أزمة جديدة تواجهها الإدارة الإسرائيلية بسبب الأسير الفلسطينى المضرب عن الطعام، محمد علان، الذى تدهورت حالته الصحية، ويعيش الآن مخدرا على أجهزة التنفس الصناعي. الأزمة أجبرتهم على إصدار قرار بوقف اعتقاله الإدارى على أن يبقى فى المستشفى الإسرائيلى ويخضع للمراقبة، وهو ما اعتبره الفلسطينيون إنجازا، فمحاموه بمرافقة نواب عرب فى الكنيست كانوا قد رفعوا التماسا لمحكمة العدل العليا الإسرائيلية لتحريره، وأعلنت المحكمة أنه يمكن تحريره إذا ما أبعد عن البلاد لأربع سنوات، وسارع ممثلوه بالرد بالسلب، واستمروا فى دفاعهم حتى حصلوا على كل ما أرادوه، فالذين يتحدثون باسمه من سياسيين ومحامين وجدوا طريقا لتركيع إسرائيل على ركبتيها، خاصة بعد أن رفض الأطباء إطعامه قسرا، وأصبح لا يوجد أمام إسرائيل سوى حلين إما الإفراج عنه أو تركه ليموت، وفى الحالتين كانت ستهزم تل أبيب. الأمر لا يتعلق فقط بموت علان أو حياته أو الإفراج عنه، ولكنه يتعلق بمكانة إسرائيل التى اهتزت خاصة بعد الإفراج عن المضرب السابق عن الطعام، خضر عدنان، الذى أضرب 54 يوما، وجاء رجل الجهاد الإسلامى «علان» لتركيع إسرائيل على ركبتيها مرة أخرى، فعدنان وعلان وجدا حلا للاعتقال الإدارى الذى تطبقه إسرائيل على كل المشتبه بهم دون شبهة جنائية محددة، ويتم حبسهم دون تحقيق، وهتفت قبل أسابيع أصوات فى إسرائيل تعارض هذا القانون وطالبوا بإلغائه وفشلت كل محاولاتهم، وجاء عدنان وعلان الآن ليجدا الحل للمعتقلين الإداريين الذى تراوحت أعدادهم فى ال 15 سنة الأخيرة إلى 1000 معتقل، يوجد منهم الآن 400 معتقل فى السجون الإدارية. الواقع يؤكد أن إسرائيل لا تريد لعلان أن يموت لأن بموته ستفتح عليها أبواب جهنم، وسيزيد الشغب فى الضفة، وتتكرر حوادث الطعن والدهس ضد اليهود، وربما تقوم انتفاضة ثالثة فى القدس، وفى الوقت نفسه كان قرارها بالإفراج عنه بمثابة المذلة لها، لأنه بهذا سيتحول لبطل قومى ويصبح كل من يريد أن يفلت من الاعتقال الإدارى يقوم بالإضراب عن الطعام، وهى المخاوف التى تحدث عنها كتاب ومحللون إسرائيليون. وعلق على هذه الفكرة الكاتب الإسرائيلى دان مرجليت، فى مقاله بجريدة «إسرائيل اليوم» قائلا: «كل شخص عاقل يريد ألا يموت علان، لإسرائيل أسبابها المقنعة لإنقاذ حياته، ولكن الفلسطينيين يهتمون بحياته بدرجة أقل، فهم مقتنعون أن فى حربهم ضد إسرائيل عليهم أن يضحوا بالكثيرين، فأحيانا ينتحرون ويصبحون شهداء، فقتيل آخر لديهم ليس نهاية الطريق». وفى نفس السياق، علق الكاتب حاييم شاين، فى مقاله بجريدة «إسرائيل اليوم» قائلا: «إطلاق سراح الأسير يعنى أن حكومة إسرائيل ركعت على ركبتيها، وستقيم قطر صندوقا يقدر بملايين الدولارات تكريما له، وستصبح الخطوة القادمة هى إعلان الإضراب عن الطعام من قبل كل المخربين المعتقلين فى إسرائيل، ولهذه الأسباب تبدى إسرائيل حساسية لحياة الأسرى أكثر مما يظهرون هم اهتماما بحياتهم، فإذا مات الأسير نتيجة للإضراب عن الطعام، سيتهم أصحاب المصلحة أنفسهم إسرائيل، وسوف تستغل جهات معادية، بإلهام من حماس والجهاد، موت الأسير للانتقام وعمليات التأجيج الخطيرة التى ستؤدى إلى وقوع عدد كبير من الضحايا اليهود». ومن جهة أخرى، عارض الكاتب اليساري، جدعون ليفي، فى مقاله بجريدة «هآرتس» الاستمرار فى اعتقال علان قائلا: «علان يحتضر، وتحتضر معه الديمقراطية الإسرائيلية، فإسرائيل تخاف فقط من الضرر الذى سيلحق بها، وإطلاق سراحه سيكون أيضا انتصارا للديمقراطية الإسرائيلية». كما أكدت جريدة «هآرتس» فى مقال لأسرة التحرير، أن تحرير المعتقلين الإداريين سيزيل ورما خبيثا من صورة إسرائيل كدولة قانون ديمقراطية، وأن الإفراج عنه ليس فقط لإنقاذ حياته، بل أيضا لمنع اندلاع موجة من العنف وسفك الدماء، فأحد لن يكسب من استمرار اعتقال علان، ولن يخسر أحد من تحريره.