توافق اليوم الذكرى ال 134 على ميلاد "بابلو بيكاسو" أشهر الرسامين في القرن العشرين، فى عام 1881، وهو مؤسس المدرسة التكعيبية الفنية، الذى عرف بأعماله في النحت والرسم والتصوير والخزف، واشتهر بأعماله الفنية الرائعة التي تتميز بالحرفية العالية والحس الفني الراقي. وأكد الأثري ولاء الدين بدوى، رئيس قسم العصر الحديث والمعاصر بالمتحف القومي للحضارة - في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الأحد - أن فن بيكاسو تحدى النظرة التقليدية للحياة فظهر مشدودًا إلى التوتر والصراع، وبدا كأنما يستكشف العالم العجيب للكوابيس والخيال السحيق الذي يقرر علم النفس والفن المعاصرين، أنها مؤثرات كبيرة في أفعالنا اليومية، وكان يأمل في إثارة واكتشاف التأثيرات المجهولة التي تكمن في العقل الباطن للناظر، لذلك كانت صوره تشع غرابة الأحلام إلا أن لها مظهر الحقيقة، وربما كان بيكاسو متأثرًا بفن مسقَط رأسه إسبانيا، فهو غالبًا ما بدا مفتونًا بما هو خيالي وكابوسي. وعرض بدوى، ملامح من حياة بيكاسو الذي ولد في مدينة مالقة بإسبانيا، منتميًا لعائلة فنية، حيث إن والده هو الفنان التشكيلي خوسيه رويت الذي كان يعمل مدرسًا للرسم في إحدى مدارس إسبانيا، وكان أمينًا للمتحف المحلي، وكان بابلو يهوى الرسم منذ أن كان صغيرًا، وقد ذكرت والدته في إحدى المرات بأن أول كلمة نطق بها بابلو هي كلمة "قلم رصاص"، وعندما بلغ من العمر السابعة علمه والده أصول الرسم والتصوير الزيتي، ومنذ ذلك الوقت أصبح الرسم يسيطر على تفكيره وأوقاته حتى انشغل عن الدراسة لأجل الرسم. وقال إنه في عام 1891 انتقلت عائلة بابلو إلى لاكورونيا ليعمل والد بيكاسو في كلية الفنون الجميلة، وأقاموا هناك لمدة أربع سنوات، وعندما أتم بابلو الثالثة عشرة، كان يفاجئ والده برسمه إسكيتشات كاملة عجز والده عن استكمالها، وفي عام 1895 انتقلت الأسرة ثانية إلى برشلونة بعد وفاة أخت بابلو بمرض الدفتيريا، وقد تعرض بابلو لأزمة نفسية حادة، انعكست على مسيرته الفنية لاحقًا، وفي تلك الفترة عمل والده في أكاديمية الفنون الجميلة وأقنع المسئولين هناك بإلحاق ابنه في التقدم لامتحانات القبول للمستوى المتقدم، وقدم بيكاسو الامتحانات المطلوبة في أسبوع واحد فقط رغم أنها تأخذ من الوقت عادة شهرًا كاملًا، وفي تلك الفترة كوّن بابلو العديد من الصداقات التي أثرت في مسيرته الحياتية فيما بعد. وأضاف أن بيكاسو ذهب إلى باريس في عام 1911 باعتبارها عاصمة الفن في أوروبا، وقابل هناك الصحفي الفرنسي ماكس جاكوب الذي أصبح فيما بعد صديقه المقرب، وساعده على تعلم اللغة الفرنسية والأدب الفرنسي، واتسمت حياته في تلك الفترة ببعض المعاناة من الفقر واليأس، حتى أنه كان يقوم بحرق أعماله الفنية حتى تدفأ الغرفة التي كان يسكن بها هو وجاكوب لشدة البرد. وأكد أن بيكاسو كان متعدد العلاقات الغرامية، وعام 1961 تزوج من امرأة أخرى تدعى جاكلين روك واستمرت معه حتى وفاته، وقد أدى هذا الزواج إلى تدهور العلاقة بينه وبين أبنائه من زوجته فرانسوا لأنهم بعد هذا الزواج أصبحوا ليسوا الورثة الشرعيين لبيكاسو، الذى توفي فى 8 أبريل عام 1973، في مدينة موجان بفرنسا، حيث كان يتناول العشاء مع زوجته جاكلين وبعض من الأصدقاء. وأوضح أن أول أسلوب شخصي لبيكاسو فى الرسم يعرف بالفترة الزرقاء (1901 - 1904)، و كان يركز فيها على موضوعات الوحشة واليأسِ ويرسم في الغالب ظلالاً زرقاء، ثم تحول أسلوب هذه الفترة فيما بين عام 1904 و1906 إلى أسلوب آخر يركز على ألوان وأمزجة أكثر دفئاً، ثم تخلى بيكاسو عن الوجوه النحيلة المذعورة التي كانت بالفترة الزرقاء، وأعطى موضوعاته مرونة جديدة، وكثيراً ما ضمن أعماله مشاهد السيرك، وبحلول عام 1906 بدأ يرسم صوراً متميزة. وأضاف أنه في عام 1907، رسم بيكاسو لوحة "صبايا أفينون "، وهي لوحة شكلت علامة بارزة في الفن، حيث وضعت حداً فاصلاً حاسما للنظرات التقليدية للجمال والانسجام، فيظهر في اللوحة خمسة أشباح نسائية بشعة، لها أقنعة أكثر مما هي وجوه، تتصنع في وقفتها في لباس متشنج مشرشر، مشوهة، مهزوزة ممسوخة بوحشية، ومن هذه اللوحة ترعرع الأسلوب المعروف ب"التكعيبية". وتابع :"بيكاسو بدأ مبكراً في عام 1912 يضمن لوحاته قصاصات صحفية، وقِطعا من حُطام الأنقاض، وكلمات مجسّمة الحروف، وكان يأمل بهذه الطريقة أن يحطم التمييز بين الفن واللافن، وأن يجعل الناظرين يعيدون التفكير في صلتهم بالفن التقليدي". وأشار إلى انه بعد الحرب العالمية الأولى وسع بيكاسو استكشافاته في الشكل، ومن عام 1918 إلى 1924، كان يرسم بأسلوب كلاسيكي وبأشكال ضخمة فخمة، وفي العشرينيات والثلاثينيات، صوّر بيكاسو أشكالا كأنها من الظاهر الباطن؛ وتظهر الجمادات في هذه الأعمال نابضة بحياة من ذاتها، فقد رسم لوحته غورنيكا عام (1937م) احتجاجا على قصف بلدة غورنيكا خلال الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939) وكانت اللوحة محاولة منه لإعلان قرار عام، مستخدما رموزه الخاصة للغضب واليأس. وذكر أنه بعد عام1945، ظهر رسم بيكاسو ونحته كأنما يصنع السلام بالعواطف التي طالما عذبته في الماضي، ويشعر عدد من النقاد أن هذا النهج الجديد خلد أحسن أيام فنه، فيما أكد الآخرون أن هذا الأسلوب مثل انطلاقة جديدة في مغامرات بيكاسو المرئية والذِهنية في الفن.