قضايا الدولة تنظم دورة تدريبية لأعضائها في التحول الرقمي    جامعة سوهاج تطلق ندوة لتعريف منسوبي الجامعة بقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة    رئيس الوزراء يتفقد مصنع المصرية لبلوكات الأنود الكربونية بالسخنة    سلام مؤقت أم صراع متجدد؟ تايلاند وكمبوديا وجدل المعبد الحدودي.. هدنة ترامب لا تكفي    إعلام عبري: وزير جيش الاحتلال زار المنطقة المتاخمة للحدود اللبنانية    الهجرة الدولية: نزوح 340 شخصا بولاية شمال كردفان السودانية    انطلاق مباراة بيراميدز والتأمين الأثيوبي في دوري أبطال إفريقيا    مصطفى أبو زهرة بعد اختياره عضوا برياضة الشيوخ: سيناء ستكون وجهة أول زيارة للشباب الرياضيين    رفض طعن سعد الصغير على حكم حبسه في قضية حيازة المخدرات    الأرصاد: طقس مائل للحرارة غدًا على معظم أنحاء الجمهورية    بسبب خلافات بينهما.. إحالة مدير مدرسة ومعلم بالشرقية للتحقيق    وزير الخارجية يتابع استعدادات افتتاح المتحف المصري الكبير    وزير الصحة: إنشاء مركز إسعاف متكامل وتطوير مستشفى التأمين الصحي بقنا    محافظ المنوفية يتفقد عيادات التأمين الصحي بمنوف    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: تفاصيل صادمة في واقعة المتهم بتعذيب زوجته.. و11 قرارًا لمجلس جامعة برج العرب    محمود عباس يصدر إعلانًا دستوريًا بتولي نائب الرئيس الفلسطيني مهام الرئيس «حال شغور المنصب»    القوات المسلحة تدفع بعدد من اللجان التجنيدية إلى جنوب سيناء لتسوية مواقف ذوي الهمم وكبار السن    التنسيقية تشارك في فعاليات الاحتفالية الكبرى "وطن السلام"    وزير الخارجية ونائب الرئيس الفلسطيني يناقشان التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر إعادة إعمار غزة    أموال المخدرات.. حبس المتهم بقتل زوجته بتعذيبها وصعقها بالكهرباء في الإسكندرية    تأجيل محاكمة 6 متهمين بخلية داعش المعادي لجلسة 15 ديسمبر    تجهيز 35 شاحنة إماراتية تمهيدًا لإدخالها إلى قطاع غزة    تامر حبيب يهنئ منة شلبي وأحمد الجنايني بزواجهما    «بينشروا البهجة والتفاؤل».. 3 أبراج الأكثر سعادة    وزير الثقافة: نولي اهتماما كبيرا بتطوير أكاديمية الفنون ودعم طلابها    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    مستوطنون يهاجمون المزارعين ويسرقوا الزيتون شرق رام الله    مقتل شخصين وإصابة ثمانية آخرين جراء هجمات روسية على منطقة خاركيف    وزير الصحة يتفقد مجمع السويس الطبي ويوجه بسرعة الاستجابة لطلبات المواطنين    المرشح أحمد حسام: "شرف كبير أن أنال ثقة الخطيب وأن أتواجد ضمن قائمته"    مساعد وزير الثقافة يفتتح مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    مدير الكرة بالزمالك يحذر شيكو بانزا من إثارة غضب الجماهير    كيف تتعاملين مع إحباط ابنك بعد أداء امتحان صعب؟    الشوربجى: الصحافة القومية تسير على الطريق الصحيح    الحضور الرسميون فى مئوية روزاليوسف    وزيرا الخارجية والعمل يناقشان الهجرة والعمالة المصرية بالخارج    حسام الخولي ممثلا للهيئة البرلمانية لمستقبل وطن بمجلس الشيوخ    قبل الكلاسيكو.. القلق يسيطر على معسكر برشلونة بسبب يامال    محافظ الجيزة: صيانة شاملة للمسطحات الخضراء والأشجار والمزروعات بمحيط المتحف المصري الكبير    رئيس الوزراء يستعرض الموقف التنفيذي لأبرز المشروعات والمبادرات بالسويس    الرياضية: اتحاد جدة يجهز لمعسكر خارجي مطول في فترة توقف كأس العرب    وزير المالية: «بنشتغل عند الناس.. وهدفنا تحسين حياتهم للأفضل»    حصاد أمني خلال 24 ساعة.. ضبط قضايا تهريب وتنفيذ 302 حكم قضائي بالمنافذ    الأهلي يشكو حكم مباراة إيجل نوار ويطالب بإلغاء عقوبة جراديشار    مصدر من الأهلي ل في الجول: فحص طبي جديد لإمام عاشور خلال 48 ساعة.. وتجهيز الخطوة المقبلة    عمرو الليثي: "يجب أن نتحلى بالصبر والرضا ونثق في حكمة الله وقدرته"    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم 26 اكتوبر وأذكار الصباح    بدء فعاليات المبادرة الرئاسية «تمكين» لذوى الهمم بجامعة بنها    هيئة الرقابة المالية تصدر قواعد حوكمة وتوفيق أوضاع شركات التأمين    اتحاد التأمين يوصى بارساء معايير موحدة لمعالجة الشكاوى تضمن العدالة والشفافية    «الداخلية» تكشف حقيقة اعتداء وسرقة «توك توك» بالإسماعيلية    الكشف على 562 شخص خلال قافلة طبية بالظهير الصحراوى لمحافظة البحيرة    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    بحفل كامل العدد.. صابر الرباعي وسوما يقدمان ليلة طربية في ختام مهرجان الموسيقى العربية    تداول 55 ألف طن و642 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    مسئول أمريكي: الولايات المتحدة والصين تعملان على التفاصيل النهائية لاتفاق تجاري    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    مصرع شخص في حريق شقة سكنية بالعياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد أركون (4)
نشر في البوابة يوم 21 - 10 - 2015

ونواصل رحلتنا الشديدة الصعوبة والكثيرة المزالق مع كتاب محمد أركون «قضايا فى نقد العقل الدينى.. كيف نفهم الإسلام اليوم»، ونجتاز صفحات كثيرة لنأتى إلى حوارات شديدة التعقيد وشديدة المخاطرة أجراها المترجم الحريص مع الكاتب الشديد التوتر. فالمترجم هاشم صالح وبعد أن أرهقته ترجمة المتن آثر أن يستوضح من المؤلف كثيرا من إيضاحات تصبح مع كل صفحة من صفحات الكتاب ضرورية. ونقرأ بعضا من إجابات أركون «أعترف أن الغربيين قد تعبوا من إيقاع الحداثة المتسارع، فالكثيرون فى أوروبا يعانون الآن من فقدان البعد الروحى فى الحياة بسبب الانغماس الكامل فى البعد المادى والماديات. فبعد أن يشبع الإنسان من حياة الاستهلاك المادي، يبحث عن شيء آخر، عن إشباع روحى مثلا، لأنه لم تعد هناك فى مجتمعه ذروة عليا تفرض بشكل قاطع ما هو ممنوع وما هو مسموح كما كان الحال فى الأيام السابقة. فمجال المسموح به أصبح أكبر بكثير من مجال الممنوعات، وذلك عكس ما هو حاصل فى مجتمعاتنا الإسلامية، لا شيء ممنوع عندهم تقريبا خاصة فى مجالات الأخلاق والقيم الأخلاقية وغيرها من القيم التى تلاشت فى المجتمعات الغربية أدوات ضبطها. وهكذا بدأ يتنامى نوع من الحنين للماضي، أقصد الحنين إلى مرجعيات مطلقة إلى حقيقة تفرض نفسها على الجميع.
ذلك لأن التعاملات الأخلاقية مثلا والقيمية هى تعاملات مع الآخرين ولذلك تنمو الحاجة إلى مرجعية مطلقة (أى مرجعية إلهية) تهيمن على الجميع»، لكن محمد أركون لا يلبث أن يحذرنا «ولكن عندما نتأمل هذه الحاجة وذلك الحنين الذى يشعر به الأوروبى المغموس كليا فى الحداثة المادية والعقلية المجردة فإنه يتعين علينا أن ندرك أنه ليس من السهل استعادة ما كان عليه آباؤهم فى الماضي. وأنه ليس من السهل أن نجعل «التدين» حاضرا فى كل مكان عام أو كل العلاقات المتواجدة بين البشر» (ص275).
ويسأله هاشم صالح «وما رأيك فيما يقوله حسن الترابى دوما من أن الدين وسبحانه وتعالى موجودان معنا نحن فى كل مكان؟» ويجيب أركون دون تردد «إن الدين إذ يوجد عندما إنما يأتى فى شكل تصور معين خاص بالإسلام وليس الدين ذاته. فالناس لا يعرفون «الدين» ذاته، ولا يتصلون مباشرة «بالدين» المجرد المتعالى وحقيقته المتعالية التى لا يرتفع إليها بشر وإنما هم يتصلون به عبر رؤية البعض له، والإنسان العادى يتصور أنه يتصل بهذه الحقيقة التى لا يرتفع لمستواها البشر بمجرد النطق بها، غير مدرك أنه إنما ينطق بمنطق تلقنه مما هو سائد ومن بعض الشيوخ وليس من «الدين ذاته». ثم يقول «إن الله يتعذر على المنال، الله يتعالى على كل شيء، ولا يحق لأحد أيا كان أن يتحدث باسمه، ولا يمكن للبشر أيا كانوا أن يصلوا إليه بشكل مباشر وإنما يقدم كل منهم تصوره الخاص للذات الإلهية وتعاليمها.. بمعنى أنهم لا يصلون إلى أصل الدين إلا عبر وساطة بشرية».
ثم يقول، وهنا تطرح الإشكالية الأساسية «هنا يكمن كل تاريخ الإسلام والفكر الإسلامي. فالمشكلة هى أن المسلمين يعتقدون أنه من السهل أن نتكلم عن الدين هكذا فى الهواء، وأنه يكفى أن نقسم بالله مثلا لكى نكون فى ظلال حضوره وهذا تصور مثالى خاص بالعصور الوسطى، أى عندما كان الناس لا يفرقون بين الاسم والمسمى أو بين الكلمة والشيء الذى تدل عليه» (ص278).
ويواصل المترجم هاشم صالح فى الجدل بحثا عن مكنون فكر محمد أركون فيقول له «لكن القرآن يصلنا بالله مباشرة لأنه كلام الله. ويجيب أركون» بالطبع. ولكن القرآن بحاجة إلى تأويل» (ص281). ويعود المترجم ليسأل «ما الذى تقصده بعنوان الكتاب: نقد العقل الإسلامي؟» فيقول أركون «أقصد إعادة القيام بتقييم نقدى شامل للموروث الإسلامي، ولكى لا تخيفك الإجابة سوف أميز بين ثلاث أو أربع مراحل 1- مرحلة القرآن والتشكيل الأولى للفكر الإسلامي، 2- مرحلة العصر (الكلاسيكي) أى عصر العقلانية والازدهار العلمى والحضاري. 3- مرحلة العصر الاجترارى التكرارى أى العصر الذى اكتفى فيه المسلمون باجترار ما سبق قوله وتكراره دون تمعن ودون إعمال العقل. 4- مرحلة النهضة فى القرن 19 وحتى خمسينيات القرن الماضي» ثم يأتى ما نحن فيه. ويقول أركون عن القرآن «يبدو الخطاب القرآنى وكأنه انبجاس طالع من القلب ومفعم بالحياة والحياة الجارية للعمل التاريخى الذى قاده النبى محمد (صلعم) طيلة عشرين عاما».. (ص284). ثم يقول أركون وكأنه يصرخ «ينبغى أن يستيقظ المسلمون، أن يفتحوا عيونهم، أن يقرأوا القرآن بعيون جديدة، أن يتموضعوا فى عصره وبيئته لكى يفهموه على حقيقته ولا يسقطوا عليه أفكار عصرهم وهمومه، أو نظرياته. القرآن ليس كتابا فى علم الفيزياء أو الكيمياء ولا هو يفرض نظاما اقتصاديا محددا دون غيره، ولا نظاما سياسيا معينا. هذه أشياء متروكة للبشر لكى يحلوها طبقا لقوانين علم الاقتصاد والاجتماع والسياسة. القرآن هو أولا وقبل كل شيء كتاب دينى ربانى يتحدث ببلاغة عالية عن موضوعات تخص البشر أينما كانوا كالحياة والموت والآخرة والعمل الصالح والعدل إلخ. وفيه مبادئ أخلاقية ذات طابع كتلك الآية التى تقول «فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره» ألا يكفى هذا المبدأ الأخلاقى وحده لكى يوجه كل سلوكك وكل حياتك الشخصية فى المجتمع؟» (ص286).
وبعد هذه الرحلة المرهقة عبر صفحات كتاب «محمد أركون اكتفى موجها الشكر للمؤلف الذى فتح أمامنا بشكل إجبارى أبواب تساؤلات تقلق العقل وتدفعه للتفكير.. وللمترجم الذى عانى مثلى وقال إذا أردت أن أشرح هذا الكتاب سأحتاج إلى ثلاثة كتب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.