاصيل، وهى تختلف عن رواية شهود آخرين وردت أقوالهم فى التحقيقات، الشاهد الأول يدعى مصطفى محمد 19 سنة طالب بكلية شريعة وقانون ولديه مكان بسيط على جانب الطريق لبيع بعض المنتجات الغدائية والسجائر، أما الشاهد الثانى فيدعى حسن السيد محمد 20 سنة متزوج يعمل سائقًا بإحدى شركات القطاع الخاص. رواية الشاهدين تتلخص فى أن الضابط مرّ كعادته يوميا لشراء بعض المواد الغذائية وكان مستقلًا سيارته الخاصة متوجهًا إلى عمله وكان بالاتجاة الأيسر للرصيف، وطلب من البائع بعض المنتجات الغذائية فذهب لإحضارها وإذا به يرى وهو عائد شخصًا يستقل دراجة بخارية ويرتدى غطاء رأس «خوذة» وشنطة وراء ظهرة وقفازًا. تفاصيل الواقعة كما جاءت على لسان مصطفى كانت كالتالى: «أثناء مرور سيارة أخرى بجانب قائد الدراجة البخارية كادت أن تصدمه فانزوى إلى حافة الطريق بجانب سيارة الضابط ثم وقف بجوار نافذة سيارته، وبدأ فى التعصب على الضابط وتراشق معه بالألفاظ عن مكان وقوف سيارته بمنتصف الطريق، رغم أن سيارة الضابط كانت بجانب الطريق وكان الضابط يتحدث فى هاتفه المحمول فرد عليه بعبارة «اتكل يا ابنى على الله على الصبح أنا لسه صاحى ومش ناقصك». قام الرجل بإدخال حوالى منتصف جسده داخل السيارة وبدأ فى مشاجرة مع الضابط، وعندما رأى السلاح الميرى بجانب الضابط أخذ بسبه هو وجهاز الشرطة قائلًا «إنتو مالكوش لازمة بعد الثورة»، وبعدها توجه إلى مكان باب السيارة الذى يجلس به الضابط وقال له «انزل لى» فخرج الضابط من سيارته وعندما رأى حقيبة فى ظهره قال له «انت مين ياد انت، ومين زقك علىّ»، فدفعه الضابط بعيدا وردد عبارة «اخلع الخوذة انت مين» ونظرا لأن الرجل أطول من الضابط فحاول الضابط تهديده بسلاحه حتى يبتعد عنه ويقوم بخلع الخوذة، فحاول الرجل أخد السلاح منه واشتبكا حتى خرجت طلقة من السلاح ومرت بكتف الرجل عن بعد وخرجت بعدها لتخترق قائم السيارة الخاصة بالضابط، فقام الضابط بالاتصال بسيارة النجدة وقال لى «اندهلى ضابط المرور» وبعدها جاء ضابط المرور وجاءت عربة الإسعاف، وكان الرجل يقف مع ضباط المرور وسيارة الإسعاف وبعدها توجها إلى قسم شرطة أول أكتوبر. إلى هنا انتهت روايات جميع الأطراف، ومن جانبنا نؤكد أن القضاء وحده صاحب القول الفصل فى الأمر، وأن الحكم عنوان الحقيقة.