أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحري، أن أودية سيناء بانوراما تتعانق فيها المناظر الطبيعية الخلاّبة والمنحوتات الصخرية التي صنعتها عوامل التعرية وآثار الإنسان الأول بسيناء منذ ما قبل التاريخ والنقوش الصخرية الأثرية، لحضارات متعاقبة على أرض سيناء والنباتات الطبية والأشجار النادرة والعيون الطبيعية والجبال بكل أنواعها وكانت هذه الأودية طرقًا للتجارة وطرقًا حربية ودينية تلاقت وتعانقت عبرها الأديان والحضارات. وأضاف في تصريح ل "البوابة نيوز"، اليوم الثلاثاء، أن وادى حبران الذي يبعد 11كيلو مترا شمال شرق مدينة طور سيناء، يحوي العديد من النقوش الصخرية الخاصة بالأنباط والعديد من النواميس وهو الطريق الذي استخدمه أهل سيناء لنقل البضائع والغلال من ميناء الطور في العصر المملوكى (648- 922ه، 1250- 1516م ) إلى دير سانت كاترين وتتوفر في وادى حبران المياه بغزارة حيث يوجد ثلاثة عيون هي (الواطية، والرّديسات، والحشا). وتابع: "يوجد بالوادى كثير من النخيل، ويعتبر واحة جمال، بما فيه من عيون طبيعية كعين الحلوة وحدائق ونخيل لأهل سيناء ونباتات طبية عديدة منها الساموا الذي يستخدم في علاج السكر واللصف لعلاج الأمراض الصدرية والحبق وأشجار السدر والرمان". وأكد أن وادى إسلا 16كيلو مترا طريق الطور – شرم الشيخ علاوة على نقوشه الأثرية يحوى عدة آبار وقنوات للمياه استخدمت أيام الأنباط لتوصيل المياه ناتج السيول من أعلى الجبال إلى الحدائق وهذا ينم على تقدم حضارى عظيم للأنباط في ابتكار طرق للرى بسيناء وحسن استغلال لمياه السيول بدلًا من أن تتحول لقوة تدميرية تقضى على الأخضر واليابس وبالوادى نباتات طبية مثل البعيثران لعلاج المغص والعشترا لتطهير الجروح والبوص الذي يستخدمه أهل سيناء في عمل الأسبتة. وأشار "ريحان" إلى وادى الأعوج 11كيلو مترا شمال شرق مدينة طور سيناء، لافتا إلى أنه سمى بهذا الاسم لكثرة تعرجه، وكان سكنًا للمتوحدين الأوائل بسيناء منذ القرن الرابع الميلادى حيث تركوا لنا قلايا بهذا الوادى مبنية بالطوب اللبن ويتميز بغزارة المياه والأشجار والنباتات كما تحوى المنطقة بين نويبع ودهب وكاترين أودية هي لوحات تشكيلية كوادى عرادة عند الكيلو 25 طريق نويبع - كاترين على صخوره رسومات جميلة تمثل حياة البادية منها الجمال والغزلان وطيور مختلفة ورموز خاصة بقبائل سيناء وكانت تنقل عبر هذا الوادى بضائع الأنباط من ميناء دهب إلى القلزم (السويس) ومنه برًا إلى نهرالنيل ومنه إلى الإسكندرية. وأضاف أن وادى حجّاج 60 كيلو مترا طريق كاترين - نويبع هو الوادى الذي كان يمر به المقدّسون المسيحيون القادمون من القدس للتقديس إلى دير سانت كاترين عن طريق أيلة (العقبة حاليًا) ويتكون من تلال من الحجر الرملى عليها نقوش نبطية ويونانية مسيحية عبارة عن كتابات تذكارية للمسيحيين العابرين لهذا الطريق. وقال: "من أهم أودية سيناء وادى فيران 55كم شمال غرب دير سانت كاترين طوله 5كم وعرضه ما بين 250 إلى 375م وبه مدينة مسيحية تعود للقرن الخامس والسادس الميلادى كانت بها مقر أبرشية سيناء كلها قبل إنشاء دير سانت كاترين وبه جبل يطلق عليه جبل الطاحونة 886م فوق مستوى سطح البحر يحوى قلايا مسيحية كانت ملجأً للرهبان الذين هربوا من بطش الرومان منذ القرن الرابع الميلادى وهو جبل من الحجر الرملى الأحمر الذي استخدم في أعمدة الكنائس بالمدينة المسيحية وهذا دلالة على التفاعل بين الإنسان والبيئة". وأضاف: "استخدمت الطفلة ناتج السيول بهذا الوادى، في عمل طوب لبن، بُني به الجدران العليا لمساكن وكنائس المدينة كما يحوى دير حديث خصص للراهبات التابعين لدير سانت كاترين يسمى دير البنات يتميز بأشجار السرو العتيقة التي ترمز للخلود ويقع قرب وادى فيران وادى شهير يطلق عليه وادى المكّتب وسمى بذلك لاحتوائه على العديد من الكتابات الأثرية ومنها النبطية واليونانية والعربية تمثل التواصل الحضارى على أرض الفيروز". وأكد أن "وادى سدر" من الأودية المهمة التي تصب في خليج السويس، وينشأ من جبال التيه بوسط سيناء ويخترق سهل الراحة وبه ثلاثة عيون هي عين سدر وعليها بعض أشجار النخيل والتين وفيها نبات النال الذي تصنع منه الحصر وعين أبى رجوم وعين أبى جراد وهو من الأودية المهمة الذي كان يمر به الحجاج المسلمون في درب الحاج المصرى القديم عبر سيناء إلى أيلة ومنها للأراضى الحجازية أما وادى وتير ويسمى أيضًا وادى العين فيصب في خليج العقبة وسمى وادى وتير لأنه متحدّب من وسطه كوتر أي سرج الجمل وهو يتألف من عدة أودية تجمعها ثلاثة وادى الشيخ عطية ووادى الزّلقة ووادى غزالة. وأوضح أن وادى طويبة يبعد عن طابا 4 كيلو مترا وهو حلقة الوصل بين طابا والنقب عبر العصور استخدمه الأنباط لنقل تجارتهم عبر سيناء واستخدمه القائد صلاح الدين أثناء عبوره لقلعته الشهيرة على جزيرة فرعون بطابا التي كانت حصنًا ضد غارات الصليبيين ووادى المصرى الذي ينشأ من رأس نقب العقبة، ويصب في خليج العقبة وسمى كذلك لأنه كان منفذ الحجاج المصريين إلى العقبة ووادى طابا هو الوادى الذي وقع عليه خلاف عام 1906 بين الدولة العثمانية والحكومة المصرية وبقى ضمن الحدود المصرية وعند مصبه بئران حفرهما سعد بك رفعت للجنود المصريين عند إخلائهم العقبة عام 1892 وإقامتهم في هذا الوادى حتى تم بناء قلعة نويبع 75كم جنوب طابا عام 1893 لينتقل إليها الجنود. وطالب "ريحان"، باستثمار جيد لمقومات هذه الأودية الثقافية والسياحية والبيئية، وسياحة السفارى، لربط الماضى بالحاضر، والاستفادة من النظم المائية المبتكرة للأنباط بسيناء والبحث عن وسائل لاستخراج المعادن المختلفة بسيناء وإعادة استخراج الفيروز من أرض الفيروز وتطوير هذه الأودية واستغلالها سياحيًا في رحلات سفارى منظمة يشترط فيها الحفاظ على المواقع والنقوش الأثرية والبيئة الطبيعية لهذه الأودية وتسجيل هذه الأودية كمحميات طبيعية علاوة على تسجيلها ضمن قائمة التراث العالمى باليونسكو ودعم رحلات المصريين لهذه الأودية للتعرف على أسرار تاريخهم العظيم ليعزز فيهم روح الانتماء ويستشعرون قيمة أوطانهم وقيمتهم كمصريين.