أتذكر جيدًا المرة الأولى التى شاهدت فيها تامر حسنى، كان فى شتاء عام 2002، بعد صدور أول ألبوماته «تامر وشيرين»، والذى حقق نجاحًا كان كفيلًا بوضع الحجر الأول فى نجومية تامر حسنى ومعه شيرين عبدالوهاب، تامر يمتلك جميع الصفات التى يحتاجها أى شخص ليصبح نجمًا شهيرًا، فهو ذكي للغاية، يمتلك حضورًا وكاريزما كبيرة، خفيف الظل، ممثل بارع فى الحياة، محترف فى التسويق لنفسه، وصنع هالة من النجومية تحيط به حتى وإن كانت هذه الهالة وهمية مع بداية رحلته الفنية. ربما هذا ما جعل تامر بعد مرور أكثر من عشر سنوات بالوسط الفنى، أن يحقق ما حققه من نجومية وانتشار ونجاح لم يكتب لكثيرين بدأوا معه ولكنهم لظروف تخصهم وحدهم اختفوا عن الساحة، أو ارتضوا بما وصلوا إليه، ليحلق تامر وبصحبته شيرين وحماقى بعيدًا عن الجميع، إذًا تامر شخص ناجح، يستحق أن يحقق فيلمه الأخير «أهواك» كل هذه الملايين، ليتربع على قمة إيرادات السينما المصرية خلال موسم عيد الأضحى، بعد أن توقع الكثيرون له الفشل، دون أن يقدموا أى مبررات منطقية لهذه التوقعات، لكن تامر كعادته جلس ليحتفل بنجاحه بينما الآخرون مشغلون بكيف نجح، رغم سطحية الفيلم وضعف مستواه الفنى! ولكن هذه الأسئلة لن تجد لها إجابات فى مشوار تامر حسنى، لأن القدر أراد أن يصنع منه نجمًا رغم أنف الجميع! وهو ما يدفعنى لمحاولة تفكيك تامر حسنى، لعلنا نتعرف على الطريقة التى صنعت من تامر حسنى نجمًا للجيل. البداية بدأ تامر حسنى يظهر على الساحة الفنية فى مصر مع نهاية التسعينيات، ظهر كشاب متواضع المظهر، يحمل جيتارًا، يمتلك صوتا متواضعا، وأفكارا جريئة، وموهبة كبيرة فى إقناع الآخرين به، لم يكن يمل تامر حسنى من الذهاب بشكل يومى لمبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون، من أجل البحث عن فرصة للظهور أو للحصول على قرار باعتماده كمطرب بالإذاعة والتليفزيون، وهو ما تحقق بالفعل، واستطاع بعدها تامر أن يقنع الإعلامية الكبيرة سلمى الشماع بموهبته، فقامت بفتح أبواب قناتها الناجحة وقتها «النيل للمنوعات» على مصراعيها لتامر، الذى لم يترك برنامجا واحدا بالقناة للظهور به والغناء فيه، ظهر فى جميع المناسبات، احتفالات 6 أكتوبر، وشم النسيم وشهر رمضان وعيد الفطر وعيد الأضحى، استطاع تامر أن يستغل القناة أفضل استغلال للترويج لنفسه، وهو ما نجح فيه بالفعل، خصوصًا أن القناة كانت تتمتع بنسب مشاهدة كبيرة جداً، لأن القنوات الفضائية الخاصة لم تكن قد انتشرت بعد، ولم يكن موجودًا بمصر سوى قنوات إيه آر تى المشفرة، واصل تامر ظهوره على شاشة قناة النيل للمنوعات، وقدم نفسه للجمهور كمطرب جديد وملحن وشاعر، وبدأ الجمهور يعرف اسمه وشكله للمرة الأولى مع بداية الألفية الجديدة، واستفاد تامر من الشائعة التى أطلقها وقتها بأنه ابن للفنان كمال حسنى، الذى ظهر واختفى فجأة فى الستينيات، وعرفه الجمهور من خلال أغنية «غالى عليا»، وربما كانت هذه الواقعة هى من جعلت تامر حسنى يؤمن بالدور الذى تصنعه الشائعة فى زيادة نجومية الفنان، واستطاع تامر حسنى بعد محاولات عديدة أن يصل للمنتج نصر محروس ويوقع معه عقد احتكار لسبعة ألبومات، غير محددة المدة، واعتقد تامر أنه حقق حلمه بتوقيع عقده مع فرى ميوزيك، التى أنتجت وقتها لكبار النجوم، محمد فؤاد وخالد عجاج ومحمد منير ومحمد محى واكتشفت الشركة أيضًا بهاء سلطان وقدمته للجمهور، اعتقد تامر أن نصر محروس سيقوم بإنتاج ألبوم غنائى له، ولكن نصر محروس كانت لديه خطة أخرى تماما، حيث قرر أن يضم الصوتين الجديدين تامر حسنى وشيرين عبدالوهاب فى ألبوم واحد، وبالفعل فعلها نصر فى مطلع عام 2002، واستطاع الألبوم أن يحقق نجاحا كبيرا، وكانت البداية الحقيقية لتامر كمطرب محترف، ولشيرين عبدالوهاب التى تحولت لنجمة بسرعة الصاروخ بعد هذا الألبوم، واعتقد تامر أن نصر سيعجل بطرح ألبومه الجديد بعد أن لمس نجاح تجربته، ولكن للأسف نصر كمنتج فضل التفرغ لشيرين وتقديمها بشكل أفضل، بعد أن لمس أن نجاحها كان أكبر من نجاح تامر بكثير، خصوصًا بعد حالة الاحتفاء الكبيرة التى استقبلت بها السوق والإعلام شيرين كصوت نسائى مصرى جديد، وقرر تامر أن يعتمد على نفسه بعيدًا عن نصر محروس، محاولًا استغلال شهرته بعد طرح الألبوم، فعمل على تقديم حفلات للطلاب بالجامعات المصرية للانتشار بين الشباب، ونجح أيضًا فى توقيع عقد أول بطولة فيلم سينمائى له وهو فيلم «حالة حب» عن قصة كتبها بنفسه، تحمس لها المنتج أحمد دسوقى، فى هذه الفترة تم الإعلان عن مرض الفنان الكبير أحمد زكى، وقام تامر وقتها باستغلال تعلق الجمهور الكبير بالراحل أحمد زكى، واستطاع تامر أن يقنع طلاب الجامعة الأمريكية بتنظيم احتفالية تكريم لأحمد زكى لدعمه نفسيًا فى مرضه، وغنى تامر فى الاحتفالية أغنية كتبها ولحنها بنفسه لأحمد زكى بعنوان «مستنينك ترجع بالسلامة» وبذكاء شديد قام تامر بتصوير أجزاء من الاحتفالية بكاميرته الخاصة، وقام بعمل مونتاج للأغنية وضع فيها صورًا لضيوف الاحتفالية وهم يبكون على نغمات أغنيته، وحققت الأغنية نجاحا كبيرا، عوضت تامر غيابه عن الساحة الغنائية لعامين بسبب تجميد نصر محروس له، ولكن تامر لم يستسلم مطلقًا لفكرة كونه مجرد مطرب صغير داخل شركة لا تلتفت لطموحه وأحلامه بأن يصبح نجم الغناء الأول فى مصر. أول خطوة سينمائية عرض لتامر حسنى فيلم «حالة حب» علام 2003 وحقق الفيلم نجاحا محدودا، ولكنه نجح فى تقديم نفسه كممثل، وكان أكثر شخص استفاد من الفيلم رغم أنه كان يضم كلًا من هند صبرى وهانى سلامة، ولكن ذكاء تامر حسنى وموهبته فى تسويق نفسه، جعل الجميع ينسب بطولة الفيلم له بمفرده. وبعدها تعرف تامر حسنى على المنتج محمد السبكى، وقدم معه بطولة فيلم «سيد العاطفي» وكانت المفاجأة بتجاوز إيرادات الفيلم حاجز العشرة ملايين جنيه، ومع الفيلم تم طرح ألبوم تامر حسنى الثالث «عينيا بتحبك»، وانتبه المنتج محمد السبكى أن الجمهور المصرى بدأ يضع تامر حسنى فى خانة النجومية، وقرر أن ينتج له أول جزء من سلسلة «عمر وسلمي»، وبدأ تامر فى ضم مجموعة من الشباب ليفكروا معه فى طريقة تسويقه كسوبر ستار، وكان من بين تصرفاتهم الشهيرة وقتها، قيامهم بتأجير موديلز من البنات، يذهبن لحفلات تامر ويقمن باحتضانه والبكاء على كتفيه وهن يحاولن تمزيق ملابسه للحصول على تذكار غال من ملابسه، بينما تحضر مجموعة أخرى من الفتيات مجموعة من «الدباديب» لتلقيها على تامر أثناء غنائه، كان تامر يجتهد فى أن يثبت لدى الجمهور والمشاهد، أنه سوبر ستار لا تقل نجوميته عن عمرو دياب، الهدف الوحيد الذى كان يضعه تامر أمام عينيه طوال الوقت! ميلاد نجم كبير داخل زنزانة صغيرة! لم يتوقف تامر حسنى لحظة واحدة عن التفكير فى نجومية عمرو دياب، كان يحلم بأن يقربه عمرو منه، ويتبناه فنياً، ليكون فى يوم من الأيام بديلًا له، ولكن ما لم يعرفه تامر وقتها، أن عمرو لا يريد لأحد أن يكرر نجوميته، يريد أن يظل حتى نهاية الدهر أسطورة الغناء الوحيدة فى العصر الحديث، ولكن تامر كان يحلم كشاب بأن نجمه المفضل سيمد يد العون له ويغنى من كلماته وألحانه، وربما يغنى معه ديو غنائى، ولكن عمرو قابل أحلام تامر بتجاهل، كان عندما يتقابل معه فى أى مناسبة يتعامل معه باعتباره مطربا مغمورا، و ليس كمطرب شاب له جمهوره ونجاحاته، تصرفات عمرو معه جعلته يتجرأ ويستخدم ضده سلاح الشائعات التى كان يحترف تامر استخدامه جيداً، بدأ تامر يروج أن عمرو دياب يغير منه، ويحاول محاربته، بدأ يسخر من عمرو دياب الذى اقترب من الخمسين، وما زال يقفز على المسرح، بالطبع كانت هذه فرصة لمن يعشقون الفبركة، فى خلق مزيد من الحكايات عن غيرة عمرو من تامر، بعد أن قررت أميرة عربية إلغاء استبدال عمرو دياب بتامر للغناء فى حفل عيد ميلادها، وفى مصر الشائعات لا تتوقف، وصلت إلى عمرو دياب، وبالفعل غضب بشدة من جرأة تامر حسنى ومن محاولته الاقتراب من نجوميته، وفى حفل زفاف لصديق مشترك بين عمرو وتامر، حاول تامر أن يقترب من منضدة عمرو ليصافحه ويلتقط صورة تذكارية معه، ولكن عمرو تصرف وكأنه لا يرى تامر، ولم يمد يده من الأساس لمصافحته كما يردد البعض، هذا ما جعل الجميع يصدق شائعة أن عمرو دياب بكل نجوميته يغير من تامر حسنى! بعدها بفترة قصيرة تم إلقاء القبض على تامر حسنى وهيثم شاكر بتهمة الهروب من التجنيد وتزوير شهادات إعفاء من خدمة التجنيد، وتردد أن تامر قال لأصدقائه الذين ذهبوا لزيارته بعد القبض عليه، إنه يعلم أن عمرو دياب يقف خلف إلقاء القبض عليه، هذه المقولة انتشرت بقوة، وصدقها الكثيرون، الأمر الذى دفع الجميع للتعاطف مع تامر، حزنًا على مستقبله الفنى، ولكن فى الوقت الذى استسلم فيه هيثم شاكر للسجن، قرر تامر أن يستغل فترة حبسه فى تحقيق مزيد من النجاح والشهرة، تامر خرج من هذه القضية محققًا أضعاف شهرته، البلد بأكمله كان يتحدث عن تامر حسنى، لافتات إعلانية ضخمة على كوبرى أكتوبر تتمنى له الخروج بالسلامة، محمد السبكى قرر أن يسرع بالانتهاء من مشاهد فيلم عمر وسلمى، ليلحق بعرضه مستغلًا الضجة التى أحدثتها قضية تامر حسنى، وانتهت القضية، وولد تامر حسنى من جديد، ولكن هذه المرة كنجم كبير، لم يعد بإمكان أحد من جيله الوقوف أمام هذه النجومية.