تعزيز الشراكة فى الكهرباء والطاقة المتجددة مع البنك الدولى    عوض : نعمل على تعزيز قدرات المحافظات في مجالات التخطيط والتنفيذ والمساءلة    دواجن والسمك واللحوم.. نقيب الفلاحين يوجه رسالة للمواطنين    إيجار شقتك كام بعد تصنيف مناطق الإيجار القديم فى محافظة الجيزة    نيويورك تايمز: ويتكوف يخطط للقاء خليل الحية    الرئاسة السورية تنفي مزاعم تعاون الشرع مع التحالف الدولي ضد داعش والقاعدة منذ 2016    اللقطات الأولى ل انفجارات العاصمة السورية دمشق (فيديو)    السنيورة يروي تفاصيل تفكيك شبكة الاتصالات التابعة لحزب الله في مطار بيروت    تعديل موعد مباراة منتخب مصر الثاني أمام الجزائر    الأهلي والزمالك والمصري.. تعديل مواعيد 3 مباريات في الدوري    قناة الزمالك تنعي وفاة محمد صبري    المتهم بقتل مهندس كرموز، أطلقت عليه النار وضربته بمؤخرة السلاح للتأكد من وفاته    ضبط مصنع غير مرخص لتصنيع الأسمدة والأعلاف الحيوانية بالقليوبية| صور    جمارك مطار القاهرة تتصدى لهجمات مهربي المخدرات بضبط 20 كيلو مجددًا    رئيس الوزراء يشهد تدشين مهرجان الفسطاط الشتوي    مدبولي: الفسطاط تحولت من بؤرة للمخلفات والنفايات لأكبر حديقة بالشرق الأوسط    رامو الموزع الموسيقى لأوبريت يالا بينا: سعيد بردود الأفعال هدية فخر بالمتحف    احتفالية لانضمام الجيزة لشبكة اليونسكو    رقم صادم، الصحة العالمية: زيادة مقلقة في عدد المصابين بالسكري بحلول 2050    انتخابات إلكترونية لنادي هليوبوليس في حضور وزير الرياضة    تربية عين شمس تحتفي بالطلاب الوافدين    السنيورة: إسرائيل لم تحقق انتصارا عسكريا في حرب 2006    لاعب وادى دجلة يوسف ابراهيم يتأهل إلى الدور نصف النهائي لبطولة الصين المفتوحة 2025    «الصحة» تنظم جلسة حول تمكين الشباب في صحة المجتمع    الهلال السعودى يكشف تطورات إصابات لاعبيه خلال التوقف الدولى    انطلاق برنامج دولة التلاوة عبر الفضائيات بالتعاون بين الأوقاف والمتحدة في تمام التاسعة    وزارة الصحة: استراتيجيات مبتكرة لمواجهة الفيروس المخلوي التنفسي RSV    إجراء جراحة دقيقة ومعقدة لإصلاح تمدد ضخم بالشريان الأورطي البطني بكفر الشيخ    الأمم المتحدة: عشرات الآلاف من نازحى الفاشر فى عداد المفقودين    الكنيسة الأرثوذكسية تعلن تأسيس الأمانة العامة للمؤسسات التعليمية    الأهلي يعلن مواصلة تريزيجيه والشحات برنامج العلاج الطبيعي    أزهري: سيدنا محمد تعرض للسحر.. وجبريل نزل من السماء لرقيته    وزير الخارجية يبحث مع نظيره في تركمانستان العلاقات الثنائية بين البلدين    سيطرة آسيوية وأوروبية على منصات التتويج في بطولة العالم للرماية    المسلماني: مجلس «الوطنية للإعلام» يرفض مقترح تغيير اسم «نايل تي في»    وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يبحثون مقترحًا لتدريب 3 آلاف ضابط شرطة من غزة    الطيران المدني توضح حقيقية إنشاء شركة طيران منخفض التكاليف    محافظ المنيا يبحث مع وفد الإصلاح الزراعي خطة تطوير المشروعات الإنتاجية    الزراعة": توزيع 75 سطارة مطورة لرفع كفاءة زراعة القمح على مصاطب ودعم الممارسات الحديثة المرشدة للمياه في المحافظات    تعرف على الحوافز المقدمة لمصنعي السيارات في إطار البرنامج الوطني لتنمية صناعة السيارات واشتراطات الاستفادة من البرنامج    وزارة الشؤون النيابية تصدر إنفوجراف جديدا بشأن المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    حبس زوجة أب في سمالوط متهمة بتعذيب وقتل ابنة زوجها    اليوم.. عبد الله رشدي ضيف برنامج مساء الياسمين للرد على اتهامات زوجته الثانية    أذكار المساء: حصن يومي يحفظ القلب ويطمئن الروح    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تشارك في جلسة «تعزيز العمل اللائق بمصر»    تكافؤ الفرص بالشرقية تنفذ 9 ندوات توعوية لمناهضة العنف ضد المرأة    الأهلي يصل صالة خليفة بن زايد لمواجهة سموحة فى نهائي سوبر اليد.. صور    اليوم العالمي للسكر| وزير الصحة يعلن توجيه ميزانية موسعة للوقاية منه    الداخلية تضبط آلاف المخالفات في النقل والكهرباء والضرائب خلال 24 ساعة    صندوق "قادرون باختلاف" يشارك في مؤتمر السياحة الميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة    هطول أمطار وتوقف الملاحة بكفر الشيخ.. والمحافظة ترفع حالة الطوارىء    براتب يصل ل45 ألف جنيه.. 6200 فرصة عمل في مشروع الضبعة النووي    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجي يوافق على إنشاء جامعة دمياط التكنولوجية    نانسي عجرم ل منى الشاذلي: اتعلمت استمتع بكل لحظة في شغلي ومع عيلتي    مصرع شقيقتين في انهيار منزل بقنا بعد قدومهما من حفل زفاف في رأس غارب    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    غلق مخزن أغذية فى أسوان يحوي حشرات وزيوت منتهية الصلاحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المستشارة تهاني الجبالي "للبوابة نيوز": الشعب المصري سيكتب دستوره
نشر في البوابة يوم 14 - 09 - 2013

- موقفي لم يتغير مصر تحتاج لدستور جديد وإسقاط دستور الإخوان
- الإبقاء على دستور 71 بتعديلاته كان الأفضل كمرحلة مؤقتة
- استبعادي كان بضغط من اليمين الأمريكي في السلطة
- عمل لجنة العشرة جيد ولجنة الخمسين تضم أسماء وطنية
- لن يستطيع أحد فرض شروطه على المصريين
- الحرب على سوريا تستهدف أمن مصر الوطني
تقف المستشارة تهاني الجبالي، رئيسة حركة الدفاع عن الجمهورية والنائب السابق للمحكمة الدستورية العليا، موقفا واضحا بالانحياز لمطالب الغالبية العظمي من الشعب المصري الذي احتشد في الثلاثين من يونيو في ثورة المطلب الواحد التي استطاعت- مع دعم قواته المسلحة وكافة مؤسسات الدولة من قضاة وإعلام وشرطة- في إسقاط التنظيم الدولي للإخوان الذي سطا على البلاد، وتعتبر المستشارة تهاني الجبالي أن إسقاط الإخوان ومرسي يعني رفض الشعب المصري بكل قواة لكافة القوانين والقرارات التي أصدرتها هذه الجماعة، وعلى رأسها الدستور الذي تم تمريره بليل، وجاء مخالفا للإجماع والإرادة الوطنية، ومناهضا للهوية المصرية.
(وفي هذا الحوار الذي خصت به المستشارة تهاني الجبالي ((البوابة نيوز)) طرحت بشجاعة كعادتها رؤيتها حول لجنة الدستور، وخطورة الحديث حول تعديله وليس إعداد دستور جديد للبلاد، وتطرقت رؤيتها حول الوضع السياسي الراهن في مصر والمنطقة).
“,” “,”
- في البداية سألتها: الجميع يعرف موقفك من قضية الدستور، ومطلبكم بإسقاطة وإعداد دستور جديد، ما هي أسباب هذه المواقف؟ وكيف ترون شكل الدستور الذي يتمناة المصريون بعد ثورة 30 يونيو؟
** نعم هذا موقفي، وطالبت بإلحاح السلطة المؤقتة أن تبدل ما هو مطروح علينا بتعديلات دستورية إلى الدعوة لإعداد دستور جديد للبلاد؛ ليتوافق مع طبيعة ما حدث، فالدستور الإخواني سقط بثورة المصريين الذي ثاروا على حكم الإخوان، فأسقط نظامهم، وبذلك أسقط الشعب المصري عنه الشرعية الدستورية، وهذا نتاج طبيعي للثورات، بل وأهم نتائجها، هذا أولاً، الأمر الثاني هو أن هذا الدستور كان عنوانا لانقسام الأمة المصرية، ولم يأت بتوافق وطني، ثم إن الجمعية التأسيسية التي أنتجته قضي بعدم دستوريتها بحكم من المحكمة الدستورية العليا، ولذلك فإن هناك تهديدا لهذا الدستور أمام محكمة القضاء الإداري بالبطلان، وهو مطعون عليه بالفعل بالبطلان نتيجة حكم بطلان جمعيته التأسيسية، فضلاً عن الطعن عليه بالانعدام أمام المحكمة الدستورية العليا بالنسبة لي فإن الطعن الخاص بي قائم على انعدام الوثيقة الدستورية، أيضا يساورني القلق بما أسميه إرهاق على شعبنا فماذا لو تم تعديل الدستور وتم الاستفتاء عليه ثم صدر حكم من المحكمتين بالانعدام.
لهذا يجب أن نضع ذلك في الحسبان، وكان طلبي المستمر والقائم بأن يكون هناك مراجعة للحالة الدستورية للبلاد قبل الاستمرار في فكرة التعديل على دستور 2012.
“,” “,”
- ألا زلت على موقفك رغم أن عمل اللجنة يسير ومناقشات التعديل مستمرة؟
** موقفي ينطلق من أسس مبدئية ومن واجبي كقاض دستوري وكقانونية، وانتظار الناس مني أن أقول رأيا مستقيما دستوريا، ولهذا فإن هذا الموقف لن يتغير، وسأظل أنبه الشعب المصري على حقائق ما يحدث، وأتمنى ألا يقع المحظور ونجد أنفسنا نبدأ من جديد.
“,” “,”
- لكن كيف تم الموافقة على عدم إلغاء الدستور والاكتفاء بتعديله؟
** في الحقيقة لقد ترامى إلى سمعي في هذه اللحظات الحرجة أن د. محمد البرادعي رفض العودة إلى دستور 71 بتعديلاته كدستور مؤقت؛ بحجة أن ذلك عودة لنظام حسني مبارك، ودعيني أقول إننى تعجبت لهذا الموقف، فكيف ود. البرادعي رجل قانون لم يدرك أن هذا كان الاختيار الأسلم لمصر نظرًا لطبيعة المرحلة التي تشهدها البلاد، فهي تمر بمرحلة صعبة وبحالة احتقان سياسي، فضلا عن مواجهة إرهاب مسلح وعدوان على الأرض المصرية، فضلاً عن عدم التوافق بين المكونات الاجتماعية والمجتمعية، وهذا كله يعني أننا لسنا في اللحظة المناسبة لوضع دستور دائم للبلاد، فكان في تقديري أن المخرج المقبول أن يعطل هذا الدستور اللاتوافقي الذي ثار عليه الشعب وعلى نظامه فأسقطه، وأن يكون العودة إلى دستور 71 بتعديلاته المستفتى عليها في مارس 2011 كدستور مؤقت يوضع لدورة واحدة مثلاً ينتخب على أساسه المؤسسات ثم يمكن العودة مرة أخرى لصياغة دستور جديد دائم في ظل ظروف أكثر انضباطا وانفراجا على المستويين الأمني والسياسي، هذا ما كنت أتمناه وأعتقد أنه كان الأفضل والأسلم ولكننا- للأسف- دائما ما نُرهق بعضنا البعض بالاختيارات الغير مدروسة.
“,” “,”
- سيادة المستشارة كيف يمكن الربط بين الإعلان الدستوري وكيفية اختيار لجنته ثم اختيار لجنة الخمسين وعلى أي أساس تم هذا الاختيار، وما هو تعليقك على عدم الاستعانة بخبرات قضائية وفقهاء قانونيين ودستوريين مثل د. يحيى الجمل، ود. إبراهيم درويش، والمستشارة تهاني الجبالي، ودعيني أقول سيادة المستشارة إن هناك أنباء عن ضغوط داخلية وخارجية لاستبعاد أسماء بعينها مثل اسمك على سبيل المثال؟
** لا أريد أن أضع القضية في إطار شخصي، فكثير من الناس تعجبوا وسألوا لماذا تم استبعادي رغم ترشيحي من أكثر من دائرة مثل المجلس القومي للمرأة، واتحاد العمال والكنيسة الأرثوذكسية، وبعض الأحزاب مثل حزب المصريين الأحرار، فأغلب هذه الدوائر قدمت أسماء عديدة للمشاركة في اللجنة بما فيهم اسمي.
“,” “,”
وكانت إجاباتي على سؤال الناس بأنني لن أجهد نفسي في البحث عن من وراء استبعادي، ولكن ربما كان لي الفخر أن استبعد من دوائر مختلفة، ففي المرة الماضية تم استبعادي من اليمين الديني، وفي هذه المرة تم استبعادي من اليمين الليبرالي (أو الأمريكي) بتعبير آخر، وقد يكون هذا الموقف مني نظرا لاختلاف مواقفي نسبيًّا مع مواقفهم، وهم في كلتا الحالتين متحكمين في القرار، وفي مواقع السلطة ودوائر صنع القرار.
لكن في النهاية أرى أن ذلك قد يكون مريحا لي، فلا أريد أن أخالف موقفي المعلن لأنني ضد الوثيقة الدستورية التي يعدل عليها، وكنت ممن سيشاركون في تعديلها، وهذا سيكون مناقضا لموقفي المبدئي منها، ورب ضارة نافعة، لعدم وجودي في اللجنة، ولكن هذا لا يعني أنني لم أسهم ضمن كوكبة من الدستوريين في مساعدة القوى المجتمعية لاختيار أفضل الحلول الدستورية، وقد شكل المجلس الأعلى للثقافة لجنة رفيعة المستوى من المثقفين لهذا الغرض، وشرفت برئاستها، ودعيني أقول إن لجنة العشرة كانت لجنة رفيعة المستوى، وعلى مستوى كبير وراق من الإمكانيات الفنية والمهنية، وبها قامات دستورية وقانونية عالية، وبذلوا جهدا خارقا، وأرهقوا أنفسهم في تعديلات لنصوص دستورية معيبة بكل المقاييس، فقد واجه هؤلاء نصوصا قانونية ولائحية ليست دستورية، وكان بين نصوصها تناقضا واضحا وعدم ترابط بين نصوص وأخرى، فضلاً عن وجود ألغام في كثير من مواد الدستور، لهذا كان عمل لجنة العشرة مجيدا بكل المعايير، ويجب توجيه الشكر إليهم لأنهم أعادوا صياغة ما يقرب من 90% من المواد، وألغوا حوالي 30 مادة، وأضافوا بعض المواد الضرورية، لهذا أقول إنهم أنتجوا دستورا جديدا ولم يعد للدستور السابق وجود رغم إبقاء بعض النصوص المختلف عليها للحوار داخل المجتمع.
“,” “,”
(واللجنة بتشكيلها إلى حد ما ليس سيئا، واختيار أعضاء لجنة الخمسين وضع لها معيار موضوعي وجيد ومهم لأنها عكست الطيف الاجتماعي باتساعه، ولم يتم الاختيار على أساس المحاصصة السياسية، كما حدث في لجنة الإخوان الأولى التي اعتمدت فكرة الأحزاب وفرقت بينهم بما أسمته أحزاب إسلامية وأخرى ليبرالية، وأنا لا أعلم من فرض علينا هذه القسمة الضرار، التي في النهاية تعني ما يريده الآخرون لنا، وطوال عمري لم أسمع في مصر عن هذا التقسيم السياسي، كنا دائما نقول يمينا ويسارا ووسطا، وهي تكوينات تعبر عن توجهات سياسية، واللجنة خرجت بشكل صحيح عن المحاصصة السياسية، واعتمدت على المنتخبين من القواعد الاجتماعية مثل النقباء المهنيين الذين تم انتخابهم من مواقع القوى الاجتماعية مثل النقابات والاتحادات، وبعض الشخصيات التي تمثل كيانات بعينها مثل الأزهر والكنيسة، والكيانات الجغرافية مثل سيناء والنوبة وبشكل أو بآخر عكست اللجنة الطيف المجتمعي الواسع لهذا أراها لجنة جيدة، وخصوصا أن فيها كثيرا من الهامات الوطنية، ونحن نأمل أن تخرج اللجنة بهذه الهامات والقامات بمنتج يحقق المصلحة الوطنية في هذه المرحلة الصعبة.
“,” “,”
- ما هو تعليقك على المادة 219 في الدستور القديم؟
** قطعا أنا ضد أي مادة تفرق بين المواطنين على أساس الدين أو الطائفة أو الملة، وأعتقد أن إلغاءها ضروري، وقد أطلق عليها مادة تفسير المادة الثانية، وهذه المادة كارثة على مصر الدولة؛ لأنها لأول مرة يتم تصنيف مصر طائفيا في دستورها، ومصر لم تصنف أبدا على أساس الطائفة أو المذهب، لا سنية ولا شيعية، ولم يجرؤ أحد أن يخاطب إسلامها إلا بعنوانه الذي عرفت به، بأنها مصر التي تُعرف بالإسلام الوسطي بلا مذاهب، لهذا كان ولا يزال يقال دائما على الشعب المصري سني العقل شيعي الفؤاد، فنحن أكثر الشعوب حبًّا لآل البيت، والتفافنا حول السيدة زينب والحسين والسيدة نفيسة وكل آل البيت يؤكد ذلك، فالإسلام في مصر بوسطيته كان ولا يزال يستند إلى إسلام السلف الصالح الصحيح، والسلف الصالح هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي لم يعرف فيه الإسلام بالمذاهب؛ لأن هذه المذاهب كانت هي عنوان للفتنة الكبرى التي قسمت الأمة، وليس في مقدورنا أن نتنازل عن هذه المكانة الرفيعة؛ لأن ذلك سيحقق أهداف عدونا والقوى الاستعمارية التي تريد تقسيم المنطقة على أساس ديني وطائفي ومذهبي، وتستغل الخلاف والقتال بين الأشقاء على الأساس المذهبي، ونحن بذلك نحقق أهداف هذه القوى، بقصد أو بدون قصد.
ثم إن المستقر في التشريع المصري هو الاعتماد على المذاهب الكبرى لأهل السنة ثم ترجيح المذهب الحنفي في مصر، ولعلك تتذكرين أننا كنا ندرس في كليات الحقوق ترجيح المذهب الحنفي في إطار المذاهب الأربعة، إذن كان المشرع يستند في ذلك على رحابته، وعدم استقطاب فقه على حساب فقه آخر، وعدم منح قدسية لأحد من الفقهاء، وإنما يتم الاستفادة من كل الاجتهادات المتاحة على ضوء المصلحة المرسلة التي يتوخاها المشرع، ففي الثلاثينيات لجأ المشرع في مرحلة من المراحل لاجتهاد في أحد المذاهب الشيعية وهو (الوصية الواجبة) فنص عليها في قانون إذن كان المشرع يمتلك رحابة الفكر، وحاول أن يحقق من خلال هذا القانون مصلحة (الابنة الوحيدة) لهذا أقول إن مصر دائما تملك تراثا من رحابة الفكر ولم تمنح في اجتهاداتها قدسية لبعض المذاهب، واعتبرت أن الفقه بستان واسع لاختيار ما يحقق مصالح المجتمع، وهذا هو هدف المشرع في النهاية.
وأنا أعتقد أن النص أيضا يحمل في طياته مخالفة في الشريعة؛ لأنه يعتمد على التعسير دون التيسير، ولدينا قاعدة كلية من مبادئ الشريعة الإسلامية بأن الدين يسر لا عسر، وفقا للحديث الشريف للنبي محمد صلى الله عليه وسلم “,”يسروا ولا تعسروا“,”(أخرجه البخاري 69- ومسلم 1734)، لهذا فأنا ضد هذا النص.
“,” “,”
- دعيني سيادة المستشارة أسالك: هل أنت متفائلة بنتائج عمل لجنة الدستور؟
** أقول إنني مطمئنة لوجود كثير من الأسماء الوطنية التي أثق فيها، وأتمنى أن يتم حوار وطني مجتمعي يساند عمل اللجنة ويشاركها في كتابة صياغات مقبولة اجتماعيا، لهذا أعتبر أن فكرة اللجنة هي التي تكتب الدستور فكرة خاطئة، لهذا أقول إنها لجنة صياغة الدستور؛ لأن الذي يكتب الدستور ويجب أن يكتبه هو الشعب المصري، لهذا نحن نحتاج لحوار وطني وجاد ومسئول، ونحتاج للخروج من حالة الاحتقان والاستقطاب الحاد، وأن نتحاور برحابة فكرية.
وسأعلن لك هنا مفاجأة فقد جرى بيني وبين أحد قادة التيار السلفي حوار هاتفي حول هذه النصوص التي أضيفت، وسألته هل لي أن أسالك مستندة على ضميرك الديني هل هذه النصوص أضافت شيئا لالتزامنا لمضمون المادة الثانية الذي كانت عنوانا وعمادا للدولة المصرية والمشرع المصري؟
قال لي: لا.. نحن نعرف أننا كنا نُرضي قواعدنا، قلت له: هل إرضاء القواعد يأتي على حساب تقديم مصر هدية لأعدائها بتصنيفها طائفيا؟
قال لي لم يخطر ببالنا ذلك على الإطلاق، قلت له: هل تذكرون أنكم عندما قلتم إننا سنيون وطلبتم من الإخوة الأقباط أن يأتوا بنص يقول إن المسيحين واليهود يخضعون لشريعتهم وهل كانت مصر عندما طبقت الشريعة الإسلامية لم تلتزم بهذا في كل تشريعاتها السابقة؟
لقد أدركت أن القضية لم تكن في تفكيرهم، وربما بحسن نية قد يتسببوا في كارثة.
وحتى تكتمل الصورة لدي رجعت لأحد المراجع الكنسية، وقلت له: هل تتصور أنكم حققتم إنجازا بإضافة نص يتحدث عن مسيحيين ويهود في مصر على حساب وحدة الالتزام بالحقوق والواجبات في إطار أن هذه هي حقوق المواطنة، وهذا هو النص في المادة الثانية كجزء من مقومات الأمة؟
لهذا أؤكد نحن في حاجة إلى حوار مسئول وليس فرض رأي على الآخرين، ودائما ما أسأل كل التيارات الدينية في مصر على اختلاف منابعها، أين كنتم في عام 1971م عندما وضعت نص المادة الثانية؟ فلم يكن أحد في هذه التيارات موجودا أو مؤثرا على الساحة السياسية لا إخوان ولا سلفيين ولا صوفيين، ولم يشارك أحد منهم في هذا، فنص المادة الثانية تم وضعه بتوافق وطني كان عنوانه، أن الكنيسة المصرية كتبت وثيقة مكتوبة وقعها البابا شنودة أعلن فيها موافقته على هذا النص باعتباره من مقومات الدولة المصرية، إذن الوضع لا يتحمل ولا يحتمل المزايدة.
“,”((img9
ما هو تفسيركم لتدخل بعض التيارات الدينية في عمل اللجنة وصياغة نصوص الدستور؟
** هذا نوع من المهانة التي نتعرض لها؛ لأن ثورة 30 يونيو جاءت رفضا للهيمنة والتمكين الإخواني وحلفاء هذا التيار على التيار الأعم والأكبر في المجتمع، وممارسة الغلبة على مجتمع بأكمله، واضعين فيتو على إمكانية الوصول لتوافق وطني في محاولة لفرض مشروعهم الخاص، وهذا الدرس يجب أن يكون حاضرا، وأعتقد أنه لو لم ينتبه حزب النور والتيار السلفي بشكل عام لما يفعله فإن الشعب المصري لم يقبل أن يفرض عليه شيء أو يضع أحد فيتو على إرادته أو أن يتصور أحد أنه وكيل الله في الأرض ويتحدث باسمه، ونحن نرفض أن نستبدل الإخوان بالسلفيين أو يكون السلفيون بديلا احتياطيا للإخوان، فالشعب المصري الذي استطاع إسقاط الإخوان وتنظيمهم الدولي الممول من قوى كبرى ويملك ميليشيات مسلحة وتآمر على الشعب المصري والحركة الوطنية، أدرك الدرس ولا يمكن أن يكرر المأساة مرة أخرى.
“,” “,”
- سيادة المستشارة بمناسبة الحديث عن دور الولايات المتحدة الأمريكية وتحالف بعض القوى اليمينية في مصر معها، ما هي رؤيتكم للحرب المستمرة على سوريا منذ سنوات، والحديث عن تدخل أمريكي وغربي فيها، وتأثير ذلك على مصر والأمن القومي العربي؟
** علينا أولا أن نعرف أن دروس التاريخ والجغرافيا تؤكد أن سوريا هي البوابة الشرقية لأمن مصر الوطني، وأقول الوطني وليس القومي منذ القدم بدءا من الحيثيين والهكسوس إلى أيام أحمس وتحتمس وحتشبسوت، وجبال طوروس هي عنوان الأمن الوطني المصري، والعدو يأتي دائما من الشمال الشرقي، وكان يهزم في كل الغزوات في هذه المنطقة، هذة دروس التاريخ وهذة حقائق الجغرافيا، وهذا هو أحد مكونات الدولة المصرية، لهذا يصبح أي عدوان على سوريا هو عدوان على مصر، وأي تدخل أجنبي في الشئون السوريا هو تدخل في الشأن المصري مباشرة، فإن أي محاولة لكسر الدولة السورية وكسر جيشها وشعبها ودخول سوريا في الأسر الأمريكي الإخواني هو تهديد مباشر لمصر، والذي لا يدرك هذا لا يعرف معنى أمن مصر الوطني.
وعلينا أن نعرف أن القضية لم تعد المواجهة أو الخلاف مع النظام في دمشق؛ لأن ما يحدث ليس صراعا سياسيا أو خلافا حزبيا هو في عنوانه الكبير وهدفه الأساسي حرب على سوريا وشعبها، وليس حرب من أجل سوريا، ونحن نقول إن سوريا الدولة والشعب أكبر من أي نظام، ولا بد من أن نتعلم درسا ما حدث في العراق، والسماح بغزوه وهدم الدولة وإعدام رئيسه وتفكيك أوصال العراق وعودته لعناصره الأولى تفتيت حدث على أساس ديني وعرقي وطائفي، وكسر زراع الأمة العربية الأيمن، بتسريح الجيش، وإهدار مكونات الدولة العراقية، وحدث هذا تحت سمع وبصر الشعب العربي والأنظمة الحاكمة في هذه اللحظة.
لهذا يجب ألا نسمح بتكرار ذلك في هذه المرحلة وفي بلد عربي آخر، والشعوب حاضرة وهي التي ثارت وخرجت للشوارع وغيرت، وعلينا أن نعيد بناء الوعي الجمعي؛ للتصدي لهذا التضليل الإعلامي الذي يمارس على شعوبنا.
“,” “,”
- لكن هناك غطاء عربي للأسف يعطي الشرعية لهذه الحرب على سوريا؟
** علينا أن نؤمن دائما بقوة الشعوب، وأنها دائما هي المنتصرة، ودروس الاستعمار القديم تتحدث عن نفسها، لهذا فإن الاستعمار الأمريكي الجديد سيكون مصيره نفس مصير الاستعمار القديم لأن الشعوب هي الباقية، ولدي إيمان قوي بقوة المقاومة لدى الشعب العربي وخصوصا في سوريا، فشعب الشام يتمتع بوعي سياسي، ولديه دولة حقيقية تستطيع بدعم شعبي عربي ودولي الصمود في مواجهة العدوان، وأنا أتابع كل التقارير القادمة من سوريا، وعلى اتصال بشخصيات وطنية من كل الاتجاهات، وهناك إدراك سوري لخطورة العدوان على بلادهم، وعلم بمخططات هؤلاء المرتزقة وإرهابهم الأسود وجيشهم الذي يسمى حرا وهو عميل الاستخبارات الدولية، وينفذ مخطط الناتو، ومؤامرة تركيا وشعبها لإعادة العثمانية الجديدة، وفرنسا التي تحلم بعودة نفوذها لبلاد الشام، لكن الشعوب تستحق أحلامها في الإصلاح والتعبير الديمقراطي مثلما حدث في مصر، وأجهضت مؤامرة واشنطن والإخوان.
“,” “,”
وأخيرا.. فإن تجربة مصر ومقاومتها للمؤامرة وإسقاطها لحكم الإخوان في ثورة شعبية قوامها 40 مليون مصري، في لحظة تاريخية عبقرية أعطت الأمل للشعوب العربية في التصدي لأي عدوان وإسقاط حكم المتآمرين في بلدانهم وكل ما نحتاجه أن نثق بشعوبنا مع وضوح الرؤية وقراءة الوضع والواقع بشكل صحيح والتصدي لبعض عناصر النخب المثقفة التي تزرع الهزيمة في نفوس شعوبها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.