أصدرت منظمة الصحة العالمية تقريرا عن شلل الأطفال قالت فيه إنه يصيب الأطفال دون سن الخامسة بالدرجة الأولى، وتؤدي حالة واحدة من أصل 200 حالة عدوى بالمرض إلى شلل عضال، ويلاقي ما يتراوح بين 5% و10% من المصابين بالشلل بسبب توقّف عضلاتهم التنفسية عن أداء وظائفها. وتشير التقديرات إلى انخفاض حالات الإصابة بشلل الأطفال بمعدل 99% منذ عام 1988، من نحو 350 ألف حالة سُجّلت في ذلك العام إلى 359 حالة أبلغ عنها في عام 2014، ويأتي هذا الانخفاض نتيجة ما يُبذل من جهود على الصعيد العالمي من أجل استئصال المرض. ولم يعد شلل الأطفال يتوطن إلاّ في بلدين في العالم هما أفغانستانوباكستان، بعدما كان يتوطن أكثر من 125 بلدًا في عام 1988، وطالما يوجد طفل واحد مصاب بعدوى فيروس الشلل فإن الأطفال في جميع البلدان معرضون لخطر الإصابة بالمرض، وقد يسفر الفشل في استئصال شلل الأطفال من هذه المعاقل العتيدة التي لا تزال موبوءة به عن الإصابة بنحو 200 ألف حالة جديدة تعم أرجاء العالم في غضون 10 سنوات. وأتاحت الجهود العالمية لاستئصال شلل الأطفال في معظم الدول المجال لزيادة القدرة على التصدي لأمراض معدية أخرى من خلال بناء نُظم فعالة في مجالي الترصد والتمنيع. وشلل الأطفال مرض فيروسي شديد العدوى يغزو الجهاز العصبي وهو كفيل بإحداث الشلل التام في غضون ساعات من الزمن، وينتقل الفيروس عن طريق الانتشار من شخص لآخر بصورة رئيسية عن طريق البراز، وبصورة أقل عن طريق وسيلة مشتركة "مثل المياه الملوثة أو الطعام" ويتكاثر في الأمعاء، وتتمثّل أعراض المرض الأوّلية في الحمى والتعب والصداع والتقيّؤ وتصلّب الرقبة والشعور بألم في الأطراف، وتؤدي حالة واحدة من أصل 200 حالة عدوى بالمرض إلى شلل عضال "يصيب الساقين عادة" ويلاقي ما يتراوح بين 5% و10% من المصابين بالشلل حتفهم بسبب توقّف عضلاتهم التنفسية عن أداء وظائفها. وعن الوقاية من المرض، فلا يوجد علاج لشلل الأطفال، ولكن يمكن الوقاية منه، ولقاح الشلل الذي يعطى على دفعات متعددة يمكن أن يقي الطفل من شر المرض مدى الحياة. ومن بين سلالات فيروس شلل الأطفال البري طالنمط 1 والنمط 2 والنمط 3" تم استئصال النمط 2 من فيروس شلل الأطفال البري في عام 1999، وانخفضت عدد حالات الإصابة بالنمط 3 من فيروس شلل الأطفال البري إلى أدنى مستوياته على مر التاريخ، حيث حدثت آخر حالة في أبريل 2012 وكانت من نيجيريا. ووهناك مبادرة عالمية لاستئصال شلل الأطفال أطلقت في عام 1988، واعتمدت جمعية الصحة العالمية الحادية والأربعون قرارًا باستئصال شلل الأطفال في جميع أنحاء العالم، وأدى ذلك إلى إطلاق المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال، برعاية كل من الحكومات الوطنية ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الروتاري الدولية ومراكز الولاياتالمتحدةالأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها واليونيسيف، وبدعم من شركاء رئيسيين، ومنهم مؤسسة بيل وميليندا غيتس، وجاء إطلاق المبادرة عقب الإشهاد الرسمي على استئصال الجدري في عام 1980، والتقدم المحرز خلال الثمانينات صوب التخلّص من فيروس شلل الأطفال في الأمريكتين، والتزام منظمة الروتاري الدولية بحشد ما يلزم من أموال لحماية جميع الأطفال من هذا المرض. وجرى في عام 1994 الإشهاد رسميًا على خلوّ إقليم الأمريكتين التابع للمنظمة من شلل الأطفال، وتبعه إقليم غرب المحيط الهادئ في عام 2000، ثم إقليم المنظمة الأوربي في يونيو 2002. في 27 مارس 2014 تم الإشهاد على خلو إقليم جنوب شرق آسيا لمنظمة الصحة العالمية من شلل الأطفال، ويعني ذلك أنه تم وقف سريان فيروس شلل الأطفال البري في هذه الكتلة المكونة من 11 بلدًا وتمتد من إندونيسيا حتى الهند، ويشكل هذا الإنجاز وثبة واسعة إلى الأمام على طريق استئصال المرض من العالم، حيث يعيش الآن 80% من سكان العالم في مناطق تم الإشهاد على خلوها من شلل الأطفال. وتكللّ بالنجاح منذ عام 1999 وقف سراية النوع 2 من فيروس شلل الأطفال البري ذي الثلاثة الأنواع "1 و2 و3"، ويزيد اليوم على 13 ملايين طفل يمشون على أرجلهم ممّن كانوا سيُنكبون بالشلل بخلاف ذلك. وبفضل إعطاء فيتامين "أ" بشكل منهجي أثناء الاضطلاع بأنشطة تمنيع الأطفال ضد الشلل، جرى تلافي وفيات قُدِّر عددها ب 1.5 مليون وفاة. وتحقق إستراتيجيات استئصال شلل الأطفال هدفها عندما تنفذ بالكامل، ويتضح ذلك بجلاء من نجاح الهند في وقف سريان شلل الأطفال في يناير 2011، وذلك في المكان الذي يُزعم أنه الأكثر إثارة للتحديات على الصعيد التقني، ومن الإشهاد على خلو إقليم جنوب شرق آسيا لمنظمة الصحة العالمية بالكامل من شلل الأطفال في مارس 2014. على أن الإخفاق في تنفيذ نهج إستراتيجي يؤدي إلى استمرار الفيروس في السريان، إذ يتواصل سريانه المتوطن في كل من باكستانوأفغانستان. وقد يسفر الفشل في وقف شلل الأطفال في هذه المناطق المتبقية المذكورة عن وقوع حالات جديدة يصل عددها إلى 000 200 حالة سنويًا على مدى 10 سنوات في أنحاء العالم أجمع. ووُضِعت الخطة الإستراتيجية الجديدة للقضاء على شلل الأطفال والشوط الأخير من استئصاله 2013-2018 في إطار التسليم بإمكانية تحول المرض إلى وباء والمخاطر الكبيرة لاحتمال العجز عن وقفه وبالتشاور مع البلدان المتضررة من شلل الأطفال، والأطراف المعنية، والجهات المانحة، والشركاء، والهيئات الاستشارية الوطنية والدولية، وجرى تقديم الخطة الجديدة في "قمة اللقاحات العالمية" في أبو ظبي، الإمارات العربية المتحدة، في نهاية أبريل 2013، وهي أول خطة للقضاء على جميع أنواع مرض شلل الأطفال في وقت واحد – سواء الناجمة عن فيروس شلل الأطفال البري أو فيروس شلل الأطفال الناجم عن اللقاح. أما عن المنافع المستقبلية لاستئصال شلل الأطفال، فحالما يتم القضاء على شلل الأطفال، يمكن للعالم الاحتفال بالنجاح في إيصال منفعة عالمية عامة كبرى يستفيد منها جميع الناس على قدم المساواة، بغض النظر عن المكان الذي يعيشون فيه، وقد اكتشفت النمذجة الاقتصادية أن القضاء على شلل الأطفال سيوفر على الأقل 40-50 مليار دولار أمريكي على مدى السنوات العشرين المقبلة، معظمها في البلدان المنخفضة الدخل. والأهم من ذلك، أن هذا النجاح يعني عدم معاناة أي طفل مرة أخرى من الآثار الرهيبة لإصابته بالشلل مدى الحياة نتيجة لفيروس شلل الأطفال.