ترامب فاشل في المواد «الاقتصادية».. أهمل تحذيرات الاقتصاديين من سياسة التعريفات الجمركية    بعد خلافه مع ترامب.. إيلون ماسك يدعو إلى تأسيس حزب سياسي جديد    انقطاع كبير لخدمة الإنترنت في كوريا الشمالية    طارق الشناوي: فيلم ريستارت قدّم كوميديا مباشرة وسطحية    بعد اتصال إنزاجي به شخصيا، أوسيمين على أعتاب الهلال السعودي براتب استثنائي    سعر الدولار أمام الجنيه السبت 7-6-2025    12 شهيدًا في قصف إسرائيلي استهدف نازحين بغرب خان يونس    نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 بالجيزة .. رابط وخطوات الاستعلام لجميع الطلاب فور ظهورها    ترامب ردًا على هجوم إيلون ماسك: قد يكون بسبب تعاطيه المخدرات    إيلون ماسك يخسر 35 مليار دولار من ثروته بعد خروجه من الحكومة الأمريكية    الهند: برلمانات بريكس يتفقون على التعاون على سياسة عدم التسامح إزاء الإرهاب    ترامب: أوكرانيا منحت روسيا مبررا واضحا لقصفها بشدة    هوندا سيفيك تايب آر تُعلن نهاية مبيعاتها في أوروبا    «كذاب وبيشتغل الناس».. خالد الغندور يفتح النار على زيزو    «لعيبة تستحق تلبس تيشيرت الزمالك».. شيكابالا يزف خبرًا سارًا لجماهير الأبيض بشأن الصفقات الصيفية    محمد هانى: نعيش لحظات استثنائية.. والأهلي جاهز لكأس العالم للأندية (فيديو)    ارتفاع كبير في عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب والسبائك اليوم السبت 7 يونيو 2025 بالصاغة    ترامب يكلف بتوسيع إنتاج الطيران الأسرع من الصوت    "مش جايين نسرق".. تفاصيل اقتحام 3 أشخاص شقة سيدة بأكتوبر    رئيس الوزراء الهندي: نتطلع لتعميق التعاون مع وسط آسيا في التجارة والطاقة والأمن الغذائي    قبل حفل اليوم بدبي، محمد عبده يتغزل في هاني فرحات والمايسترو يصفه ب"الأسطورة" العربية    بعد تصدرها الترند بسبب انهيارها .. معلومات عن شيماء سعيد (تفاصيل)    طريقة عمل الفريك بقطع اللحم، أكلة مميزة في العيد    محمد عبده يشيد ب " هاني فرحات" ويصفه ب "المايسترو المثقف "    مباحثات مصرية كينية لتعزيز التعاون النقابي المشترك    «المشكلة في ريبيرو».. وليد صلاح الدين يكشف تخوفه قبل مواجهة إنتر ميامي    نتيجة وملخص أهداف مباراة المغرب ضد تونس الودية    «الدبيكي»: نسعى لصياغة معايير عمل دولية جديدة لحماية العمال| خاص    الثلاثاء أم الأربعاء؟.. موعد أول يوم عمل بعد إجازة عيد الأضحى 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    محاضرة عن المتاحف المصرية في أكاديمية مصر بروما: من بولاق إلى المتحف الكبير    منال سلامة ل"الفجر الفني": لهذا السبب قد أرفض بطولة.. ولا أفكر في الإخراج    دار الإفتاء تكشف آخر موعد لذبح الأضحية    سفارة الهند تستعد لإحياء اليوم العالمي لليوجا في 7 محافظات    الشناوي: المشاركة فى مونديال الأندية إنجاز كبير.. وحزين لرحيل معلول    سوزوكي توقف إنتاج سيارتها «سويفت» بسبب قيود التصدير الصينية على المعادن النادرة    أجواء فرحة العيد في حديقة الحرية أول أيام عيد الأضحى| فيديو    وفاة سائق سيارة إسعاف أثناء عمله بمستشفى بني سويف التخصصي    زيزو: جيرارد تحدث معي للانضمام للاتفاق.. ومجلس الزمالك لم يقابل مفوض النادي    المطران فراس دردر يعلن عن انطلاق راديو «مارن» في البصرة والخليج    البابا تواضروس يهاتف بابا الفاتيكان لتهنئته بالمسؤولية الجديدة    بمشاركة 2000 صغير.. ختام فعاليات اليوم العالمي للطفل بإيبارشية المنيا    تفاعل مع فيديو هروب عجل قفزًا في البحر: «رايح يقدم لجوء لأوروبا»    الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع في جلسة نهاية الأسبوع    الكنيسة الإنجيلية اللوثرية تُعرب عن قلقها إزاء تصاعد العنف في الأراضي المقدسة    أخبار × 24 ساعة.. المجازر الحكومية تستقبل أكثر من 9800 أضحية أول أيام العيد    سالى شاهين: كان نفسى أكون مخرجة سينما مش مذيعة.. وجاسمين طه رفضت التمثيل    بصورة مع والدته.. حسن شاكوش يحتفل بعيد الأضحى    صلى العيد ثم فارق الحياة.. تشييع جنازة صيدلي تعرض لأزمة قلبية مفاجئة في الشرقية    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    بسبب ماس كهربائي.. السيطرة على حريق نشب في كشك بكرداسة    لأصحاب الأمراض المزمنة.. استشاري يوضح أفضل طريقة لتناول البروتين في العيد    أستاذ رقابة على اللحوم يحذر من أجزاء في الذبيحة ممنوع تناولها    احذر من الإسراع في تخزين اللحوم النيئة داخل الثلاجة: أسلوب يهدد صحتك ب 5 أمراض    حدث في منتصف ليلًا| أسعار تذاكر الأتوبيس الترددي على الدائري.. وموجة حارة بكافة الأنحاء    تفشي الحصبة ينحسر في أميركا.. وميشيغان وبنسلفانيا خاليتان رسميًا من المرض    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد سيدنا الإمام الحسين بالقاهرة    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملف مجهول يكشف سماسرة تجديد الخطاب في مصر
نشر في البوابة يوم 21 - 08 - 2015


«وهبة»: محمد عبده صاحب أول مشروع ل«تغيير الخطاب»
محاولة «الإمام» فشلت بسبب.. «غلطة مطبعية»
«المفتى الأسبق» أرسل خطابًا إلى فرنسا لمساعدة مصر فى «تجديد دم الدين»
السؤال: هل التراث الإسلامى مع «التخلف»؟.. والفيلسوف يرد: الخطاب الدينى الإسلامى ثابت وراسخ ويمتلك جاذبية شعبية ويصعب تغييره
السؤال: هل الإسلام دين سياسي الملف يجيب: لا.. ليس قوميًا ولا عرقيًا عكس «اليهودية»
دراسة قديمة، وإن شئت الدقة «مجهولة»، ولا تزال حبيسة مجلة «الفكر المعاصر»، التى أعدّت ملف العدد الثانى فى أكتوبر 2014، عن تجديد الخطاب الديني، قبل كل الدعوات، وجماعات المصالح التى قفزت على دعوة «السيسي» التى اعتبر نفسه بها يخلّص البلد ممّا لحق بها من أذى «الإخوان» بأكمله.
السؤال الآن.. هل البلد تحتاج تجديد الخطاب الديني، مصر تجاوزت هذا السؤال إلى آفاق أخرى، وأسئلة أخرى.. وهل عملية «التجديد» متعثّرة؟
نعم، أغلب الظنّ أنه نعم، ولا يزال كل المشايخ والعمائم والعلماء ورجال الدين يبحثون عن إجابة السؤال الأصعب.. ما الذى ينقص تجديد الخطاب الدينى الآن؟
الإجابة عن كل الأسئلة التائهة فى حرم «الأزهر»، والجبهات الثلاث المفتوحة لتجديد الخطاب الدينى حاضرة فى الملف «المجهول».. لكن لا بد من خلفية -أولًا– عن المسئولين عن التجديد.
لقد وضع الشيخ على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، على قائمة أعماله منذ 20 عاما أو ما يقرب من ذلك أجندة واضحة ل«تجديد الخطاب الديني»، لا يزال يصيغ فقراتها، وعباراتها، ولا تزال غير واضحة، إلا إن هذا ما قاله فى حوار سابق مع «البوابة»، ويشاركه فى الجبهة «عمرو خالد»، الذى قال -أيضًا– إن عمله الدعوة -بأكمله– تحت مظلة على جمعة.
الجبهة الثانية لوزير الأوقاف، مختار جمعة، الذى اختار أن يقيم مؤتمرات، ويصدح فى كل مناسبة بدوره، ولا يراه أحد إلى الآن، واضعًا علامة تعجب أمام دور الدولة فى تجديد الخطاب، فقد اعتبر محاولاته لإدخال وزارة «الثقافة» والمثقفين ثلاجة «الأوقاف» خطوة، لكن الحقيقة كانت مختلفة وبعيدة عن ذلك كله، لقد وضع «مسمارًا» فى نعش علاقته بالمثقفين والفنانين ب«بروتوكول النبوي».
جبهة ثالثة تحاول، إلا أن الاتهامات تلاحقها فى كل مناسبة، وهى «الأزهر»، لا يزال الشيخ أحمد الطيب متهمًا بأنه «منحاز للجماعة» ووكيله «إخواني»، ومستشاروه «مشبوهون»، لديه خطة غير واضحة، ومشوّشة، ومطموسة المعالم للتجديد، وهل يمكن أن يجرى على الأرض تجديدًا فى مؤسسة عمائم «مع التجهيل ضد التجديد»؟
بالطبع.. لا.
■ ■ ■
الفكر الإسلامى حافل بدعوات تجديد الخطاب الديني، إلا أن ملاحظة تستوقفك.. هى ما يعيق كل شيء.
تجديد الخطاب الدينى لا يكون بأوامر حكومية، أول محاولة كانت من عند الشيخ محمد عبده، مفتى الديار المصرية، والرواية ل«مراد وهبة»، يقول:
«يوم 29 يونيو من عام 1906 أرسل س. ك. كوكوريل خطابا إلى الأديب الروسى تولستوى ينبئه فيه أن «الشيخ محمد عبده مفتى الديار المصرية الذى كان قد أرسل إليك خطابا منذ عامين قد توفى وهو فى طريقه إلى أوروبا فى العام الماضى، أى عام 1905، وليس من أحد بقادر على أن يحل محله فى تمثل رؤيته المتسامحة، وفى مواصلة جهده الذى يمكن إيجازه فى أنه يؤدى لدينه ما أديته أنت لدينك، أى تنقيته من سوء الفهم، ومن سخف الاعتقاد»، ومعنى ذلك أنه بموت محمد عبده ينتهى التجديد الدينى فى الفكر الإسلامى.
والسؤال إذن: ما العلاقة بين موت محمد عبده وموت التجديد الدينى؟ للجواب عن هذا السؤال، تلزم معرفة الملابسات التى أحاطت بخطاب الشيخ محمد عبده إلى تولستوى، وقد عرفت هذه الملابسات عندما زرت متحف تولستوى بموسكو فى شهر يونيو من عام 1969، تفصيل ذلك: فى 8 إبريل 1904 أرسل محمد عبده خطابا إلى تولستوى بناء على نصيحة من كوكوريل الذى كان قد ارتأى أن ثمة تماثلا بين الطرفين من حيث إنهما موضع اضطهاد من السلطة الدينية: الإسلامية من جهة المفتى والمسيحية من جهة الأديب، وفى «أصل» خطاب محمد عبده ثمة عبارة تقول: «إذا تفضل الحكيم بالجواب، فليكن باللغة الفرنسية، فإنى لا أعرف من اللغة الأوروبية سواها»، والغريب فى أمر هذه العبارة أنها محذوفة من خطاب محمد عبده المنشور فى كتاب رشيد رضا المعنون «تاريخ الأستاذ الإمام محمد عبده».
والسؤال إذن: لماذا حذفت تلك العبارة من صورة خطاب محمد عبده؟ الرأى عندى أن حذفها يستبعد ضرورة الرد، ومن ثم يصبح الرد موضع احتمال، إلا أن أستاذى الدكتور عثمان أمين كان قد أكد لى، قبل ذهابى إلى موسكو، أنه ليس ثمة رد لتولستوى، والمفارقة هنا أننى عثرت على صورة من رد تولستوى على محمد عبده بتاريخ 12 مايو 1904 فى متحف تولستوى، وفى ذلك الرد ثمة فقرة محورية، وثمة سؤال قد يحدث اضطرابا ذهنيا، الفقرة المحورية على النحو الآتى: «إن دينك ودينى سواء، لأن المعتقدات مختلفة وهى كثيرة، ولكن ليس يوجد إلا دين واحد وهو الصحيح، وأملى اعتمادا على ما ورد فى خطابك - يقصد خطاب محمد عبده- أن الدين الذى أؤمن به هو دينك أنت، ذاك الدين الذى قوامه الإقرار بالله وشريعته الذى يدعو الإنسان إلى أن يرعى حق جاره، وأن يحب لغيره ما يحب لنفسه، وأحسب أن جميع المبادئ الصحيحة تصدر عن هذا المبدأ، وهى واحدة عند اليهود وعند البرهمانيين والبوذيين والمسيحيين والمحمديين، واعتقادى أنه كلما امتلأت الأديان بالمعتقدات والأوامر والنواهى والمعجزات والخرافات تفشى أثرهها فى إيقاع الفرقة بين الناس، ومشت بينهم تبذر بذور العداوة والبغضاء».. هذا عن الفقرة المحورية، فماذا عن السؤال الذى أحدث اضطرابا ذهنيا؟.
■ ■ ■
بسبب «غلطة مطبعية» -ربما تكون مقصودة- فشل أول مشروع لتجديد الخطاب الدينى وتنقيته من عفن التراث، والأحاديث الموضوعة، والروايات المشبوهة، والسؤال الآن بعيدًا عمّا يجرى فى مشيخة «الأزهر» أو خلف خطوط على جمعة، ووزير الأوقاف.. وهل التراث الإسلامى ضد تجديد الخطاب الديني؟
الإجابة.. نعم.
لماذا؟ .. لأن التجديد يكنس التراث وكتب التراث إلى سلة القمامة.. هناك إجابة أكثر وضوحًا وعمقًا عند «وهبة»، يقول:
«للجواب عن هذا السؤال دعونى أنتقى من ذلك التراث كتابا مهما صدر فى القاهرة فى عام 1925، عنوانه «الإسلام وأصول الحكم» للشيخ على عبدالرازق، كانت بداية تأليفه ذلك الكتاب عام 1915 بمناسبة توليه القضاء بمحاكم مصر الشرعية، فحفزته تلك الولاية على البحث عن تاريخ القضاء الشرعى، وحيث إن القضاء فرع من فروع الحكومة فدراسة القضاء الشرعى تعنى دراسة الحكومة فى الإسلام، وحيث إن أساس كل حكم فى الإسلام هو الخلافة، فدراسة الخلافة إذن لازمة، بيد أن لزوم هذه الدراسة ينطوى على مغامرة فى تقدير شيخنا، والمغامرة هنا كامنة فى أنه يستعين فى تأليفه بالإشارات والتلويحات والكنايات، وأظن أنه لم يكن ليفعل ذلك لو أنه لم يكن يخشى اتهاما ما، وهو قد ألمح إلى هذه الخشية بقوله: إن دعوى الإجماع فى مسألة الخلافة غير صحيحة ولا مسموعة».
فى «تجديد الخطاب الديني» عدّة اتجاهات، ويقول الكاتب إبراهيم فتحى، فى مقال آخر بالملف «المجهول»: «التجربة الواقعية أثبتت منذ أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات وبدايات القرن الواحد والعشرين ثقل وزن الخطاب الدينى الإسلامى وسط الجماهير فى السياسة الانتخابية وامتلاكه جاذبية شعبية واسعة الانتشار وأعماقا وأسسا راسخة».. ثم ينتقل إلى محاول «التجديد».
■ ■ ■
الذين يزعمون أن نظام الرق وأحكامه واجبة التطبيق فى كل زمان ومكان إلى يوم القيامة، لأن مشروعية الرق وردت بنصوص قطعية السند والدلالة. والمستنيرون من المرحبين بتطبيق الشريعة يذهبون إلى أن التجارة فى البشر كانت مشروعة قبل البعثة المحمدية عند كل المجتمعات، ولم تحرمها اليهودية ولا المسيحية، ومن كان يولد لرقيق تفرض عليه العبودية، ولمالكه الحق فى أن يرثه.
فالإسلام مثل سائر الأديان لم يحرم الرق لأن المجتمع العربى مثل سائر المجتمعات.
لأن الخطاب الإسلامى السائد وسط المستنرين يرى أن الخطاب الإسلامى قد جاء قبل أى شىء بقضيتين اثنتين، أولاهما التوحيد وثانيتهما المساواة «على غير اتفاق مع بعض الذين يسمون أنفسهم سلفيين»، لم يكن يفرق فى فروضه بين السيد والمسود، ولا بين الحر والعبد، ولا بين الغنى والفقير ولا بين الرجل والمرأة، وإنما كان يدعو إلى أن يكون الناس جميعا سواسية كأسنان المشط، لا يمتاز بعضهم عن بعض إلا بالتقوى، وقد يقال إنه لم يلغ الرق، ولم يمنع الناس من أن يملك بعضهم بعضا، ولكن الذين يفهمون الإسلام حق فهمه لا ينكرون أن هذه الخطوة الهائلة التى خطاها الإسلام حين سوى بين الحر والعبد أمام الله كانت وحدها حدثا خطيرا له بعده لو مضت أمور المسلمين على وجهها، ولم يعترضها ما اعترضها من الفتن والمحن والخطوب لكان من شأنه أن يمحو المسلمون الرق ويحرموه تحريما.
فقد جعل الله فك الرقبة وإعتاق العبيد من الأمور التى يتنافس فيها المسلمون، يدخرون بها الأجر من الله والمثوبة من عنده، وقد فتح الله فى الدين أبوابا كثيرة لا يكاد يلجها الرقيق، مثل إمامة المسلمين حتى يعتق، كما أن الله قد جعل الإعتاق من الأعمال الصالحات التى يقصد إليها المسلم، وجعل الإعتاق كفارة لبعض الخطايا.
■ ■ ■
فى قضية المرأة يرى المسلمون أن النساء قمن بدور مهم فى الحياة العامة فى تعليم الدين وفى الغزوات فى زمن النبى، ولم تفقد النساء مكانتهن المشروعة فى الحياة العامة إلا حين انحرف الواقع عن المثل العليا، ومن حيث المبدأ، فإن المؤمنين كافة متساوون أمام الله غنيهم وفقيرهم، شريفهم ووضيعهم، عالمهم وجاهلهم، نساءهم ورجالهم، كلهم خلفاء الله فى الأرض وحافظو أمانته، وترى قلة من المفكرين المسلمين أنه على حين تدعو الآيات القرآنية المكية النبى عليه الصلاة والسلام والمؤمنين إلى أن يدعو إلى سبيل ربهم بالحكمة والموعظة الحسنة وأن يتركوا للآخرين حرية اعتناق الإسلام أو رفضه.
فى الواقع يوجد خطابات إسلامية لا خطاب واحد بين المسلمين، وهى متباينة تمتد من اليمين إلى اليسار، من التيار الرئيسى المعتدل إلى خطاب متطرف يسمى نفسه جهاديًا، وهى خطابات اجتماعية وسياسية فى الحكومة والمعارضة أثناء القرن الواحد والعشرين، ويحتدم جدال بينها حول قضايا العلاقة بين الوحى والعقل والدين والعلوم الحديثة بما فيها التكنولوجيا.
■ ■ ■
ثم إن الرجل يطرح سؤالا آخر.. هل الإسلام دين سياسي؟ أو فيه جانب سياسي؟
الإجابة: نعم.
ولكن وراء هذا السؤال قصة.. يرويها «فتحي»:
«فى الأربعينيات من القرن العشرين نادى أنصار تسييس الدين بما يسمى القومية الإسلامية، أى أن يكون الإسلام رابطة جديدة بين المسلمين تمحو أى وطنية أو جنسية أو قومية، ولكن الإسلام عقيدة وشريعة إنسانية للبشر كافة تتجاوز القوميات، ولا تقتصر على أمة، ولا تدعو إلى نظام سياسى أبدى أو تؤيد حزبا، واستغلال الإسلام باعتباره قومية فى المحل الأول واستغلاله فى أهداف سياسية فحسب عدوان بالغ على الدين، القومية حركة سياسية تنادى بحق كل أمة فى أن تكون وحدة سياسية مستقلة. ويختلف الإسلام عن اليهودية، فاليهودية دين قومى، أى أنها جنسية ودين وكان يهوا «اسم الله فى اليهودية» إلها لليهود وحدهم، ولم يصبح إلها لكل الناس إلا فى الأسفار المتأخرة، والتهود ليس مفتوحا للجميع، واليهودية ليست مفتوحة لكل الناس، وإنما هى قومية مغلقة، وأساس التهود أن تكون الأم يهودية وليس إبداء الشهادة كالإسلام، فالإسلام دين للبشر كافة وليس دينا قوميا كاليهودية، ركن الخلفاء الأمويون والعباسيون إلى أن الأئمة من قريش ليصبح حقهم فى الخلافة «الحكم» مقدسا، وصار من المتعين فى هذا الفهم أن تنحصر الخلافة فى قبيلة قريش. التيار القومى الإسلامى تيار قومى وليس دينيا، سياسى وليس روحيا، فقد ألح على الهدف السياسى وحده. والقرآن الكريم عند بعض مفسريه لم يتضمن أى آية تتعلق بالحكم السياسى «جهاز الحكم» أو تحدد نظامه. ولم تتضمن الأحاديث الشريفة أى حديث فى هذا الصدد، والله تعالى عليم بعباده حكيم بهم، أى أن يكون نظام الحكم فى الإسلام نابعا من إرادة الشعب، وليس دينيا يستند إلى أى أمر علوى. وقد وضع أبو بكر وعمر فى الحكم الذى يرتضيه الإسلام أساسا بأن يكون صادرا عن الناس، وأن للناس مراقبة الحاكم وتقويمه. فالخليفة ليس خليفة للنبى، ولا تعنى الرياسة الدينية، بل تعنى من تبع النبى وتلاه فى الزمن، ولا تفيد معنى خلافة النبى فى كل حقوقه. نظام الحكم الأبدى مهما تتغير الأوضاع ليس من صميم الإسلام بل له غرض سياسى ليعطى الحكام سلطة كهنوتية وعصمة. إن عمل السياسة موافقة أو معارضة توصف بالصواب أو الخطأ، ولكنها لا ينبغى أن توصف بالحلال والحرام».
لقد حوّل الإسلاميون الدين إلى بلاء وابتلاء، ووزر ثقيل يحمله بنو آدم إلى الجحيم، ويحملهم إلى «جهنم».. لكن فى الملف أيضًا مقال لعبد الستار إبراهيم، بعنوان «الدين وعلم النفس: مسارات إيجابية ومصادر للتفاؤل»، يختلف مع كل افتراءات الجماعات الإسلامية على الدين، ويؤكد أن الإسلام جاء للسعادة، وليس لغير ذلك، وهو ما يجب أن يعيد للأذهان تجديد الخطاب الديني. إن الدين ليس عذابًا فقط، يقول:
«إن اعتقاد الناس بأن الدين يمنح الناس الأمل والصحة والسعادة، ويسمح للبائسين منهم بتخطى متاعب الحياة ومواجهتها، له فيما يبدو سنده العلمى من البحث السيكلوجى لأكثر من سبب، من أهمها:
■ دائما ما يعطى الإيمان أصحابه ومعتنقيه شكلا أكثر لما هو فى جوهر العقيدة الدينية من اعتقاد أساسى بأن هناك دائما ما ينتظرنا من سعادة ورضا فى الدنيا أو الآخرة، فهو دعوة متفائلة فى الأساس.
■ يعتقد المتدينون أيضا أنهم جزء من كل لا يتجزأ، سواء كان الأمل ملموسا فى وجود حياة فى الآخرة مؤكدة، أم أن ذلك جزء من استمرارية الكون، والوعد الإلهى بأن هناك قوة عليا تحمينا عند الشدائد.
■ فضلا عن هذا فهناك عشرات البحوث المتقنة علميا والمنشورة فى مجلات علمية لا يرقى لها الشك، أطلعتنا على بعض الحقائق المثيرة المتعلقة بتأثير العقيدة الدينية على مقاومة وتحمل الضغوط، وأن المتدينين عموما أكثر إحساسا بالأمل والتفاؤل من غيرهم، وأنه ربما لهذا السبب نجد أيضا أنهم أقل اكتئابا وأقل عصابية وقلقا وأكثر إيمانا بوجود قوة عليا تحميهم، وأنهم يعيشون أكثر، ويتمتعون بصحة جسمانية أفضل، ومن الناحية النفسية أقل تعرضا لأمراض الاكتئاب والقلق من غيرهم.
■ ■ ■
التأخّر الإسلامى يضع له الكاتب أنور مغيث رؤية تشبه ما جرى فى عصور الحكم المسيحى للعالم، لقد تحوّلت القبطية من دين إلى دولة، وعانت ما يعانيه الإسلام اليوم. يقول:
«المسيحية دين ودولة، أو هكذا كانت لما يزيد عن ألف عام، وحينما فرضت الحداثة تغيير شرعية الحكم، وانتقلت من الحق الإلهى إلى الأمة مصدر السلطات، وبدأت آلية تداول السلطة وتكوين الأحزاب ذات المرجعيات الأيديولوجية المختلفة، تحولت المسيحية إلى أيديولوجية سياسية لبعض الأحزاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.