برأ هتلر من الهولوكوست.. واتهم أمين الحسينى بتحريض الفوهرر على حرق اليهود مؤرخو «تل أبيب»: وسعت منك المرة دي.. وليست المرة الأولى التى تحرّف فيها التاريخ أثارت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، بأن الحاج أمين الحسينى مفتى القدس فى فترة الأربعينات هو الذى أقنع الزعيم النازى أدولف هتلر بخطة الهولوكوست وإحراق اليهود فى أوروبا كلها، الكثير من الجدل، حيث إنه بذلك يبرئ النازيين من تلك الحادثة التى سمحت للإسرائيليين بابتزاز حكومات ألمانيا المتعاقبة خلال عقود واستدرار تعاطف المجتمع الدولي. جاءت تصريحات نتنياهو أثناء خطابه فى المؤتمر الصهيونى العالمى فى القدس، وتأتى قبيل لقاء نتنياهو مع وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى فى إطار الوساطة الأمريكية لعقد اجتماع ثلاثى بين الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبومازن ونتنياهو وكيرى لتهدئة الأوضاع ومحاولة جديدة لإعادة ملف المفاوضات المتوقف منذ 2014، وبدلا من التعامل بشكل أقل عدوانية قال نتنياهو إن هتلر لم يكن ينوى إبادة اليهود، ولكنه كان يريد طردهم خارج أوروبا فقط، ولكن الحسينى هو الذى حرضه على قتلهم والتخلص منهم خشية من أن يقوموا باستيطان فلسطين وذلك عام 1941 أثناء لقائهما فى ألمانيا، وكأن نتنياهو كان معهم فقال بالحرف الواحد إن هتلر سأل الحسينى «ماذا علىّ أن أفعل إذن؟» فأجابه الحسينى بكلمة «أحرقوهم». ووفقا لصحيفة الجارديان البريطانية، فقد اجتذب نتنياهو عاصفة من الانتقادات، خاصة وسط حالة العنف والغليان الحالى بين الإسرائيليين والفلسطينيين، سواء داخل تل أبيب أو خارجها وقد أدانه العديد من المؤرخين حيث إن ذلك تزييف للحقائق فضلا عن أنه دعوة مباشرة لاستهداف الفلسطينيين، وقد رأى الإسرائيليون أن تصريحاته أيضا تقلل من بشاعة المحرقة التى طالما استخدمتها إسرائيل لكسب التعاطف. وقال زعيم المعارضة الإسرائيلية إسحق هرتسوج إن نتنياهو يهوّن من بشاعة المحرقة، وكتب هرتسوج على صفحته فى موقع التواصل الاجتماعى الفيسبوك «هذا هو التشويه التاريخى الخطير، وأطالب نتنياهو بتصحيحه على الفور لأنه يقلل من المحرقة والنازية وهتلر الذى يعد جزءا فى كارثة شعبنا الرهيبة»، وأضاف أن تصريحات نتنياهو ستكون أداة فى أيدى منكرى المحرقة. ووصف صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، تصريحات نتنياهو بأنها تبرئة واضحة لهتلر، ورد نتنياهو بأنه لم يبرئ هتلر ولكنه أراد أن يؤكد أن الزعيم الفلسطينى الراحل كان يريد تدمير اليهود حتى من دون احتلال لفلسطين، لكن هتلر هو المسئول عن الحل النهائى وأنه اتخذ القرار وكان لابد من عدم تجاهل الدور الذى قام به الحسينى ووصفه بأنه مجرم حرب، وقال البروفيسور الإسرائيلى دان ميتشمان، رئيس معهد أبحاث المحرقة فى جامعة بار إيلان ورئيس المعهد الدولى لأبحاث المحرقة فى ياد فاشيم إن هتلر بدأ فكرة المحرقة حتى قبل أن يلتقى بالحاج أمين الحسيني. وقالت البروفيسور دينا بورات لصحيفة يديعوت أحرونوت إن ادعاءات نتنياهو غير صحيحة ولا يمكنه القول بأن المفتى هو الذى أعطى هتلر فكرة لقتل أو حرق اليهود، حيث إن اجتماعهما حدث بعد سلسلة من الأحداث التى تشير إلى ما قام به هتلر. تلك التصريحات تضاف للكثير مما يقوله نتنياهو ليدعى بأن التاريخ الفلسطينى به الكثير من أحداث العنف ضد اليهود وذلك حتى يجدها ذريعة لارتكاب فظائع بحق الشعب الفلسطيني، وقد اتهمه الكثير من وسائل الإعلام الاجتماعية ومجموعة كبيرة من الشخصيات السياسية الإسرائيلية بوقوعه فى أخطاء تاريخية كبيرة لتبرير مواقفه العدائية. وقبل اجتماع الحسينى مع هتلر، كانت قد بدأت بالفعل وحدات القتل المتنقلة، بقيادة أوتو راش، بتنفيذ قتل أكثر من 34 ألف يهودى على مدى يومين فى وادي بابى يار فى ضواحى كييف، فى عملية قتل جماعى أمر بها الحاكم العسكرى النازى الجديد لكييف، الميجور جنرال كورت إيبرهارد. ووفقا للجارديان فإن تعليقات نتنياهو النارية تأتى وسط تزايد عدد القتلى، وتعد كالمواد التحريضية على وسائل الإعلام الاجتماعية، وصب المزيد من الزيت على النار، ودعا النائب إسحاق شمولى نتنياهو للاعتذار لضحايا المحرقة قائلا إن هذا عار كبير، وهى ليست المرة الأولى التى يشوه نتنياهو فيها الحقائق التاريخية، ولكنها تعد أول كذبة تكون بهذا الحجم. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، لراديو الجيش محاولا الدفاع عن نتنياهو إن هتلر بدأ ذلك، وسط لقاءات أمين الحسينى به، وتأتى التعليقات فى أعقاب تصريحات مشابهة قالها وزير الطاقة، يوفال شتاينتس، فى مؤتمر عقد مؤخرا فى واشنطن، اتهم فيها الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بأنه نازى التحريض. وقال مسئولون فلسطينيون إن نتنياهو أعفى هتلر من قتل ستة ملايين يهودى من أجل إلقاء اللوم على المسلمين، والعديد من المؤرخين يقولون إن نتنياهو يتعمد تشويه الجداول الزمنية للتوصل إلى استنتاجات خاطئة ومزيفة. وكان لقاء الحسينى مع هتلر فى برلين يوم 28 نوفمبر 1941 قبل عامين من تحدث هتلر الصريح عن تصميمه على إبادة العرق اليهودى فى يناير 1939، ولكن كراهية نتنياهو للفلسطينيين بلغت حدا جعله مستعدا لتبرئة هتلر من أجل إدانتهم. حقيقة الحاج أمين الحسينى الذى حضر جنازته الزعيم الفلسطينى الراحل ياسر عرفات ولد فى القدس 1895 وتوفى فى 4 يوليو 1974، هو المفتى العام للقدس، ورئيس المجلس الإسلامى الأعلى ورئيس اللجنة العربية العليا و أحد أبرز الشخصيات الفلسطينية فى القرن العشرين، انتقل إلى مصر ليدرس فى دار الدعوة و الإرشاد، والتحق بعدها بالكلية الحربية بإسطنبول، ليلتحق بعدها بالجيش العثماني، والتحق بعد ذلك فى صفوف الثورة العربية الكبرى. اعتقل الحسينى عام 1920، ولكنه استطاع الفرار إلى الأردن، وحكم عليه بالسجن 15 عاما، وتولى منصب المفتى العام للقدس بعد وفاة أخيه كامل، وأنشأ المجلس الإسلامى الأعلى، وبعد فشل ثورة القسام عام 1936 أنشأ اللجنة العربية العليا، التى ضمت تيارات سياسية مختلفة. وأصدر المندوب السامى البريطانى قرارا بإقالة المفتى من منصبه والقبض عليه، وحينها هرب الحسينى إلى لبنان، حيث اعتقلته السلطات الفرنسية، وبعدها استطاع الهروب من لبنان إلى العراق، ثم تركيا، ثم ألمانيا، حيث مكث فيها 4 أعوام وكانت مطالبه فى المانيا الاعتراف الرسمى من جانب دول المحور باستقلال كل من مصر، السعودية، العراق، اليمن، والاعتراف بحق البلدان العربية الخاضعة للانتداب وهى سوريا، لبنان، فلسطينوالأردن فى الاستقلال، والاعتراف بحق البلدان الخاضعة للاحتلال الإنجليزى بالاستقلال وهى السودان، البحرين، الكويت، عمان، قطر، حضرموت، إمارات الخليج العربي. وطالب بإعادة عدن وبقية الأجزاء المنفصلة عن اليمن، التى يستعمرها الإنجليز، والإعلان من قبل دول المحور أنها لا تطمع فى مصر والسودان، والاعتراف بحق العرب فى إلغاء الوطن القومى اليهودى وعدم الاعتراف به، وفى لقاء مع هتلر فى عام 1941 رد هتلر بأن هذه المطالب سابقة لأوانها، وأنه عند هزيمته قوات الحلفاء فى هذه المناطق يأتى وقت مثل هذا الإعلان، وهرب الحسينى من المانيا قبل سقوط سور برلين وفرضت على الحاج أمين الحسينى الإقامة الجبرية بعد النكبة، فهاجر إلى سوريا ومنها إلى لبنان، حيث مكث فيها حتى وفاته، وشيع بجنازة رسمية حضرها ياسر عرفات، ودفن فى مقبرة الشهداء.