تحتفل الأممالمتحدة بعد غد (21 سبتمبر) باليوم الدولي للسلام تحت شعار التعليم من أجل السلام/ داعية للاستثمار في التعليم الذى يشجع الأطفال على تبنى المواطنة العالمية على أساس قيم التسامح والتنوع، وفى رسالة الأمين العام للأمم المتحدة بمناسبة هذا اليوم، قال: تستحق كل فتاة وصبى الحصول على التعليم الجيد ومعرفة القيم التى من شأنها أن تساعدهم على أن يصبحوا مواطنين عالميين في مجتمعات متسامحة تحترم التنوع. وقد خصصت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا التاريخ لتعزيز المثل العليا للسلام في الأمم والشعوب، وتدعو الأممالمتحدة في هذا اليوم جميع المحاربين في أنحاء العالم الى القاء أسلحتهم وإتاحة فرصة حقيقية للسلام وأحياء هذا اليوم بالتثقيف ونشر الوعى لدى الجمهور بالمسائل المتصلة بالسلام، كما يتيح هذا اليوم فرصة للعالم كي يتوقف لحظة للتفكير والتأمل في أفضل السبل للخروج من دوامة العنف التى يولدها الصراع. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد أعلنت اليوم الدولي للسلام عام 1981 ليكون متزامنا مع موعد الجلسة الافتتاحية لدورة الجمعية العامة التى تعقد كل عام في شهر سبتمبر وتم الاحتفال به لأول مرة في أول سبتمبر 1982.. وفى عام 2001 صوتت الجمعية العامة بالإجماع على القرار 8282/55 الذى يحدد يوما للامتناع عن العنف ووقف اطلاق النار. لقد أكد بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة على أن السلام هو الرسالة التى تعمل من اجلها الأممالمتحدة والغاية التى تنشدها في مساعيها اليومية. وبهذه المناسبة تهتم الأممالمتحدة بالدور الذى يمكن أن يؤديه التعليم في تعزيز المواطنة العالمية فلا يكفى تعليم الأطفال القراءة والكتابة والحساب بل يجب أن ينشر التعليم الاحترام تجاه الأخرين وتجاه العالم ومساعدة الناس على بناء مجتمعات أعدل سيمتها المزيد من الشمولية والسلام، وهذا النوع من التعليم هو لب مبادرة التعليم أولا التى أطلقتها الأمم على نطاق العالم والتي تدعو الحكومات الى وضع التعليم على رأس جدول أعمالها. حيث يشار الى أن هناك سبعة وخمسين مليون طفل لايزالون محرومين من التعليم، وملايين أخرين في حاجة الى تعليم على نحو أفضل فكما قالت التلميذة الباكستانية مالالايوسف زاي التى تعرضت لمحاولة اغتيال قامت بها طالبان بسبب نضالها من أجل الحق في التعليم أمام الأممالمتحدة /يمكن لمعلم واحد، كتاب واحد، قلم واحد أن يغير العالم/. إن تعليم الأطفال الأكثر فقرا وتهميشا كما قال بان كي مون، في رسالته يتطلب قيادة سياسية جريئة وزيادة في الالتزام المالي ولكن المعونة المقدمة قد انخفضت للمرة الأولى خلال عقد من الزمان ولهذا طرح شراكات جديدة وتوجيه اهتمام أكبر لجودة التعليم. لقد أصبح التعليم من أجل نشر ثقافة السلام والتسامح في المجتمعات المعاصرة ضرورة ملحة، فالتعليم مطلوب منه اليوم أن يهدف الى مقاومة تأثير العوامل المؤدية الى الخوف من الأخرين واستبعادهم، وإلى مساعدة النشء على تنمية قدراتهم على استقلال الرأي والتفكير النقدي والأخلاقي، وينبغي أن تسهم السياسات والبرامج التعليمية والمناهج الدراسية وغيرها من المواد التعليمية في تعزيز التفاهم والتضامن والتسامح بين الأفراد ومحاربة العنف والتطرف، وهذا ما دعت اليه منظمة اليونسكو حين أكدت على ضرورة تحسين نوعية المناهج المدرسية بأدراج القيم الإنسانية لتحقيق السلام والتلاحم الاجتماعي واحترام حقوق الأنسان والكرامة الإنسانية لتحقيق السلام والتلاحم الاجتماعي. إن الحملة العالمية للتعليم من أجل السلام لديها هدفان الأول بناء الوعى العام والدعم السياسي لإدخال تعليم السلام في كل مجالات التعليم، والثاني تدريب جميع المعلمين على التدريس من أجل السلام، كما أن هذا التوجه نحو ادماج ثقافة السلام في المؤسسات والتعليمية مطلب أممي ومحلى في الوقت نفسه اذ يهدف التعليم الى تنمية مفاهيم التربية من أجل السلام ، والمستقبل الإنسان الأفضل والتعاون والتضامن الدوليين على أساس من العدل والمساواة والتفاعل والاحترام المتبادل بين جميع الدول والشعوب. وتؤكد منظمة اليونسكو أنه اذا كان الهدف من التعليم هو زيادة مستوى التحصيل الدراسي فإن الأهم من ذلك هو ربط التعليم بالمهارات الحياتية من أجل الوقاية من العنف وبناء السلام ويشمل ذلك ثلاث مجالات الأول المجال المعرفي ويشمل الحقائق والأرقام التى يجب على الطلاب معرفتها مثلا عن خطورة انتشار السلاح النووي، والثاني مجال الاتجاهات والمواقف وهنا يقف المعلم عند مواقف الطلبة واتجاهاتهم وتصوراتهم عن مفاهيم السلام والعنف وكيفية ادارة الأزمات وتشجيعهم على الحوار ودعم الحلول الديمقراطية التى تكرس مبدأ العدالة والمساواة أما المجال الثالث هو مجال مهارات ادارة النزاعات وتحليل الأزمات ومهارات الاتصال. ويرى المراقبون أن زرع ثقافة السلام من خلال التعليم أمر هام لأن التعليم هو الذى يدعم قيم الحق والمساواة والتفاهم والتعايش السلمى لذلك فالتعليم من أهم الوسائل للتغلب على شر الجهل والكراهية ، ومن خلال التعليم يتم التوعية الكاملة والتعرف على الثقافات الأخرى ،وتعلم كيف نحترم ونقدر الاختلافات الثقافية والدينية فهذا يسمح بالتقارب بطريقة اخرى بدلا من تسوية الخلافات بالعنف. وفى الوقت الذى تدعو فيه الأممالمتحدة للسلام العالمي مازال العالم يشهد متغيرات كبيرة وأصبح في حاجة ملحة لتحقيق السلام نتيجة لتفاقم الحروب والصراعات وظهور أسلحة أكثر فتكا بالإنسانية ، ومحاولات لفرض السيطرة بقوة السلاح، وظهور عدد من المخاطر الدولية التى تتجاوز في تداعياتها ومظاهرها وأبعادها حدود الدول والتي ألقت بظلالها على مستقبل السلم والأمن الدوليين مثل الارهاب الدولي وتفاقم والنزاعات الأثنية والفقر وتهريب المخدرات ، وتلوث البيئة بالإضافة الى تباطؤ النمو الاقتصادي .لقد أفتقد العالم لمعنى السلام أمام هذه الأوضاع. ويرى المراقبون أنه اذا كانت العوامل المؤثرة على السلم والأمن الدوليين متعددة ومتنوعة فأن الحلول أيضا لتحقيق السلام يجب أن تتسم بالتنوع والاختلاف منها سياسة الحد من التسلح ومنع أنتشار أسلحة الدمار الشامل ، وتعزيز اللجوء الى السبل السلمية لتسوية المنازعات ، والسير قدما نحو مزيد من تشابك العلاقات وتبادل المصالح والمعلومات بين الدول والاهتمام بالعلم والمعرفة وكلها عوامل قادرة على المساهمة في بناء عالم يسوده السلم والأمن . ويتمنى العالم أن يكون السلام الحقيقي هو السلام القائم على العدل والمساواة والحق واحترام حقوق الانسان وكرامته وأدميته هذا السلام الذى يأمل ان يتحقق بإعادة الحق للشعب الفلسطيني واقامة الدولة الفلسطينية وان تكون عاصمتها القدس. إن من أهم مرتكزات ثقافة السلام من وجهة نظر المحللين أن السلام أساسا يعنى احترام الحياة، وهو أغلى ما يوجد لدى الإنسانية ،والسلام أكثر من مجرد نهاية الحروب المسلحة السلام هو سلوك واندماج حقيقي للإنسان لمبادئ الحرية والعدلة والمساواة والتضامن. وتظل مسؤولية الأممالمتحدة جسيمة في المحافظة على السلام باعتبارها منظمة عالمية حيث تقوم بالمحافظة على السلام بواسطة سبل عديدة مباشرة وغير مباشرة وتتراوح ما بين الوساطة الى ارسال قوات لحفظ السلام ، الى المجال الوقائي حيث تعمل على معالجة الأسباب الاقتصادية والاجتماعية للحروب ، كما تشجع على تحقيق السلام عن طريق المساعدات الإنمائية ، وتعد الأممالمتحدة مركزا للدبلوماسية والحوار فهي اطارا توفر للتسوية السلمية للمنازعات كسبيل لنزع فتيل الصراعات قبل اندلاعها. يذكر أن السلام من أهم شروط التعايش بين البشر، و تطور مفهوم السلام عبر التاريخ الإنسان منذ نشأة ما يسمى بالعشيرة الى المجتمع القبلي حيث كانت القبائل تضع فيما بينها عهودا ومواثيق للتفاهم والتنسيق في التجارة والرحلات ثم تطور المجتمع الى المجتمع المدني العصري حيث نشأت المنظمات الدولية والحكومية مثل منظمة الأممالمتحدة لتعزز دور السلام ونبذ الخلاف والنزاعات الدولية وأصبح السلام مطلبا عالميا لتحقيق التعايش الدولي والصداقة بين الشعوب وضمان مبدأ الحرية للجميع . ان السلام سوف يظل أمل لا يعلوه أمل ولا يشعر بقيمته الحقيقية الا من ذاق مرارة الحروب والصراعات ، فالحروب تبدأ في عقول البشر وفى عقول البشر تبنى دفاعات السلام. أ ش أ Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA