جامعة حلوان تشارك بفعالية في الندوة التثقيفية الثانية والأربعين لوزارة الدفاع    لجنة تطوير الإعلام تتسلم توصيات المؤتمر العام السادس للصحفيين تمهيدًا لعرضها على اللجان الفرعية    وزير المالية السعودي: رؤية 2030 تساهم في قيادة التحول الاقتصادي وتعزيز التعاون الدولي    البورصة المصرية تسجل قمم تاريخية خلال جلسة تعاملات الأحد.. تفاصيل    إعلام فلسطيني: 23 شهيدًا بنيران جيش الاحتلال منذ فجر اليوم    عاجل- الرئيس السيسي يتطلع لتعزيز التعاون مع النرويج في التحضير لمؤتمر إعادة إعمار غزة    بث مباشر مانشستر يونايتد يتقدم على ليفربول 2-1 في قمة مشتعلة على ملعب آنفيلد    ليفربول يسقط على ملعبه أمام مانشستر يونايتد بثنائية في الدوري الإنجليزي (صور)    مدافع مانشستر سيتي: هالاند يشبه رونالدو    القبض على ترزي حريمي بمدينة نصر صور فتاة دون علمها ونشر الفيديو على فيسبوك    نجوم الفن على ريد كاربت "إسكندرية كمان وكمان" ل يوسف شاهين ب الجونة السينمائي (فيديو وصور)    ثنائي الزمن الجميل يسرا وحسين فهمي يحييان ذكرى يوسف شاهين في مهرجان الجونة    عرض مسلسلات قلبى ومفتاحه وظلم المصطبة وجودر على القاهرة والناس    أسامة السعيد ل الحياة اليوم: الرئيس السيسي أكد أهمية الإعلام فى حروب الوعى    «بيعتبروه لغة الحب».. 5 أبراج تعشق الأكل    إصابة 5 أشخاص باشتباه تسمم إثر تناول وجبة رز وخضار بقرية دلجا بالمنيا    أستون فيلا يقلب الطاولة على توتنهام في الدوري الإنجليزي    بنك saib يطلق حملة لفتح الحسابات مجاناً بمناسبة اليوم العالمي للادخار    زيادات مرتقبة في أسعار السجائر.. و«الشرقية للدخان» تعلن السعر الرسمي للمستهلك    لجنة تطوير الإعلام تشكل 8 لجان فرعية والاجتماعات تبدأ غدًا    نائب رئيس المؤتمر: كلمة الرئيس السيسي تجسد ثوابت الدولة في الصمود والتحدي    أول تعليق للرئيس السيسي على الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود    هل يجب إخراج الزكاة عند بيع المحصول أم قبل الحصاد؟.. الدكتورة إيمان أبو قورة توضح    هل يمكن العودة للصلاة بعد انقطاع طويل؟ .. أمين الفتوى يجيب    مشروبات مهمة تحسن سكر الدم بالجسم    تقرير: رافينيا يغيب عن برشلونة في دوري الأبطال من أجل الكلاسيكو    ما بعد حازم.. 3 بدائل لمساعدة فيريرا.. والبلجيكي يتمسك ب«الوحدة»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-10-2025 في محافظة قنا    بتهمة القتل.. تأجيل محاكمة خفير وعاطل أطلقا الرصاص على شخص بشبين القناطر    مستثمرو السياحة يتوقعون زيادة التدفقات السياحية بعد وقف الحرب على غزة    فيديو.. نقيب الإعلاميين يكشف لأول مرة رأيه في التناول الإعلامي لقضية إبراهيم شيكا    مشروب طبيعي قبل النوم، يساعد على تهدئة الأعصاب وتحسين المزاج    وفاة الإعلامية فيفيان الفقي بعد صراع مع المرض    إنجاز جديد.. مصر تتوج بلقب بطولة العالم للأساليب التقليدية برصيد 54 ميدالية    كشف ملابسات مشاجرة بالشرقية بعد تداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي    رئيس البرلمان العربي يهنئ المستشار عصام الدين فريد بمناسبة انتخابه رئيسًا لمجلس الشيوخ    البحوث الزراعية ينظم المنتدى الثقافي العلمي الثاني| الثلاثاء المقبل    الثلاثاء.. محمد الحلو وريهام عبدالحكيم على مسرح النافورة    جامعة المنوفية والتأمين الصحي يبحثان الإرتقاء بالمنظومة الصحية    شعبة الذهب تقدم نصيحة للمتعاملين.. شراء الذهب الآن أم التأجيل؟    تفاصيل إصابة محمد شريف ومدة غيابه عن الأهلي    اللواء محيى نوح: الرفاعي استشهد على تبة الصواريخ بعد تدمير دبابات العدو    المتهمون بسرقة متحف اللوفر فتحوا علب مجوهرات نابليون باستخدام منشار كهربائى    تحمل مساعدات لغزة.. سفينة الخير التركية السابعة عشر تفرغ حمولتها بميناء العريش    «الخارجية» و«الطيران» تبحثان توسيع شبكة الخطوط الجوية مع الدول العربية والأفريقية    لماذا يُعد الاعتداء على المال العام أشد حرمة من الخاص؟.. الأوقاف توضح    أول ملتقى توظيفي لدعم شباب الأطباء وتأهيلهم لسوق العمل بطب الإسكندرية    الاستخبارات التركية تساهم في وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان    اندلاع حريق في مصفاة نفط روسية بعد هجوم بطائرات مسيرة    التعليم تعلن مقررات امتحان شهر أكتوبر 2025 لطلاب الصف الثاني الثانوي العام شعبة علمي    توقيع وثيقة استراتيجية التعاون القُطري بين مصر ومنظمة الصحة العالمية    حالة الطقس بالمنيا ومحافظات الصعيد اليوم الأحد 19 أكتوبر    الرعاية الصحية: إنشاء إطار إقليمي موحد لدعم أداء المنشآت الصحية مقره مدينة شرم الشيخ    حكم الوضوء قبل النوم والطعام ومعاودة الجماع.. دار الإفتاء توضح رأي الشرع بالتفصيل    دعاء الفجر| اللهم جبرًا يتعجب له أهل الأرض وأهل السماء    أحمد ربيع: نحاول عمل كل شيء لإسعاد جماهير الزمالك    تفاصيل محاكمة المتهمين في قضية خلية مدينة نصر    المشدد 15 سنة لمتهمين بحيازة مخدر الحشيش في الإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤيتى ل «القرن الحادى والعشرين» (93)
المناظرة الكبرى الثالثة محمد عبده - تولستوى
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 09 - 2015

قيل عن هذه المناظرة إنها مبتورة لأنها بدأت من طرف واحد وهو مفتى الديار المصرية الإمام محمد عبده وامتنع الطرف الثانى وهو تولستوى عن مواصلة المناظرة. وكان صاحب هذا القول هو أستاذى الدكتور عثمان أمين. ومن حقه أن يكون هو صاحب هذا القول، فقد كان عنوان رسالته لنيل الدكتوراه «رائد الفكر المصرى الامام محمد عبده» والتى نشرها فى عام 1945. وعندما أعاد طبعها فى عام 1965 أهدانى نسخة وجاء إهداؤه على النحو الآتى: «للصديق الكريم الفيلسوف الدكتور مراد وهبه مع خالص ودى وتقديرى». وهو إهداء يكشف عن العلاقة الحميمة بين الأستاذ والتلميذ. ومن هنا كان يكاشفنى بهمومه الإنسانية والفلسفية، ومنها ما حدث للإمام محمد عبده. والسؤال إذن:ما هذا الذى حدث ؟
فى 8 أبريل 1904 أرسل محمد عبده خطاباً إلى تولستوى بناء على نصيحة من صديق اسمه س.ك. كوكوريل كان قد ارتأى أن ثمة تماثلاً بينهما من حيث إنهما كانا موضع اضطهاد من السلطة الدينية. ففى 22 نوفمبر 1901 قرر المجمع المقدس للكنيسة الأرثوذكسية الروسية أن تولستوى عدو الكنيسة. وكان رده أن الحق عنده يتفق مع المسيحية على نحو ما يفهمها. والجدير بالتنويه أن البهائيين بعد سماعهم بقرار المجمع أخبروه بأن ثمة توافقاً بينه وبين مبادئهم. أما الشيخ محمد عبده فقد واجه اضطهادا مريرا من قبل الخديو وشيوخ الأزهر الجامدين، وهو أمر كان من شأنه الإطاحة به من منصب الإفتاء لولا تدخل العميد البريطانى اللورد كرومر على حد قول عثمان أمين نفسه. ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل أُضيف إليه ما أشيع عن تجاهل تولستوى فى الرد على خطاب محمد عبده. وقد نشر عثمان أمين ذلك الخطاب فى نهاية كتابه بدون تعليق، ولكنه فى جلساتى معه لم يكن يردد إلا سؤالا واحدا: لماذا لم يرد؟
وعندما ارتحلت إلى موسكو أستاذا زائرا بجامعتها فى عامى 1968 و 1969 كان يدور فى ذهنى سؤال عثمان أمين. وفى يونيو 1969 استمعت إلى محاضرة ألقاها أستاذ سوفيتى عن تولستوى ذكر فيها أن تولستوى تلقى عشرة آلاف رسالة من مناضلى الدول المقهورة، إذ كان يعتبر فى زمانه الأب الروحى لهؤلاء المناضلين فذهبت فى اليوم التالى إلى متحف تولستوى فوجدت الرسائل مصنفة ومبوبة. لهذا كان من الميسور العثور على النسخة الأصلية من رسالة محمد عبده باللغتين العربية والإنجليزية وعلى صورة من رد تولستوى باللغة الفرنسية على رسالة محمد عبده فى 12 مايو 1904، كما عثرت على رسالتين لكوكوريل يحكى فيهما عن نشأة العلاقة بين محمد عبده وتولستوى، وكذلك عثرت على الترجمة الانجليزية التى قامت بها زوجة المستشرق الإنجليزى ا.س. بلنت مؤلف كتاب «التاريخ السرى لاحتلال انجلترا مصر» أما زوجته فهى حفيدة الشاعر الإنجليزى اللورد بيرون وكانت مشتغلة بالدراسات العربية، وكانت هى وزوجها مقيمين بجوار محمد عبده فى ضاحية عين شمس.
وعندما عدت إلى القاهرة أهديت عثمان أمين صورا من هذه الرسائل ومن بينها بالطبع صورة من رد تولستوى المفقود. وقد نشر كل ذلك فى مجلة «الإذاعة والتليفزيون» بتاريخ 10/7/1971. وجاء فى مقاله إنه «بعد سبع وستين سنة شاء الله ألا يضيع فى موسكو ما ضاع فى القاهرة فتهيأ لتلميذى وصديقى الدكتور مراد وهبه أن يذهب إلى العاصمة الروسية حاملاً معه صورتين فوتوغرافيتين لخطابين مهمين إحداهما أصل خطاب الشيخ محمد عبده إلى مسيو تولستوى والثانية صورة من رد تولستوى». والجدير بالتنويه هاهنا أن فى أصل خطاب محمد عبده حاشية ممهورة بإمضائه. تقول الحاشية: «إذا تفضل الحكيم بالجواب فليكن باللغة الفرنسية فإنى لا أعرف من اللغات الأوروبية سواها». والغريب فى أمر هذه الحاشية أنها محذوفة من خطاب محمد عبده المنشور فى كتاب عثمان أمين عن محمد عبده سواء فى طبعته الأولى فى عام 1955 أو فى طبعته الثانية فى عام 1965 والمنقول من كتاب رشيد رضا المعنون «تاريخ الأستاذ الإمام محمد عبده». ومن الشائع أن ثمة علاقة حميمة بين محمد عبده ورشيد رضا، إذ كان محمد عبده ينشر مقالاته فى مجلة «المنار» التى كان يرأس تحريرها رشيد رضا ثم تولاها بعد ذلك حسن البنا فأصبحت الناطقة بلسان الإخوان المسلمين.
وهنا ثمة سؤالان تاريخيان:السؤال الأول: لماذا حُذفت الحاشية من صورة خطاب محمد عبده لتولستوى؟
وجوابى على النحو الآتى: إن التمهيد الذى قام به كوكوريل لإقامة مناظرة بين محمد عبده وتولستوى يشير إلى ضرورة رد تولستوى على محمد عبده. ولهذا فإن حذف الحاشية يستبعد هذه الضرورة، ومن ثم يصبح الرد موضع احتمال. ثم ينتقل عدم الرد من مستوى الاحتمال إلى مستوى اليقين عندما يختفى رد تولستوى ويصبح خطاب محمد عبده مجرد مؤازرة لتولستوى فى نضاله ضد السلطة الكنسية، وبالتالى ينعدم الرد.
يبقى السؤال الثانى: لماذا اختفى رد تولستوى، أو بالأدق لماذا أٌحرق؟
الجواب يكمن فى السؤال الذى أنهى به تولستوى رده على محمد عبده: ما رأيك فى مذهب الباب؟ ومذهب بهاء الله وأنصاره؟ إن تولستوى يريد من هذا السؤال معرفة رأى محمد عبده فى البهائية. فإذا اتفق رأيه مع رأى تولستوى تم التواصل، وإذا لم يتفق انعدم التواصل. ومن هنا حدث توتر لدى محمد عبده بسبب توتره مع المشايخ الجامدين. وكان حرق الخطاب هو الوسيلة إلى إنهاء التوتر، وبتر المناظرة الكبرى.
ومع ذلك فثمة سؤال: ما جذور هذا البتر؟
الجواب فى المناظرة الكبرى الرابعة.
لمزيد من مقالات مراد وهبة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.