■ جامعة القاهرة طالبته بتوفيق أوضاعه فرفض.. و«العوا» يتولى الدفاع عنه ضد قرار فصله ■ جمع بين 3 وظائف فى عهد «الإخوان».. أستاذًا ب«دار العلوم» ورئيسًا للمجمع ومستشارًا لشيخ الأزهر ■ حصل على 337 ألف جنيه من «المال العام» دون وجه حق ■ وصف «30 يونيو» ما الذى يدفع هذا الشيخ العليل لأن ينهى حياته مؤيدًا وداعمًا للإرهاب؟ لماذا اختار بعد كل هذه السنوات من «التقية» والخداع أن يكشف عن إخوانيته المستترة؟ هل كان صادقًا حينما نفى أكثر من مرة انتماءه للجماعة؟ هل نجح الإخوان بالفعل فى اختراق مؤسسة الأزهر بوجوده وهو إخوانى الهوى والهوية مديرًا لمكتب شيخ الأزهر الدكتور الطيب ومستشاره الأهم والأكبر؟ كانت هذه الأسئلة مؤرقة بالنسبة لى وأنا أقرأ وأسمع ما يخرج عن الشيخ حسن الشافعى، مدير المكتب الفنى لشيخ الأزهر مستشاره السابق، بعد ما حدث فى «30 يونيو». فى الإجابة ب«نعم» تفكيك ل«عقل جيل بأكمله» نشأ وفى ذهنه هذا الشيخ مثالًا ل«علماء الأمة». عندما أكد الجميع إخوانيته لم أكن مستسيغًا التفسير، حاولت أن أكذب عينى غير أن الحقيقة كانت أقوى. اختار حسن الشافعى، صاحب ال85 عامًا أن يرتدى «الكاكولة الإخوانية» لا «الأزهرية»، أن يقف فى صف الإرهاب حينما حصحص الحق. لا يغرنك ما يقولونه عن «العالم الربانى» و«الشيخ الجليل» و«الإمام الأكبر»، فوراء كل ذلك «كذبة كبيرة» اسمها «وسطية حسن الشافعى». ما مناسبة هذا الحديث الآن؟ أثار قرار إنهاء خدمة حسن الشافعى من جامعة القاهرة لجمعه بين وظيفتين فى الوقت ذاته بالمخالفة لقانون تنظيم الجامعات جدلًا كبيرًا فى الأيام الأخيرة. حينما تهاوت «بقرة الإخوان المقدسة» فى «معقلها الأخير» اشتعلت «ثورة غضب» ضد ما اعتبره البعض تعنتًا وظلمًا للرجل. بدا تطبيق القانون ظلمًا، وكأن علينا أن نصمت على رؤوس العنف والإرهاب وإن أينعت فى «فراشنا» طالما تعلق الأمر بحسن الشافعى. ما الفارق بين من يلقى قنبلة على دورية للجيش والشرطة قاصدًا قتل أكبر عدد من الأنفس وبين من يقف فى أواخر عمره مبررًا لهؤلاء ما يفعلونه؟ لا أكتب مدافعًا عن جامعة القاهرة بل أقف فى الخطوط الخلفية لرجل استطاع أن يخدع الجميع تحت زعم «الوسطية» مستندًا إلى «عمامة» كان هو أول من طعنها حينما تعلق الأمر بجماعته الأم. خطايا الإمام فى الثامن من يونيو الماضى قررت جامعة القاهرة إحالة حسن الشافعى الأستاذ بكلية دار العلوم، إلى التحقيق، مع وقف صرف راتبه. كان الجمع بين وظيفتين أستاذًا بالجامعة ورئيسًا لمجمع اللغة العربية بالمخالفة لقانونى تنظيم الجامعات والخدمة المدنية ودون الحصول على إذن الجامعة سبب القرار. دخل حسن الشافعى المعركة مع جامعة القاهرة ب«منطق الإرهاب» الذى يجيده جيدًا بفعل وجوده لفترة فى التنظيم الخاص لجماعة الإخوان المسلمين، وهو نقطة سنصل إليها بعد قليل. بدأ مؤيدو جماعة الإخوان المسلمين فى الهجوم على إحالة الرجل إلى التحقيق، دون أى رد على أسباب القرار. فى زمن «الإخوان» كان حسن الشافعى يجمع بين 3 وظائف، رئيسًا لمجمع اللغة العربية بمخصصات وزير، وأستاذًا فى كلية دار العلوم جامعة القاهرة، ومستشارًا لشيخ الأزهر. تقاضى «الشافعى» راتبًا وبدلات ومكافآت عن وظيفتيه بجامعة القاهرة ومجمع اللغة العربية بلغت 337 ألفًا و734 جنيهًا، ولم يشعر بأى غضاضة أن يحصل على راتبين من الدولة. نحن إذن أمام رجل استحل 337 ألف جنيه من المال العام دون وجه حق. إذا سرق الشريف تركوه. اعتقد أن عمامته ستحميه من تطبيق القانون، فلم يستجب إلى نصائح وجهت له من جامعة القاهرة، بضرورة أن يقدم موقفًا واضحًا من مسألة جمعه بين وظيفتين فى وقت واحد. بتاريخ 7 يونيو الماضى أبلغت جامعة القاهرة «الشافعى» بضرورة توفيق أوضاعه، وطالبته بضرورة رد المبالغ التى حصل عليها بجمعه بين الوظيفتين فرفض. بدت جامعة القاهرة ساعية لحل المشكلة بأى طريقة حتى لا يقال إنها تفصل أحد أساتذتها الكبار، حتى وإن كان ذلك تطبيقًا للقانون. كان العرض أن يترك رئاسة مجمع اللغة العربية ويتفرغ للتدريس بكلية دار العلوم، إلا أن الرفض كان حاضرًا من جانب «الشيخ الجليل». مخصصات الوزير أغرته، فتحايل على القانون. أمام تعنت «الشافعى» لم تجد الجامعة أى طريق آخر، فقررت إنهاء خدمته بكلية دار العلوم. هنا اتخذ الرجل استراتيجية جديدة عبر الزعم بأن قرار فصله له «خلفية سياسية» لموقفه المعارض للنظام القائم الآن. لم يلتفت إلى أنه ظل طوال هذه الفترة - ما بين إسقاط الرئيس محمد مرسى وصدور قرار فصله - من دون أن يتعرض له أحد. سئل الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، فأكد أن انتماء «الشافعى» أو غيره لأى فصيل سياسى لا يعنى الجامعة من قريب أو بعيد، طالما لا يمارس أعمالًا تحريضية أو مخالفة للقانون. ضرب مثلًا بنفسه وهو أستاذ بكلية الحقوق قبل أن يكون رئيسًا لجامعة القاهرة: «أنا أطبق القانون ولا أتقاضى مليمًا من كلية الحقوق، وكل ما أحصل عليه 13 ألف جنيه راتب رئيس الجامعة». أعرف أساتذة بجامعة القاهرة ينتمون لجماعة «الإخوان المسلمين» ولم يمسسهم أحد، لأنهم لم يتورطوا فى أى عنف أو إرهاب، وألقوا بمواقفهم السياسية أمام أبواب الجامعة. لماذا يريدون منا أن نصمت على مخالفة القانون؟ بدا حسن الشافعى متهافتًا فى تعقيبه على فصله من جامعة القاهرة، فأرجع القرار إلى «عداء شخصى» من الدكتور نصار له. وفق ما يقوله فإن القرار «مدبر من قبل الدكتور جابر نصار الذى اعتمد على المادة (171) من قانون الجامعات التى تنص على فصل أى أستاذ يتغيب عن العمل لمدة شهر بدون إذن وهو من منعنى من دخول الكلية منذ 14 يونيو الماضي، ثم قام بتطبيق هذه المادة عليّ». بالأساس لم يتطرق قرار جامعة القاهرة إلى مسألة تغيبه عن العمل لمدة تزيد على شهر، ما يمنحها الحق فى فصله طبقًا لقانون تنظيم الجامعات. لم يرد على مسألة جمعه بين وظيفتين فى الوقت ذاته، وتقاضيه راتبًا عن كل منها، بل برر: «لا أتقاضى من مجمع اللغة العربية سوى مكافأة، ويتم وقف صرفها فى شهر الصيف»، وكأن «المكافأة الشهرية» تختلف عن الراتب. حاول أن يبرر، فاعترف بأن سبب قرار جامعة القاهرة صحيح تمامًا، وبأن لها الحق فى قرارها، وبأن القانون معها. اختار «الشافعى» أن يدخل إلى منطقة جديدة فى مواجهة للقرار، فبدأ الطعن فى رئيس الجامعة: «كنت أستاذًا بجامعة القاهرة وقت أن كان رئيسها الحالى طالبًا فى كلية الحقوق». هل هذا مبرر يا مولانا لوقف تنفيذ القانون؟ لم يجب ولن يجيب. بالمناسبة طبقت جامعة القاهرة نص القانون المانع ل«الجمع الحرام» بين وظيفتين على 200 من أعضاء هيئة التدريس واستردت 50 مليون جنيه استحلها هؤلاء. لا يريد حسن الشافعى أن يعترف بالحقيقة، فتقدم بمذكرة كتبها المحامى محمد سليم العوا لرئاسة الجمهورية، ومجلس الوزراء، ولمجلس الدولة يختصم فيها الدكتور نصار، لإقدامه على فصله من الجامعة. دع عنك أنه لا يعترف بالنظام القائم الآن حتى يستنجد به أمام ما يعتبره «ديكتاتورية» من «نصار»، وانظر إلى تجاهله لكل نصوص القانون. قلب الإخوان ولد حسن محمود عبداللطيف الشافعى عام 1930، حيث تلقى تعليمه فى معهد القاهرة الدينى الأزهرى. فى هذه الفترة كانت أسهم جماعة الإخوان المسلمين آخذة فى الصعود فاقترب «الشافعى» منها بشكل كبير، إذ كان يتردد على المركز العام للجماعة بمنطقة الحلمية، لحضور «درس الثلاثاء» الذى كان يلقيه مؤسس الجماعة ومرشدها الأول حسن البنا. تحت عنوان: «د. حسن الشافعى.. عالم ربانى ملأ الدنيا وأسمع الناس»، تقول «موسوعة الإخوان المسلمين»: «إن الشافعى تأثر كثيرًا بحسن البنا، حيث ترك مؤسس الجماعة بصماته علي فكره وسلوكه». ما لى أروى أنا و«الشافعى» يتحدث عن علاقته ب«الإخوان»: «التقيت أول مرة بالدكتور العسال (يقصد أحمد العسال أحد أعلام جماعة الإخوان) عام 1950 فى منطقة شبرا، وكان خارجًا لتوه من معتقل الطور، وكان بصحبة الشيخ يوسف القرضاوى العالم الجليل، والدكتور على عبدالحليم، وبعد فترة كان اللقاء مرة أخرى فى السيدة زينب، وعدت من هذا اللقاء ومعى أول نسخة من كتاب (التشريع الجنائى فى الإسلام) للشهيد عبدالقادر عودة». توطدت علاقة حسن الشافعى ب«الإخوان»، وكانت اللحظة الفارقة، حينما تعرض «عبدالناصر» لمحاولة اغتيال فى المنشية بالإسكندرية 1954. حاولت السلطات القائمة آنذاك أن تمسك بزمام الأمور، فألقت القبض على أبرز ناشطى «الإخوان»، وكان على رأسهم حسن الشافعى، حيث قدم للمحاكمة العسكرية، وخرج من محبسه عام 1960. أما «الاعتقال الثانى» فكان فى عام 1964، والثالث فى عام 1966 على خلفية «تنظيم سيد قطب»، وكان هو من نجوم جماعة الإخوان فى هذه الفترة. هل نعود قليلًا قبل الاعتقال؟ فى الأوراق السرية لحسن الشافعى قصة مجهولة عن انضمامه إلى «كتائب الإخوان» أو ما عرف لاحقًا باسم «التنظيم الخاص» أثناء دراسته بالمعهد الدينى فى القاهرة. يروى الدكتور عبداللطيف محمد عامر، رئيس قسم الشريعة الأسبق بكلية دار العلوم جامعة الفيوم ورفيق «الشافعى» القصة: «كانت قد ألغيت معاهدة 1936، وبدأت فصائل المقاومة مع شباب الجامعات تندفع إلى منطقة القناة لتقاوم المستعمر الإنجليزى، وتبلى بلاء حسنًا فى هذه المقاومة، ولم يكن حسن الشافعى كما لم يكن غيره من الشباب المؤمن بمعزل عن هذه الانتفاضة، فلقد أخذ هؤلاء الشباب سمت المجاهدين، بعد أن خلعوا ملابسهم المدنية وارتدوا الكاكى، وهو رمز الزى العسكرى، وتحولت الأحاديث بينهم من أحاديث الرحلات الترفيهية إلى أحاديث المعسكرات التدريبية، ومن حشد الفرق للمباريات الرياضية إلى جمع السلاح للأغراض الجهادية». ويواصل: «فى مرة سمعت أن هناك ندوة ليلية ستقام فتمتد إلى فجر اليوم التالي، وكانوا يسمونه (كتيبة) وعلى الرغم من أن هذه الكتيبة كانت لطلبة معهد القاهرة، فقد اندسست بينهم فى هذه الليلة، وكأنى أحب الصالحين ولست منهم، وذلك حين علمت أن حسن الشافعى هو مندوب هذه الكتيبة، أو قائدها، أو رئيسها، أو ما شئت من هذه الألقاب». البيانات الملعونة نجح حسن الشافعى لفترة طويلة فى خداع الجميع، أن يخفى «هويته الإخوانية» تحت «عمامة الأزهر». حينما تطرق البعض إلى «عصابة الإخوان» داخل الأزهر وهو على رأسها دافع عنه كثيرون وبينهم الدكتور الطيب نفسه. من بعد «30 يونيو» لم يستطع حسن الشافعى أن يستمر فى خداعه، فأفصح عن «إخوانيته» تحت وقع انهيار «حلم الإخوان». أمام تأييد مؤسسة الأزهر وحضورها مشهد عزل «مرسي» كان ل«الشافعى» رأي آخر حاولت الجماعة أن تستغله فى حربها غير المقدسة. مثّل بيانه صدمة لكثيرين، أن يخرج مستشار الدكتور الطيب الذى حضر وبارك قرار العزل ليصف ما حدث ب«المؤامرة الانقلابية» فالأمر يحتاج إلى وقفة. اعتبر الرجل أن ما حدث فى 30 يونيو «انقلاب عسكرى مكتمل الأركان»، وزاد: «المؤامرة الانقلابية مدبرة بدقة وإحكام قبلها بثلاثين ساعة بل ومن بدء رئاسة الدكتور مرسى». دعا «الشافعى» فى هذا البيان إلى «عودة قنوات التحريض الدينية»، واصفًا عبدالفتاح السيسى ب«كبيرهم الذى نسف عملية التحول الديمقراطى وداس ببيانه الانقلابى إرادة الشعب المصرى، بعزل الرئيس المنتخب محمد مرسي، وتعطيل العمل بالدستور وحل مجلس الشورى المنتخب». وفى صيغة تهديدية يقول: «لن تستمر قوى البغى والعدوان أن تفرض الخوف فى قلوب المواطنين بعد أن ذاقوا طعم الحرية فى عهد د. مرسى»، مؤكدًا أن «الضغط على الإسلاميين لن يدخلهم تحت الأرض». البيان الآخر كان بعد أحداث «الحرس الجمهوري»، حينما هاجمت عناصر «الإخوان» المقر لاعتقادهم بحبس محمد مرسى داخله. ترك «الشافعى» محاولة استهداف منشأة عسكرية، ورأى أن «ما حدث ظلم فادح لم نشهد له مثيلًا حتى من المستعمرين». هل نزيد؟ لم يكتف بالهجوم على الجيش والشرطة، بل دعا من وصفهم بعلماء العالم الإسلامى كله فى السعودية والخليج والشام والعراق وباكستان والهند وفى ماليزيا وإندونيسيا وفى المغرب العربى وإفريقيا للتدخل ضد السلطات القائمة التى شبهها بالصهاينة حينما قال: «يا عباد الله 4000 جريح و100 قتيل فى ساعة أو ساعتين فى معركة ليست تدور مع الصهاينة الذين اغتصبوا الأرض المقدسة بل مع مصريين مسلمين عزل». وقتها زاد الضغط على شيخ الأزهر لأن ينظف بيته من «الإخوان»، فأصدر قرارًا بإعادة تشكيل المكتب الفنى، حيث تم إسناد رئاسة المكتب للدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، خلفًا ل«حسن الشافعى»، فيما استقال الأخير من منصبه كمستشار ل«الطيب». قصة المجمع تولى حسن الشافعى رئاسة مجمع اللغة العربية فى نوفمبر 2012، خلفًا للدكتور محمود حافظ، ليصبح أول أزهرى يعتلى المنصب. ومجمع اللغة العربية هيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية، لها استقلال مالى وإداري، وتتبع وزير التعليم العالى والدولة للبحث العلمي، ومقرها القاهرة. بعد توليه المنصب، عمل حسن الشافعى على «أخونة» مجمع اللغة العربية، فأخرج من ليسوا من الجماعة، وكان بينهم الدكتور مصطفى الفقى، وآخرون. لدىّ شهادات كثيرة لا تتسع المساحة هنا لها حول مساعي الشيخ الشافعى ل«أخونة المجمع»، لكن ملخصها أن هذا الرجل كان ضلعًا للجماعة فى مشروعها الساعى للسيطرة على البلاد. ما الذى يمكن أن نقوله الآن؟ أعرف أن ما كتبته قد يكون مزعجًا، يمكن أن يرى فيه البعض تجاوزًا وأراه أنا كشفًا لزيف واحد «مشايخ الفتنة» الذين نجحوا فى خداع الجميع لفترة طويلة.